عبرت النقود التدمرية التي صكت بأنواع وأشكال مختلفة عن مدى قوة هذه المملكة العظيمة التي بنت لنفسها وللأجيال اللاحقة مجداً تاريخياً كبيراً حيث اتسمت ملكتها زنوبيا بشهرة واسعة ضمنت لها مكانتها اللائقة الى جانب نساء الشرق القديم الشهيرات.
وبدأت عملية اصدار النقود التدمرية فى فترة السيطرة الرومانية وكان سكان المدينة الهلنستية يستعملون النقود التي ضربها الملوك السلوقيين والامراء البارثيين التي تم العثور على بعض القطع منها.
وتشير الدراسات التاريخية الى انه تم أثناء العصر الامبراطوري وحتى النصف الثاني من القرن الثالث الميلادى تداخل في القطع النقدية المحلية الصغيرة المصنوعة من البرونز في عملية تبادل العملة وهذه الظاهرة موجودة بشكل عام فى جميع الاقاليم السورية وتتضمن العملة الأكبر حجماً وجه واسم الامبراطور أو أحد أفراد عائلته.
ويؤكد الباحث الاثري خالد أسعد مدير اثار ومتاحف تدمر السابق أن كمية النقود الكبيرة من قطع نحاسية أو برونزية ذات قيمة محدودة بينما انعكس تنامي القوة الكبيرة التي تمتلكها المملكة التدمرية من خلال النقود المعدنية في مدينة انطاكية السورية التى كانت مستخدمة من قبل المسافرين والجنود أكثر من التجار بينما استعل تجار تدمر النقود المحلية الفضية في المقايضات الكبيرة التى تتضمن الكتابة اليونانية. والنوع الاكثر شيوعا هو "التيتر أدراخما" وتضم نقود تدمر أيضا عددا كبيرا من القطع النقدية العائدة الى القرن الثانى وبداية القرن الثالث وهو يدل على كثافة التبادلات التجارية وقيمتها المادية الكبيرة خلال تلك الفترة.
ومع نهاية الاصدارت المحلية من نقد في جميع أقاليم الشرق الاوسط في منتصف القرن الثالث تغيرت أشكال النقود وسماتها الأساسية لتسود بعد ذلك العملات الامبراطورية ذات الكتابة اللاتينية وهي بشكل عام من النحاس والفضة ذات العيار الخفيف أو من النحاس المطلي بالفضة يتوسط وجهها الأمامي وجه الامبراطور ذو الاشعة وبالرغم من صغر حجم النقود المحلية البرونزية تعد هذه النقود ابتكارا مهما وبعكس الطريقة المتبعة في ضرب النقود الاقليمية لم يتضمن الوجه الأمامي للنقد وجه الامبراطور وإنما كان يحمل صورة إله محلي بشكل صفى مجموعة أحيانا بثلاث كتل وأحيانا بكتلتين تمثل بعلشمين النصفي الملتحي وتمثال بعل الفتى كما نرى احيانا الإلهة السورية "اتار غاتيس" تجلس على أسد.
أما فيما يخص نقود وهب اللات وزنوبيا فإنها ارتبطت بالاصدارات الاولى لوهب اللات التي بدأت في 072 م وجميع عمليات ضرب النقود التابعة لها ولأمه بمسكوكات أوراليان وتم انتاجا في الشرق الاوسط أثناء السيطرة التدمرية ولم يعثر حتى السنوات الخيرة على أي عملة باسم اذينة تبين مظهر الولاء بل على العكس كانت تظهر زنوبيا وابنها من الامام.
وبعد موت "كلود الثاني" ومجيء "اورليان" ضربت مجموعة كبيرة من النقود في انطاكية تتضمن في الامام وجه الامبراطور ذا الأشعة وفي الخلف وجه "وهب اللات" ولقبه على طريقة الام أن زنوبيا بعد ذلك توقفت عن وضع أي رمز أو تمثال "لأورليان" عندما تسيد التدمريون الشرق الاوسط خلال فترة الانقطاع عن روما وفي ربيع عام 272 اتخذوا لانفسهم الالقاب الامبراطورية ليظهر وجه "وهب اللات" ذو الاشعة على الاوجه الامامية ويبقى على هذا النحو حتى ذلك الوقت وعلى الوجه الخلفي تظهر صفات تقليدية "جوبيتير، هرقل، اله الشمس". وهناك مجموعة أخرى أكثر ندرة تمثل زنوبيا حيث نقشت صورتها في الهلال تحت صورة الامبراطوريات الرومانية على العملة وقد أصدرت نقود في الاسكندرية تحمل صورة واسم "وهب اللات" أو "سبتيما زنوبيا" وتتقاسم مع ابنها الوجه الخلفي كما تم اصدار نقود زنوبيا ووهب اللات في الورشات الرسمية فى كل من انطاكية والاسكندرية وليس في ورشات تدمر المحلية وقد تم العثور على كميات كبيرة من العملات تعود للفترة اللاحقة كالنقود الفضية الساسانية والعربية الساسانية التى تتصدرها خزائن العرض في قاعات وأورقة متحف تدمر الوطني مع العلم أن هناك صورة وحيدة للملكة العربية زنوبيا "الاوغستا" على نقد وحيد من البرونز اكتشفته البعثة الاثرية البولونية حديثا في معسكر زنوبيا بالجزء الغربي من وادي القبور والذي صك في حمص يظهر على وجهه الاول صورة نصفية للملكة المعظمة ترتدي اللباس العسكري والخوذة الحربية وحول رأسها كتابة لاتينية، أما الوجه الثاني للنقد فهو مطموس.