الفخــــار
يعتبر فن الفخار والخزف من أرقى الفنون التي عرفتها الإنسانية ولازمت الحضارات المختلفة منذ أقدم العصور.
ولذلك يهتم منقبو الآثار والباحثون عن حياة الشعوب بالفخار؛ إذ إنه حرفة وصناعة مارسها الإنسان منذ قديم الزمان في بقاع الأرض التي عاش فيها الإنسان ومارس صنع احتياجاته.
من هنا نتبين أن تاريخ الفخار حافل بما يستوجب دراسات واسعة النطاق خاصة بعد أن قطعت المدينة شوطاً بعيداً في ميدان الخزف والصناعات، والفخار خلال تلك الرحلة الطويلة سجل طبائع وتقاليد البشر المتباينة ومعتقداتهم في الحياة الدنيوية والأخروية.
وبالنسبة للفنون الإسلامية فإن الفخار والخزف من أهم الحرف الفنية التي مارسها الفنان المسلم منذ أن توطدت أركان الإسلام في البلاد المختلفة؛ حيث إن هذا الفن حقق فكرة الحضارة الإسلامية في جوانب متعددة؛ حيث إن روح الإسلام السمحة لا تتماشى واستخدام خامات غالية الثمن مثل الذهب والفضة؛ ولذلك أقبل الفنانون المسلمون والعرب منهم خاصة على فن الخزف إقبالاً عظيماً، واستطاعوا أن ينتجوا خزفاً على مستوى عالٍ من حيث القيمة الفنية، ولم يكتفوا بذلك بل وصلوا إلى أن يكون إنتاجهم الخزفي يصلح من حيث الفخامة والجمال لأن يكون بديلاً لأواني الذهب والفضة باستعمالهم تقنية تسمى بالبريق المعدني التي تعتبر صفة أنفرد بها الخزف الإسلامي.
ونشير باختصار إلى مراحل تطور فن الخزف في مختلف البلاد العربية في إطار ما هو معروف من وحدة الحضارة العربية في مختلف الأقاليم، بحيث يبدو الإنتاج في البلاد العربية كافة له مسحة الحضارة العربية مع اختلافات بسيطة بالنسبة للأقاليم أو البلاد التي أنتجته.
وقد شمل إنتاج الخزف جوانب متعددة أمام احتياجات الناس اليومية، سواء أكانت هذه الاحتياجات عامة أم خاصة، فقد صنع الفنان المسلم بلاطات الخزف على أشكال مختلفة لكسوة الجدران، وكذلك بعض المحاريب والفناجين والأقداح والكؤوس والصحون والسلاطين والأكواب والقوارير والأباريق والأزيار والمسارج.
وتعددت أنواع الخزف الإسلامي في أشكالها وطريقة معالجتها، وأنواع الزخارف بشكل ليس له نظير ومن بعض الأنواع التي شاع إنتاجها في مختلف البلاد الإسلامية:
* المجموعة الأولى: الخزف ذو الزخارف البارزة
في هذا النوع من الخزف ترسم العناصر الزخرفية بارزة عن المستوى الأصلي لسطح الإناء، وتنقسم هذه المجموعة إلى أقسام فرعية:
1- قسم تشكل فيه الزخارف بإضافة العناصر الزخرفية فوق سطح الإناء المستوي، وقد انتشر هذا النوع في العصر العباسي في العراق، وكانت مراكزه الهامة في مدينتي "سوسة" و"سامرا"، وقد تأثر الفنان العباسي بالتقاليد الفنية التي كانت سائدة في هذه المنطقة قبل الإسلام، وبلغ ذروة الإتقان في القرن 12م.
2- قسم ينسب إلى سوريا في القرنين 9 ، 10م، وقد اتبع فيه الأسلوب نفسه في الصنعة، ولكن الزخارف تأثرت بالتقاليد المحلية في سوريا قبل العصر الإسلامي.
3- قسم ينسب إلى "سلطان آباد" في القرنين 13- 14م ومنها بعض القطع المؤرخة وأسلوب الزخارف والموضوعات المستعملة يذكرنا بأسلوب التصوير الإسلامي في العصر السلجوقي.
4- مجموعة ذات زخارف بارزة ورسوم فوق الطلاء والزخارف البارزة مغطاة بألوان مذهبة، وينسب هذا النوع إلى قاشان في القرنين 13، 14م.
* المجموعة الثانية: الخزف ذو الزخارف المحفورة
بدأ إنتاج هذا النوع من الخزف من العصر العباسي، ومن أقسامه الفرعية:
1- قسم عملت زخارفه بواسطة أختام عليها نقوش تعتمد على العناصر الزخرفية الهندسية أو النباتية، ثم تطبع هذه الأختام على الإناء وهو في حالة "لدنة"، ولقد عثر على هذا النوع من الخزف في "سامرا" و"الفسطاط".
2- قسم أزيلت الأرضية حول العناصر الزخرفية بالحفر فبقيت هذه العناصر بارزة يغطيها الطلاء، أم الأرضيات المحفورة فتكشف عن سطح الإناء الأصلي، ويسمى هذا النوع من الخزف أحياناً باسم "الخزف الجيري" وكانت مراكز إنتاجه في "جاروس" و"زنجان" وتعود أغلب هذه القطع إلى ما بين القرنين 10 ، 12م.
3- قسم عثر عليه في مصر وينسب إلى العصر الفاطمي وأوائل الأيوبي أي في الفترة ما بين القرنين 11 ، 13م.
4- مجموعة خزف ذات أرضية محفورة، وزخارفها غطت بطلاء زجاجي أسود، ويمتاز هذا الخزف بالقوة البادية في العناصر الزخرفية التي تتعدد عناصرها النباتية والحيوانية والخرافية، ويغلب على تكوين العناصر الازدحام، وقد انتشر هذا النوع في إيران ما بين القرنين 12، 13م.
5- مجموعة خزف محفورة لونت زخارفها وأرضياتها باللون الأزرق، وتنسب إلى إيران، وشاع إنتاجها بين القرنين 11، 12م.
6- مجموعة الخزف المحفور والمحزم، ويغطى جسم الإناء كله في هذا النوع من الخزف بما فيه من عناصر وأرضيات وثقوب بطلاء شفاف، وأغلب أواني هذه المجموعة ذات طلاء أبيض، وفيها ما هو بالأزرق أو الأخضر وينسب إلى إيران وأنتج بين القرنين 11، 13م.
7- مجموعة أواني بيضاء دقيقة الجدران عملت تقليداً للخزف الصيني الذي ينسب إلى عصر "تانج" وهو خزف رقيق حفرت فيه الأرضيات حول العناصر الزخرفية المختلفة التي تركت بارزة، وقد انتشر هذا النوع بين القرنين 12,10 وبخاصة في إيران.
* المجموعة الثالثة – الخزف المحزوز تحت الطلاء.
انتشر هذا النوع في كثير من الأقاليم الإسلامية ومن أهم أنواعه:
1- قسم ذو زخارف محفورة يغطيها الطلاء وعليها بقع وخطوط لونية، وهو من أقدم الأنواع التي وصلت إلينا من العصر الإسلامي وعمل تحت تأثير الخزف الصيني من عصر "تانج"، وكانت أهم مراكزه في إيران بين القرنين 10، 11م.
2- مجموعة تقوم الزخارف فيها على رسم الطير والحيوان بطريقة غاية في القوة والإتقان وتستعمل ألوان متعددة في تلوين الإناء وينسب هذا النوع من الأواني إلى إيران في القرن 12.
3- مجموعة من الخزف عثر عليها في مصر في مدينة الفسطاط، زخارفه محزوزة وموضوعاته تشبه كثيراً الخزف ذا البريق المعدني.
4- مجموعة من الفخار المطلي ذات الزخارف المحزوزة، ويعتمد هذا النوع من الخزف في زخارفه على العناصر الخطية وعليه أحياناً "رنوك" مملوكية، وينسب إلى مصر في القرن 14م.
* ومن أهم ما امتاز به الخزف الإسلامي هو تقنية البريق المعدني، وقد سبق أن أشرت إلى أن الفنان المسلم حرص على أن يبتكر نوعاً من الخزف الفاخر يصلح لأن يكون بديلاً لأواني الذهب والفضة بحيث يحقق الرضا والمسرة للقادرين على اقتنائه.
وكان أول ظهور لهذا النوع من الخزف في العصر العباسي الذي ينسب إليه أقدم ما عرف منه، ومما يؤكد نسبته إلى هذا العصر تلك المجموعة الكبيرة من القطع الخزفية ذات البريق المعدني التي عثر عليها في حفريات مدينة "سامرا" وفي حفريات مدينة الفسطاط، ومن القطع التي عثر عليها أيضاً في إيران وفي بلاد الأندلس في القرن 10م قطع من الخزف من هذا النوع تشبه في أسلوبها الخزف العباسي في البقاع السابقة، وقد اختلف الباحثون على المكان الذي فيه بدأ إنتاج الخزف ذي البريق المعدني، والبعض يقول: إنه نشأ في مصر، ومرد هذا الاختلاف أن هذا النوع من الخزف انتشر في كافة البلاد الإسلامية في الفترة ما بين القرنين 5 ، 9 الميلاديين، والمرجح أنه نشأ في العراق حيث كان مركز الإشعاع الحضاري في هذه الفترة في مقر الخلافة العباسية.
* وقد تميز البريق المعدني في صناعته:
- فبعد الحصول على الجسم الفخار يتم تغطيته بطلاء زجاجي يحتوي على أكسيد فلزي أو بطلاء يتم الرسم عليه بالأكسيد مباشرة.
ويتم اختزال هذا الأكسيد بداخل الفرن عن طريق إلقاء مواد مختزلة إلى داخل الفرن؛ فيتحد الكربون الناتج عن الاختزال مع الأكسيد الموجود في الطلاء ويترك طبقة معدنية دقيقة جدًّا، ويصبح لون البريق المعدني المتخلف إما ذهبياً أو فضياً أو أحد درجات البني أو الأحمر حسب التركيب الكيميائي لنوع الطلاء، وهناك طريقة أخرى للحصول على البريق المعدني؛ حيث حول الفنان المسلم بعض المعادن إلى مواد سائلة يرسم بها فوق الطلاء بعد التسوية الأولي وبعد التسوية الثانية نحصل على البريق المعدني في درجات حرارة أقل وبدون التعرض للكربون.
* وتعددت أنواع الزخارف المستعملة في منتجات الخزف ذات البريق المعدني، ويمكن تقسيم التكوين الزخرفي والعناصر المستعملة إلى:
1- مجموعة ذات تكوين هندسي بحت، بأشكال هندسية منتظمة بسيطة ومركبة.
2- مجموعة ذات عناصر وزخارف نباتية فقط، نجد فيها أن العناصر والأرضيات حولها تملؤها الزخارف.
3- نوع يعتمد أساساً على العناصر الزخرفية المكونة من أشكال حيوانية أو آدمية أو رسوم طيور مع عناصر مكملة أخرى.
* ومن العمليات الشائعة في الخامات المختلفة للتراث الإسلامي عملية التفريغ في المسطحات أو تواجد المخرمات في المسطحات المتباينة وقد تميز الفنان المسلم بتقدير الفراغ وتقدير الوحدات المستخدمة
فمثلاً: ترى أن أشكال الفراغ فيما بين القطع الخشبية المخروطة والمعشقة في بعضها لتكوين واجهات المشربيات، ونرى هذا الفراغ وقد أخذ أشكالًا هندسية متممة للتصميم، كما نرى عملية التفريغ في السطوح الجصية لصنع الشبابيك المحلاة بالزجاج الملون، وقد عبرت عن وحدات التصميم.
وبالنسبة لفن الخزف فكان التفريغ في شبابيك القلل (أواني المياه) التي أعدت بشباك مفرغ وتصميمات على قدر كبير من الدقة والجمال، وشباك القلة هو الجزء الموجود داخل القلة بين رقبتها وبدنها، والمقصود منه تنظيم تدفق المياه عند الشرب، وحفظ الماء من الحشرات، وقد صنعت القلل في ذلك الوقت من طينة لا تختلف في صنعها عن الطين الذي يستخدم حالياً في صناعة القلل، إلا إنها اختلفت عنها بشبابيكها الفنية الرقيقة المزخرفة بالتفريغ الدقيق، ومع أنها أقل أنواع الفخار قيمة فإن صناع الفخار أكسبوها قيمة فنية عالية بصنع شباكها المزخرف.
والزخرفة هنا تعتمد على التخريم وعلى وقوع الضوء على الأجزاء البارزة والظل على الخروم.
ومن العبارات اللطيفة التي تضمنتها النقوش المفرغة:
"من شرب سر" ، "من اتقى فاز"، "من صبر قدر"، "الغر دائم" واستخدمت وحدات طبيعية محورة مثل: النخيل، والطير، والحيوان، وأحياء مائية، وعناصر آدمية.
- ومن هنا يتبين لنا أن الفنان المسلم استطاع مع التزامه بتعاليم الإسلام ومن خلال معتقداته الدينية أن ينتج لنا فناً خزفياً متميزًا ومختلفًا عن الفن الخزفي في أي حضارة أخرى من حيث الناحية الوظيفية والجمالية.
يعتبر فن الفخار والخزف من أرقى الفنون التي عرفتها الإنسانية ولازمت الحضارات المختلفة منذ أقدم العصور.
ولذلك يهتم منقبو الآثار والباحثون عن حياة الشعوب بالفخار؛ إذ إنه حرفة وصناعة مارسها الإنسان منذ قديم الزمان في بقاع الأرض التي عاش فيها الإنسان ومارس صنع احتياجاته.
من هنا نتبين أن تاريخ الفخار حافل بما يستوجب دراسات واسعة النطاق خاصة بعد أن قطعت المدينة شوطاً بعيداً في ميدان الخزف والصناعات، والفخار خلال تلك الرحلة الطويلة سجل طبائع وتقاليد البشر المتباينة ومعتقداتهم في الحياة الدنيوية والأخروية.
وبالنسبة للفنون الإسلامية فإن الفخار والخزف من أهم الحرف الفنية التي مارسها الفنان المسلم منذ أن توطدت أركان الإسلام في البلاد المختلفة؛ حيث إن هذا الفن حقق فكرة الحضارة الإسلامية في جوانب متعددة؛ حيث إن روح الإسلام السمحة لا تتماشى واستخدام خامات غالية الثمن مثل الذهب والفضة؛ ولذلك أقبل الفنانون المسلمون والعرب منهم خاصة على فن الخزف إقبالاً عظيماً، واستطاعوا أن ينتجوا خزفاً على مستوى عالٍ من حيث القيمة الفنية، ولم يكتفوا بذلك بل وصلوا إلى أن يكون إنتاجهم الخزفي يصلح من حيث الفخامة والجمال لأن يكون بديلاً لأواني الذهب والفضة باستعمالهم تقنية تسمى بالبريق المعدني التي تعتبر صفة أنفرد بها الخزف الإسلامي.
ونشير باختصار إلى مراحل تطور فن الخزف في مختلف البلاد العربية في إطار ما هو معروف من وحدة الحضارة العربية في مختلف الأقاليم، بحيث يبدو الإنتاج في البلاد العربية كافة له مسحة الحضارة العربية مع اختلافات بسيطة بالنسبة للأقاليم أو البلاد التي أنتجته.
وقد شمل إنتاج الخزف جوانب متعددة أمام احتياجات الناس اليومية، سواء أكانت هذه الاحتياجات عامة أم خاصة، فقد صنع الفنان المسلم بلاطات الخزف على أشكال مختلفة لكسوة الجدران، وكذلك بعض المحاريب والفناجين والأقداح والكؤوس والصحون والسلاطين والأكواب والقوارير والأباريق والأزيار والمسارج.
وتعددت أنواع الخزف الإسلامي في أشكالها وطريقة معالجتها، وأنواع الزخارف بشكل ليس له نظير ومن بعض الأنواع التي شاع إنتاجها في مختلف البلاد الإسلامية:
* المجموعة الأولى: الخزف ذو الزخارف البارزة
في هذا النوع من الخزف ترسم العناصر الزخرفية بارزة عن المستوى الأصلي لسطح الإناء، وتنقسم هذه المجموعة إلى أقسام فرعية:
1- قسم تشكل فيه الزخارف بإضافة العناصر الزخرفية فوق سطح الإناء المستوي، وقد انتشر هذا النوع في العصر العباسي في العراق، وكانت مراكزه الهامة في مدينتي "سوسة" و"سامرا"، وقد تأثر الفنان العباسي بالتقاليد الفنية التي كانت سائدة في هذه المنطقة قبل الإسلام، وبلغ ذروة الإتقان في القرن 12م.
2- قسم ينسب إلى سوريا في القرنين 9 ، 10م، وقد اتبع فيه الأسلوب نفسه في الصنعة، ولكن الزخارف تأثرت بالتقاليد المحلية في سوريا قبل العصر الإسلامي.
3- قسم ينسب إلى "سلطان آباد" في القرنين 13- 14م ومنها بعض القطع المؤرخة وأسلوب الزخارف والموضوعات المستعملة يذكرنا بأسلوب التصوير الإسلامي في العصر السلجوقي.
4- مجموعة ذات زخارف بارزة ورسوم فوق الطلاء والزخارف البارزة مغطاة بألوان مذهبة، وينسب هذا النوع إلى قاشان في القرنين 13، 14م.
* المجموعة الثانية: الخزف ذو الزخارف المحفورة
بدأ إنتاج هذا النوع من الخزف من العصر العباسي، ومن أقسامه الفرعية:
1- قسم عملت زخارفه بواسطة أختام عليها نقوش تعتمد على العناصر الزخرفية الهندسية أو النباتية، ثم تطبع هذه الأختام على الإناء وهو في حالة "لدنة"، ولقد عثر على هذا النوع من الخزف في "سامرا" و"الفسطاط".
2- قسم أزيلت الأرضية حول العناصر الزخرفية بالحفر فبقيت هذه العناصر بارزة يغطيها الطلاء، أم الأرضيات المحفورة فتكشف عن سطح الإناء الأصلي، ويسمى هذا النوع من الخزف أحياناً باسم "الخزف الجيري" وكانت مراكز إنتاجه في "جاروس" و"زنجان" وتعود أغلب هذه القطع إلى ما بين القرنين 10 ، 12م.
3- قسم عثر عليه في مصر وينسب إلى العصر الفاطمي وأوائل الأيوبي أي في الفترة ما بين القرنين 11 ، 13م.
4- مجموعة خزف ذات أرضية محفورة، وزخارفها غطت بطلاء زجاجي أسود، ويمتاز هذا الخزف بالقوة البادية في العناصر الزخرفية التي تتعدد عناصرها النباتية والحيوانية والخرافية، ويغلب على تكوين العناصر الازدحام، وقد انتشر هذا النوع في إيران ما بين القرنين 12، 13م.
5- مجموعة خزف محفورة لونت زخارفها وأرضياتها باللون الأزرق، وتنسب إلى إيران، وشاع إنتاجها بين القرنين 11، 12م.
6- مجموعة الخزف المحفور والمحزم، ويغطى جسم الإناء كله في هذا النوع من الخزف بما فيه من عناصر وأرضيات وثقوب بطلاء شفاف، وأغلب أواني هذه المجموعة ذات طلاء أبيض، وفيها ما هو بالأزرق أو الأخضر وينسب إلى إيران وأنتج بين القرنين 11، 13م.
7- مجموعة أواني بيضاء دقيقة الجدران عملت تقليداً للخزف الصيني الذي ينسب إلى عصر "تانج" وهو خزف رقيق حفرت فيه الأرضيات حول العناصر الزخرفية المختلفة التي تركت بارزة، وقد انتشر هذا النوع بين القرنين 12,10 وبخاصة في إيران.
* المجموعة الثالثة – الخزف المحزوز تحت الطلاء.
انتشر هذا النوع في كثير من الأقاليم الإسلامية ومن أهم أنواعه:
1- قسم ذو زخارف محفورة يغطيها الطلاء وعليها بقع وخطوط لونية، وهو من أقدم الأنواع التي وصلت إلينا من العصر الإسلامي وعمل تحت تأثير الخزف الصيني من عصر "تانج"، وكانت أهم مراكزه في إيران بين القرنين 10، 11م.
2- مجموعة تقوم الزخارف فيها على رسم الطير والحيوان بطريقة غاية في القوة والإتقان وتستعمل ألوان متعددة في تلوين الإناء وينسب هذا النوع من الأواني إلى إيران في القرن 12.
3- مجموعة من الخزف عثر عليها في مصر في مدينة الفسطاط، زخارفه محزوزة وموضوعاته تشبه كثيراً الخزف ذا البريق المعدني.
4- مجموعة من الفخار المطلي ذات الزخارف المحزوزة، ويعتمد هذا النوع من الخزف في زخارفه على العناصر الخطية وعليه أحياناً "رنوك" مملوكية، وينسب إلى مصر في القرن 14م.
* ومن أهم ما امتاز به الخزف الإسلامي هو تقنية البريق المعدني، وقد سبق أن أشرت إلى أن الفنان المسلم حرص على أن يبتكر نوعاً من الخزف الفاخر يصلح لأن يكون بديلاً لأواني الذهب والفضة بحيث يحقق الرضا والمسرة للقادرين على اقتنائه.
وكان أول ظهور لهذا النوع من الخزف في العصر العباسي الذي ينسب إليه أقدم ما عرف منه، ومما يؤكد نسبته إلى هذا العصر تلك المجموعة الكبيرة من القطع الخزفية ذات البريق المعدني التي عثر عليها في حفريات مدينة "سامرا" وفي حفريات مدينة الفسطاط، ومن القطع التي عثر عليها أيضاً في إيران وفي بلاد الأندلس في القرن 10م قطع من الخزف من هذا النوع تشبه في أسلوبها الخزف العباسي في البقاع السابقة، وقد اختلف الباحثون على المكان الذي فيه بدأ إنتاج الخزف ذي البريق المعدني، والبعض يقول: إنه نشأ في مصر، ومرد هذا الاختلاف أن هذا النوع من الخزف انتشر في كافة البلاد الإسلامية في الفترة ما بين القرنين 5 ، 9 الميلاديين، والمرجح أنه نشأ في العراق حيث كان مركز الإشعاع الحضاري في هذه الفترة في مقر الخلافة العباسية.
* وقد تميز البريق المعدني في صناعته:
- فبعد الحصول على الجسم الفخار يتم تغطيته بطلاء زجاجي يحتوي على أكسيد فلزي أو بطلاء يتم الرسم عليه بالأكسيد مباشرة.
ويتم اختزال هذا الأكسيد بداخل الفرن عن طريق إلقاء مواد مختزلة إلى داخل الفرن؛ فيتحد الكربون الناتج عن الاختزال مع الأكسيد الموجود في الطلاء ويترك طبقة معدنية دقيقة جدًّا، ويصبح لون البريق المعدني المتخلف إما ذهبياً أو فضياً أو أحد درجات البني أو الأحمر حسب التركيب الكيميائي لنوع الطلاء، وهناك طريقة أخرى للحصول على البريق المعدني؛ حيث حول الفنان المسلم بعض المعادن إلى مواد سائلة يرسم بها فوق الطلاء بعد التسوية الأولي وبعد التسوية الثانية نحصل على البريق المعدني في درجات حرارة أقل وبدون التعرض للكربون.
* وتعددت أنواع الزخارف المستعملة في منتجات الخزف ذات البريق المعدني، ويمكن تقسيم التكوين الزخرفي والعناصر المستعملة إلى:
1- مجموعة ذات تكوين هندسي بحت، بأشكال هندسية منتظمة بسيطة ومركبة.
2- مجموعة ذات عناصر وزخارف نباتية فقط، نجد فيها أن العناصر والأرضيات حولها تملؤها الزخارف.
3- نوع يعتمد أساساً على العناصر الزخرفية المكونة من أشكال حيوانية أو آدمية أو رسوم طيور مع عناصر مكملة أخرى.
* ومن العمليات الشائعة في الخامات المختلفة للتراث الإسلامي عملية التفريغ في المسطحات أو تواجد المخرمات في المسطحات المتباينة وقد تميز الفنان المسلم بتقدير الفراغ وتقدير الوحدات المستخدمة
فمثلاً: ترى أن أشكال الفراغ فيما بين القطع الخشبية المخروطة والمعشقة في بعضها لتكوين واجهات المشربيات، ونرى هذا الفراغ وقد أخذ أشكالًا هندسية متممة للتصميم، كما نرى عملية التفريغ في السطوح الجصية لصنع الشبابيك المحلاة بالزجاج الملون، وقد عبرت عن وحدات التصميم.
وبالنسبة لفن الخزف فكان التفريغ في شبابيك القلل (أواني المياه) التي أعدت بشباك مفرغ وتصميمات على قدر كبير من الدقة والجمال، وشباك القلة هو الجزء الموجود داخل القلة بين رقبتها وبدنها، والمقصود منه تنظيم تدفق المياه عند الشرب، وحفظ الماء من الحشرات، وقد صنعت القلل في ذلك الوقت من طينة لا تختلف في صنعها عن الطين الذي يستخدم حالياً في صناعة القلل، إلا إنها اختلفت عنها بشبابيكها الفنية الرقيقة المزخرفة بالتفريغ الدقيق، ومع أنها أقل أنواع الفخار قيمة فإن صناع الفخار أكسبوها قيمة فنية عالية بصنع شباكها المزخرف.
والزخرفة هنا تعتمد على التخريم وعلى وقوع الضوء على الأجزاء البارزة والظل على الخروم.
ومن العبارات اللطيفة التي تضمنتها النقوش المفرغة:
"من شرب سر" ، "من اتقى فاز"، "من صبر قدر"، "الغر دائم" واستخدمت وحدات طبيعية محورة مثل: النخيل، والطير، والحيوان، وأحياء مائية، وعناصر آدمية.
- ومن هنا يتبين لنا أن الفنان المسلم استطاع مع التزامه بتعاليم الإسلام ومن خلال معتقداته الدينية أن ينتج لنا فناً خزفياً متميزًا ومختلفًا عن الفن الخزفي في أي حضارة أخرى من حيث الناحية الوظيفية والجمالية.
تعليق