ديلمون.. أرض الملوك وجنة الآلهة
يمتد عرق الحضارة على أرض البحرين إلى زمن سحيق مغرق في القدم موغل في البعد إلى عصور كانت تختلط فيها الحقائق بالأساطير والأحداث بالمعجزات ويتماهى فيها الملوك مع الآلهة ويقترب فيها التاريخ من نقطة الصفر.
ولقد تغيرت الأسماء على البحرين عبر العصور القديمة فمن "نيدوك كي" عند الأكاديين إلى "ديلمون أو تيلمون" عند السومريين إلى "تايلوس" عند الفينيقيين. وهكذا إلى "البحرين" عند الفرس ثم "أوال" عند المسلمين. فيما يستمر تاريخ البحرين حاضرا أبدا عبر اختلاف الأزمنة وتباين العصور وتوالي القرون بعد القرون أما أول ظهور لاسم البحرين الأقدم وهو ديلمون في الوثائق التاريخية القديمة فقد جاء مرادفا لاسمين آخرين. هما: "ماغان وملوكخا" وكان ذلك في وثيقة "تاريخية تعود إلى أيام الملك السومري "أور-نانش" أي حوالي 2550 – 2500 قبل الميلاد وفي نص الوثيقة يعلن الملك انه احضر خشب البناء لانجاز معبد الآلهة في مدينة لاغاش السومرية من ديلمون.
ولعل هذه الوثيقة هي التي دفعت العديد من علماء الآثار والتنقيب إلى الاعتقاد بان اسمي "ماغان" و"ملوكخا" أطلقا على البحرين قبل اسم "ديلمون" أما في النصوص السومرية المتأخرة فقد ورد الاسم "ديلمون" أو "تيلمون" واضحا فيها. ففي النصوص الدينية السومرية توصف "ديلمون" بأنها "ارض الآلهة المقدسة" وأنها مقام اله المياه السومري "انكي" وزوجته "نينورساغ" كما تؤكد قصيدة الطوفان السومرية القديمة أن الآلهة أقاموا بيوتهم على ارض "ديلمون" وان كبيرة الآلهة السومرية "انانا" اختارت ديلمون موطنا أصليا لها قبل أن تجيء إلى "أور" عاصمة السومريين الأكثر قدما في التاريخ وتقيم فيها معبدها الذي عرف باسم "بيت ديلمون".
وتشير ملحمة "جلجامش" الشهيرة إلى أن الإله "انكي" اله المياه نجا من الطوفان العظيم واختار ارض "ديلمون" ليعيش عليها هو وزوجته وانه اكتشف في قاع بحرها زهرة بيضاء تحمل سر الخلود وتمضي الأسطورة إلى القول بان الإله "انكي" كشف سر الخلود هذا، للبطل السومري الأسطوري العظيم "جلجامش" فتوجه من فوره إلى ديلمون للحصول على هذه الزهرة إلا أن الحية الشريرة سبقته إليها..!! هذا في الأساطير أما في علوم التنقيب وما تقوله الأرض عن التاريخ العريق الذي سجلته الحضارات على ارض البحرين فتلك قصة أخرى.
ففي معابد باربار وفي تلول مدافن عالي وأم الجدر شواهد كثيرة تؤكد وجود حضارة بدائية متقدة على ارض البحرين منذ أوائل الألف السادس قبل الميلاد أي ما يسمى بالعصر الحجري الحديث وهو العصر السابق للعصر البرونزي وهذا يعني أن الإنسان وجد على ارض البحرين منذ مرحلة ما قبل التاريخ التي تنتهي بابتداء العصر البرونزي. وفي هذه المرحلة لم يكن الإنسان قد عرف الكتابة وان كان استطاع تدجين الحيوانات وتطوير أشكال بيوته وكسوتها بالجص إضافة إلى استخدام الأدوات وبناء المعابد وصناعة الغزل والخزف. وثمة من هذه الأدوات ما ظل عل حاله حتى ما بعد العصر البرونزي الذي يرى مؤرخون انه بدأ في الشرق الأدنى وحوض البحر الأبيض المتوسط حوالي الألف الثالث قبل الميلاد.
وتؤكد الحفريات أن الإنسان المدني عاش على ارض البحرين منذ بداية الألف الثالث قبل الميلاد حيث تشير الآثار في مواقع عديدة من البحرين إلى أن إنسان العصر البرونزي القديم 3000 – 2200 قبل الميلاد شيد بيوتا حجرية وانشأ تجمعات سكانية على شكل قرى غير مسورة أما فيما بعد هذه المرحلة أي فترة العصر البرونزي الوسيط 2200 – 1700 قبل الميلاد فثمة شواهد عديدة على ارض البحرين أكدت أن إنسان هذه الفترة عرف القرى المسورة والأختام والأوزان وأقام علاقات تجارية مع الهندوس وشعوب بلاد ما بين النهرين.
وإضافة إلى ما تقوله الأساطير عن علاقة وطيدة نشأت بين "ديلمون" الأرض المقدسة ومقام الإله "انكي" وبين حاضره السومريين "أور" فان دراسة معابد باربار أكدت أن لهذه المعابر نفس خصائص المعابد السومرية التي يعود تاريخها إلى العصر البرونزي القديم 2800 قبل الميلاد. وكذلك الأمر بالنسبة إلى مدافن عالي وأم الجدر.
وإذن فقد نشأت أو تشكلت على ارض البحرين حضارة مبكرة مبتكرة حوالي الألف الثالث قبل الميلاد وكانت هذه الحضارة متقدمة نوعيا وماديا إلى درجة أهلتها لتبادل المعارف مع حضارات أخرى عريقة كالهندوسية وحضارة السومريين في بلاد ما بين النهرين. وفي هذه الفترة أي بداية العصر البرونزي لم تكن هناك ثمة فوارق بين الآلهة والملوك. فمن خلال التنقيبات السومرية تبين انه حتى عصر السلالات القديمة الأولى والثانية لم تتشكل القصور التي تعني مكان إقامة الملك بل كان كهنة المعابد هم الملوك الذين يحكمون الشعوب بموجب سلطة إلاهية وفي حوالي سنة 2700 قبل الميلاد ظهر أول بناء لقصر مستقل عن المعبد في "كيش" السومرية وحمل كاهن "كيش" واسمه "ميبارا جيزي" لقب "لوغال" أي الملك. في هذه الفترة بالذات ظهر لقب "لوغال" أي الملك في "ديلمون" أيضا وثمة روايات تشير إلى أن اسم هذا الملك هو "ملوكخا".
وعلى كل حال وبغض النظر عن اسم هذا الملك فان الفترة حول عام 2700 قبل الميلاد شهدت تأسيس أول مملكة في ديلمون وكانت هذه المملكة مشتعلة وترتبط ارتباطا وثيقا مع السومريين الذين تشكلت حضارتهم من عدد من المدن الممالك هي: أور وأوروك ولاغاش واوما وأدب ماري وكيش.
وكانت هذه الممالك في صراع دائم بينها لبسط هيمنتها على الممالك الباقية وبالتالي فقد ساعدت هذه الصراعات مملكة ديلمون على الاحتفاظ باستقلال كامل رغم عدم امتلاكها للقوة العسكرية. وفي القرن الرابع والعشرين قبل الميلاد، ظهرت امبريالية اكر السامية التي امتدت على كل بلاد ما بين النهرين وسوريا واسيا الصغرى، ملتهمة الممالك السورية، الواحدة تلو الأخرى، وباسطة نفوذها شيئا فشيئا إلى منطقة الخليج العربي –حاليا- بما في ذلك مملكة ديلمون، التي قاومت هيمنة الإمبراطورية الأكدية، إلا أن الملك سرجون الأكدي، حقق انتصارا على ملك ديلمون، وضم هذه المملكة إلى إمبراطورتيه الكبرى، إلا أنها – أي مملكة ديلمون – ظلت تتمتع بوضع شبه مستقل عن الامبرواطورية الأكدية، المترامية الأطراف.
بقيت مملكة ديلمون، مرتبطة على نحو ما بالأكاديين، طيلة نهوض الإمبراطورية البرابرة الجوتيين الذين لم يستطيعوا أن يؤسسوا لهم مملكة متماسكة مما أتاح للسومريين والأكاديين، إعادة تأسيس ممالك ورثت أراضي لم تشمل بهيمنتها مملكة ديلمون، التي بدأت تتنفس الصعداء، وتشق طريقها، لتشكيل قوة تجارية وبحرية متقدمة في المنطقة وتدخل في تبادلات تجارية مع الممالك والحضارات القريبة، مثل الحضارة الهندية، والحضارة الفارسية التي كانت في أوائل الظهور. ومن هذه الممالك المتفرقة السومرية والأكدية، شكل الملك حمواري العظيم أول إمبراطورية بابلية حين اخضع هذه الممالك الواحدة تلو الأخرى.
وأسس بابل، لتكون عاصمة لملكة وفي عهد حمورابي بقيت مملكة ديلمون تحافظ على وضعها المستقبل وان كانت ارتبطت مع عاصمة البابليين بعلاقات تجارية وثيقة، وتكفلت هذه بدورها بحماية مملكة ديلمون من أي اعتداء خارجي وظل الحال علي ذلك حتى عهد الملك "بال-اوستور" أو الملك بالتزار كما جاء في العهد القديم – الذي شهد عهده اضمحلال الإمبراطورية البابلية ووضع نهايتها على يد الفرس الذين بدأوا بالظهور إلى العلن كمملكة قوية ذات جيوش جرارة احتلت أراضي الإمبراطورية البابلية عام 539 قبل الميلاد وبدأت تبسط سيطرتها وهيمنتها علي الشرق، منفتحة عصرا جديدا من عصور الحضارة ترافق إلي حد ما مع مولد المسيح وبدء انتشار الديانة المسيحية في بقاع الأرض.
هذه لمحة موجزة على نحو ما، عن الأجواء التي شهدتها أساطير وقصص نشوء التاريخ في ديلمون القديمة ارض الله المقدسة، حيث لا يفترس الأسد الحمل، وحيث لا ينعق الغراب، ولا تصبح المرأة عجوزا. ديلمون، ارض المياه العذبة، ومبدأ تكوين الآلهة السومريين، وارض القمح والحبوب، وميناء العالم كله! ولقد تتابع علي حكم ديلمون – المملكة خلال هذه الحقبة الممتدة من الألف الثالث قبل الميلاد وحتى ما قبل الميلاد، ملوك عظام، والهة جليلة أسطورية، وتماهت في جزء من هذه الحقبة، العلاقات بين الآلهة والملوك، وبين المعابد والقصور، وبين الحقائق التاريخية والأساطير فتشكلت سيرة ديلمون المملكة من هذه النماذج الأثير... وللملوك قصة أخرى
يمتد عرق الحضارة على أرض البحرين إلى زمن سحيق مغرق في القدم موغل في البعد إلى عصور كانت تختلط فيها الحقائق بالأساطير والأحداث بالمعجزات ويتماهى فيها الملوك مع الآلهة ويقترب فيها التاريخ من نقطة الصفر.
ولقد تغيرت الأسماء على البحرين عبر العصور القديمة فمن "نيدوك كي" عند الأكاديين إلى "ديلمون أو تيلمون" عند السومريين إلى "تايلوس" عند الفينيقيين. وهكذا إلى "البحرين" عند الفرس ثم "أوال" عند المسلمين. فيما يستمر تاريخ البحرين حاضرا أبدا عبر اختلاف الأزمنة وتباين العصور وتوالي القرون بعد القرون أما أول ظهور لاسم البحرين الأقدم وهو ديلمون في الوثائق التاريخية القديمة فقد جاء مرادفا لاسمين آخرين. هما: "ماغان وملوكخا" وكان ذلك في وثيقة "تاريخية تعود إلى أيام الملك السومري "أور-نانش" أي حوالي 2550 – 2500 قبل الميلاد وفي نص الوثيقة يعلن الملك انه احضر خشب البناء لانجاز معبد الآلهة في مدينة لاغاش السومرية من ديلمون.
ولعل هذه الوثيقة هي التي دفعت العديد من علماء الآثار والتنقيب إلى الاعتقاد بان اسمي "ماغان" و"ملوكخا" أطلقا على البحرين قبل اسم "ديلمون" أما في النصوص السومرية المتأخرة فقد ورد الاسم "ديلمون" أو "تيلمون" واضحا فيها. ففي النصوص الدينية السومرية توصف "ديلمون" بأنها "ارض الآلهة المقدسة" وأنها مقام اله المياه السومري "انكي" وزوجته "نينورساغ" كما تؤكد قصيدة الطوفان السومرية القديمة أن الآلهة أقاموا بيوتهم على ارض "ديلمون" وان كبيرة الآلهة السومرية "انانا" اختارت ديلمون موطنا أصليا لها قبل أن تجيء إلى "أور" عاصمة السومريين الأكثر قدما في التاريخ وتقيم فيها معبدها الذي عرف باسم "بيت ديلمون".
وتشير ملحمة "جلجامش" الشهيرة إلى أن الإله "انكي" اله المياه نجا من الطوفان العظيم واختار ارض "ديلمون" ليعيش عليها هو وزوجته وانه اكتشف في قاع بحرها زهرة بيضاء تحمل سر الخلود وتمضي الأسطورة إلى القول بان الإله "انكي" كشف سر الخلود هذا، للبطل السومري الأسطوري العظيم "جلجامش" فتوجه من فوره إلى ديلمون للحصول على هذه الزهرة إلا أن الحية الشريرة سبقته إليها..!! هذا في الأساطير أما في علوم التنقيب وما تقوله الأرض عن التاريخ العريق الذي سجلته الحضارات على ارض البحرين فتلك قصة أخرى.
ففي معابد باربار وفي تلول مدافن عالي وأم الجدر شواهد كثيرة تؤكد وجود حضارة بدائية متقدة على ارض البحرين منذ أوائل الألف السادس قبل الميلاد أي ما يسمى بالعصر الحجري الحديث وهو العصر السابق للعصر البرونزي وهذا يعني أن الإنسان وجد على ارض البحرين منذ مرحلة ما قبل التاريخ التي تنتهي بابتداء العصر البرونزي. وفي هذه المرحلة لم يكن الإنسان قد عرف الكتابة وان كان استطاع تدجين الحيوانات وتطوير أشكال بيوته وكسوتها بالجص إضافة إلى استخدام الأدوات وبناء المعابد وصناعة الغزل والخزف. وثمة من هذه الأدوات ما ظل عل حاله حتى ما بعد العصر البرونزي الذي يرى مؤرخون انه بدأ في الشرق الأدنى وحوض البحر الأبيض المتوسط حوالي الألف الثالث قبل الميلاد.
وتؤكد الحفريات أن الإنسان المدني عاش على ارض البحرين منذ بداية الألف الثالث قبل الميلاد حيث تشير الآثار في مواقع عديدة من البحرين إلى أن إنسان العصر البرونزي القديم 3000 – 2200 قبل الميلاد شيد بيوتا حجرية وانشأ تجمعات سكانية على شكل قرى غير مسورة أما فيما بعد هذه المرحلة أي فترة العصر البرونزي الوسيط 2200 – 1700 قبل الميلاد فثمة شواهد عديدة على ارض البحرين أكدت أن إنسان هذه الفترة عرف القرى المسورة والأختام والأوزان وأقام علاقات تجارية مع الهندوس وشعوب بلاد ما بين النهرين.
وإضافة إلى ما تقوله الأساطير عن علاقة وطيدة نشأت بين "ديلمون" الأرض المقدسة ومقام الإله "انكي" وبين حاضره السومريين "أور" فان دراسة معابد باربار أكدت أن لهذه المعابر نفس خصائص المعابد السومرية التي يعود تاريخها إلى العصر البرونزي القديم 2800 قبل الميلاد. وكذلك الأمر بالنسبة إلى مدافن عالي وأم الجدر.
وإذن فقد نشأت أو تشكلت على ارض البحرين حضارة مبكرة مبتكرة حوالي الألف الثالث قبل الميلاد وكانت هذه الحضارة متقدمة نوعيا وماديا إلى درجة أهلتها لتبادل المعارف مع حضارات أخرى عريقة كالهندوسية وحضارة السومريين في بلاد ما بين النهرين. وفي هذه الفترة أي بداية العصر البرونزي لم تكن هناك ثمة فوارق بين الآلهة والملوك. فمن خلال التنقيبات السومرية تبين انه حتى عصر السلالات القديمة الأولى والثانية لم تتشكل القصور التي تعني مكان إقامة الملك بل كان كهنة المعابد هم الملوك الذين يحكمون الشعوب بموجب سلطة إلاهية وفي حوالي سنة 2700 قبل الميلاد ظهر أول بناء لقصر مستقل عن المعبد في "كيش" السومرية وحمل كاهن "كيش" واسمه "ميبارا جيزي" لقب "لوغال" أي الملك. في هذه الفترة بالذات ظهر لقب "لوغال" أي الملك في "ديلمون" أيضا وثمة روايات تشير إلى أن اسم هذا الملك هو "ملوكخا".
وعلى كل حال وبغض النظر عن اسم هذا الملك فان الفترة حول عام 2700 قبل الميلاد شهدت تأسيس أول مملكة في ديلمون وكانت هذه المملكة مشتعلة وترتبط ارتباطا وثيقا مع السومريين الذين تشكلت حضارتهم من عدد من المدن الممالك هي: أور وأوروك ولاغاش واوما وأدب ماري وكيش.
وكانت هذه الممالك في صراع دائم بينها لبسط هيمنتها على الممالك الباقية وبالتالي فقد ساعدت هذه الصراعات مملكة ديلمون على الاحتفاظ باستقلال كامل رغم عدم امتلاكها للقوة العسكرية. وفي القرن الرابع والعشرين قبل الميلاد، ظهرت امبريالية اكر السامية التي امتدت على كل بلاد ما بين النهرين وسوريا واسيا الصغرى، ملتهمة الممالك السورية، الواحدة تلو الأخرى، وباسطة نفوذها شيئا فشيئا إلى منطقة الخليج العربي –حاليا- بما في ذلك مملكة ديلمون، التي قاومت هيمنة الإمبراطورية الأكدية، إلا أن الملك سرجون الأكدي، حقق انتصارا على ملك ديلمون، وضم هذه المملكة إلى إمبراطورتيه الكبرى، إلا أنها – أي مملكة ديلمون – ظلت تتمتع بوضع شبه مستقل عن الامبرواطورية الأكدية، المترامية الأطراف.
بقيت مملكة ديلمون، مرتبطة على نحو ما بالأكاديين، طيلة نهوض الإمبراطورية البرابرة الجوتيين الذين لم يستطيعوا أن يؤسسوا لهم مملكة متماسكة مما أتاح للسومريين والأكاديين، إعادة تأسيس ممالك ورثت أراضي لم تشمل بهيمنتها مملكة ديلمون، التي بدأت تتنفس الصعداء، وتشق طريقها، لتشكيل قوة تجارية وبحرية متقدمة في المنطقة وتدخل في تبادلات تجارية مع الممالك والحضارات القريبة، مثل الحضارة الهندية، والحضارة الفارسية التي كانت في أوائل الظهور. ومن هذه الممالك المتفرقة السومرية والأكدية، شكل الملك حمواري العظيم أول إمبراطورية بابلية حين اخضع هذه الممالك الواحدة تلو الأخرى.
وأسس بابل، لتكون عاصمة لملكة وفي عهد حمورابي بقيت مملكة ديلمون تحافظ على وضعها المستقبل وان كانت ارتبطت مع عاصمة البابليين بعلاقات تجارية وثيقة، وتكفلت هذه بدورها بحماية مملكة ديلمون من أي اعتداء خارجي وظل الحال علي ذلك حتى عهد الملك "بال-اوستور" أو الملك بالتزار كما جاء في العهد القديم – الذي شهد عهده اضمحلال الإمبراطورية البابلية ووضع نهايتها على يد الفرس الذين بدأوا بالظهور إلى العلن كمملكة قوية ذات جيوش جرارة احتلت أراضي الإمبراطورية البابلية عام 539 قبل الميلاد وبدأت تبسط سيطرتها وهيمنتها علي الشرق، منفتحة عصرا جديدا من عصور الحضارة ترافق إلي حد ما مع مولد المسيح وبدء انتشار الديانة المسيحية في بقاع الأرض.
هذه لمحة موجزة على نحو ما، عن الأجواء التي شهدتها أساطير وقصص نشوء التاريخ في ديلمون القديمة ارض الله المقدسة، حيث لا يفترس الأسد الحمل، وحيث لا ينعق الغراب، ولا تصبح المرأة عجوزا. ديلمون، ارض المياه العذبة، ومبدأ تكوين الآلهة السومريين، وارض القمح والحبوب، وميناء العالم كله! ولقد تتابع علي حكم ديلمون – المملكة خلال هذه الحقبة الممتدة من الألف الثالث قبل الميلاد وحتى ما قبل الميلاد، ملوك عظام، والهة جليلة أسطورية، وتماهت في جزء من هذه الحقبة، العلاقات بين الآلهة والملوك، وبين المعابد والقصور، وبين الحقائق التاريخية والأساطير فتشكلت سيرة ديلمون المملكة من هذه النماذج الأثير... وللملوك قصة أخرى
تعليق