الراديستيزيا Radiesthesia كلمة من أصل لاتيني تعني القابلية للاحساس بالاشعاع. هذا العلم يعمل على الاستفادة من قابلية الانسان للاحساس بالذبذبات بغرض الحصول على معلومات من مستويات الطاقة التي لا يمكن ادراكها بحواسنا الخمس. اذن هو علم تبادل المعلومات من خلال العلاقة بين مجال طاقة الانسان و مجالات طاقة الموجات حولنا. و تستعمل بعض الوسائل البسيطة كمؤشرات لقياس التفاعلات الذبذبية الدقيقة بين مستويات الطاقة المختلفة. و للراديستيزيا جذورها في مصر القديمة حيث كانت تمارس كعلم دقيق. و قد تميزت المجالات التطبيقية لهذا العلم بأنها كانت غير محدودة ولانهائية لأن هذا العلم يبحث في علاقة الانسان بكل ما حوله من مجالات القوى و الطاقة في الكون.
على سبيل المثال، نجد أنه بالنسبة للطب كانت الراديستيزيا هى اسلوب كشف مبدئى للجراحين الفراعنة لأداء جراحات معقدة في المخ تحتاج اليوم الى تكنولوجيا عالية التكاليف. أما في مجال الجيولوجيا فقد اتضح أن كل مناجم الذهب التي تم العثور عليها في شبه جزيرة سيناء و لم تكن موجودة على الخرائط و تم اكتشافها عن طريق الأقمار الصناعية فقط كان قد سبق أن اكتشفها و استعملها علماء الجيولوجيا الفراعنة منذ زمن بعيد. أما الأكثر غرابة من ذلك فهو اكتشافنا أنهم كانوا يستعملون الأشكال الهندسية كوسيلة يدوية بارعة للتعامل مع الطاقة بغرض الحصول على أهداف وظيفية. ان هرم خوفو الأكبر بالجيزة يعتبر نموذج لأجهزة اصدار الطاقة الهندسية و بثها، تلك الأجهزة التي ابتكرها المصريون القدماء. و غني عن الذكر أن لهذا الهرم خصائص عجيبة تكلمت عنها مئات الكتب التي تصدر باستمرار و تتسبب في مزيد من الحيرة للباحثين. و توجد بعض النقوشات الفرعونية تصور مجموعة من الاشخاص يستعملون البندول بينما توجد نقوشات أخرى نجد فيها آلهة الفراعنة يحملون أجهزة بث طاقة و هذه الأجهزة على هيئة صولجانات. و محاولة الحصول على فهم أعمق لعلم الفيزياء من خلال علم الراديستيزيا الفيزيائي يعتبر شرط أساسي لتطور أجهزة اصدار الطاقة الهندسية لذلك يجب أن ندرك أن معرفة المصريين القدماء كانت مبنية على أسس علمية دقيقة. و هذه النظريات التي تطورت على يد الفلاسفة الاغريق كفيثاغورس و أفلاطون و آخرين في مجال علم الأرقام و الهندسة المقدسة Sacred Geometry كانت في الأصل مجرد أجزاء من العلوم السرية التي استناروا بها في مصر و لكن لسوء الحظ فان هذه العلوم قد فقدت و لم يبقى منها الا أجزاء مختصرة أسئ فهمها، بقت كفلكلور شعبي قديم و طقوس سحرية .
انتقل علم الراديستيزيا الى أوروبا عن طريق العرب ابان الفتوحات الاسلامية و الحروب الصليبية
الوادج، من أشهر الأجهزة البندولية الفرعونية و أكثرهم شعبية و استعمالا في أوروبا
و تنتشر في معظم أنحاء العالم الآن معاهد علمية لجميع فروع علم الراديستيزيا و ان اختلفت تطبيقاته من جهة لأخرى. ويعتبر هذا العلم قارب للتجديف و الابحار فيما وراء الطبيعة و الحواس. و استعمله الجيش الألماني للكشف عن المتفجرات خلال الحرب العالمية الأولى و الثانية. و فعل الجيش الأمريكي نفس الشئ في فييتنام. و كانت الراديستيزيا هي العلم الذي قاد " ولهلم رايتش " في اكتشاف الطاقة الارجوانية Orgone التي برغم حدوث جدل كبير حولها في حياته أصبحت مؤخرا مادة خاضعة للبحث العلمي الجاد. و نستطيع أن نقول أن هذا العلم أيضا كان شعلة الانطلاق بالنسبة لعلم السايكوترونيكس Psychotronics الذي كان " دربال " و علماء آخرون في الكتلة الشرقية رواد فيه. كذلك في الغرب يعتبر علم الراديونيكس Radionicsفرع آخر من فروع علم الراديستيزيا يعمل من خلال أجهزة كهربائية
أما في مصر فعلم الهندسة الحيوية Biogeometry يستخدم علم الراديستيزيا كوسيلة دقيقة للقياس و البحث بعد القيام بتطويره واكتشاف أسسه العلمية التي غابت عن العالم لفترة طويلة. و بذلك يعود العلم الى مهده لينطلق بقوة و على أساس علمي من جديد. صممت أجهزة قياسية بالغة الدقة تتيح لنا الآن تحويل قياسات النسب الكمية الى نوعية ( أي قياس نوعية التأثير الذي يحدثه الشئ، كالكهرباء مثلا، على طاقة الانسان باعتبار أن الانسان هو العامل الأهم في أي حضارة. فالحضارة توجد فقط لخير الانسان و صالحه و الا فلا تسمى حضارة ) و العكس أيضا، مما ساهم في ايجاد الحلول لأخطار عصر المعلومات التي تهدد الحياة على كوكب الأرض و في ادخال العنصر الانساني على الحضارة الحديثة و بالتالي تحويلها من حضارة على حساب الانسان الى حضارة لحسابه و حساب رقيه على جميع المستويات من المادية الى الروحية.
__________________
من أجل احداث رنين مع مادة ما بغرض الحصول على معلومات أو بغرض البحث العلمي أو ادخال التوازن، فاننا نحتاج الى عينة من تلك المادة. و العينة في الراديستيزيا هي شئ له كل الخصائص الذبذبية لتلك المادة أو الشخص الذي نود قياسه. و ذلك كما يحدث في الطب التقليدي حينما نجري عمليات التحليل في المعامل لعينات دم أو أنسجة أو خلافه فالعينة من الشئ يكون فيها كل خصائص الشئ.
أما بالنسبة للراديستيزيا، فبما أننا نتعامل على مستوى ذبذبي، يكون من المتاح لنا أن نختار العينات من مجال أوسع منه في الطب التقليدي. ففي " الداوزينج Dowsing " الذي هو احد التطبيقات المنتشرة للراديستيزيا و الذي تم ممارسته عبر العصور للبحث عن المياه الجوفية، نجد أن الجسم البشري نفسه يعمل كعينة للبحث عن الماء لأن ثلثا وزن جسم الانسان هو من الماء. يمكن أيضا استعمال الصور الشخصية و اللعاب و الدهون المركزة على الجبهة كعينات. أو أي مادة أخرى كانت مرتبطة بالشخص و لصيقة به مدة طويلة و بالتالي تكون قد تشربت بطاقاته. و من هنا نجد اختيارات لانهائية يمكن استعمالها كعينات في علم الراديستيزيا.
و بالنظر الى الطبيعة المتعددة الجوانب للراديستيزيا فان المادة الخاضعة للقياس يمكن أن تكون ذات طبيعة مادية أو مجردة. و يمكن استعمال الاسلوب الرمزي أو استعمال قوة الخيال و القدرة على التصور لخلق "عينة عقلية " تحمل بدورها كل الخصائص الذبذبية للمادة. و تتميز العينات الذبذبية بتخطيها حاجز الزمان و المكان. ففي معامل التحاليل العادية العينة تعكس حالة المريض لحظة أخذ العينة منه، بينما نجد بالنسبة للعينات الذبذبية أنه يمكن بمجرد أخذ عينة واحدة متابعة حالة المريض أو المادة التي نقيسها أيا كانت في أي وقت بعد ذلك بدون الاحتياج الى أخذ عينة أخرى
---------------------
كثيرا ما يسأل طلاب الجيوفيزيائيون عن صحته الطريقة الشعبية المستخدمة في التنقيب عن الماء والتي يطلق عليها اسم الاستنباء او(Dowsing)أو العرافه (Divining) و تتم باستخدام عود أو غصن أخضر من الصفصاف أو الرمان بشكل الحرف اللاتيني واي(y) أي يشبه العود الذي يستخدمه الأولاد لصنع المطاطة "النقيفة" ويفتل فرعا الغصن بيدي المستنبيء بحيث يرتفع الفرع الثالث قليلا فوق الأفق ثم يسير المستنبيء في الحقل وعندما ينخفض رأس الفرع الواقع فوق الأفق نحو الأسفل يؤكد المستنبيء على وجود الماء تحت تلك النقطة ويحدد عمق الماء وغزارته.
لقد عرف قاموس أوكسفورد المختصر لعلوم الأرض ( 1991 A(llaby, الصادر عام 1991. هذه الطريقة كما يلي:
"هي استخدام عصا من البندق أو نواس أو أسلاك من النحاس.. الخ لاكتشاف وجود الماء الجوفي وعند وجود الماء الجوفي يجبر الجهاز المحمول باليد على التحرك. لا يوجد دليل مقنع على أن الاستنباء (العرافة) قادر على ايجاد الماء أفضل من حفر الأبار بشكل عشوائي ومع ذلك فهو مستخدم على نطاق واسع ".
لقد استخدمت هذه الطريقة منذ مئات السنين للبحث عن المعادن والمياه وقد وصفها العالم الألماني جيورجيوس أغر يقولا (G.Agricola) الذي يعتبر مؤسس علم المعادن في كتابه المشهور "المعادن De Re Metallica " الذي طبع سنة 1556م ووصف كيفية إمساك المستنبيء للغصن أو القضيب المعدني في حال البحث عن المعادن كما يلي: "يسير المستنبيء جيئة وذهابا في المناطق الجبلية ويقال بانه في اللحظة التي يضع المستنبىء قدمه على عرق معدني يدور القضيب ويفتل وهكذا يكتشف العرق المعدني وعندما يبعد المستنبيء ويبتعد عن تلك النقطة يثبت القضيب » (شكل 1). لقد كتبت هذه الكلمات قبل 441 عاما وحتى الأن لم يأت الجواب العلمي الصحيح فما مدى صحة هذه الطريقة ؟
لقد كتب الكثير عن هذه الطريقة وحاول كثير من العلماء الأوروبيين. (BLU,1959 RIDDICKK,1952, Vogt & Hyman,1956) تقديم التفسير العلمي لها للتخلص من صفة الشعوذة والعرافة التي الصقتها بها الكنيسة الأوروبية في العصور الوسطى ثم صرف النظر عنها لفترة من الزمن بالرغم من أنها مازالت مستخدمة في التنقيب عن الماء على نطاق ضيق في بعض الدول الأوروبية وأمريكا وعلى نطاق أوسع في دول العالم الثالث التي تفتقر الى الكادر العلمي الجيوفيزيائي الذي يستخدم الأجهزة العلمية المتطورة.
في الستينات عاد البحث في الطريقة في الاتحاد السوفييتي السابق بعد أن أعطيت اسما علميا جديدا هو «الطريقة الفيزيائية الحيوية (BPM) Bio - physical Method » فقد نشر الباحث ماتفيف(Matveev, 1967) مقالة في عام 1967 عن دراسة لمنطقة تستي ياتوك في كازاخستان حيث طبق فيها هذه الطريقة BMP وبعض الطرائق الجيوفيزيائية: المغنطيسية magnetic والثقالة gravity والمقاومية الكهربائية electric resistivity والكمون الذاتي self - potentiallوحصل على نتائج قياسات موزعة على بروفيلات (مسارات) علما بأن جيولوجية المنطقة كانت معروفة بدقة وبمقارنة النتائج استنتج أن الطريقة الفيزيائية الحيوية أعطت نتائج أفضل من الطرائق الجيوفيزيائية المذكورة. لاحظ ماتفيف أن شواذ الطريقة الفيزيائية الحيوية تظهر بشكل جيد عندها تقترب كتل الكباريت الكتلية من سطح الأرض. كما وصف ماتفيف عددا من أشكال الأجهزة المعدنية التي استخدمها في هذه الطريقة وكيفية استخدامها (شكل 2).
ادت نتائج الدراسة السابقة الى عقد مؤتمرين علميين في موسكو عام 1968 والثاني عام 1976 وحضر المؤتمر الثاني حوالي مئة باحث من أر بعين معهدا علميا. وتبين من خلال الدراسات المقدمة الى المؤتمر أن الطريقة الفيزيائية الحيوية مطبقة بشكل أكبر مما كان يظن. تركزت معظم الدراسات على التطبيقات ولم يقدم ما يكفي لايضاح الأسس الفيزيائية لها.
عام 1974 كتب الجيولوجيان سوشيفانوف وماتفيف (Sochevanov & Matveev 1974) من معهد الأبحاث العلمية الهيدروجيولوجية والجيولوجيا الهندسية لعموم الاتحاد السوفييتي السابق مقالة عن استخدام الطريقة الفيزيائية الحيوية للتنقيب عن الماء واستغرب الباحثان إهمال الجيولوجيين الأوروبيين الغربيين لهذه الطريقة قليلة التكاليف وسهلة التطبيق وأوردا مثالين عن استخدام الطريقة للبحث عن المعادن فقد قاما باستخدام الطريقة الفيزيائية الحيوية والتصوير الجوي من الهليكوبتر لمنطقة من صخور عصر البريكامبري المتحولة في شمال كاريليا حيث توجد أجسام بغماتيتية حاملة للعناصر النادرة. تمت القياسات من الهليوكوبتر وعلى مسارات تبعد عن بعضها حوالي 250 مترا وسجلت زاوية ميل قضيب الاستنباء عن الأفق، وبملاحظة زاوية الميل الأعظمية تم تخطيط الشقوق الأرضية التي يحدث فيها تمعدن العناصر النادرة والتي تم البرهان لاحقا على وجودها بواسطة الحفر التجريبي.
كانت الدراسة الثانية لمنطقة في جبال كارامنسكي في طاجاكستان حيث توجد منطقة تمعدن للكباريت في صخور كلسية من عصر الباليوزيك العلوي وتمكنا من وضع خرائط لأماكن تقعدن الكباريت وأتت النتائج مطابقة لدراسة جيوكيميائية جرت قبل ذلك.
في مقالة أخرى عام 1976 ذكر سوشيفانوف وزملاؤه (Sochevanov et al ,. 1976)انه تم تحديد 1120 بئرا للماه في منطقة شيليابنسك بهذه الطريقة وكانت نسبة الآبار الجافة بحدود 7% بينما تم تحديد 157 بئرا في نفس المنطقة بالطرائق الجيوفيزيائية وكانت نسبة الآبار الجافة 7. 12%.
بالرغم من هذه النتائج فمازال هنالك الكثير من الجيولوجيين الروس لا يؤمنون بهذه الطريقة ومنهم الجيولوجي شميت (Schmidt, 1975) الذي يدعي بان لهذه الطريقة علاقة بالسحر والشعوذة.
في انجلترا حاول أحد البحاثة في سنة 1971 القيام بدراسة لصالح وزارة الدفاع البريطانية لتحديد أماكن الألغام الأرضية لكنه فشل في تحديد ذلك. وأجرى تجربة فوق أنبوب من البلاستيك مطمور تحت سطح الأرض لتعيين وقت جريان الماء في الأنبوب لكن التجربة فشلت بالرغم من اعادتها خمسين مرة كما استخدم أربعة طلاب ممن أظهروا قابلية للتأثر بفعل الاستنباء لتحديد موقع أنبوب قطره 6بوصات مطمور في الأرض أثناء جريان الماء فيه إلا أن التجربة فشلت .
في نفس السنة قام الباحثان شادويك وجانسنChadwick & Jensen,1971) (من مخبر الأبحاث المائية بجامعة ولاية يوتا الأمريكية بدراسة مكثفة لمعرفة تأثير الصدفة في هذه الطريقة وقد استخدما 150 مستنبئا وكان على كل مستنبيء أن يمر على مسار مستقيم فوق قطعة من الأرض السهلية الخالية من المعالم المميزة وأن يلقي بكرة من الخشب في كل مكان ينحرف القضيب عنده وقد تمت إزالة الكرات التي يلقيها كل مستنبيء قبل مرور الآخر. كانت نتيجة الدراسة مدهشة, إذ لوحظ تجمع للكرات في أماكن محددة من الطريق (شكل 3). بناء على هذه النتيجة المدهشة حاول الباحثان التحقق من صحة الفرضية التي وضعها الباحث بارنو تي من جامعة الينوي والباحث بريسمان من جامعة موسكو من أن هنالك بعض الأشخاص الذين لديهم القدرة على الاحساس بالتغيرات الصغيرة بالحقل المغناطيسي الأرضي والحقول الكهرطيسية . لهذا قام الباحثان بقياس تغيرات الحقل المغناطيسي الأرضي على طول الطريق الذي سلكه المستنبئون فلاحظا أن معظم الكرات قد تجمعت في مناطق التغيرات المفاجئة في الحقل المغناطيسي (شكل 3) واستنتج شادريك وجانسن بأنه ربما كانت هنالك علاقة بين فعل الاستنباء والتغيرات الدقيقة في الحقل المغناطيسي الأرضي الناتجة عن تدفق المياه الجوفية ضمن المخور وهذه نتيجة علمية يجب البحث فيها مستقبلا واقترحا بأن 99% من الناس لديهم خاصة التأثر بتغيرات الحقل المغناطيسي أو الكهرطيسي الأرضي وهذه الفكرة مماثلة لتلك التي وضعها البحاثة السوفييت في الماضي.
بالرغم من النتائج السابقة فمازال استخدام هذه الطريقة مقتصرا على القليل من البحاثة, بينما يطبق كثير في الدول الفقيرة وتجد الكثير من المستنبئين يجمعون الثروات من وراء التجوال بعود من الصفصاف أو الرمان لتحديد عمق الماء وغزارته .
فند د. شقير (Chouker ,1995 , unpublished paper) في حلقة دراسية في قسم الجيولوجيا بجامعة دمشق المزاعم التي قيلت حول هذه الطريقة وقدم عددا من الأمثلة التي تشير الى عدم صحتها وبأنها نوع من الدجل والاستغلال .
لقد أجرى أحدهم التجربة أمامي فوق أنبوب من الماء يصب في بركة كبيرة وسار فوق الأنبوب الى أن وصل الى حافة البركة حيث هبط رأس عود الرمان الى الأسفل بقوة ثم أجريت التجربة بنفسي ولكنني كدت أسقط في البركة ولم يهبط رأس العود نحو الأسفل وكان تعليق المستنبيء «إنك غير مؤمن بالطريقة ". هكذا فالقضية بالنسبة للمستنبيء هي قضية ايمان أو لا ايمان, أما بالنسبة للبحاثة العلميين فهي قضية حقل مغناطيسي أو كهرطيسي يتأثر بجريان الماء تحت السطحي أو بوجود عرق معدني ويؤثر الحقل بالتالي على بعض الأشخاص .
في تجربة أخرى قمت بها وعدد من زملائي في قسم الجيولوجيا بجامعة دمشق بناء على طلب دكتور جيولوجي يطبق طريقة الاستنباء وزودنا بقضبان الاستنباء وسار كل منا على طريق معبد وهو يحمل قضيبين من الحديد, بقطر 6ميليمتر. كل منهما بشكل حرف (L) (شكل 4), طول ضلعه القصير 10سنتيمترات وضلعه الطويل حوالي 40 سنتيمترا، وهما متوازيان والضلعان الطويلان موجهان نحو الامام وعند الوصول الى نقطة محددة من الطريق كان القضيبان يدوران بمستوى أفقي ويتصالبان . لم يكن من الممكن معرفة سبب دوران القضيبين لكنني تذكرت بأنه قبل تعبيد الطريق كان هنالك نبع ماء موسمي يجري في الشتاء والربيع فهل سبب هذا التصالب هو استمرار جريان الماء الجوفي في الموقع ؟
ذات مرة كنت في زيارة لأحد الأصدقاء في منزله في مدينة أخرى وأثناء تعريفي بوالده قال لي بأن والده يستخدم طريقة الاستنباء في الكشف عن الماء وبعدما علم الوالد بأنني أستاذ جامعي وجيوفيزيائي أخذ يسرد لي القصص عن الأبار التي اكتشفها بهذه الطريقة ثم عقب بأنه وصل الى مرحلة لا يحتاج الى زيارة الموقع لمعرفة مكان وجود الماء فاستغربت قوله فقال لي هل عندك قطعة من الأرض فقلت نعم فطلب مني رسمها وتحديد اتجاه الشمال عليها ففعلت فأخذ الرسم واختلى بنفسه في غرفته لمدة نصف ساعة وعندما خرج كان لونه ممتقعا وكأنه كان يقوم بعمل مرهق وناولني الرسم وقال هنا يوجد ماء على عمق ستة أمتار الى سبعة أمتار (شكل 5) فذهلت إذ أنه بالفعل يوجد على بعد حوالي عشرة أمتار من النقطة التي حددها وبمستوى أخفض من أرضي بحدود أربعة أمتار (نظرا لانحدار الأرض الشديد) نبع ماء دائم . فهل هي الصدفة التي أدت به الى تحديد الموقع الأكثر احتمالا لوجود الماء؟!!
يعتبر البعض جهاز الاستنباء كمضخم ميكانيكي لحركة اليدين الخفيفة التي يجد العديد من الناس أنهم يتعرضون لها تحت تأثير فعل الاستنباء ويعتبر المشككون بصحة الطريقة أن حركة اليدين تحت تأثير فعل الاستنباء هي رد فعل نفسي وان كان لها علاقة مع البيئة المحيطة فقد تم ذلك عن طريق مؤثرات التقطت بواسطة الأجهزة الحسية للانسان .
بينما يقول المؤيدون للطريقة بأنه يجب اعتبار أن هذه الحركة هي استجابة فيزيولوجية مباشرة لقضيب الاستنباء لتأثير التغيرات في البيئة المحيطة وبأن بعض النظم البيولوجية قد طورت حساسية فائقة للتغيرات الدقيقة في الحقل المغناطيسي أو الكهرطيسي الأرضي ونظرا لارتباط العروق المعدنية أو المياه الجوفية الجارية مع الانقطاعات الجيولوجية مثل الفوالق (الصدوع) والشقوق والأقنية والفجوات الموجودة في الصخور تؤدي هذه الانقطاعات الى تغيرات جيوفيزيائية في شدة الحقل المغناطيسي الأرضي وتؤدي هذه التغيرات بدورها الى الحركة الفيزيولوجية التي تشير الى تأثير فعل الاستنباء.
بالرغم من المتناقضات التي ذكرت في استعراض هذه الطريقة, فالحقيقة أن هنالك آلافا من أبار الماء في العالم التي يتم حفرها بناء على هذه الطريقة وخاصة في دول العالم الثالث الفقيرة . وقد ذكر تود (Todd ,1980) بأن الاحصاءات الأمريكية تشير الى أن هنالك 181 مستنبئا لكل مليون نسمة يمارسون أعمالهم في أمريكا وخاصة في المناطق الفقيرة بالماء. كما أن الصحف الأمريكية تورد العديد من القصص عن المستنبئين وأعمالهم . كذلك يرد في مجلة نيوسينتست New Scuentist الانجليزية من آن لآخر الاعلان التالي "الاستنباء علم وليس سحر Dowsing is science not magic "ويهدف الاعلان الى بيع قضيبين من قضبان الاستنباء وكتيب الاستعمال .
يبدو أنه لابد من دراسة الأمر كظاهرة علمية بواسطة فريق علمي لتوضيح الأسس العلمية لها والتحقق من مدى صحة علاقتها بتغيرات الحقول المغناطيسية والكهرطيسية الأرضية .
ويبقى السؤال المطروح وهو ما الفائدة من دراسة هذه الظاهرة وايجاد الأسس العلمية لها؟
والجواب هو أنه ان كانت الظاهرة علمية وصحيحة فانها ستؤمن التنقيب عن الماء بشكل رخيص وخاصة في دول العالم الثالث الفقيرة بالماء وحيث يندر وجود الجيوفيزيائيين العاملين بالتنقيب عن الماء وفي حال وجودهم فإنهم يتقاضون المبالغ المالية الطائلة مقابل تحديد مواقع آبار الماء مما يحول دون استخدامهم في تحديد هذه المواقع مما يزيد العطشى عطشا أمام التزايد الكبير في عدد السكان وازدياد الحاجة الى مزيد من الماء الذي جعل منه الله سبحانه وتعالى كل شيء حي.
نقلا من اكثر من مصدر
المرجع
1-Allaby & Alleby (1991). The consice Oxford dictionary of Earth Sciences.
2-Blau (1936). Black magic in geophysical prospecting Geophysics. 1 .p1.
3-Chadwick & Jensen (1971). The detection of magnetic fields caused by groundwater and the correlation of such firelds with water dowsing, Utah Water Research Laboratory Progress Report 78-1, pp 57.
4-Chouker (1995). Water dowsing : a case history and some personal encounters with water witches in Syria- Unpubiished paper.
5-Matveev (1967) . isvestiya Akademia Nauk Kazakskoi SSR, Ser Geoi, No 3, p 76.
6-Riddick (1952) . Dowsing : and unorthodox method of locating underground water supplies or an interesting facet of the humen mind. Proc.Amer. Philosophical Soc. Voi. 96. pp.. 526-534.
7-Schmidt (1975) . Geologiia Rudnykh Mestorozhdenii, No5, p 88.
8-Sochevanov et al- (1976). Geologiia Rudnykh Mestorozhdenii, No, 4. p 77.
9-Sochevanov et ai. (1976). Geologiia Rudnykh Mestorozhdenii, No, 4, p 116.
10-Todd (1980) GroundwaSer Hydrology, 2ed edition, John Wiiey & Sons.
11-Vogt & Hyman (1995). Water witching U.S.A. University of Chicago Press, Chicago, pp 248.
على سبيل المثال، نجد أنه بالنسبة للطب كانت الراديستيزيا هى اسلوب كشف مبدئى للجراحين الفراعنة لأداء جراحات معقدة في المخ تحتاج اليوم الى تكنولوجيا عالية التكاليف. أما في مجال الجيولوجيا فقد اتضح أن كل مناجم الذهب التي تم العثور عليها في شبه جزيرة سيناء و لم تكن موجودة على الخرائط و تم اكتشافها عن طريق الأقمار الصناعية فقط كان قد سبق أن اكتشفها و استعملها علماء الجيولوجيا الفراعنة منذ زمن بعيد. أما الأكثر غرابة من ذلك فهو اكتشافنا أنهم كانوا يستعملون الأشكال الهندسية كوسيلة يدوية بارعة للتعامل مع الطاقة بغرض الحصول على أهداف وظيفية. ان هرم خوفو الأكبر بالجيزة يعتبر نموذج لأجهزة اصدار الطاقة الهندسية و بثها، تلك الأجهزة التي ابتكرها المصريون القدماء. و غني عن الذكر أن لهذا الهرم خصائص عجيبة تكلمت عنها مئات الكتب التي تصدر باستمرار و تتسبب في مزيد من الحيرة للباحثين. و توجد بعض النقوشات الفرعونية تصور مجموعة من الاشخاص يستعملون البندول بينما توجد نقوشات أخرى نجد فيها آلهة الفراعنة يحملون أجهزة بث طاقة و هذه الأجهزة على هيئة صولجانات. و محاولة الحصول على فهم أعمق لعلم الفيزياء من خلال علم الراديستيزيا الفيزيائي يعتبر شرط أساسي لتطور أجهزة اصدار الطاقة الهندسية لذلك يجب أن ندرك أن معرفة المصريين القدماء كانت مبنية على أسس علمية دقيقة. و هذه النظريات التي تطورت على يد الفلاسفة الاغريق كفيثاغورس و أفلاطون و آخرين في مجال علم الأرقام و الهندسة المقدسة Sacred Geometry كانت في الأصل مجرد أجزاء من العلوم السرية التي استناروا بها في مصر و لكن لسوء الحظ فان هذه العلوم قد فقدت و لم يبقى منها الا أجزاء مختصرة أسئ فهمها، بقت كفلكلور شعبي قديم و طقوس سحرية .
انتقل علم الراديستيزيا الى أوروبا عن طريق العرب ابان الفتوحات الاسلامية و الحروب الصليبية
الوادج، من أشهر الأجهزة البندولية الفرعونية و أكثرهم شعبية و استعمالا في أوروبا
و تنتشر في معظم أنحاء العالم الآن معاهد علمية لجميع فروع علم الراديستيزيا و ان اختلفت تطبيقاته من جهة لأخرى. ويعتبر هذا العلم قارب للتجديف و الابحار فيما وراء الطبيعة و الحواس. و استعمله الجيش الألماني للكشف عن المتفجرات خلال الحرب العالمية الأولى و الثانية. و فعل الجيش الأمريكي نفس الشئ في فييتنام. و كانت الراديستيزيا هي العلم الذي قاد " ولهلم رايتش " في اكتشاف الطاقة الارجوانية Orgone التي برغم حدوث جدل كبير حولها في حياته أصبحت مؤخرا مادة خاضعة للبحث العلمي الجاد. و نستطيع أن نقول أن هذا العلم أيضا كان شعلة الانطلاق بالنسبة لعلم السايكوترونيكس Psychotronics الذي كان " دربال " و علماء آخرون في الكتلة الشرقية رواد فيه. كذلك في الغرب يعتبر علم الراديونيكس Radionicsفرع آخر من فروع علم الراديستيزيا يعمل من خلال أجهزة كهربائية
أما في مصر فعلم الهندسة الحيوية Biogeometry يستخدم علم الراديستيزيا كوسيلة دقيقة للقياس و البحث بعد القيام بتطويره واكتشاف أسسه العلمية التي غابت عن العالم لفترة طويلة. و بذلك يعود العلم الى مهده لينطلق بقوة و على أساس علمي من جديد. صممت أجهزة قياسية بالغة الدقة تتيح لنا الآن تحويل قياسات النسب الكمية الى نوعية ( أي قياس نوعية التأثير الذي يحدثه الشئ، كالكهرباء مثلا، على طاقة الانسان باعتبار أن الانسان هو العامل الأهم في أي حضارة. فالحضارة توجد فقط لخير الانسان و صالحه و الا فلا تسمى حضارة ) و العكس أيضا، مما ساهم في ايجاد الحلول لأخطار عصر المعلومات التي تهدد الحياة على كوكب الأرض و في ادخال العنصر الانساني على الحضارة الحديثة و بالتالي تحويلها من حضارة على حساب الانسان الى حضارة لحسابه و حساب رقيه على جميع المستويات من المادية الى الروحية.
__________________
من أجل احداث رنين مع مادة ما بغرض الحصول على معلومات أو بغرض البحث العلمي أو ادخال التوازن، فاننا نحتاج الى عينة من تلك المادة. و العينة في الراديستيزيا هي شئ له كل الخصائص الذبذبية لتلك المادة أو الشخص الذي نود قياسه. و ذلك كما يحدث في الطب التقليدي حينما نجري عمليات التحليل في المعامل لعينات دم أو أنسجة أو خلافه فالعينة من الشئ يكون فيها كل خصائص الشئ.
أما بالنسبة للراديستيزيا، فبما أننا نتعامل على مستوى ذبذبي، يكون من المتاح لنا أن نختار العينات من مجال أوسع منه في الطب التقليدي. ففي " الداوزينج Dowsing " الذي هو احد التطبيقات المنتشرة للراديستيزيا و الذي تم ممارسته عبر العصور للبحث عن المياه الجوفية، نجد أن الجسم البشري نفسه يعمل كعينة للبحث عن الماء لأن ثلثا وزن جسم الانسان هو من الماء. يمكن أيضا استعمال الصور الشخصية و اللعاب و الدهون المركزة على الجبهة كعينات. أو أي مادة أخرى كانت مرتبطة بالشخص و لصيقة به مدة طويلة و بالتالي تكون قد تشربت بطاقاته. و من هنا نجد اختيارات لانهائية يمكن استعمالها كعينات في علم الراديستيزيا.
و بالنظر الى الطبيعة المتعددة الجوانب للراديستيزيا فان المادة الخاضعة للقياس يمكن أن تكون ذات طبيعة مادية أو مجردة. و يمكن استعمال الاسلوب الرمزي أو استعمال قوة الخيال و القدرة على التصور لخلق "عينة عقلية " تحمل بدورها كل الخصائص الذبذبية للمادة. و تتميز العينات الذبذبية بتخطيها حاجز الزمان و المكان. ففي معامل التحاليل العادية العينة تعكس حالة المريض لحظة أخذ العينة منه، بينما نجد بالنسبة للعينات الذبذبية أنه يمكن بمجرد أخذ عينة واحدة متابعة حالة المريض أو المادة التي نقيسها أيا كانت في أي وقت بعد ذلك بدون الاحتياج الى أخذ عينة أخرى
---------------------
كثيرا ما يسأل طلاب الجيوفيزيائيون عن صحته الطريقة الشعبية المستخدمة في التنقيب عن الماء والتي يطلق عليها اسم الاستنباء او(Dowsing)أو العرافه (Divining) و تتم باستخدام عود أو غصن أخضر من الصفصاف أو الرمان بشكل الحرف اللاتيني واي(y) أي يشبه العود الذي يستخدمه الأولاد لصنع المطاطة "النقيفة" ويفتل فرعا الغصن بيدي المستنبيء بحيث يرتفع الفرع الثالث قليلا فوق الأفق ثم يسير المستنبيء في الحقل وعندما ينخفض رأس الفرع الواقع فوق الأفق نحو الأسفل يؤكد المستنبيء على وجود الماء تحت تلك النقطة ويحدد عمق الماء وغزارته.
لقد عرف قاموس أوكسفورد المختصر لعلوم الأرض ( 1991 A(llaby, الصادر عام 1991. هذه الطريقة كما يلي:
"هي استخدام عصا من البندق أو نواس أو أسلاك من النحاس.. الخ لاكتشاف وجود الماء الجوفي وعند وجود الماء الجوفي يجبر الجهاز المحمول باليد على التحرك. لا يوجد دليل مقنع على أن الاستنباء (العرافة) قادر على ايجاد الماء أفضل من حفر الأبار بشكل عشوائي ومع ذلك فهو مستخدم على نطاق واسع ".
لقد استخدمت هذه الطريقة منذ مئات السنين للبحث عن المعادن والمياه وقد وصفها العالم الألماني جيورجيوس أغر يقولا (G.Agricola) الذي يعتبر مؤسس علم المعادن في كتابه المشهور "المعادن De Re Metallica " الذي طبع سنة 1556م ووصف كيفية إمساك المستنبيء للغصن أو القضيب المعدني في حال البحث عن المعادن كما يلي: "يسير المستنبيء جيئة وذهابا في المناطق الجبلية ويقال بانه في اللحظة التي يضع المستنبىء قدمه على عرق معدني يدور القضيب ويفتل وهكذا يكتشف العرق المعدني وعندما يبعد المستنبيء ويبتعد عن تلك النقطة يثبت القضيب » (شكل 1). لقد كتبت هذه الكلمات قبل 441 عاما وحتى الأن لم يأت الجواب العلمي الصحيح فما مدى صحة هذه الطريقة ؟
لقد كتب الكثير عن هذه الطريقة وحاول كثير من العلماء الأوروبيين. (BLU,1959 RIDDICKK,1952, Vogt & Hyman,1956) تقديم التفسير العلمي لها للتخلص من صفة الشعوذة والعرافة التي الصقتها بها الكنيسة الأوروبية في العصور الوسطى ثم صرف النظر عنها لفترة من الزمن بالرغم من أنها مازالت مستخدمة في التنقيب عن الماء على نطاق ضيق في بعض الدول الأوروبية وأمريكا وعلى نطاق أوسع في دول العالم الثالث التي تفتقر الى الكادر العلمي الجيوفيزيائي الذي يستخدم الأجهزة العلمية المتطورة.
في الستينات عاد البحث في الطريقة في الاتحاد السوفييتي السابق بعد أن أعطيت اسما علميا جديدا هو «الطريقة الفيزيائية الحيوية (BPM) Bio - physical Method » فقد نشر الباحث ماتفيف(Matveev, 1967) مقالة في عام 1967 عن دراسة لمنطقة تستي ياتوك في كازاخستان حيث طبق فيها هذه الطريقة BMP وبعض الطرائق الجيوفيزيائية: المغنطيسية magnetic والثقالة gravity والمقاومية الكهربائية electric resistivity والكمون الذاتي self - potentiallوحصل على نتائج قياسات موزعة على بروفيلات (مسارات) علما بأن جيولوجية المنطقة كانت معروفة بدقة وبمقارنة النتائج استنتج أن الطريقة الفيزيائية الحيوية أعطت نتائج أفضل من الطرائق الجيوفيزيائية المذكورة. لاحظ ماتفيف أن شواذ الطريقة الفيزيائية الحيوية تظهر بشكل جيد عندها تقترب كتل الكباريت الكتلية من سطح الأرض. كما وصف ماتفيف عددا من أشكال الأجهزة المعدنية التي استخدمها في هذه الطريقة وكيفية استخدامها (شكل 2).
ادت نتائج الدراسة السابقة الى عقد مؤتمرين علميين في موسكو عام 1968 والثاني عام 1976 وحضر المؤتمر الثاني حوالي مئة باحث من أر بعين معهدا علميا. وتبين من خلال الدراسات المقدمة الى المؤتمر أن الطريقة الفيزيائية الحيوية مطبقة بشكل أكبر مما كان يظن. تركزت معظم الدراسات على التطبيقات ولم يقدم ما يكفي لايضاح الأسس الفيزيائية لها.
عام 1974 كتب الجيولوجيان سوشيفانوف وماتفيف (Sochevanov & Matveev 1974) من معهد الأبحاث العلمية الهيدروجيولوجية والجيولوجيا الهندسية لعموم الاتحاد السوفييتي السابق مقالة عن استخدام الطريقة الفيزيائية الحيوية للتنقيب عن الماء واستغرب الباحثان إهمال الجيولوجيين الأوروبيين الغربيين لهذه الطريقة قليلة التكاليف وسهلة التطبيق وأوردا مثالين عن استخدام الطريقة للبحث عن المعادن فقد قاما باستخدام الطريقة الفيزيائية الحيوية والتصوير الجوي من الهليكوبتر لمنطقة من صخور عصر البريكامبري المتحولة في شمال كاريليا حيث توجد أجسام بغماتيتية حاملة للعناصر النادرة. تمت القياسات من الهليوكوبتر وعلى مسارات تبعد عن بعضها حوالي 250 مترا وسجلت زاوية ميل قضيب الاستنباء عن الأفق، وبملاحظة زاوية الميل الأعظمية تم تخطيط الشقوق الأرضية التي يحدث فيها تمعدن العناصر النادرة والتي تم البرهان لاحقا على وجودها بواسطة الحفر التجريبي.
كانت الدراسة الثانية لمنطقة في جبال كارامنسكي في طاجاكستان حيث توجد منطقة تمعدن للكباريت في صخور كلسية من عصر الباليوزيك العلوي وتمكنا من وضع خرائط لأماكن تقعدن الكباريت وأتت النتائج مطابقة لدراسة جيوكيميائية جرت قبل ذلك.
في مقالة أخرى عام 1976 ذكر سوشيفانوف وزملاؤه (Sochevanov et al ,. 1976)انه تم تحديد 1120 بئرا للماه في منطقة شيليابنسك بهذه الطريقة وكانت نسبة الآبار الجافة بحدود 7% بينما تم تحديد 157 بئرا في نفس المنطقة بالطرائق الجيوفيزيائية وكانت نسبة الآبار الجافة 7. 12%.
بالرغم من هذه النتائج فمازال هنالك الكثير من الجيولوجيين الروس لا يؤمنون بهذه الطريقة ومنهم الجيولوجي شميت (Schmidt, 1975) الذي يدعي بان لهذه الطريقة علاقة بالسحر والشعوذة.
في انجلترا حاول أحد البحاثة في سنة 1971 القيام بدراسة لصالح وزارة الدفاع البريطانية لتحديد أماكن الألغام الأرضية لكنه فشل في تحديد ذلك. وأجرى تجربة فوق أنبوب من البلاستيك مطمور تحت سطح الأرض لتعيين وقت جريان الماء في الأنبوب لكن التجربة فشلت بالرغم من اعادتها خمسين مرة كما استخدم أربعة طلاب ممن أظهروا قابلية للتأثر بفعل الاستنباء لتحديد موقع أنبوب قطره 6بوصات مطمور في الأرض أثناء جريان الماء فيه إلا أن التجربة فشلت .
في نفس السنة قام الباحثان شادويك وجانسنChadwick & Jensen,1971) (من مخبر الأبحاث المائية بجامعة ولاية يوتا الأمريكية بدراسة مكثفة لمعرفة تأثير الصدفة في هذه الطريقة وقد استخدما 150 مستنبئا وكان على كل مستنبيء أن يمر على مسار مستقيم فوق قطعة من الأرض السهلية الخالية من المعالم المميزة وأن يلقي بكرة من الخشب في كل مكان ينحرف القضيب عنده وقد تمت إزالة الكرات التي يلقيها كل مستنبيء قبل مرور الآخر. كانت نتيجة الدراسة مدهشة, إذ لوحظ تجمع للكرات في أماكن محددة من الطريق (شكل 3). بناء على هذه النتيجة المدهشة حاول الباحثان التحقق من صحة الفرضية التي وضعها الباحث بارنو تي من جامعة الينوي والباحث بريسمان من جامعة موسكو من أن هنالك بعض الأشخاص الذين لديهم القدرة على الاحساس بالتغيرات الصغيرة بالحقل المغناطيسي الأرضي والحقول الكهرطيسية . لهذا قام الباحثان بقياس تغيرات الحقل المغناطيسي الأرضي على طول الطريق الذي سلكه المستنبئون فلاحظا أن معظم الكرات قد تجمعت في مناطق التغيرات المفاجئة في الحقل المغناطيسي (شكل 3) واستنتج شادريك وجانسن بأنه ربما كانت هنالك علاقة بين فعل الاستنباء والتغيرات الدقيقة في الحقل المغناطيسي الأرضي الناتجة عن تدفق المياه الجوفية ضمن المخور وهذه نتيجة علمية يجب البحث فيها مستقبلا واقترحا بأن 99% من الناس لديهم خاصة التأثر بتغيرات الحقل المغناطيسي أو الكهرطيسي الأرضي وهذه الفكرة مماثلة لتلك التي وضعها البحاثة السوفييت في الماضي.
بالرغم من النتائج السابقة فمازال استخدام هذه الطريقة مقتصرا على القليل من البحاثة, بينما يطبق كثير في الدول الفقيرة وتجد الكثير من المستنبئين يجمعون الثروات من وراء التجوال بعود من الصفصاف أو الرمان لتحديد عمق الماء وغزارته .
فند د. شقير (Chouker ,1995 , unpublished paper) في حلقة دراسية في قسم الجيولوجيا بجامعة دمشق المزاعم التي قيلت حول هذه الطريقة وقدم عددا من الأمثلة التي تشير الى عدم صحتها وبأنها نوع من الدجل والاستغلال .
لقد أجرى أحدهم التجربة أمامي فوق أنبوب من الماء يصب في بركة كبيرة وسار فوق الأنبوب الى أن وصل الى حافة البركة حيث هبط رأس عود الرمان الى الأسفل بقوة ثم أجريت التجربة بنفسي ولكنني كدت أسقط في البركة ولم يهبط رأس العود نحو الأسفل وكان تعليق المستنبيء «إنك غير مؤمن بالطريقة ". هكذا فالقضية بالنسبة للمستنبيء هي قضية ايمان أو لا ايمان, أما بالنسبة للبحاثة العلميين فهي قضية حقل مغناطيسي أو كهرطيسي يتأثر بجريان الماء تحت السطحي أو بوجود عرق معدني ويؤثر الحقل بالتالي على بعض الأشخاص .
في تجربة أخرى قمت بها وعدد من زملائي في قسم الجيولوجيا بجامعة دمشق بناء على طلب دكتور جيولوجي يطبق طريقة الاستنباء وزودنا بقضبان الاستنباء وسار كل منا على طريق معبد وهو يحمل قضيبين من الحديد, بقطر 6ميليمتر. كل منهما بشكل حرف (L) (شكل 4), طول ضلعه القصير 10سنتيمترات وضلعه الطويل حوالي 40 سنتيمترا، وهما متوازيان والضلعان الطويلان موجهان نحو الامام وعند الوصول الى نقطة محددة من الطريق كان القضيبان يدوران بمستوى أفقي ويتصالبان . لم يكن من الممكن معرفة سبب دوران القضيبين لكنني تذكرت بأنه قبل تعبيد الطريق كان هنالك نبع ماء موسمي يجري في الشتاء والربيع فهل سبب هذا التصالب هو استمرار جريان الماء الجوفي في الموقع ؟
ذات مرة كنت في زيارة لأحد الأصدقاء في منزله في مدينة أخرى وأثناء تعريفي بوالده قال لي بأن والده يستخدم طريقة الاستنباء في الكشف عن الماء وبعدما علم الوالد بأنني أستاذ جامعي وجيوفيزيائي أخذ يسرد لي القصص عن الأبار التي اكتشفها بهذه الطريقة ثم عقب بأنه وصل الى مرحلة لا يحتاج الى زيارة الموقع لمعرفة مكان وجود الماء فاستغربت قوله فقال لي هل عندك قطعة من الأرض فقلت نعم فطلب مني رسمها وتحديد اتجاه الشمال عليها ففعلت فأخذ الرسم واختلى بنفسه في غرفته لمدة نصف ساعة وعندما خرج كان لونه ممتقعا وكأنه كان يقوم بعمل مرهق وناولني الرسم وقال هنا يوجد ماء على عمق ستة أمتار الى سبعة أمتار (شكل 5) فذهلت إذ أنه بالفعل يوجد على بعد حوالي عشرة أمتار من النقطة التي حددها وبمستوى أخفض من أرضي بحدود أربعة أمتار (نظرا لانحدار الأرض الشديد) نبع ماء دائم . فهل هي الصدفة التي أدت به الى تحديد الموقع الأكثر احتمالا لوجود الماء؟!!
يعتبر البعض جهاز الاستنباء كمضخم ميكانيكي لحركة اليدين الخفيفة التي يجد العديد من الناس أنهم يتعرضون لها تحت تأثير فعل الاستنباء ويعتبر المشككون بصحة الطريقة أن حركة اليدين تحت تأثير فعل الاستنباء هي رد فعل نفسي وان كان لها علاقة مع البيئة المحيطة فقد تم ذلك عن طريق مؤثرات التقطت بواسطة الأجهزة الحسية للانسان .
بينما يقول المؤيدون للطريقة بأنه يجب اعتبار أن هذه الحركة هي استجابة فيزيولوجية مباشرة لقضيب الاستنباء لتأثير التغيرات في البيئة المحيطة وبأن بعض النظم البيولوجية قد طورت حساسية فائقة للتغيرات الدقيقة في الحقل المغناطيسي أو الكهرطيسي الأرضي ونظرا لارتباط العروق المعدنية أو المياه الجوفية الجارية مع الانقطاعات الجيولوجية مثل الفوالق (الصدوع) والشقوق والأقنية والفجوات الموجودة في الصخور تؤدي هذه الانقطاعات الى تغيرات جيوفيزيائية في شدة الحقل المغناطيسي الأرضي وتؤدي هذه التغيرات بدورها الى الحركة الفيزيولوجية التي تشير الى تأثير فعل الاستنباء.
بالرغم من المتناقضات التي ذكرت في استعراض هذه الطريقة, فالحقيقة أن هنالك آلافا من أبار الماء في العالم التي يتم حفرها بناء على هذه الطريقة وخاصة في دول العالم الثالث الفقيرة . وقد ذكر تود (Todd ,1980) بأن الاحصاءات الأمريكية تشير الى أن هنالك 181 مستنبئا لكل مليون نسمة يمارسون أعمالهم في أمريكا وخاصة في المناطق الفقيرة بالماء. كما أن الصحف الأمريكية تورد العديد من القصص عن المستنبئين وأعمالهم . كذلك يرد في مجلة نيوسينتست New Scuentist الانجليزية من آن لآخر الاعلان التالي "الاستنباء علم وليس سحر Dowsing is science not magic "ويهدف الاعلان الى بيع قضيبين من قضبان الاستنباء وكتيب الاستعمال .
يبدو أنه لابد من دراسة الأمر كظاهرة علمية بواسطة فريق علمي لتوضيح الأسس العلمية لها والتحقق من مدى صحة علاقتها بتغيرات الحقول المغناطيسية والكهرطيسية الأرضية .
ويبقى السؤال المطروح وهو ما الفائدة من دراسة هذه الظاهرة وايجاد الأسس العلمية لها؟
والجواب هو أنه ان كانت الظاهرة علمية وصحيحة فانها ستؤمن التنقيب عن الماء بشكل رخيص وخاصة في دول العالم الثالث الفقيرة بالماء وحيث يندر وجود الجيوفيزيائيين العاملين بالتنقيب عن الماء وفي حال وجودهم فإنهم يتقاضون المبالغ المالية الطائلة مقابل تحديد مواقع آبار الماء مما يحول دون استخدامهم في تحديد هذه المواقع مما يزيد العطشى عطشا أمام التزايد الكبير في عدد السكان وازدياد الحاجة الى مزيد من الماء الذي جعل منه الله سبحانه وتعالى كل شيء حي.
نقلا من اكثر من مصدر
المرجع
1-Allaby & Alleby (1991). The consice Oxford dictionary of Earth Sciences.
2-Blau (1936). Black magic in geophysical prospecting Geophysics. 1 .p1.
3-Chadwick & Jensen (1971). The detection of magnetic fields caused by groundwater and the correlation of such firelds with water dowsing, Utah Water Research Laboratory Progress Report 78-1, pp 57.
4-Chouker (1995). Water dowsing : a case history and some personal encounters with water witches in Syria- Unpubiished paper.
5-Matveev (1967) . isvestiya Akademia Nauk Kazakskoi SSR, Ser Geoi, No 3, p 76.
6-Riddick (1952) . Dowsing : and unorthodox method of locating underground water supplies or an interesting facet of the humen mind. Proc.Amer. Philosophical Soc. Voi. 96. pp.. 526-534.
7-Schmidt (1975) . Geologiia Rudnykh Mestorozhdenii, No5, p 88.
8-Sochevanov et al- (1976). Geologiia Rudnykh Mestorozhdenii, No, 4. p 77.
9-Sochevanov et ai. (1976). Geologiia Rudnykh Mestorozhdenii, No, 4, p 116.
10-Todd (1980) GroundwaSer Hydrology, 2ed edition, John Wiiey & Sons.
11-Vogt & Hyman (1995). Water witching U.S.A. University of Chicago Press, Chicago, pp 248.
تعليق