:::::::مدينة ماري::::::::
--------------------------------------------------------------------------------
تقع آثار مدينة ماري العظيمة على بعد 11 كم شمال غرب بلدة البوكمال الواقعة على الحدود العراقية السورية و اكتشفت صدفة عندما عثر أحد سكانها على تمثال من الحجر الكلسي كتب عليه بالخط المسماري و أخبر متحف اللوفر بباريس بأهمية ما اكتشف بواسطة الضابط الفرنسي كوبان .
فتألفت بعثة أثرية فرنسية تحت إشراف الأستاذ ( اندريه بارو ) و أكدت الحفريات أن موقع تل الحريري نفسه مملكة ماري التي يمر ذكرها في العديد من المصادر التاريخية .
مع العلم أن العديد من الحملات الأثرية لاكتشاف هذه المدينة قد أخفقت سابقاً بتحديد موقعها لبعدها حالياً أكثر من ( 2.5 ) كم عن النهر و قد عرفت المدينة مرحلتي ازدهار حكمت في الألف الثالث ق . م من قبل ملوك السلالة العاشرة بعد الطوفان و كان أول ملوك هذه السلالة ( أنسود ) حكم فيها ثلاثون عاماً و قد عثر على تماثيل ملوك بأسماء ( لمجي ماري – وايكو شاماغان – و أبلول ايل – و أسر ادب ) إن احتلال ماري من قبل السومريين لم يدم طويلاً فقد ملت السيادة الأكادية و احتلت من قبل الملك ( سارجون ) الأول الأكادي ثم حكم المدينة بعد سارجون الملك ( ميجر داغان ) من سكان ماري و بعد ( 2100 ) ق . م أصبحت تتطلع للاستقلال و فعلاً أخذ يحكمها بعض الحكام و يطلق عليهم ( شاكاناك )
متاز عصرهم بالعمران و بناء المعابد و تكريس الهدايا و وضع التماثيل الضخمة فيها و قد استمر حكمهم من عام ( 2285 ) ق . م و حتى ( 1775 ) ق . م
و في الألف الثاني ق . م أصبحت ماري إحدى الممالك الهامة للعموريين و ذات نفوذ سياسي و اقتصادي و تدل الكتابات المسمارية المكتشفة على أسماء ملوكها و أشهرهم ( ياغدليم و ابنه يحدون ليم و أخيه سومر يحام و يحاش حدد و زمري ليم )
و استطاع ملوك ماري أن يوسعوا حدود مملكتهم رغبة بالوصول إلى البحر المتوسط و انحازت مملكة يمحاض حلب و ملكها ( سموايبوخ ) إلى الحملة العسكرية الآشورية التي قادها الملك شمشي حدد و هاجم ماري و احتلها إلا أن زمري ليم استطاع إزاحة الآشوريين و كانت ولاية ( ترقا ) الموجودة في منطقة العشارة التابعة لريف دير الزور إحدى المقاطعات الهامة التابعة لماري كما عينت حاكماً على توتول ( تل البيعة ) بالقرب من مدينة الرقة دليلاً على اتساع هذه المملكة و قفت ماري متصدية لطموحات حمورابي في الاستيلاء عليها فأرسل حملته الأولى و احتلها ثم هجم سكانها على الحامية البابلية و قتلوا منها الكثير هذا الأمر أثار غضب حمورابي فأرسل حملته الثانية فهدم سور المدينة و نهب معبدها و أضرم النار في قصرها و بيوتها و بهذه الحملة زال آخر ملوكها زمرليم و لم نعد نسمع أخبارها
وصف المدينة : كان التل الأثري لماري بيضوي الشكل طوله ( 1 ) كم و عرضه ( 800 ) متر و المدينة محاطة بسور تظهر بعض أقسامه من جهة البوكمال و في جوار ماري ينتصب تل المدكوك و تل النفاض في الغرب اللذان يعتبران بمثابة واجهة للمدينة
إن القصر الواسع يعتبر ( درة العمارة الشرقية القديمة ) كما قال عنه الأب فنسان و قد أرسل ملك أوتحريت أحد أولاده ليأخذ فكرة عنه و ينقل ما شاهده لشهرة القصر .
تبلغ مساحته ( 3.5 ) كم يضم ( 300 ) غرفة و عدداً من الباحات و له مدخل واحد و ممرات نحو الداخل و الخارج للقصر و على جانبيه برجان يتقدمهما مدرج مبلط بالحجارة و يستند على حائطها الجنوبي منصة منخفضة تدل على العرش و كانت القاعة مزينة بالرسوم الملونة التي تمثل مشهد تنصيب الملك زمري ليم على العرش ممسكاً بالعصا و الحلقة رمزاً للسلطة تناولهما له الربة عشتار بحضور بعض الأرباب
و قد عثر في القصر على مدرستين كانتا مجهزتين بمصاطب صغيرة تشبه ترتيب مقاعد الصف و في القصر غرف لحفظ الأرشيف و أخرى للخدم كما عثر على أكثر من عشرين ألف من الرُقَم الكتابية رسائل و وثائق سياسية و تجارية و نصوص دينية و منها ( 20 ) آجرة أو رُقم حجري كتب عليها تعاليم إدارية و مراسلات و مسائل جغرافية و تاريخية خاصة في عهد الملك ( يخدن ليم ) .
و تحت هذا القصر بناء ملكي أصغر منه يعود للألف الثالثة ق . م و تشير الوثائق أن الملك مّلم بجميع الأمور و يحضر المحاكمات و الخصومة بين الأفراد و إلى جانب الرسوم الجدارية هناك بعض التماثيل و بدأت تتكشف الوقائع و الوثائق منذ أن شكّل بارو فرقة تنقيب عام 1933 م منقوش عليها و أحدها ملك ماري ( لمجي ) و هو يقدم نذورهم إلى الربة عشتار التي اكتشف معبدها أيضاً و هكذا حصلوا على نتائج مشرفة باكتشاف مجمعات عمرانية مثل قصر ملكي في الألف الثاني يحتوي على أكثر من ( 300 ) غرفة و ( اكتشاف أقداس لعشتار و شمش نيني زازا ) أسهمت ماري في نشوء فن النحت و الرسم على الجدران و تطوره و يوجد في متحف دير الزور عدد من المنحوتات و التماثل و تميزت تماثيل ماري بكتابة أسماء أصحابها على كتفها مما جعلها وثائق فنية و تاريخية أغنت معلوماتنا عن أسماء ملوكها و انتقل فن الزخرفة فيها إلى دوراوربوس و من ثم إلى تدمر
إلا أن أهم حدث هو اكتشاف المكتبة الضخمة التي تضم نحو ( 25000 ) لوحة مسمارية تحتوي على كل سجلات المدينة و الدولة مما يتح إعادة كتابة تاريخ الشرق الأوسط في الألف الثاني يكشف معالم جديدة لم تدرك من قبل .
لقد غابت مدينة ماري و لكنها تركت بصماتها .
تعليق