الرياض: منيف الصفوقي
لا يعرف كثير من سكان جزيرة العرب الثراء التاريخي التي تتمتع به منطقتهم، فغالبيتهم يعتقدون أن تاريخ الجزيرة كان مع بداية الإسلام، والحقيقة أن جزيرة العرب من المناطق الأولى في العالم التي استوطنها الإنسان، كما أنها شهدت حضارات ورد ذكرها في القرآن الكريم وكتب التاريخ، لكنها لم تلفت الانتباه إليها كون بعضها اندثر، بينما غيرها يفضل كثيرون تجنبها، إما لكونها مواقع عذب فيها أهلها، إضافة إلى قلة حركة التأليف عنها في المصادر العربية.
وصدرت أخيرا في السعودية، دراسة آثارية عن الكتابة الثمودية في شمال المملكة، قام بها الدكتور سليمان الذييب.
واستعرضت الكثير من النقوش الموجودة على جدران كهوف منطقة الجوف، في مواقع سكنتها قبائل ثمودية. والمواقع محل الدراسة هي «كرمنسية، قليب الضبي، جبل، القلعة، النيصة، قارة المزاد، الرفيعة» وكلها تقع بالقرب من مدينة سكاكا حاليا.
وتعود النصوص إلى الحقبتين الأولى، والتي تعرف بالحقبة الثمودية المتوسطة، وهي القرنان الثالث والثاني قبل الميلاد، أما الثانية فكانت الحقبة الثمودية المتأخرة، والتي امتدت من القرن الأول قبل الميلاد إلى القرن الثالث الميلادي.
وكتبت النقوش بعدة طرق، منها الكتابة الأفقية، وتقرأ من اليمين إلى اليسار في غالبية النصوص، لكن وجد نص واحد فقط يقرأ بشكل معاكس، أما الطريقة الأخرى فكانت بالكتابة العمودية المقروءة من الأعلى إلى الأسفل، وهناك طريقة ثالثة تتمثل في الكتابة بشكل مائل، وتقرأ أكثرية نصوصها من اليمين إلى اليسار.
وأشارت الدراسة إلى أن غالبية كتابات الثموديين تبدأ بحرف «اللام»، وان صيغ اسم العلم عند الثموديين كانت على وزن «فعلة، فعلان، فاعل، فعال، فعالة، فعيل، افعل، يفعل»، إضافة إلى وجود أسماء مركبة تكتب على النحو التالي «أ ب ك ر م»، ومعناها «أب كريم» أو «ع ب د ل»، ومعناها «عبد الله»، أما الجمل الفعلية فمثالها كان «س هـإ ل»، وتدل على «سهل الإله» أي سهل من الله، وهناك صيغ مختصرة مثل «م ش ي»، وتعني «كريم الإله»، وللبيئة المحيطة دور في اشتقاق الأسماء الثمودية، ومنها «س ن ن» والمقصود «سنان الرمح»، وأيضا «ش ف ق» وهو اسم يطلق على المولود عند الشفق، و«ص خ ر» ويقصد به الحجر العظيم، وغيرها من الأسماء.
إضافة إلى وجود أسماء اشتقت من المهن التي زاولها الثموديون، ومنها «ج ص ص» وتعني «جصاص»، و«خ ر ز ت» أي صانع الخرز.
وقسمت الدراسة النصوص إلى ما يقصد بها الأدعية، وهناك نصوص الاشتياق مثل «ش و ق»، والنصوص التذكارية يدلل عليها «و د د»، وتعني «تحيات أو سلام» و«و د د ف» والمقصود منها «تحيات» لـ«إضافة إلى وجود كتابات صنفت على أنها ملكية لدلالتها على امتلاك الشخص لشيء، مثل ما كان الثموديون يسمون به ماشيتهم، وهناك كتابات طبية شبيهة بالكتابات المصرية والرافدية والعربية الجنوبية، ومنها «م ش ي» وتعني انتشار الوباء.
وعكست النصوص في مجملها العلاقات الإنسانية التي كانت سائدة، مثل الدعوة إلى التراحم، وبعض النقوش كانت لصور الحيوانات، وأغلبها صور الجمال والنعام والخيل، والنباتات، أما الرسوم الآدمية فكان منها صورة لامرأة في وضع راقص وصحح المؤلف بعض الترجمات التي قام بها بعض الدارسين الغربيين، الذين نسب قسم منهم بعض الكلمات إلى لغات الشعوب المجاورة، لكن الدراسة أرجعت كثيرا منها إلى أصولها اللغوية، فتبين أنها عربية ولا يزال استخدامها شائعا. ومن هذه الترجمات: «ود د ف «خ ر م»، فقد ترجمها الغربيون إلى «أنه يحب فم خارم»، لكن ترجمة الدراسة ترى أنها تعني «تحيات لخارم». أما الجملة التالية: «هـ ر ض و«و ن هـ ي» وع ث د ن «س ع د ن» ع ل «و د د ي». وتعني هذه الجمل، «رضا، نهي، عثتر السماء ـ كلها أسماء آلهة ثمودية ـ ساعدونن «ساعدوني» على حبي، وكلمة «ساعدونن» بمعنى ساعدوني، وهي لفظ لا يزال مستخدما لدى قبائل شمال السعودية.
ومن خلال الأمثلة التي ساقتها الدراسة مقارنة بالدراسات الغربية، يلاحظ أن عملية قراءة النصوص تتأثر باللغة المستخدمة، ولهذا كانت غالبية الترجمات الغربية تبتعد عن المعنى المدون، بينما الدراسة العربية التي اعتمدت على مقابلة الأحرف الثمودية بما يقابلها في العربية لم تواجه مشكلة تحديد المعنى المقصود، كما أن اللغة العربية لها امتدادها التاريخي منذ ما قبل الإسلام إلى الوقت الحالي. * نقوش ثمودية جديدة * المؤلف: سليمان عبد الرحمن الذييب
لا يعرف كثير من سكان جزيرة العرب الثراء التاريخي التي تتمتع به منطقتهم، فغالبيتهم يعتقدون أن تاريخ الجزيرة كان مع بداية الإسلام، والحقيقة أن جزيرة العرب من المناطق الأولى في العالم التي استوطنها الإنسان، كما أنها شهدت حضارات ورد ذكرها في القرآن الكريم وكتب التاريخ، لكنها لم تلفت الانتباه إليها كون بعضها اندثر، بينما غيرها يفضل كثيرون تجنبها، إما لكونها مواقع عذب فيها أهلها، إضافة إلى قلة حركة التأليف عنها في المصادر العربية.
وصدرت أخيرا في السعودية، دراسة آثارية عن الكتابة الثمودية في شمال المملكة، قام بها الدكتور سليمان الذييب.
واستعرضت الكثير من النقوش الموجودة على جدران كهوف منطقة الجوف، في مواقع سكنتها قبائل ثمودية. والمواقع محل الدراسة هي «كرمنسية، قليب الضبي، جبل، القلعة، النيصة، قارة المزاد، الرفيعة» وكلها تقع بالقرب من مدينة سكاكا حاليا.
وتعود النصوص إلى الحقبتين الأولى، والتي تعرف بالحقبة الثمودية المتوسطة، وهي القرنان الثالث والثاني قبل الميلاد، أما الثانية فكانت الحقبة الثمودية المتأخرة، والتي امتدت من القرن الأول قبل الميلاد إلى القرن الثالث الميلادي.
وكتبت النقوش بعدة طرق، منها الكتابة الأفقية، وتقرأ من اليمين إلى اليسار في غالبية النصوص، لكن وجد نص واحد فقط يقرأ بشكل معاكس، أما الطريقة الأخرى فكانت بالكتابة العمودية المقروءة من الأعلى إلى الأسفل، وهناك طريقة ثالثة تتمثل في الكتابة بشكل مائل، وتقرأ أكثرية نصوصها من اليمين إلى اليسار.
وأشارت الدراسة إلى أن غالبية كتابات الثموديين تبدأ بحرف «اللام»، وان صيغ اسم العلم عند الثموديين كانت على وزن «فعلة، فعلان، فاعل، فعال، فعالة، فعيل، افعل، يفعل»، إضافة إلى وجود أسماء مركبة تكتب على النحو التالي «أ ب ك ر م»، ومعناها «أب كريم» أو «ع ب د ل»، ومعناها «عبد الله»، أما الجمل الفعلية فمثالها كان «س هـإ ل»، وتدل على «سهل الإله» أي سهل من الله، وهناك صيغ مختصرة مثل «م ش ي»، وتعني «كريم الإله»، وللبيئة المحيطة دور في اشتقاق الأسماء الثمودية، ومنها «س ن ن» والمقصود «سنان الرمح»، وأيضا «ش ف ق» وهو اسم يطلق على المولود عند الشفق، و«ص خ ر» ويقصد به الحجر العظيم، وغيرها من الأسماء.
إضافة إلى وجود أسماء اشتقت من المهن التي زاولها الثموديون، ومنها «ج ص ص» وتعني «جصاص»، و«خ ر ز ت» أي صانع الخرز.
وقسمت الدراسة النصوص إلى ما يقصد بها الأدعية، وهناك نصوص الاشتياق مثل «ش و ق»، والنصوص التذكارية يدلل عليها «و د د»، وتعني «تحيات أو سلام» و«و د د ف» والمقصود منها «تحيات» لـ«إضافة إلى وجود كتابات صنفت على أنها ملكية لدلالتها على امتلاك الشخص لشيء، مثل ما كان الثموديون يسمون به ماشيتهم، وهناك كتابات طبية شبيهة بالكتابات المصرية والرافدية والعربية الجنوبية، ومنها «م ش ي» وتعني انتشار الوباء.
وعكست النصوص في مجملها العلاقات الإنسانية التي كانت سائدة، مثل الدعوة إلى التراحم، وبعض النقوش كانت لصور الحيوانات، وأغلبها صور الجمال والنعام والخيل، والنباتات، أما الرسوم الآدمية فكان منها صورة لامرأة في وضع راقص وصحح المؤلف بعض الترجمات التي قام بها بعض الدارسين الغربيين، الذين نسب قسم منهم بعض الكلمات إلى لغات الشعوب المجاورة، لكن الدراسة أرجعت كثيرا منها إلى أصولها اللغوية، فتبين أنها عربية ولا يزال استخدامها شائعا. ومن هذه الترجمات: «ود د ف «خ ر م»، فقد ترجمها الغربيون إلى «أنه يحب فم خارم»، لكن ترجمة الدراسة ترى أنها تعني «تحيات لخارم». أما الجملة التالية: «هـ ر ض و«و ن هـ ي» وع ث د ن «س ع د ن» ع ل «و د د ي». وتعني هذه الجمل، «رضا، نهي، عثتر السماء ـ كلها أسماء آلهة ثمودية ـ ساعدونن «ساعدوني» على حبي، وكلمة «ساعدونن» بمعنى ساعدوني، وهي لفظ لا يزال مستخدما لدى قبائل شمال السعودية.
ومن خلال الأمثلة التي ساقتها الدراسة مقارنة بالدراسات الغربية، يلاحظ أن عملية قراءة النصوص تتأثر باللغة المستخدمة، ولهذا كانت غالبية الترجمات الغربية تبتعد عن المعنى المدون، بينما الدراسة العربية التي اعتمدت على مقابلة الأحرف الثمودية بما يقابلها في العربية لم تواجه مشكلة تحديد المعنى المقصود، كما أن اللغة العربية لها امتدادها التاريخي منذ ما قبل الإسلام إلى الوقت الحالي. * نقوش ثمودية جديدة * المؤلف: سليمان عبد الرحمن الذييب
تعليق