بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف المرسلين وعلى اله وصحبه وكل من اتبع الهدى الى يوم الدين
بعد تردد قررت ان اتناول هذا الموضوع القديم الجديد لأبين حقيقة منشأه وأصله والغاية منه الكثير من الغافلين والكثير من البسطاء والكثير من الغير عارفين بعقيدتهم ونقاوتها والكثير من اعداء الايمان ونور الهداية الربانية نجدهم يخوضون في هذه الامور سواء بحسن نية وتصديق أو بنية ضرب عقيدة المؤمنين او لغاية استغفال الناس والضحك على عقولهم والكسب والارتزاق من وراء ما يدعونه ويروجون له مستميتين في زرع الوهم والخرافات لدرجة الكفر سواء علموا بذلك او غفلوا او تغافلوا
اول شيء أبدأ به هو هذه الحقيقة التي لا غبار عليها
إن الأمور الميتافيزيقية لا شأن ولا علاقة لها بالعلوم الصحيحة كالحسابيات او بالعلوم الانسانية او التجريبية )
وما هي الا مجرد هذه خرافات واساطير
وأول من إستنبط هذه العلوم هم أصحاب الهياكل والصابئة الذين زاغوا على سنن الحق منذ القدم فالتنجيم ، والتبصير والرصد شيء قديم حيث كانت أسباب مثل هذه الظواهر غير مفهومه لدى بعض الناس ويعوزونها إلى تدخل قوى خفيه كالأشباح والشياطين
يقول العلاّمة " إبن منظور " في لسان العرب في باب السحر // إن السحر عمل فيه تقرّب للشياطين وبمعونة منهم وأصل السحر صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره وإظهار الباطل في صورة الحق وتخيل الشيء على غير حقيقته .
ومن الشواهد على بعض معاني السحر والوارده في القرآن الكريم قوله تعالى في سورة الأعراف ( فلمّا ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاؤوا بسحر عظيم ) سحروا أعين الناس أي خدعوهم وقوله في سورة يونس (أسحر هذا ولا يفلح الساحرون ) .
وقد كان بعض الناس تعتقد أن الكواكب تتصرف تدبيرا وتحريكا في الكون وتسلطا فتحمي وتحرس وتمنع بتسليط من أحد السحرة الذي وجهها لغاية ما .
ومن هنا نشأت علوم التنجيم أو علم النجوم وهو علم يعرف به للإستدلال إلى حوادث عالم الكون بالتشكيلات الفلكية وهي أوضاع الأفلاك والكواكب كالمقارنه والمقابله والتثليث والتربيع والتسديس وإلى غير ذلك وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام: حسابيات وطبيعيات ووهميات أما الحسابيات فلا مانع في عملها شرعا ، أما الطبيعيات كالإستدلال من إنتقال الشمس في البروج الفلكيه إلى فصول الحرّ والبرد والإعتدال فليست بمردودة شرعا أيضا وأما الوهميات (ما يسمى بالتنجيم ) كالإستدلال إلى الحوادث السفلية خيرا أو شرّا من إتصالات الكواكب بطريق العموم أو الخصوص فلا إستناد لها إلى أصل شرعي وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم ( إذا ذكر النجوم فأمسكوا) و( من آمن بالنجوم فقد كفر ) لما فيها من مفسدة للإيمان والإعتقاد أن الكواكب لها تأثيرات بذاتها سلبا وإيجابا وتسلّطا وتجلّيا فتحمي وتحرس وتمنع وتقي وتدير وتقضي وهذا ما يسميه البعض (الرصد ) وهي تسمية أطلقت على بعض الأعمال التي يزعم ان الكواكب والأفلاك تقوم بها وتنزجها وتوفرها بخاصية وعمل ما. يقوم به أحد السحرة المنجمين كما زعم أهل هذا " الفنّ" أن هناك مدارك للغيب دون غيبة عن الحسّ وذلك بقولهم بالدلالات النجومية ومقتضى أوضاعها في الفلك وآثاراها في العناصر ... والحقيقة إنما هي ظنون حدسية وتخمينات مبنية على التأثيرات النجومية وحصول الإمتزاج بين طباعها بالتناظر لا غير .
إخوتي الكرام:
إن النجوم والكواكب مسخّرات بأمر الله كغيرها من خلق الله _ تسير وفق الخط المرسوم لها من الأزل ، لا تؤثر حركتها على الإنسان الذي خلقه الله وقدّر له أرزاقه وعمره فلا ينتهي ذلك بظهور كوكب أو إختفائه فكل شيء من شؤون الحياة مدبّر بأمر الله ولا دخل وحكم للكواكب في شيء كما يزعم ويفتري المنجمون ولا صحّة لزعم البعض أنهم يدركون ويعرفون الأشياء بالإتصال بالكواكب وتتبع حركاتها مدّعين تأثيرها في قوانين الحياة والكون ومن إعتقد ذلك فما عليه سوى التوبة لأنه خالف شريعة الله التي أوضحها في كتابه (القرآن الكريم ) وتجاوز الحدود التي وضعت له بإعتقاده ومحاولة إثباته التأثير في خلق الله لغير الباريء "جلّ وعلا "
من المعلوم أن السحر ثابت بصريح القرآن الكريم لكنه يكون من قبل صاحب الشرّ وفي أفعال الشرّ كالتفريق بين الأزواج وغير ذلك وضرره ظرفي ولفترة ليست بالطويلة وقد ظهرت هذه الأمور في بلاد بابل والنبط والكلدانيين والسريانيين قبل نبؤة سيدنا موسى عليه السلام كما ظهر بعد ذلك في بلاد العرب الساحر الكبير "جابر إبن حيّان " ثم جاء بعد ذلك " مسيلمة بن أحمد المجريطي " رأس اهل الأندلس في تعاليم والسحر ولخّص جميع الكتب وجمع طرقها في كتاب سماه ( غاية الحكيم ) .
لكن في المقابل هناك كتب أخرى تكشف كذب ومزاعم السحرة والمنجمين والمشعوذين مثل كتاب:
كشف الدّك والشعوذه وإيضاح الشكّ وكتاب إرخاء الستور والكلل في الشعوذة والحيل.
أخوتي الأعزاء:
كيف نصدّق بهذه التخاريف ونحن أتباع محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ الذي نهانا عن ذلك وشدّد النهي ، إخوتي الكرام لو كان هذا الأمر حقيقة وفيه الخير ويحصل من وراءه الخير والأمن والأمان ومن وراءه منفعة كتأمين وحماية لممتلكاتنا وديارنا ونفائسنا حتى لا يصل لها الأعداء ما نهانا عنه رسول الله بل لكان هو أول من بادر إليه وشجّع عليه وعلّمه لأصحابه بطرق شرعية لا شيطانيه
لكن كل هذا كذب وباطل وحيل .
إن هذه الأمور التي لفّها واكتنفها الغموض لعدّة أسباب حضارية يطول شرحها وأهما تأثر بعض المسلمين ببعض الإسرائيليات والمنقولات والمدسوسات الإسرائلية والفلسفة اليونانيه القديمة التي لم تسلم منها حتى الطرق والمناهج الصوفية وقد ظهر هذا الأمر جليا في عقيدة أهل الإتحاد والمزج والحلول
( من إطلع على طرق الصوفية يعرف معنى كلامي بخصوص الإتحاد والمزج الحلول)
دون أن ننسى " الكشوفات " وعمّ هذا الداء العضال حتى يومنا هذا بالرغم من معارضة عدّة علماء لهذه الأمراض نذكر منها ما ذكره صاحب " الرسالة القشيريه " عن مواقف وآراء العالم والإمام "الجنيد السالك " رحمه الله " حيث قال ( أمرنا هذا مقيّد بالكتاب والسنّة ، ما وافق الكتاب والسنة وافقناه وما خالف الكتاب والسنّة خالفناه ) وهو خلاف لما عليه الحلاّج وابن عربي وغيرهم من أهل الطرق وهم من قالوا بمثل هذه الأشياء وتفشت في أوساط مريديهم (الكشوفات ومزاعم الإتصال بالجن وتسخيرها ) ومن هنا إزداد الإعتقاد بهذه الأمور وكثر وتفشى عند عامة الناس حتى أصبح وكأنه شيء ثابت وحقيقة مطلقة فظهرت الخلوات وعبادة الجن وكل إعنقاد مشين .
إن الله وحده هو من يقوم بتدبير وتحريك الكواكب والنجوم والأفلاك السبعه السيارة وتسخيرها لغاية ما ، أما الإعتقاد بأن يحرّكها ويديرها شخص معيّن بخاصية ما وبعلم ما ويسخرها لغاية الحماية أو الحراسة أو لأيء شيء آخر من هذا القبيل فهذا إعتقاد باطل بل فيه تجني كبير على خالق الكون
قال أحد العارفين:
طالب الحق يكفيه دليل
وصاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل
الجاهل يعلّم وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل
÷========÷
قريبا ان شاء الله أسوق لكم ٱراء الفلاسفة واهل السنة والمعتزلة واضمنه تجاربي العلمية الميدانية .
تعليق