قراءة فى كتاب مسألة الطائفين
مؤلف الكتاب أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجُرِّيُّ البغدادي (المتوفى: 360هـ) وموضوعه هو الإجابة على سؤال عن الجهر فى قراءة القرآن فى الطواف وسؤال أخر عن الحديث فى الطواف وفى هذا قال الآجرى:
"أما بعد
فإنك سألت عن قوم يطوفون ويقرؤن القرآن في طوافهم ويجهرون بقراءتهم حتى يغلطوا من يليهم في الطواف ممن يدرس القرآن أو ممن يذكر الله عز وجل بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل فيتأذى بهم كثير من الطائفين بما يجرون بقراءتهم فإذا قيل لهم لا تجهرون بقراءتكم فإنكم تغلطون من يخافت بقراءته وبالذكر لله عز وجل فجوابهم لمن ينكر عليهم الجهر أن يقولوا له نتلوا كتاب الله عز وجل فلم تنكر علينا فأحببت رحمك الله الجواب عن ذلك هل ينكر عليهم أم لا
الجواب وبالله التوفيق يجب على من سمعهم يجهرون بالقراءة في الطواف أن ينكر عليهم ويعظهم ويأمرهم بأن يقرؤوا قراءة يسمعون أنفسهم ويتدبروا ما يتلون من كتاب الله عز وجل"
ثم شرع الآجرى فى بيان أدلته على الجوابه فقال :
"فإن قالوا وما الحجة لك في نهيك إيانا عن الجهر بالقرآن في طوافنا قيل له دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد والناس يصلون في رمضان ويجهر بعضهم على بعض فقال لا يجهر بعضكم على بعض فإن ذلك يؤذي المصلي
وروى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يرفع الرجل صوته بالقرآن قبل العشاء أو بعدها يغلط أصحابه في الصلاة والقوم يصلون
وأنا أذكر الحديث ليتفقه به من يعبد الله عز وجل في طوافه وفي صلاته
1 - أخبرنا أبو بكر قال أنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال ثنا وهب بن بقية الواسطي قال أنا خالد بن عبد الله الواسطي عن مطرف بن طريف عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يرفع الرجل صوته بالقرآن قبل العشاء وبعدها يغلط أصحابه في الصلاة والقوم يصلون
2 - أخبرنا محمد بن الحسين قال وثنا أبو بكر محمد ابن الليث الجوهري قال ثنا محمد بن عبيد المحاربي قال ثنا قبيصة بن الليث الأسدي عن مطرف بن طريف عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرفع الرجل صوته في صلاته بالقراءة قبل العتمة أو بعدها والقوم يصلون يغلط على أصحابه
3 - أخبرنا محمد قال وأنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن ابن عبد الجبار الصوفي قال ثنا محمد بن بكار قال ثنا عنبسة بن عبد الواحد القرشي عن محمد بن يعقوب عن أبي النضر عن جابر بن عبد الله قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قي رمضان والناس يصلون فقال لا يجهر بعضكم على بعض فإن ذلك يؤذي المصلي
قال محمد بن الحسين فإن قال قائل هذا في الصلاة لا يجهر بعضكم على بعض ونحن في الطواف
قيل له يا غافل اعلم أن الصلاة عبادة والطواف عبادة ولا تحسن العبادة إلا بعلم وعقل
وقيل له كان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون في قيام رمضان فرادى ويصلي الرجل بالرجل والرجلين فكان بعضهم يجهر على من يليه فيغلطه فنهوا عن ذلك وكانوا في سائر السنة يصلون لأنفسهم بين المغرب والعشاء التطوع فيجهر بعضهم على بعض فنهوا عن ذلك لأنه يغلط غيره وقيل
لهم أسمعوا أنفسكم وكذلك الطواف عبادة وهو صلاة قال النبي صلى الله عليه وسلم الطواف صلاة إلا أن الله عز وجل أباحكم فيه الكلام فمن نطق فلا ينطق إلا بخير
ثم اعلم رحمنا الله وإياك أن الناس في الطواف على وجوه منهم من يقرأ القرآن يسمع نفسه ويتدبر ما يقرأ
ومنهم من يذكر الله عز وجل بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير يعظم الله عز وجل بقلبه وبلسانه
ومنهم من يتفكر في نعم الله الكريم عليه فيشكره عليها ومنهم من يتفكر في ذنوب بينه وبين الله عز وجل فيستغفر الله عز وجل العظيم منها فإذا سمعوا من يجهر بالقراءة أذاهم ويغلط عليهم ما هم فيه فنهوا عن ذلك فينبغي لمن عبد الله عز وجل في صلاة أو طواف أو أي عمل من أعمال البر أن يتعلم كيف يعبد الله عز وجل حتى يحسن عمله ويحبه الله عز وجل ويحبه المؤمنون
ثم أقول ينبغي لمن كان في مسجد الحرام بقرب الطواف وهو يدرس أن لا يجهر بقراءته إذا كانوا يسمعونه كراهية أن يشق عليهم أو يغلطهم بل يخفي قراءته ويسمع نفسه فإن لم يفعل فقد أخطأ بجهره فإن تباعد عن الطواف إلى موضع إذا جهر بقراءته لم يتأذى به أهل الطواف فلا بأس فإن كان يعلم أن بقربه قوم يصلون النوافل لم يجهر بقراءته خشية أن يغلطهم كما قال النبي صلى الله عله وسلم لا يجهر بعضكم على بعض
هذا جواب هذه المسألة"
هذا الجواب بعضه صحيح وهو عدم الجهر فى القراءة لكونها صلاة كما قال تعالى "ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا" واما غير الصحيح فهو حرمة الجهر بين المغرب والعشاء وبعدها فقط فالجهر طبقا لنص القرآن المذكور حرام فى كل الصلوات هو والإسرار أى الخفوت ومن ثم فكل الروايات السابقة التى ذكرت هذا المعنى لم يقلها النبى(ص) ولا الصحابة المؤمنون
وأما قراءة القرآن وهى ذكر الله أى ذكر اسم الله فمكانها من البيت الحرام هو المشعر الحرام أى المذبح حيث تذبح الأنعام وفى هذا قال تعالى :
"ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم"
وقال :
" ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام"
وهذا الحكم كتان موجودا فى كل الوحى السابق المنزل على رسل الله كما قال تعالى :
ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام"
وأما السؤال الثانى فهو :
"مسألة فيمن يتحدثون في الطواف:
وسألنا سائل آخر فقال هؤلاء الذين يتحدثون في الطواف ويقبل بعضهم على بعض الإقبال الشافي حتى يشغلون قلوب الطائفين وفيهم قوم من أهل القرآن وفيهم من يشار إليه أنه من أهل الحديث وفيهم من يشار إليه أنه من أهل العلم وفيهم من يشار إليه أنه من المتعبدين فقال لنا السائل هل مباح لهم ذلك"
وكانت الإجابة :
"الجواب وبالله التوفيق اعلم أن الذي ذكرته كما ذكرت وهذا كله خطأ منهم وغفلة عظيمة وقد صاروا هؤلاء الذين هذا نعتهم فتنة على غيرهم فإذا أنكر على من هو دونهم فقيل لهم لا تتحدثون في الطواف فإنه قبيح بالطائف أن يقبل في طوافه على غير مولاه قالوا فلان المقريء وفلان العالم وفلان وفلان يتحدثون في الطواف فلم تنكر علينا نحن فصاروا فتنة لكل مفتون"
والجواب هنا صحيح وهو يوافق أن الواجب فى الحج هو ذكر الله فى الأيام الاثنين أو الثلاثة كما قال تعالى :
"واذكروا الله فى أيام معدودات فمن تعجل فى يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى "
وأما ما استشهد به الآجرى على إجابته فسوف نتناول رواياته رواية رواية الآن وهى :
4 - أخبرنا محمد بن الحسين قال ثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال ثنا محمد بن الحسن البلخي قال أنا عبد الله بن المبارك قال سمعت سفيان الثوري يقول كان يقال تعوذوا بالله من فتنة العابد الجاهل ومن فتنة العالم الفاجر فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون"
هذه الرواية لا علاقة لها بالسؤال ولا بالإجابة ولا علاقة لها بالطواف وأما تعليق الآجرى عليها وهو :
"قال محمد بن الحسين فإن قال منهم قائل فقد أبيح لنا الكلام في الطواف
قيل له قال النبي صلى الله عيه وسلم الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله عز وجل أباحكم فيه الكلام فمن نطق فلا ينطق إلا بخير"
فهو كلام لا يتعلق بالرواية إطلاقا ووضعها فى الكتاب يبدو غريبا واستكمل الرجل تعليقه فقال :
"وقيل له من الخير أن يسلم الرجل على الرجل ويسأله عن حاله وأهله أو يأمر الرجل الرجل بمعروف أو ينهاه عن المنكر أو أشباه ذلك مما يعلمه ما قد جهله في طوافه ثم هو بعد ذلك مقبل على الله عز وجل في طوافه يطلب فضل مولاه ويعتذر إليه فمن كان بهذا الوصف رجوت أن يكون ممن قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله تبارك وتعالى يباهي بالطائفين وممن قال صلى الله عليه وسلم من طاف بالبيت لم يرفع قدما ولم يضع أخرى إلا كتب الله عز وجل له بها حسنة وحط عنه بها خطيئة ورفع له بها درجة هذا رواه ابن عمر قال ابن عمر وسمعته يقول من أحصى أسبوعا كان كعتق رقبة وممن قال صلى الله عليه وسلم من طاف بالبيت أسبوعا ثم صلى ركعتين أو أربع ركعات كان له كعدل عتق رقبة"
الروايات هنا تخالف كلامك الله ولم يقل النبى(ص) ايا منهما فأما رواية المباهاة فالخطأ مباهاة الله للملائكة بالناس وهذا جنون حيث يصور الله مثل المخلوقات يباهى غيره وهو ما يخالف قوله "ليس كمثله شىء "زد على هذا أن المباهى يهدف لإغاظة من يباهيهم والملائكة هنا ليست أعداء لله أو منافسين له حتى يغيظهم وهو ما لم يحدث ولن يحدث لأنه لعب عيال وأما رواية رفع القدم بحسنة وحط خطيئة فالخطأ فيها مخالفة الأجر فيه للأجر القرآنى وهو إما 10 حسنات وإما 700 أو 1400حسنة مصداق لقوله "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها "وقوله "مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل سنبلة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء "
وأما كون اجر الطواف كعتق رقبة فهو يخالف كون الطواف عمل غير مالى بعشر حسنات كما قال تعالى"من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " بينما عتق الرقبة عمل مالى بسبعمائة حسنة أو ألف وأربعمائة كما قال تعالى "مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل سنبلة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء "
ثم قال الآجرى كلاما حسنا فى نهايته كرر فيه خطا مباهاة الله بالطائفين الملائكة فقال:
"قال محمد بن الحسين فمن أحب أن يكون من هؤلاء خشع لله عز وجل الكريم في طوافه وكان شغله بقلبه وبلسانه بالله العظيم متصل وعن غيره من المخلوقين منفصل يمشي بالسكينة والوقار دائم الذكر طويل الفكر تارة يحذر وتارة يرجو إن قال فيما بين الركنين {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} قاله بحضور فهم وتذلل وافتقار فمن كان في طوافه بهذا الوصف رجوت أن يجيب الله الكريم دعوته ويرحم عبرته ويباهي به ملائكته وتؤمن الملائكة على دعائه إن شاء الله"
5 - أخبرنا محمد بن الحسين قال ثنا أبو سعيد المفضل ابن محمد الجندي في مسجد الحرام قال ثنا صامت بن معاذ قال ثنا عبد المجيد يعني ابن أبي رواد قال كانوا يطوفون بالبيت خاشعين ذاكرين كأن على رؤوسهم الطير وقع يستبين لمن رآهم أنهم في نسك وعبادة قال أبي وكان طاوس ممن يرى في ذلك النعت"
هذه الرواية وهى الإسرار فى الطواف فتناقض روايات الجهر فى النهار فى المسألة الأولى التى حرمت الجهر ليلا وكلاهما يناقض قوله تعالى "ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا" باعتبار أن الطواف صلاة كما قال الآجرى
ثم قال :
"قال محمد بن الحسين ومن كان في طوافه بغير هذا النعت ساهي القلب مشغول بذكر الدنيا مقبل على من يحادثه مصغي إليه قد آثر محادثة المخلوق على ذكر الخالق إذا طاف فبغير تمييز وإن ذكر الله عز وجل فبغير تدبر قد غلب على قلبه ولسانه الخوض فيما لا يعني ساهي غافل لاهي جسمه حاضر وقلبه غائب ولعله يرضى محادثة بغيبة الناس والوقيعة في أعراضهم فمثل هذا هو إلى الخسران أقرب منه إلى الإرباح لعل البيت الحرام يضج منه إلى الله عز وجل ولعل الملائكة تتأذى به وكثير من الطائفين يتبرمون به فقد اكتسب من هذا نعته ذنوبا وجب عليه التوبة منها
ثم روى رواية لا يمكن أن تكون صحتها حيث يزعم المتكلم أنهم يرون الله فى الدنيا فقال :
"وروي عن عروة بن الزبير قال حججت مع ابن عمر فالتقينا في الطواف فسلمت عليه ثم خطبت إليه ابنته فما رد علي جوابا فغمني ذلك وقلت في نفسي لم يرضني لابنته فلما قدمنا المدينة جئته مسلما فقال لي ما فعلت فيما كنت ألقيته إلي فقلت لم ترد على جواب فظننت أنك لم ترضني لابنتك قال تخطب إلي في مثل ذلك الموضع ونحن نترآى الله عز وجل ثم قال بلى قد رضيتك فزوجني"
وهو ما يخالف عقيدة القوم فى كون الله لا يرى فى الدنيا وهو ما يناقض أنه لا يرى أبدا كما قال تعالى " لن ترانى"
ثم ذكر الروايات التالية:
6 - أخبرنا محمد بن الحسين قال ثنا أبو بكر عبد الله ابن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال ثنا أحمد بن محمد بن أبي بزة مؤذن مسجد الحرام قال ثنا محمد بن محمد بن يزيد بن خنيس قال ثنا وهيب بن الورد قال كنت أطوف أنا وسفيان الثوري بالبيت ليلا فانقلب سفيان وبقيت في الطواف فدخلت الحجر فصليت تحت الميزاب فبينا أنا ساجد إذ سمعت كلاما بين أستار البيت والحجارة وهو يقول يا جبريل أشكو إلى الله ثم إليك ما يفعل هؤلاء الطائفون حولي من تفكههم في الحديث ولغطهم وسهوهم قال وهيب فأولت أن البيت شكى إلى جبريل عليه السلام"
7 - أخبرنا محمد قال وحدثني أبو جعفر محمد بن خالد البردعي قال سمعت علي بن الموفق يخبر عن نفسه أو عن غيره أنه رقد في الحجر فسمع البيت يقول لئن لم ينتهي الطائفون حولي عن معاصي الله لأصرخن صرخة أرجع إلى المكان الذي جئت منه"
هذه الرواية من ضمن الخبل حيث معجزة أى آية وهى كلام البيت نفسه مع جبريل (ص) حيث يشكو له ذنوب القوم فيه وهو ما يناقض أن البيت لا يمكن حدوث ذنب متعمد فيه لقوله تعالى "ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم" كما أن الله منع المعجزات وهى الآيات منذ عهد النبى الأخير (ص) فقال "وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
ثم ذكر الروايات التالية:
8 - أخبرنا أبو بكر قال ثنا أبو جعفر أحمد بن يحي الحلواني قال ثنا لهيثم بن خارجة قال ثنا إسماعيل بن عياش عن حميد بن أبي سويد قال سمعت ابن هشام يسأل عطاء بن أبي رباح عن الركن اليماني وهو في الطواف فقال عطاء حدثني أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
وكل الله عز وجل به سبعين ألف ملك فمن قال أسألك العفو والعافية {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} قالوا آمين"
هنا سبعين ألف ملك يقولون آمين وهو يناقض كونه ملك واحد يقول آمين فى الرواية التالية:
9 - أخبرنا محمد بن الحسين قال وثنا أبو العباس أحمد بن سهل الأشناني قال ثنا الربيع بن ثعلب قال ثنا أبو إسماعيل المؤدب عن عبد الله بن مسلم عن مجاهد عن ابن عباس قال عند الركن اليماني ملك قائم منذ يوم خلق الله السماوات والأرض إلى يوم القيامة يقول آمين آمين فقولوا أنتم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}"
والروايتان تناقضان أن الملائكة فى السماء كما قال تعالى "وكم من ملك فى السموات" وأنها لا تنزل الأرض لعدم اطمئنانها فيها كما قال تعالى "قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا"
10 - أخبرنا محمد قال أنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن ابن عبد الجبار الصوفي قال ثنا شجاع بن مخلد قال ثنا عباد بن العوام قال هشام ثنا عن الحسن في قول الله عز وجل {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة} قال الحسنة في الدنيا العلم والعبادة والجنة في الآخرة"
الخطأ كون الحسنة في الدنيا العلم والعبادة وحسنة الدنيا هى تمكين المسلمين فى الأرض ليحكموها ويعملوا فيها بعبادته كما قال "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدوننى لا يشركون بى شيئا"
ثم نقل الرواية التالية:
11 - أخبرنا محمد قال أنا إبراهيم بن موسى الجوزي قال ثنا زهير بن محمد المروزي والحسن بن يحيى الجرجاني وهذا لفظه قالا ثنا عبد الرزاق قال أنا ابن جريج قال أخبرني يحيى بن عبيد الله مولى السائب أن أباه أخبره أن عبد الله بن السائب أخبره أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيما بين ركن جمح والركن الأسود {ربنا آتنا في الدنيا حسنة}{وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} قال محمد بن الحسين فأحب لمن قال هذا أن يقوله بافتقار وخضوع وسكينة وتذلل حتى يكون ممن يباهي الله عز وجل به الملائكة إن شاء الله ولا أحب أن يقوله على مجاز القول وهو ساهي القول عما يسأل مولاه الكريم"
ولا يوجد فى المعروف ركن جمح وإنما بنى جمح ثم أورد الروايات التالية :
12 - أخبرنا محمد قال ثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال ثنا يحيى بن أيوب العابد قال ثنا محمد بن صبيح بن السماك عن عائذ بن بشير عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تبارك وتعالى يباهي بالطائفين
13 - أخبرنا محمد قال وثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال ثنا علي بن حرب الطائي قال ثنا حسين بن علي الجعفي عن محمد بن السماك عن عائذ عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله"
وقد سبق الحديث عن المباهاة وأنها محالة أن يفعلها الخالق ثم كرر ذكر رواية أخرى فقال :
14 - أخبرنا محمد قال ثنا أبو بكر محمد بن الليث الجوهري قال ثنا سفيان بن وكيع قال ثنا محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من طاف بالبيت لم يرفع قدما ولم يضع أخرى إلا كتب الله عز وجل له بها حسنة وحط عنه بها خطيئة ورفع له بها درجة وسمعته يقول من أحصى سبوعا كان كعتق رقبة"
وقد سبق تناول الأخطاء فى هذه الرواية فيما سبق
مؤلف الكتاب أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجُرِّيُّ البغدادي (المتوفى: 360هـ) وموضوعه هو الإجابة على سؤال عن الجهر فى قراءة القرآن فى الطواف وسؤال أخر عن الحديث فى الطواف وفى هذا قال الآجرى:
"أما بعد
فإنك سألت عن قوم يطوفون ويقرؤن القرآن في طوافهم ويجهرون بقراءتهم حتى يغلطوا من يليهم في الطواف ممن يدرس القرآن أو ممن يذكر الله عز وجل بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل فيتأذى بهم كثير من الطائفين بما يجرون بقراءتهم فإذا قيل لهم لا تجهرون بقراءتكم فإنكم تغلطون من يخافت بقراءته وبالذكر لله عز وجل فجوابهم لمن ينكر عليهم الجهر أن يقولوا له نتلوا كتاب الله عز وجل فلم تنكر علينا فأحببت رحمك الله الجواب عن ذلك هل ينكر عليهم أم لا
الجواب وبالله التوفيق يجب على من سمعهم يجهرون بالقراءة في الطواف أن ينكر عليهم ويعظهم ويأمرهم بأن يقرؤوا قراءة يسمعون أنفسهم ويتدبروا ما يتلون من كتاب الله عز وجل"
ثم شرع الآجرى فى بيان أدلته على الجوابه فقال :
"فإن قالوا وما الحجة لك في نهيك إيانا عن الجهر بالقرآن في طوافنا قيل له دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد والناس يصلون في رمضان ويجهر بعضهم على بعض فقال لا يجهر بعضكم على بعض فإن ذلك يؤذي المصلي
وروى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يرفع الرجل صوته بالقرآن قبل العشاء أو بعدها يغلط أصحابه في الصلاة والقوم يصلون
وأنا أذكر الحديث ليتفقه به من يعبد الله عز وجل في طوافه وفي صلاته
1 - أخبرنا أبو بكر قال أنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال ثنا وهب بن بقية الواسطي قال أنا خالد بن عبد الله الواسطي عن مطرف بن طريف عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يرفع الرجل صوته بالقرآن قبل العشاء وبعدها يغلط أصحابه في الصلاة والقوم يصلون
2 - أخبرنا محمد بن الحسين قال وثنا أبو بكر محمد ابن الليث الجوهري قال ثنا محمد بن عبيد المحاربي قال ثنا قبيصة بن الليث الأسدي عن مطرف بن طريف عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرفع الرجل صوته في صلاته بالقراءة قبل العتمة أو بعدها والقوم يصلون يغلط على أصحابه
3 - أخبرنا محمد قال وأنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن ابن عبد الجبار الصوفي قال ثنا محمد بن بكار قال ثنا عنبسة بن عبد الواحد القرشي عن محمد بن يعقوب عن أبي النضر عن جابر بن عبد الله قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قي رمضان والناس يصلون فقال لا يجهر بعضكم على بعض فإن ذلك يؤذي المصلي
قال محمد بن الحسين فإن قال قائل هذا في الصلاة لا يجهر بعضكم على بعض ونحن في الطواف
قيل له يا غافل اعلم أن الصلاة عبادة والطواف عبادة ولا تحسن العبادة إلا بعلم وعقل
وقيل له كان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون في قيام رمضان فرادى ويصلي الرجل بالرجل والرجلين فكان بعضهم يجهر على من يليه فيغلطه فنهوا عن ذلك وكانوا في سائر السنة يصلون لأنفسهم بين المغرب والعشاء التطوع فيجهر بعضهم على بعض فنهوا عن ذلك لأنه يغلط غيره وقيل
لهم أسمعوا أنفسكم وكذلك الطواف عبادة وهو صلاة قال النبي صلى الله عليه وسلم الطواف صلاة إلا أن الله عز وجل أباحكم فيه الكلام فمن نطق فلا ينطق إلا بخير
ثم اعلم رحمنا الله وإياك أن الناس في الطواف على وجوه منهم من يقرأ القرآن يسمع نفسه ويتدبر ما يقرأ
ومنهم من يذكر الله عز وجل بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير يعظم الله عز وجل بقلبه وبلسانه
ومنهم من يتفكر في نعم الله الكريم عليه فيشكره عليها ومنهم من يتفكر في ذنوب بينه وبين الله عز وجل فيستغفر الله عز وجل العظيم منها فإذا سمعوا من يجهر بالقراءة أذاهم ويغلط عليهم ما هم فيه فنهوا عن ذلك فينبغي لمن عبد الله عز وجل في صلاة أو طواف أو أي عمل من أعمال البر أن يتعلم كيف يعبد الله عز وجل حتى يحسن عمله ويحبه الله عز وجل ويحبه المؤمنون
ثم أقول ينبغي لمن كان في مسجد الحرام بقرب الطواف وهو يدرس أن لا يجهر بقراءته إذا كانوا يسمعونه كراهية أن يشق عليهم أو يغلطهم بل يخفي قراءته ويسمع نفسه فإن لم يفعل فقد أخطأ بجهره فإن تباعد عن الطواف إلى موضع إذا جهر بقراءته لم يتأذى به أهل الطواف فلا بأس فإن كان يعلم أن بقربه قوم يصلون النوافل لم يجهر بقراءته خشية أن يغلطهم كما قال النبي صلى الله عله وسلم لا يجهر بعضكم على بعض
هذا جواب هذه المسألة"
هذا الجواب بعضه صحيح وهو عدم الجهر فى القراءة لكونها صلاة كما قال تعالى "ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا" واما غير الصحيح فهو حرمة الجهر بين المغرب والعشاء وبعدها فقط فالجهر طبقا لنص القرآن المذكور حرام فى كل الصلوات هو والإسرار أى الخفوت ومن ثم فكل الروايات السابقة التى ذكرت هذا المعنى لم يقلها النبى(ص) ولا الصحابة المؤمنون
وأما قراءة القرآن وهى ذكر الله أى ذكر اسم الله فمكانها من البيت الحرام هو المشعر الحرام أى المذبح حيث تذبح الأنعام وفى هذا قال تعالى :
"ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم"
وقال :
" ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام"
وهذا الحكم كتان موجودا فى كل الوحى السابق المنزل على رسل الله كما قال تعالى :
ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام"
وأما السؤال الثانى فهو :
"مسألة فيمن يتحدثون في الطواف:
وسألنا سائل آخر فقال هؤلاء الذين يتحدثون في الطواف ويقبل بعضهم على بعض الإقبال الشافي حتى يشغلون قلوب الطائفين وفيهم قوم من أهل القرآن وفيهم من يشار إليه أنه من أهل الحديث وفيهم من يشار إليه أنه من أهل العلم وفيهم من يشار إليه أنه من المتعبدين فقال لنا السائل هل مباح لهم ذلك"
وكانت الإجابة :
"الجواب وبالله التوفيق اعلم أن الذي ذكرته كما ذكرت وهذا كله خطأ منهم وغفلة عظيمة وقد صاروا هؤلاء الذين هذا نعتهم فتنة على غيرهم فإذا أنكر على من هو دونهم فقيل لهم لا تتحدثون في الطواف فإنه قبيح بالطائف أن يقبل في طوافه على غير مولاه قالوا فلان المقريء وفلان العالم وفلان وفلان يتحدثون في الطواف فلم تنكر علينا نحن فصاروا فتنة لكل مفتون"
والجواب هنا صحيح وهو يوافق أن الواجب فى الحج هو ذكر الله فى الأيام الاثنين أو الثلاثة كما قال تعالى :
"واذكروا الله فى أيام معدودات فمن تعجل فى يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى "
وأما ما استشهد به الآجرى على إجابته فسوف نتناول رواياته رواية رواية الآن وهى :
4 - أخبرنا محمد بن الحسين قال ثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال ثنا محمد بن الحسن البلخي قال أنا عبد الله بن المبارك قال سمعت سفيان الثوري يقول كان يقال تعوذوا بالله من فتنة العابد الجاهل ومن فتنة العالم الفاجر فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون"
هذه الرواية لا علاقة لها بالسؤال ولا بالإجابة ولا علاقة لها بالطواف وأما تعليق الآجرى عليها وهو :
"قال محمد بن الحسين فإن قال منهم قائل فقد أبيح لنا الكلام في الطواف
قيل له قال النبي صلى الله عيه وسلم الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله عز وجل أباحكم فيه الكلام فمن نطق فلا ينطق إلا بخير"
فهو كلام لا يتعلق بالرواية إطلاقا ووضعها فى الكتاب يبدو غريبا واستكمل الرجل تعليقه فقال :
"وقيل له من الخير أن يسلم الرجل على الرجل ويسأله عن حاله وأهله أو يأمر الرجل الرجل بمعروف أو ينهاه عن المنكر أو أشباه ذلك مما يعلمه ما قد جهله في طوافه ثم هو بعد ذلك مقبل على الله عز وجل في طوافه يطلب فضل مولاه ويعتذر إليه فمن كان بهذا الوصف رجوت أن يكون ممن قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله تبارك وتعالى يباهي بالطائفين وممن قال صلى الله عليه وسلم من طاف بالبيت لم يرفع قدما ولم يضع أخرى إلا كتب الله عز وجل له بها حسنة وحط عنه بها خطيئة ورفع له بها درجة هذا رواه ابن عمر قال ابن عمر وسمعته يقول من أحصى أسبوعا كان كعتق رقبة وممن قال صلى الله عليه وسلم من طاف بالبيت أسبوعا ثم صلى ركعتين أو أربع ركعات كان له كعدل عتق رقبة"
الروايات هنا تخالف كلامك الله ولم يقل النبى(ص) ايا منهما فأما رواية المباهاة فالخطأ مباهاة الله للملائكة بالناس وهذا جنون حيث يصور الله مثل المخلوقات يباهى غيره وهو ما يخالف قوله "ليس كمثله شىء "زد على هذا أن المباهى يهدف لإغاظة من يباهيهم والملائكة هنا ليست أعداء لله أو منافسين له حتى يغيظهم وهو ما لم يحدث ولن يحدث لأنه لعب عيال وأما رواية رفع القدم بحسنة وحط خطيئة فالخطأ فيها مخالفة الأجر فيه للأجر القرآنى وهو إما 10 حسنات وإما 700 أو 1400حسنة مصداق لقوله "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها "وقوله "مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل سنبلة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء "
وأما كون اجر الطواف كعتق رقبة فهو يخالف كون الطواف عمل غير مالى بعشر حسنات كما قال تعالى"من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " بينما عتق الرقبة عمل مالى بسبعمائة حسنة أو ألف وأربعمائة كما قال تعالى "مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل سنبلة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء "
ثم قال الآجرى كلاما حسنا فى نهايته كرر فيه خطا مباهاة الله بالطائفين الملائكة فقال:
"قال محمد بن الحسين فمن أحب أن يكون من هؤلاء خشع لله عز وجل الكريم في طوافه وكان شغله بقلبه وبلسانه بالله العظيم متصل وعن غيره من المخلوقين منفصل يمشي بالسكينة والوقار دائم الذكر طويل الفكر تارة يحذر وتارة يرجو إن قال فيما بين الركنين {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} قاله بحضور فهم وتذلل وافتقار فمن كان في طوافه بهذا الوصف رجوت أن يجيب الله الكريم دعوته ويرحم عبرته ويباهي به ملائكته وتؤمن الملائكة على دعائه إن شاء الله"
5 - أخبرنا محمد بن الحسين قال ثنا أبو سعيد المفضل ابن محمد الجندي في مسجد الحرام قال ثنا صامت بن معاذ قال ثنا عبد المجيد يعني ابن أبي رواد قال كانوا يطوفون بالبيت خاشعين ذاكرين كأن على رؤوسهم الطير وقع يستبين لمن رآهم أنهم في نسك وعبادة قال أبي وكان طاوس ممن يرى في ذلك النعت"
هذه الرواية وهى الإسرار فى الطواف فتناقض روايات الجهر فى النهار فى المسألة الأولى التى حرمت الجهر ليلا وكلاهما يناقض قوله تعالى "ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا" باعتبار أن الطواف صلاة كما قال الآجرى
ثم قال :
"قال محمد بن الحسين ومن كان في طوافه بغير هذا النعت ساهي القلب مشغول بذكر الدنيا مقبل على من يحادثه مصغي إليه قد آثر محادثة المخلوق على ذكر الخالق إذا طاف فبغير تمييز وإن ذكر الله عز وجل فبغير تدبر قد غلب على قلبه ولسانه الخوض فيما لا يعني ساهي غافل لاهي جسمه حاضر وقلبه غائب ولعله يرضى محادثة بغيبة الناس والوقيعة في أعراضهم فمثل هذا هو إلى الخسران أقرب منه إلى الإرباح لعل البيت الحرام يضج منه إلى الله عز وجل ولعل الملائكة تتأذى به وكثير من الطائفين يتبرمون به فقد اكتسب من هذا نعته ذنوبا وجب عليه التوبة منها
ثم روى رواية لا يمكن أن تكون صحتها حيث يزعم المتكلم أنهم يرون الله فى الدنيا فقال :
"وروي عن عروة بن الزبير قال حججت مع ابن عمر فالتقينا في الطواف فسلمت عليه ثم خطبت إليه ابنته فما رد علي جوابا فغمني ذلك وقلت في نفسي لم يرضني لابنته فلما قدمنا المدينة جئته مسلما فقال لي ما فعلت فيما كنت ألقيته إلي فقلت لم ترد على جواب فظننت أنك لم ترضني لابنتك قال تخطب إلي في مثل ذلك الموضع ونحن نترآى الله عز وجل ثم قال بلى قد رضيتك فزوجني"
وهو ما يخالف عقيدة القوم فى كون الله لا يرى فى الدنيا وهو ما يناقض أنه لا يرى أبدا كما قال تعالى " لن ترانى"
ثم ذكر الروايات التالية:
6 - أخبرنا محمد بن الحسين قال ثنا أبو بكر عبد الله ابن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال ثنا أحمد بن محمد بن أبي بزة مؤذن مسجد الحرام قال ثنا محمد بن محمد بن يزيد بن خنيس قال ثنا وهيب بن الورد قال كنت أطوف أنا وسفيان الثوري بالبيت ليلا فانقلب سفيان وبقيت في الطواف فدخلت الحجر فصليت تحت الميزاب فبينا أنا ساجد إذ سمعت كلاما بين أستار البيت والحجارة وهو يقول يا جبريل أشكو إلى الله ثم إليك ما يفعل هؤلاء الطائفون حولي من تفكههم في الحديث ولغطهم وسهوهم قال وهيب فأولت أن البيت شكى إلى جبريل عليه السلام"
7 - أخبرنا محمد قال وحدثني أبو جعفر محمد بن خالد البردعي قال سمعت علي بن الموفق يخبر عن نفسه أو عن غيره أنه رقد في الحجر فسمع البيت يقول لئن لم ينتهي الطائفون حولي عن معاصي الله لأصرخن صرخة أرجع إلى المكان الذي جئت منه"
هذه الرواية من ضمن الخبل حيث معجزة أى آية وهى كلام البيت نفسه مع جبريل (ص) حيث يشكو له ذنوب القوم فيه وهو ما يناقض أن البيت لا يمكن حدوث ذنب متعمد فيه لقوله تعالى "ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم" كما أن الله منع المعجزات وهى الآيات منذ عهد النبى الأخير (ص) فقال "وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
ثم ذكر الروايات التالية:
8 - أخبرنا أبو بكر قال ثنا أبو جعفر أحمد بن يحي الحلواني قال ثنا لهيثم بن خارجة قال ثنا إسماعيل بن عياش عن حميد بن أبي سويد قال سمعت ابن هشام يسأل عطاء بن أبي رباح عن الركن اليماني وهو في الطواف فقال عطاء حدثني أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
وكل الله عز وجل به سبعين ألف ملك فمن قال أسألك العفو والعافية {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} قالوا آمين"
هنا سبعين ألف ملك يقولون آمين وهو يناقض كونه ملك واحد يقول آمين فى الرواية التالية:
9 - أخبرنا محمد بن الحسين قال وثنا أبو العباس أحمد بن سهل الأشناني قال ثنا الربيع بن ثعلب قال ثنا أبو إسماعيل المؤدب عن عبد الله بن مسلم عن مجاهد عن ابن عباس قال عند الركن اليماني ملك قائم منذ يوم خلق الله السماوات والأرض إلى يوم القيامة يقول آمين آمين فقولوا أنتم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}"
والروايتان تناقضان أن الملائكة فى السماء كما قال تعالى "وكم من ملك فى السموات" وأنها لا تنزل الأرض لعدم اطمئنانها فيها كما قال تعالى "قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا"
10 - أخبرنا محمد قال أنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن ابن عبد الجبار الصوفي قال ثنا شجاع بن مخلد قال ثنا عباد بن العوام قال هشام ثنا عن الحسن في قول الله عز وجل {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة} قال الحسنة في الدنيا العلم والعبادة والجنة في الآخرة"
الخطأ كون الحسنة في الدنيا العلم والعبادة وحسنة الدنيا هى تمكين المسلمين فى الأرض ليحكموها ويعملوا فيها بعبادته كما قال "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدوننى لا يشركون بى شيئا"
ثم نقل الرواية التالية:
11 - أخبرنا محمد قال أنا إبراهيم بن موسى الجوزي قال ثنا زهير بن محمد المروزي والحسن بن يحيى الجرجاني وهذا لفظه قالا ثنا عبد الرزاق قال أنا ابن جريج قال أخبرني يحيى بن عبيد الله مولى السائب أن أباه أخبره أن عبد الله بن السائب أخبره أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيما بين ركن جمح والركن الأسود {ربنا آتنا في الدنيا حسنة}{وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} قال محمد بن الحسين فأحب لمن قال هذا أن يقوله بافتقار وخضوع وسكينة وتذلل حتى يكون ممن يباهي الله عز وجل به الملائكة إن شاء الله ولا أحب أن يقوله على مجاز القول وهو ساهي القول عما يسأل مولاه الكريم"
ولا يوجد فى المعروف ركن جمح وإنما بنى جمح ثم أورد الروايات التالية :
12 - أخبرنا محمد قال ثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال ثنا يحيى بن أيوب العابد قال ثنا محمد بن صبيح بن السماك عن عائذ بن بشير عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تبارك وتعالى يباهي بالطائفين
13 - أخبرنا محمد قال وثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال ثنا علي بن حرب الطائي قال ثنا حسين بن علي الجعفي عن محمد بن السماك عن عائذ عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله"
وقد سبق الحديث عن المباهاة وأنها محالة أن يفعلها الخالق ثم كرر ذكر رواية أخرى فقال :
14 - أخبرنا محمد قال ثنا أبو بكر محمد بن الليث الجوهري قال ثنا سفيان بن وكيع قال ثنا محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من طاف بالبيت لم يرفع قدما ولم يضع أخرى إلا كتب الله عز وجل له بها حسنة وحط عنه بها خطيئة ورفع له بها درجة وسمعته يقول من أحصى سبوعا كان كعتق رقبة"
وقد سبق تناول الأخطاء فى هذه الرواية فيما سبق
تعليق