أخواني تعا لوا معا نتعرف على مص في عهد كليوبا ترا
اليوم الثاني عشر من شهر آب أغسطس من عام ثلاثين قبل الميلاد كان يوماً مثيراً في تاريخ الحضارة الألفية لمصر، كليوباترة السابعة من السلالة الحاكمة البطليموسية، ملكة مصر العليا والسفلى انتحرت بعضّة أفعى صحراوية سامة.
بفعلها هذا، لم تنه كليوباترة حياتها وحسب، بل سلّمت مصر إلى أيدي الطامعين فيها، محتلون جددٌ من الغرب، متعطشون إلى توسيع إمبراطوريتهم، بالنسبة لكليوباترا كان لأولئك المعتدين اسمٌ كرهته "الرومان".
تقع مدينة الإسكندرية في القسم الشمالي لمصر حيث يتسع نهر النيل مثل نسيج العنكبوت عند الدلتا الشهيرة ويصب في البحر المتوسط بعد أن يخترق آلاف الأميال في الصحراء "خارطة".
اليوم، تحتل الإسكندرية المرتبة الثانية في عدد السكان في مصر بعد القاهرة، وقد بقيت عاصمة لمصر منذ تأسيسها على يد الإسكندر الكبير عام ثلاثمائة واثنين وثلاثين قبل الميلاد وحتى موت كليوباترا عندما أصبحت المملكة جزءاً من الإمبراطورية الرومانية وإحدى أغنى المقاطعات في شمال أفريقيا.
عملية التمدّن السريعة في السنوات الحديثة جعلت من الصعب اكتشاف الآثار الدفينة في مركز المدينة القديمة حيث تبقى الآثار بمنأى عن الرؤية تحت شوارع المدينة وأبنيتها، الحالة مختلفة تماماً عما يزعم الأدلاء السياحيون هذه الأيام فيما يتعلّق بالمراكز الدينية للكرنك والأُقصر ومدينة طيبة القديمة حيث الشوارع والأبنية والنصب الضخمة لا تزال تسمح لنا بتخيّل أشكالها الأصلية.
الإسكندرية في عصر كليوباترا، المدينة الرائعة التي أحبّتها الملكة أكثر من أي مدينة أخرى، قد فقدت إذن وربما إلى الأبد.
على أي حال، لا يزال لدى الإسكندرية مفاجآت كثيرة مدّخرة أن اعتمدت على دليل استثنائي مثل - كليوباترا نفسها - الملكة الشهيرة وسليلة الفراعنة الأخيرة.
كانت كليوباترا امرأة ذات ثقافة عالية لذا فمن المفترض أنها سترينا المكتبة الشهيرة، وعلى الرغم من أن لا شيء تقريباً قد بقي من هذه المكتبة، لأنها كالمدينة لم ينج منها شيء من غضب الله، إلا أننا استعملنا تقنية المشهد الافتراضي التخيلي، التي بواسطتها نستطيع الحصول على منظرٍ فريدٍ هو الأقرب إليها آنذاك، ويمكننا رؤية مدينة الإسكندرية كلّها تعود إلى الحياة وتبدو تقريباً كما كانت في عهد كليوباترا خلال النصف الثاني من القرن الأول قبل الميلاد.
وستكون على حق إن أنت تخيّلت أن كليوباترا تستطيع أن تصف مدينتها المحبوبة لديها بسبب هذه الحالة التي تمنحها الأفضلية، والسبب في ذلك أنه ولغاية يومنا هذا ثمة بقايا خرائب لمبنى فريد بجانب البحر، من قمّة هذا المبنى كانت كليوباترا تستطيع أن تشاهد الكثير من مملكتها الواسعة في الاتجاهات كلها لمسافة تربو على ستين ميلاً.
إننا نتكلم عن منارة الإسكندرية إحدى العجائب السبعة في العالم القديم، من العجائب السبعة المشهورة، الجنائن المعلقة في بابل، معبد زيوس في أولمبيا، منارة الإسكندرية، تمثال رودز، ضريح هاليكارنساس معبد آرتميس في أفسوس وأهرامات الجيزة، من كل تلك العجائب فقط الأهرامات لا تزال قائمة إلى يومنا هذا.
أما البقايا القليلة من منارة الإسكندرية فلا زالت مندمجة بقلعة عند المرفأ، وقد شيدت المنارة بواسطة المهندس المعماري سوستراتوسن من نيدوس، قرابة أواسط القرن الثالث قبل الميلاد، خلال عهد حكم بطليموس الثاني فيلهدلفوس، أحد أسلاف كليوباترا.
وقد دمرت المنارة بقدرة الله عز وجل بسبب الزلازل المتعاقبة حتى قام السلطان قايتباي عام ألف وأربعمائة وثمانين للميلاد ببناء القلعة وهي تحفة حقيقية للهندسة المعمارية العسكرية الإسلامية، وقد بنيت بواسطة معظم بقايا المنارة، ولا تزال بعض أعمدة الجرانيت ظاهرة على باب القلعة الرئيسي وعلى الأسوار الخارجية التي تنغرس بشكل مستقيم في البحر.
يغطي المنارة، بالإضافة إلى العجائب الخمسة الأخرى المفقودة للعالم القديم، غموض كبير، كيف كانت تبدو؟ كم كان حجمها؟ ومع الأخذ بعين الاعتبار أن مصر كان لديها القليل من الخشب، فما هي المادة التي استعملوها لإبقاء النار الكبيرة في أعلاها مشتعلة؟ بعض الأوصاف والملاحظات الصادرة عن أناس زاروها قبل دمارها لا تزال متوفرة، لكنها مشوّشة ومتضاربة إلى حد أنها لا يستفاد منها بشيء، ومع ذلك، وعلى الأرجح، لم يفقد كل شيء.
وعلى الرغم من أنها لم تنشر للعموم، هناك نموذج مصغّر عن المنارة بحالة جيدة وقد أنجز في المدة نفسها التي شيّدت فيها المنارة الأصلية.
هذا النموذج موجود في "أبو صير"، وهي قرية تبعد تقريباً خمسة وعشرين ميلاً عن الإسكندرية، وتحيط بهذه القرية الخرائب الأثرية لمدينة تابوزيريس ماغنا القديمة، وهي مدينة أفريقية شمالية كانت مزدهرة خلال عهد كليوباترا.
هذه المنارة، التي يزيد علوها على خمسين قدماً، ليست شيئاً يستحق الزيارة، لكنها تعطينا فكرة عما كانت عليه المنارة الأصلية الفخمة، أما المنارة الأصلية فكان ارتفاعها ثلاثة طوابق، الطابق الأول كان مربعاً، والثاني كان مثمّناً، أما الثالث فكان دائرياً، وربما لم تكن هذه المنارة الوحيدة من نوعها، وعلى الأرجح أن منارات كثيرة كهذه تعاقبت على خط الساحل بين الإسكندرية وتابوزيريس.
بالعودة إلى الإسكندرية واعتماداً على إعادة البناء التخيلية، نستطيع أخيراً أن نلقي نظرة على المنارة الضخمة ونتعجب منها، إنها بناء مؤلف من ثلاثة طوابق محاط عند القاعدة ببعض المعابد الصغيرة وحظيرة مسيّجة، أما الضوء الذي كانت تصدره فكان بالإمكان رؤيته من على بعد عشرات الأميال، وإلى يومنا هذا، نحن نعجب كيف كان ذلك ممكناً آنذاك، من المحتمل أنهم استعملوا مرايا عاكسة لكن الوقود المرجح كان من الخشب- النادر الوجود في تلك المنطقة –أو القش الممزوج بروث الحيوانات، وهو مركب يعطي حرارة عظيمة مع ضوء قليل، ويخمن البعض الآن أن الحظيرة المسيّجة كانت تستعمل لتخزين مادة ملتهبة، ربما هي النفط والذي كان معروفاً في تلك الأيام.
بالنسبة لكليوباترا، التي ربما كانت تنتظر أن ترى سفينة شراعية في الأفق حاملة رسائل من روما، كان البناء يبدو كبيراً جداً من قمته التي تعلو خمسمائة قدم، وهو سجل حقيقي من العالم القديم.
يرتبط تاريخ السنوات الأخيرة لمصر إلى حدّ بعيد بحياة ملكتها كليوباترا التي تحدّرت من سلالة البطالسة، التي أسسها بطليموس الأول سوتر، وهو قائد مقدوني كان تحت إمرة الإسكندر الكبير.
لقد كانت كليوباترا امرأة مصمّمة، قوية الإرادة وهي سياسية داهية.
في بداية حكمها وكانت في الخامسة عشرة من عمرها انطلقت كليوباترا على متن سفينة إلى أعالي النيل في الجنوب رسمياً لأسباب دينية.
وظاهرياً كان حضور الفرعون مطلوباً في مكان يدعى أرمانت، جنوبي طيبة، لكي يشارك في احتفال ديني.
وربما في هذه الرحلة قامت كيلوباترا بالتجول حول الأهرامات الضخمة في الجيزة قرب القاهرة، تلك الشواهد العملاقة ربما بدا شكلها جميلاً بشكل كبير، وربما كانت مندهشة تماماً كما يحصل للسياح في أيامنا، وعلينا أن نتذكر أن المدة الفاصلة بين زمن كليوباترا وزماننا أقصر من المدة الفاصلة بين أيامها والوقت الذي شيّدت فيه الأهرامات الكبيرة.
خلال سنوات حياتها، قامت كليوباترا بعدة رحلات في مملكتها، وبمعزل عن واجباتها العادية ملكةً، شعرت بالحاجة إلى إنجازات تُذَكِّرُ بها.
ربما تكون هذه الملكة قد أبحرت إلى أعالي النيل مرة واحدة على الأقل إلى مدينة دانديرا، التي تقع على ضفّة النهر اليسرى، لأن التطور الكبير للمدينة ومعبد دانديرا قد بدأ تاريخياً منذ المدة الأخيرة للسلالة البطليموسية وهما مثالان على الأعمال الهندسية لعهد كليوباترا، لأن الشمس والريح أحرقتها وأتلفتها بقدرة الله تعالى، ولأن رمال الصحراء ابتلعتها، لذا لم يتبقّ أي شيء تقريباً من المدينة القديمة، لكن المعبد الكبير المسيّج المكرّس للآلهة الباطلة "هاثر" لا يزال قائماً.
حسب الأسطورة الكاذبة فإن "هاثر"، زوجة"حورس" وأم "آيهي"_إله الموسيقى_ كانت الإلهة المصرية القديمة للحب وكانت عموماً مرسومة بملامح بشرية، كان حورس ابن "إيزيس"، الإلهة الأم لمصر، وابن أوزيريس، إله الجحيم وقاضي الموتى
قال الله تعالى :
﴿وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّ﴾ [مريم: 81 - 82].
لقد كانت المضامين الشخصية المتصلة بعبادة تلك الآلهة الباطلة السبب الرئيسي لاهتمام كليوباترا بالمعبد، تلك المضامين لا تزال واضحة جليّة على الحجر.
دعونا نبدأ بجولة في المكان، في الأزمنة المصرية القديمة، كانت "دانديرا" تدعى"تانتير"، لكنها، تحت حكم الأسرة البطليموسية، كانت تدعى "تانتايريس"، اسمها الإغريقي، الذي أتى منه اسم "تانتايرا:، وربما كانت كليوباترا تعرف كلا الاسمين، وذلك لأنها تتكلم سبع لغات كما تزعم المصادر التاريخية.
اليوم الثاني عشر من شهر آب أغسطس من عام ثلاثين قبل الميلاد كان يوماً مثيراً في تاريخ الحضارة الألفية لمصر، كليوباترة السابعة من السلالة الحاكمة البطليموسية، ملكة مصر العليا والسفلى انتحرت بعضّة أفعى صحراوية سامة.
بفعلها هذا، لم تنه كليوباترة حياتها وحسب، بل سلّمت مصر إلى أيدي الطامعين فيها، محتلون جددٌ من الغرب، متعطشون إلى توسيع إمبراطوريتهم، بالنسبة لكليوباترا كان لأولئك المعتدين اسمٌ كرهته "الرومان".
تقع مدينة الإسكندرية في القسم الشمالي لمصر حيث يتسع نهر النيل مثل نسيج العنكبوت عند الدلتا الشهيرة ويصب في البحر المتوسط بعد أن يخترق آلاف الأميال في الصحراء "خارطة".
اليوم، تحتل الإسكندرية المرتبة الثانية في عدد السكان في مصر بعد القاهرة، وقد بقيت عاصمة لمصر منذ تأسيسها على يد الإسكندر الكبير عام ثلاثمائة واثنين وثلاثين قبل الميلاد وحتى موت كليوباترا عندما أصبحت المملكة جزءاً من الإمبراطورية الرومانية وإحدى أغنى المقاطعات في شمال أفريقيا.
عملية التمدّن السريعة في السنوات الحديثة جعلت من الصعب اكتشاف الآثار الدفينة في مركز المدينة القديمة حيث تبقى الآثار بمنأى عن الرؤية تحت شوارع المدينة وأبنيتها، الحالة مختلفة تماماً عما يزعم الأدلاء السياحيون هذه الأيام فيما يتعلّق بالمراكز الدينية للكرنك والأُقصر ومدينة طيبة القديمة حيث الشوارع والأبنية والنصب الضخمة لا تزال تسمح لنا بتخيّل أشكالها الأصلية.
الإسكندرية في عصر كليوباترا، المدينة الرائعة التي أحبّتها الملكة أكثر من أي مدينة أخرى، قد فقدت إذن وربما إلى الأبد.
على أي حال، لا يزال لدى الإسكندرية مفاجآت كثيرة مدّخرة أن اعتمدت على دليل استثنائي مثل - كليوباترا نفسها - الملكة الشهيرة وسليلة الفراعنة الأخيرة.
كانت كليوباترا امرأة ذات ثقافة عالية لذا فمن المفترض أنها سترينا المكتبة الشهيرة، وعلى الرغم من أن لا شيء تقريباً قد بقي من هذه المكتبة، لأنها كالمدينة لم ينج منها شيء من غضب الله، إلا أننا استعملنا تقنية المشهد الافتراضي التخيلي، التي بواسطتها نستطيع الحصول على منظرٍ فريدٍ هو الأقرب إليها آنذاك، ويمكننا رؤية مدينة الإسكندرية كلّها تعود إلى الحياة وتبدو تقريباً كما كانت في عهد كليوباترا خلال النصف الثاني من القرن الأول قبل الميلاد.
وستكون على حق إن أنت تخيّلت أن كليوباترا تستطيع أن تصف مدينتها المحبوبة لديها بسبب هذه الحالة التي تمنحها الأفضلية، والسبب في ذلك أنه ولغاية يومنا هذا ثمة بقايا خرائب لمبنى فريد بجانب البحر، من قمّة هذا المبنى كانت كليوباترا تستطيع أن تشاهد الكثير من مملكتها الواسعة في الاتجاهات كلها لمسافة تربو على ستين ميلاً.
إننا نتكلم عن منارة الإسكندرية إحدى العجائب السبعة في العالم القديم، من العجائب السبعة المشهورة، الجنائن المعلقة في بابل، معبد زيوس في أولمبيا، منارة الإسكندرية، تمثال رودز، ضريح هاليكارنساس معبد آرتميس في أفسوس وأهرامات الجيزة، من كل تلك العجائب فقط الأهرامات لا تزال قائمة إلى يومنا هذا.
أما البقايا القليلة من منارة الإسكندرية فلا زالت مندمجة بقلعة عند المرفأ، وقد شيدت المنارة بواسطة المهندس المعماري سوستراتوسن من نيدوس، قرابة أواسط القرن الثالث قبل الميلاد، خلال عهد حكم بطليموس الثاني فيلهدلفوس، أحد أسلاف كليوباترا.
وقد دمرت المنارة بقدرة الله عز وجل بسبب الزلازل المتعاقبة حتى قام السلطان قايتباي عام ألف وأربعمائة وثمانين للميلاد ببناء القلعة وهي تحفة حقيقية للهندسة المعمارية العسكرية الإسلامية، وقد بنيت بواسطة معظم بقايا المنارة، ولا تزال بعض أعمدة الجرانيت ظاهرة على باب القلعة الرئيسي وعلى الأسوار الخارجية التي تنغرس بشكل مستقيم في البحر.
يغطي المنارة، بالإضافة إلى العجائب الخمسة الأخرى المفقودة للعالم القديم، غموض كبير، كيف كانت تبدو؟ كم كان حجمها؟ ومع الأخذ بعين الاعتبار أن مصر كان لديها القليل من الخشب، فما هي المادة التي استعملوها لإبقاء النار الكبيرة في أعلاها مشتعلة؟ بعض الأوصاف والملاحظات الصادرة عن أناس زاروها قبل دمارها لا تزال متوفرة، لكنها مشوّشة ومتضاربة إلى حد أنها لا يستفاد منها بشيء، ومع ذلك، وعلى الأرجح، لم يفقد كل شيء.
وعلى الرغم من أنها لم تنشر للعموم، هناك نموذج مصغّر عن المنارة بحالة جيدة وقد أنجز في المدة نفسها التي شيّدت فيها المنارة الأصلية.
هذا النموذج موجود في "أبو صير"، وهي قرية تبعد تقريباً خمسة وعشرين ميلاً عن الإسكندرية، وتحيط بهذه القرية الخرائب الأثرية لمدينة تابوزيريس ماغنا القديمة، وهي مدينة أفريقية شمالية كانت مزدهرة خلال عهد كليوباترا.
هذه المنارة، التي يزيد علوها على خمسين قدماً، ليست شيئاً يستحق الزيارة، لكنها تعطينا فكرة عما كانت عليه المنارة الأصلية الفخمة، أما المنارة الأصلية فكان ارتفاعها ثلاثة طوابق، الطابق الأول كان مربعاً، والثاني كان مثمّناً، أما الثالث فكان دائرياً، وربما لم تكن هذه المنارة الوحيدة من نوعها، وعلى الأرجح أن منارات كثيرة كهذه تعاقبت على خط الساحل بين الإسكندرية وتابوزيريس.
بالعودة إلى الإسكندرية واعتماداً على إعادة البناء التخيلية، نستطيع أخيراً أن نلقي نظرة على المنارة الضخمة ونتعجب منها، إنها بناء مؤلف من ثلاثة طوابق محاط عند القاعدة ببعض المعابد الصغيرة وحظيرة مسيّجة، أما الضوء الذي كانت تصدره فكان بالإمكان رؤيته من على بعد عشرات الأميال، وإلى يومنا هذا، نحن نعجب كيف كان ذلك ممكناً آنذاك، من المحتمل أنهم استعملوا مرايا عاكسة لكن الوقود المرجح كان من الخشب- النادر الوجود في تلك المنطقة –أو القش الممزوج بروث الحيوانات، وهو مركب يعطي حرارة عظيمة مع ضوء قليل، ويخمن البعض الآن أن الحظيرة المسيّجة كانت تستعمل لتخزين مادة ملتهبة، ربما هي النفط والذي كان معروفاً في تلك الأيام.
بالنسبة لكليوباترا، التي ربما كانت تنتظر أن ترى سفينة شراعية في الأفق حاملة رسائل من روما، كان البناء يبدو كبيراً جداً من قمته التي تعلو خمسمائة قدم، وهو سجل حقيقي من العالم القديم.
يرتبط تاريخ السنوات الأخيرة لمصر إلى حدّ بعيد بحياة ملكتها كليوباترا التي تحدّرت من سلالة البطالسة، التي أسسها بطليموس الأول سوتر، وهو قائد مقدوني كان تحت إمرة الإسكندر الكبير.
لقد كانت كليوباترا امرأة مصمّمة، قوية الإرادة وهي سياسية داهية.
في بداية حكمها وكانت في الخامسة عشرة من عمرها انطلقت كليوباترا على متن سفينة إلى أعالي النيل في الجنوب رسمياً لأسباب دينية.
وظاهرياً كان حضور الفرعون مطلوباً في مكان يدعى أرمانت، جنوبي طيبة، لكي يشارك في احتفال ديني.
وربما في هذه الرحلة قامت كيلوباترا بالتجول حول الأهرامات الضخمة في الجيزة قرب القاهرة، تلك الشواهد العملاقة ربما بدا شكلها جميلاً بشكل كبير، وربما كانت مندهشة تماماً كما يحصل للسياح في أيامنا، وعلينا أن نتذكر أن المدة الفاصلة بين زمن كليوباترا وزماننا أقصر من المدة الفاصلة بين أيامها والوقت الذي شيّدت فيه الأهرامات الكبيرة.
خلال سنوات حياتها، قامت كليوباترا بعدة رحلات في مملكتها، وبمعزل عن واجباتها العادية ملكةً، شعرت بالحاجة إلى إنجازات تُذَكِّرُ بها.
ربما تكون هذه الملكة قد أبحرت إلى أعالي النيل مرة واحدة على الأقل إلى مدينة دانديرا، التي تقع على ضفّة النهر اليسرى، لأن التطور الكبير للمدينة ومعبد دانديرا قد بدأ تاريخياً منذ المدة الأخيرة للسلالة البطليموسية وهما مثالان على الأعمال الهندسية لعهد كليوباترا، لأن الشمس والريح أحرقتها وأتلفتها بقدرة الله تعالى، ولأن رمال الصحراء ابتلعتها، لذا لم يتبقّ أي شيء تقريباً من المدينة القديمة، لكن المعبد الكبير المسيّج المكرّس للآلهة الباطلة "هاثر" لا يزال قائماً.
حسب الأسطورة الكاذبة فإن "هاثر"، زوجة"حورس" وأم "آيهي"_إله الموسيقى_ كانت الإلهة المصرية القديمة للحب وكانت عموماً مرسومة بملامح بشرية، كان حورس ابن "إيزيس"، الإلهة الأم لمصر، وابن أوزيريس، إله الجحيم وقاضي الموتى
قال الله تعالى :
﴿وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّ﴾ [مريم: 81 - 82].
لقد كانت المضامين الشخصية المتصلة بعبادة تلك الآلهة الباطلة السبب الرئيسي لاهتمام كليوباترا بالمعبد، تلك المضامين لا تزال واضحة جليّة على الحجر.
دعونا نبدأ بجولة في المكان، في الأزمنة المصرية القديمة، كانت "دانديرا" تدعى"تانتير"، لكنها، تحت حكم الأسرة البطليموسية، كانت تدعى "تانتايريس"، اسمها الإغريقي، الذي أتى منه اسم "تانتايرا:، وربما كانت كليوباترا تعرف كلا الاسمين، وذلك لأنها تتكلم سبع لغات كما تزعم المصادر التاريخية.
تعليق