سياحة تحت الماء عند الشاطئ اللبناني تكشف آثار مدن غارقة
بيروت - عبدالله ذبيان الحياة - 14/07/08//
نحاول عبر هذا التحقيق الغوص في «سياحة تحت الماء» لكشف جزء من بقايا وأطلال المدن الساحلية اللبنانية التي ضربتها الزلازل وأغرقتها منذ آلاف السنين، خصوصاً ان السياحة المائية عبر الغوص تكشف مشاهد بحرية تخلب الألباب من تحت الماء. وهكذا تواصلنا مع نقيب الغواصين المحترفين في لبنان محمد السارجي العضو العربي البارز في منظمة «ناوي» العالمية للغطس، فهو الوحيد الذي يمكنه أن «يأخذنا» الى هذه الرحلة بخبرته البحرية الواسعة وكاميراته المتخصصّة بالتصوير تحت الماء ودراساته المتواصلة لمياه لبنان وسواحله وأيضا معلوماته التاريخية التي ينسقها دوماً مع الباحث الدكتور يوسف حوراني.
وهكذا كان. فعلى متن المركب الخاص بالنقيب كانت رحلة صحافية - بحرية، ومع أطيب وجبة «سوشي» حدّثنا السارجي عن آلاف «الغطسات» قبالة مدينتي صيدا وصور وصولاً الى مدينة جبيل شمالاً حيث سيحاول لاحقاً ومع مجموعة من الغواصين اكتشاف مياهها التي يقال أنها غنية بالآثار أيضا.
البحر ابتلع صيدون!
على بعد 600 متر من مرفأ صيدا وأمام قلعتها، خصوصاً تحت ما يعرف بجزيرة «الزيرة»، تركّزت المكتشفات الأثرية لغوّاصي معهد صيدون، وعادوا بشواهد مهمة من الصور والأفلام التي عكف السارجي وحوراني وعدد من الباحثين على دراستها.
فيلم حي لفوارّات المياه العذبة شكّل نقطة بداية، فالمراجع التاريخية التي يملكها حوراني تقول أن مؤرخاً يدعى «دبرتي» أورد أن نبعاً للمياه الساخنة على مسافة 3 كلم من مصبّ الليطاني، وذكر أيضاً أن زلزالاً عظيماً دمّر صيدون فابتلعتها مياه البحر. أما أسرحدون، ملك الآشوريين فيقول: «أما صيدا المدينة المحصّنة كالقلعة والتي تقع في وسط البحر فقد دمّرت دماراً كاملا وكأن عاصفة مرّت من فوقها ودمرّت حيطانها وقواعدها ورمتها في البحر، ونقل عن «سترابو» قوله إن «مدينة فوق صيدون ابتلعتها الأرض بفعل هزة أرضية، وما يقارب ثلثي المدينة غرقت تحت الماء، ولكن ليس دفعة واحدة، ولهذا لم تحدث خسائر كبيرة في الأرواح».
وهنا نورد أهم المكتشفات الأثرية التي كشفها غواصو معهد صيدون والتي يمكن لأي سائح يهوى سياحة الغطس مشاهدتها فضلا عن جمالية النبات والكائنات المائية بالتعاون مع السارجي ورفاقه:
- البئر العالي، في الجهة الغربية تعلوه فتحة بعرض 20 - 30 سم، في قعره غرفة ضخمة لتخزين الماء.
- بئر المزراب، على شكل قمع يزيد عمقه على 50 مترا، بحيث تنساب مياه الأمطار كالمزراب الى داخله الصخري لتبلغ غرفة عرضها 8 أمتار وطولها 25 مترا.
- في الجهة الجنوبية الغربية بقايا بناء وقواعد منازل معظمها جدران، سماكة الواحد منها زهاء 70 سم، إضافة الى أكوام من الحجارة وكأنها بيوت مهدمة، واللافت أن الصور أظهرت أجرانا مختلفة الشكل بينها.
- في الجهة الغربية الشمالية، بقايا بيوت بقواعدها إضافة الى برك.
- في الشمال الشرقي، جدران لمنازل ظلت حجارتها في أماكنها، وهذا يدّل على استخدام الخشب في إقامتها، ولوحظ أن بعض الخشب بدا أسود اللون، ما يجعلنا نقول أن بعض المنازل أحرق قبل غرقه!
- الجهة الجنوبية، ساحة مرصوفة بالبلاط مع جدران صخرية مرتفعة، وبالقرب منها بناء حجارته متراصة الى بقايا درج يقود الى أسفل، ربما الى معبد أو أكثر.
مرافئ صور التاريخية
مدينة صور غرقت منذ القرن الخامس بفعل الهزّات بحيث قدم مئات الرحّالة من العرب والأجانب منذ آلاف السنين لدراسة بحر صور لكن اكتشافاتهم لم تظهر نتائج مهمة، وبنتيجة عمليات الغوص والتنقيب المكثفة والدراسات التاريخية التي قام بها فريق السارجي، تمكن من العثور على بقايا الأبنية والسفن والمرافئ والجدران والأعمدة. ففي بحر صور هنالك فوارات مياه ساخنة ومعدنية لا مثيل لها في البحر المتوسط كله، وبعد الركون الى المراجع التاريخية تبين ان العالم الفرنسي ديبرتيه الذي زار لبنان عام 1842 من قبل الأكاديمية الفرنسية لدراسة الشاطئ اللبناني كان قد تحدث عن فوارات المياه الساخنة تلك جنوبي مصب الليطاني حيث كان يأتيها الناس من كلّ لبنان لمعالجة بعض الأمراض. وفي معهد صيدون للغوص يتعاملون معها اليوم على انها ظاهرة طبيعية ويجهدون مع الأمم المتحدة والدولة للإستفادة من المياه المعدنية الكبريتية على بعد 4 كلم من الشاطئ وبعمق 40 - 65 متراً لسحبها الى اليابسة كما في بلغاريا ورومانيا والأردن. كذلك الحال بالنسبة الى فوارات المياه العذبة التي تذهب هدراً، لا سيما وأن صور لم تستفد البتة حتى الآن من وضعها على لائحة التراث العالمي، ومن استثمار هذه المياه والكشف عن الآثارات المهمة من كنعانية وفينيقية ورومانية وبيزنطية وغيرها.
كانت صور جزيرة مثل صيدا، فوصلها الإسكندر المقدوني عام 362 ق.م بجسر لإحتلالها، وهذا الجسر هو نفسه رأس صور الحالي، وعلى امتداد السنين والقرون عرض هذا الجسر وبني على جانبيه فأمسى على الشكل الذي نعرفه اليوم، أي رأس وخليج مع جزر صغيرة متناثرة. وهنالك قول جميل للمؤرخ «هيرودوتوس» عن صور يقول فيه انه عندما وصلها نظر من أعلى الجبل الى ساحلها فشبهها بإمرأة تغطس رأسها في الماء وشعرها متّدل يميناً ويساراً، ويقصد بذلك الجزر الصغيرة، وهي كانت جزءاً من صور لكنها غرقت على مدى السنين.
اكتشف السارجي وفريقه موانئ تاريخية عدة لصور لعبت دوراً مهماً في الحركة التجارية. وكشف النقاب عن آثار لكلّ ميناء، فإلى الجنوب هنالك الميناء الفرعوني (نظراً الى توجه سفنه آنذاك الى مصر)، وتم الكشف فيه عن الطرق المدّعمة الغارقة تحت الماء، حيث صوّرت مع منشآت الميناء وبقايا الأعمدة والتماثيل.
وفي العام 1936 إباّن الإنتداب الفرنسي على لبنان قام الأب الفرنسي بودابار بالطيران بواسطة طائرة صغيرة فوق شاطئ صور لجهة الجنوب، اي بين صور والناقورة حيث كان البحر في ذلك الوقت أكثر نقاوة من أيامنا هذه، فاتضحت له معالم جدران فتكهّن أنها الجدران الحامية للميناء الفرعوني من الأمواج، لكن الإكتشافات بيّنت وبمساعدة الدكتور حوراني ان هذه الجدران ليست لحماية الميناء بل هي بعيدة عنه وما شاهده الأب بودابار كان بمثابة الحامي لمدينة كنعانية تدعى «اوزو» أو «العزة»، الى الجنوب من صور أخذت تغرق تدريجياً بفعل الهزات، فبنى أهلها الجدران لحمايتها من الموج. ويعدّ إكتشاف الجدران إنجازاً مهماً يمهد الطريق للكشف عن المدينة الكنعانية الغارقة. وفي الناحية الغربية يبدو تأثير الهزة الزلزالية الكبيرة حيث الحجارة الضخمة التي سقطت من ارتفاعات عالية، ويدل على ذلك كثرتها مما ينهض شاهداً على ان هنالك اكثر من مدينة مطمورة. وفي الجهة الشمالية وتسمى المرفأ الصيدوني (كانت سفنه تتجه صوب صيدون والشمال) كشف عن ساحة كبيرة وأعمدة من العهد الفينيقي، أما الرخام الذي اكتشف بشكل بلاطات نادرة لا مثيل لها في المنطقة فهو روماني.
روائع من تحت الماء!
وفي صور مواقع للسفن القديمة الغارقة، وتبقى منها ياطرات رصاصية أو معدنية أو مراسي حديدية فقط، لأن السفن القديمة كانت من الخشب الذي لا يعقل أن يصمد طيلة هذه العقود من الزمن. لكن معهد صيدون اكتشف قواعد السفن القديمة وهي عبارة عن أجران حجرية وحلقات دائرية من الصخر كانت تتموضع في قعر السفن القديمة بغية الحفاظ على توازنها، ويعدّ إكتشافها إنجازاً علمياً وتاريخياً. كما عثر على بعض المعادن الثمينة من ذهب وفضة من مخلّفات السفن الغارقة.
وهناك ما يعتزّ به السارجي في إكتشافاته البحرية ويعتبر كنزاً علمياً ثميناً ألا وهو كشف النقاب عن ثروات الاسفنج والتوتياء القابعة في قعر البحر والتي تتعرض للنهب والتخريب، كما أن نقيب الغواصين استطاع تصوير الحيوانات البحرية النادرة مثل السلاحف والدلافين والفقمة وكلاب البحر وصولا الى أسماك القرش التي تعيش في مياه لبنان والمتوسط. وهو يدعو الى تشجيع سياحة الغوص التي يعشقها السياح كثيراً ما سيؤمن مورداً سياحياً مهماً للبنان والمنطقة لا بد من الاستفادة منه. كما يضع السارجي هدفاً يسعى الى تحقيقه بكلّ قوة وعزم ألا وهو إقامة متحف يجمع المكتشفات البحرية.
بيروت - عبدالله ذبيان الحياة - 14/07/08//
نحاول عبر هذا التحقيق الغوص في «سياحة تحت الماء» لكشف جزء من بقايا وأطلال المدن الساحلية اللبنانية التي ضربتها الزلازل وأغرقتها منذ آلاف السنين، خصوصاً ان السياحة المائية عبر الغوص تكشف مشاهد بحرية تخلب الألباب من تحت الماء. وهكذا تواصلنا مع نقيب الغواصين المحترفين في لبنان محمد السارجي العضو العربي البارز في منظمة «ناوي» العالمية للغطس، فهو الوحيد الذي يمكنه أن «يأخذنا» الى هذه الرحلة بخبرته البحرية الواسعة وكاميراته المتخصصّة بالتصوير تحت الماء ودراساته المتواصلة لمياه لبنان وسواحله وأيضا معلوماته التاريخية التي ينسقها دوماً مع الباحث الدكتور يوسف حوراني.
وهكذا كان. فعلى متن المركب الخاص بالنقيب كانت رحلة صحافية - بحرية، ومع أطيب وجبة «سوشي» حدّثنا السارجي عن آلاف «الغطسات» قبالة مدينتي صيدا وصور وصولاً الى مدينة جبيل شمالاً حيث سيحاول لاحقاً ومع مجموعة من الغواصين اكتشاف مياهها التي يقال أنها غنية بالآثار أيضا.
البحر ابتلع صيدون!
على بعد 600 متر من مرفأ صيدا وأمام قلعتها، خصوصاً تحت ما يعرف بجزيرة «الزيرة»، تركّزت المكتشفات الأثرية لغوّاصي معهد صيدون، وعادوا بشواهد مهمة من الصور والأفلام التي عكف السارجي وحوراني وعدد من الباحثين على دراستها.
فيلم حي لفوارّات المياه العذبة شكّل نقطة بداية، فالمراجع التاريخية التي يملكها حوراني تقول أن مؤرخاً يدعى «دبرتي» أورد أن نبعاً للمياه الساخنة على مسافة 3 كلم من مصبّ الليطاني، وذكر أيضاً أن زلزالاً عظيماً دمّر صيدون فابتلعتها مياه البحر. أما أسرحدون، ملك الآشوريين فيقول: «أما صيدا المدينة المحصّنة كالقلعة والتي تقع في وسط البحر فقد دمّرت دماراً كاملا وكأن عاصفة مرّت من فوقها ودمرّت حيطانها وقواعدها ورمتها في البحر، ونقل عن «سترابو» قوله إن «مدينة فوق صيدون ابتلعتها الأرض بفعل هزة أرضية، وما يقارب ثلثي المدينة غرقت تحت الماء، ولكن ليس دفعة واحدة، ولهذا لم تحدث خسائر كبيرة في الأرواح».
وهنا نورد أهم المكتشفات الأثرية التي كشفها غواصو معهد صيدون والتي يمكن لأي سائح يهوى سياحة الغطس مشاهدتها فضلا عن جمالية النبات والكائنات المائية بالتعاون مع السارجي ورفاقه:
- البئر العالي، في الجهة الغربية تعلوه فتحة بعرض 20 - 30 سم، في قعره غرفة ضخمة لتخزين الماء.
- بئر المزراب، على شكل قمع يزيد عمقه على 50 مترا، بحيث تنساب مياه الأمطار كالمزراب الى داخله الصخري لتبلغ غرفة عرضها 8 أمتار وطولها 25 مترا.
- في الجهة الجنوبية الغربية بقايا بناء وقواعد منازل معظمها جدران، سماكة الواحد منها زهاء 70 سم، إضافة الى أكوام من الحجارة وكأنها بيوت مهدمة، واللافت أن الصور أظهرت أجرانا مختلفة الشكل بينها.
- في الجهة الغربية الشمالية، بقايا بيوت بقواعدها إضافة الى برك.
- في الشمال الشرقي، جدران لمنازل ظلت حجارتها في أماكنها، وهذا يدّل على استخدام الخشب في إقامتها، ولوحظ أن بعض الخشب بدا أسود اللون، ما يجعلنا نقول أن بعض المنازل أحرق قبل غرقه!
- الجهة الجنوبية، ساحة مرصوفة بالبلاط مع جدران صخرية مرتفعة، وبالقرب منها بناء حجارته متراصة الى بقايا درج يقود الى أسفل، ربما الى معبد أو أكثر.
مرافئ صور التاريخية
مدينة صور غرقت منذ القرن الخامس بفعل الهزّات بحيث قدم مئات الرحّالة من العرب والأجانب منذ آلاف السنين لدراسة بحر صور لكن اكتشافاتهم لم تظهر نتائج مهمة، وبنتيجة عمليات الغوص والتنقيب المكثفة والدراسات التاريخية التي قام بها فريق السارجي، تمكن من العثور على بقايا الأبنية والسفن والمرافئ والجدران والأعمدة. ففي بحر صور هنالك فوارات مياه ساخنة ومعدنية لا مثيل لها في البحر المتوسط كله، وبعد الركون الى المراجع التاريخية تبين ان العالم الفرنسي ديبرتيه الذي زار لبنان عام 1842 من قبل الأكاديمية الفرنسية لدراسة الشاطئ اللبناني كان قد تحدث عن فوارات المياه الساخنة تلك جنوبي مصب الليطاني حيث كان يأتيها الناس من كلّ لبنان لمعالجة بعض الأمراض. وفي معهد صيدون للغوص يتعاملون معها اليوم على انها ظاهرة طبيعية ويجهدون مع الأمم المتحدة والدولة للإستفادة من المياه المعدنية الكبريتية على بعد 4 كلم من الشاطئ وبعمق 40 - 65 متراً لسحبها الى اليابسة كما في بلغاريا ورومانيا والأردن. كذلك الحال بالنسبة الى فوارات المياه العذبة التي تذهب هدراً، لا سيما وأن صور لم تستفد البتة حتى الآن من وضعها على لائحة التراث العالمي، ومن استثمار هذه المياه والكشف عن الآثارات المهمة من كنعانية وفينيقية ورومانية وبيزنطية وغيرها.
كانت صور جزيرة مثل صيدا، فوصلها الإسكندر المقدوني عام 362 ق.م بجسر لإحتلالها، وهذا الجسر هو نفسه رأس صور الحالي، وعلى امتداد السنين والقرون عرض هذا الجسر وبني على جانبيه فأمسى على الشكل الذي نعرفه اليوم، أي رأس وخليج مع جزر صغيرة متناثرة. وهنالك قول جميل للمؤرخ «هيرودوتوس» عن صور يقول فيه انه عندما وصلها نظر من أعلى الجبل الى ساحلها فشبهها بإمرأة تغطس رأسها في الماء وشعرها متّدل يميناً ويساراً، ويقصد بذلك الجزر الصغيرة، وهي كانت جزءاً من صور لكنها غرقت على مدى السنين.
اكتشف السارجي وفريقه موانئ تاريخية عدة لصور لعبت دوراً مهماً في الحركة التجارية. وكشف النقاب عن آثار لكلّ ميناء، فإلى الجنوب هنالك الميناء الفرعوني (نظراً الى توجه سفنه آنذاك الى مصر)، وتم الكشف فيه عن الطرق المدّعمة الغارقة تحت الماء، حيث صوّرت مع منشآت الميناء وبقايا الأعمدة والتماثيل.
وفي العام 1936 إباّن الإنتداب الفرنسي على لبنان قام الأب الفرنسي بودابار بالطيران بواسطة طائرة صغيرة فوق شاطئ صور لجهة الجنوب، اي بين صور والناقورة حيث كان البحر في ذلك الوقت أكثر نقاوة من أيامنا هذه، فاتضحت له معالم جدران فتكهّن أنها الجدران الحامية للميناء الفرعوني من الأمواج، لكن الإكتشافات بيّنت وبمساعدة الدكتور حوراني ان هذه الجدران ليست لحماية الميناء بل هي بعيدة عنه وما شاهده الأب بودابار كان بمثابة الحامي لمدينة كنعانية تدعى «اوزو» أو «العزة»، الى الجنوب من صور أخذت تغرق تدريجياً بفعل الهزات، فبنى أهلها الجدران لحمايتها من الموج. ويعدّ إكتشاف الجدران إنجازاً مهماً يمهد الطريق للكشف عن المدينة الكنعانية الغارقة. وفي الناحية الغربية يبدو تأثير الهزة الزلزالية الكبيرة حيث الحجارة الضخمة التي سقطت من ارتفاعات عالية، ويدل على ذلك كثرتها مما ينهض شاهداً على ان هنالك اكثر من مدينة مطمورة. وفي الجهة الشمالية وتسمى المرفأ الصيدوني (كانت سفنه تتجه صوب صيدون والشمال) كشف عن ساحة كبيرة وأعمدة من العهد الفينيقي، أما الرخام الذي اكتشف بشكل بلاطات نادرة لا مثيل لها في المنطقة فهو روماني.
روائع من تحت الماء!
وفي صور مواقع للسفن القديمة الغارقة، وتبقى منها ياطرات رصاصية أو معدنية أو مراسي حديدية فقط، لأن السفن القديمة كانت من الخشب الذي لا يعقل أن يصمد طيلة هذه العقود من الزمن. لكن معهد صيدون اكتشف قواعد السفن القديمة وهي عبارة عن أجران حجرية وحلقات دائرية من الصخر كانت تتموضع في قعر السفن القديمة بغية الحفاظ على توازنها، ويعدّ إكتشافها إنجازاً علمياً وتاريخياً. كما عثر على بعض المعادن الثمينة من ذهب وفضة من مخلّفات السفن الغارقة.
وهناك ما يعتزّ به السارجي في إكتشافاته البحرية ويعتبر كنزاً علمياً ثميناً ألا وهو كشف النقاب عن ثروات الاسفنج والتوتياء القابعة في قعر البحر والتي تتعرض للنهب والتخريب، كما أن نقيب الغواصين استطاع تصوير الحيوانات البحرية النادرة مثل السلاحف والدلافين والفقمة وكلاب البحر وصولا الى أسماك القرش التي تعيش في مياه لبنان والمتوسط. وهو يدعو الى تشجيع سياحة الغوص التي يعشقها السياح كثيراً ما سيؤمن مورداً سياحياً مهماً للبنان والمنطقة لا بد من الاستفادة منه. كما يضع السارجي هدفاً يسعى الى تحقيقه بكلّ قوة وعزم ألا وهو إقامة متحف يجمع المكتشفات البحرية.
تعليق