بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاء رجل من بني فزارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي ولدت غلاما أسود -وهو يريد الانتفاء منه- فقال له: (هل لك من إبل؟) ، قال: نعم، قال: (ما ألوانها؟) ، قال: حُمْر، فقال له: (هل فيها من أورق؟) ، قال: نعم، قال: ( فأنى كان ذلك ؟) ، قال: أراه عرقٌ نزعه ، قال: ( فلعل ابنك هذا نزعه عرق) ، ولم يرخص له في الانتفاء منه" متفق عليه.
معاني المفردات
يريد الانتفاء منه: أي يريد نفي صلة ولده منه.
حُمر: جمع أحمر.
أورق:هو ما كان في لونه بياض مائل إلى السواد.
عِرْق نزعه : العِرْق هو الأصل من النسب، والمقصود أنه جاء على صفات واحدٍ من أجداده.
تفاصيل الموقف
مسألة الشرف عند العرب قضيّةٌ لا تقبل المساومة، فقد كانت بمثابة الخطّ الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه، والحمى المحرّم الذي لا يُسمح بالاقتراب منه، وكيف لا يكون كذلك وكلّ شهمٍ فاضلٍ لا يقبل أن يكون عرضه محلاًّ للتهمة أو موطناً للحديث، فتراه يدفع ماله ويبذل مهجته ودمه ثمناً رخيصاً مخافة أن تناله سهام الظنون المسمومة.
ولئن كان العرب في جاهليّتهم يعدّون مجرّد بشارتهم بالبنات عاراً يلحقهم، وعيباً يحيط بهم، يتوارون لأجله عن أعين الناس، فكيف إذا تعلّق الأمر بقرائن -صحّت أم لم تصحّ- تومئ مجرّد إيماء إلى وقوع أهله في المحذور؟، أيُظنّ به التريّث أو التمهّل والبحث في المسألة؟ أم ستُراق دماءٌ بغير حقّ وتزهق نفوس من غير ذنب؟
هذه الإضاءة هي التي ستبيّن لنا عظمة الجيل الذي ربّاه النبي صلى الله عليه وسلم وعلّمه، ولن نضرب المثل هنا بصحابته الذين لازموه وعايشوه على الدوام، ولكن بأعرابي من أعراب البادية الذين كانت سيوفهم بالأمس القريب تقطر دماً من حروبٍ تافهة وثاراتٍ عقيمة وأسبابٍ ساقطة.
إنّه ضمضم بن قتادة رضي الله عنه، رجلٌ من بني فزارة، ظلّ ينتظر قدوم المولود بفارغ الصبر، وسرعان ما تجهّم وجهه حينما أبصره أسود اللون.
من أين جاء سواد الغلام على خلاف حاله وحال أمّه؟ أتراها قد فعلتها دون علمه؟ أتراها قد هتكت سترها وبذلت عرضها وأضاعت شرفها؟ لكن هذه الأسئلة على عظمها في نفسه وأثرها في قلبه ظلّت حبيسة تفكيره ولم تؤدّ إلى فعلٍ طائش وغيرة قاتلة، بل جعلته يذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليسأله عما يدور في باله.
ثم سُرعان ما مثل بين يديه عليه الصلاة والسلام قائلاً :" إن امرأتي ولدت غلاما أسود" ولم يتّهمها صراحةً، وجاء في رواية أخرى:".. وإني أنكرته" يقصد استنكاره للون الولد، لا إنكاره للنسب ، ولقد كانت كلماته تنطق بشكوكه حول صحّة نسبه إليه.
والنبي صلى الله عليه وسلم أدرك مراد الرّجل على الفور، فأراد أن يطمئنه أن هذا التباين الحاصل في لون البشرة جائزٌ عقلاً، وله في الواقع شواهد ونظائر، فقال له: (هل لك من إبل؟) ، قال: نعم، قال: (ما ألوانها؟) ، قال: حُمْر، فسأله إن كان فيها ما يُخالف لونها وما سبب ذلك؟ فقال: أراه عرقٌ نزعه ، قال: ( فلعل ابنك هذا نزعه عرق) .
وكان هذا القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم تطميناً للفزاريّ ، وبياناً أن مجرّد هذا الاختلاف لا يُبيح له نفي نسب الولد إليه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاء رجل من بني فزارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي ولدت غلاما أسود -وهو يريد الانتفاء منه- فقال له: (هل لك من إبل؟) ، قال: نعم، قال: (ما ألوانها؟) ، قال: حُمْر، فقال له: (هل فيها من أورق؟) ، قال: نعم، قال: ( فأنى كان ذلك ؟) ، قال: أراه عرقٌ نزعه ، قال: ( فلعل ابنك هذا نزعه عرق) ، ولم يرخص له في الانتفاء منه" متفق عليه.
معاني المفردات
يريد الانتفاء منه: أي يريد نفي صلة ولده منه.
حُمر: جمع أحمر.
أورق:هو ما كان في لونه بياض مائل إلى السواد.
عِرْق نزعه : العِرْق هو الأصل من النسب، والمقصود أنه جاء على صفات واحدٍ من أجداده.
تفاصيل الموقف
مسألة الشرف عند العرب قضيّةٌ لا تقبل المساومة، فقد كانت بمثابة الخطّ الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه، والحمى المحرّم الذي لا يُسمح بالاقتراب منه، وكيف لا يكون كذلك وكلّ شهمٍ فاضلٍ لا يقبل أن يكون عرضه محلاًّ للتهمة أو موطناً للحديث، فتراه يدفع ماله ويبذل مهجته ودمه ثمناً رخيصاً مخافة أن تناله سهام الظنون المسمومة.
ولئن كان العرب في جاهليّتهم يعدّون مجرّد بشارتهم بالبنات عاراً يلحقهم، وعيباً يحيط بهم، يتوارون لأجله عن أعين الناس، فكيف إذا تعلّق الأمر بقرائن -صحّت أم لم تصحّ- تومئ مجرّد إيماء إلى وقوع أهله في المحذور؟، أيُظنّ به التريّث أو التمهّل والبحث في المسألة؟ أم ستُراق دماءٌ بغير حقّ وتزهق نفوس من غير ذنب؟
هذه الإضاءة هي التي ستبيّن لنا عظمة الجيل الذي ربّاه النبي صلى الله عليه وسلم وعلّمه، ولن نضرب المثل هنا بصحابته الذين لازموه وعايشوه على الدوام، ولكن بأعرابي من أعراب البادية الذين كانت سيوفهم بالأمس القريب تقطر دماً من حروبٍ تافهة وثاراتٍ عقيمة وأسبابٍ ساقطة.
إنّه ضمضم بن قتادة رضي الله عنه، رجلٌ من بني فزارة، ظلّ ينتظر قدوم المولود بفارغ الصبر، وسرعان ما تجهّم وجهه حينما أبصره أسود اللون.
من أين جاء سواد الغلام على خلاف حاله وحال أمّه؟ أتراها قد فعلتها دون علمه؟ أتراها قد هتكت سترها وبذلت عرضها وأضاعت شرفها؟ لكن هذه الأسئلة على عظمها في نفسه وأثرها في قلبه ظلّت حبيسة تفكيره ولم تؤدّ إلى فعلٍ طائش وغيرة قاتلة، بل جعلته يذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليسأله عما يدور في باله.
ثم سُرعان ما مثل بين يديه عليه الصلاة والسلام قائلاً :" إن امرأتي ولدت غلاما أسود" ولم يتّهمها صراحةً، وجاء في رواية أخرى:".. وإني أنكرته" يقصد استنكاره للون الولد، لا إنكاره للنسب ، ولقد كانت كلماته تنطق بشكوكه حول صحّة نسبه إليه.
والنبي صلى الله عليه وسلم أدرك مراد الرّجل على الفور، فأراد أن يطمئنه أن هذا التباين الحاصل في لون البشرة جائزٌ عقلاً، وله في الواقع شواهد ونظائر، فقال له: (هل لك من إبل؟) ، قال: نعم، قال: (ما ألوانها؟) ، قال: حُمْر، فسأله إن كان فيها ما يُخالف لونها وما سبب ذلك؟ فقال: أراه عرقٌ نزعه ، قال: ( فلعل ابنك هذا نزعه عرق) .
وكان هذا القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم تطميناً للفزاريّ ، وبياناً أن مجرّد هذا الاختلاف لا يُبيح له نفي نسب الولد إليه.
تعليق