العمونيون
العمونيون Ammonites أحد الشعوب الكنعانية القديمة التي هاجرت إلى بلاد الشام في الألف الثالثة قبل الميلاد، وقد استقروا في شرقي نهر الأردن، وحملوا اسم عاصمتهم ربة عمون (عمان اليوم) وأغلب المعلومات عن العمونيين في مراحل تاريخهم المختلفة جاءت من أسفار العهد القديم، ومن نتائج بعض أعمال التنقيب الأثري التي أجريت في المواقع التي انتشروا فيها.
ينسب العمونيون ـ بحسب رواية العهد القديم ـ إلى عون بن لوط، الذين أسسوا مع أبناء عمومتهم المؤابيين والأدوميين، ممالك لهم على الجانب الشرقي والشمالي لنهر الأردن والبحر الميت.
أما مملكة العمونيين فكانت تقع بين أنهار ثلاثة هي: أرنون (الزرقاء) شمالاً، ويبوق (الموجب) جنوباً، والأردن غرباً.
وقد اشتملت هذه المنطقة على أكثر من عشرين مدينة لعل أشهرها مدينة ربة عمون العاصمة العمونية وحشبون ومنيت.
أما أعمال التنقيب الأثرية التي جرت في مواقع مختلفة من هذه المنطقة، فقد كشفت عن آثار تعود إلى العصور الحجرية، وخاصة العصر الحجري الحديث (الباليوليت) والعصر الحجري النحاسي (الكالكوليت)، ومن ثم عن آثار تعود إلى عصر البرونز بمراحله المختلفة (3000 ـ 1200ق0م).
وأما ربة عمون فالآثار التي كشفت فيها تدل على أنها كانت مزدهرة في عصر البرونز الحديث (1650ـ 1250ق0م) وأنها كانت على علاقات تجارية مع مناطق مختلفة من العالم القديم، فالأواني الفخارية التي عثر عليها ذات أصول مصرية ويونانية ورافدية. وقد ظلت عاصمة للعمونيين في عصر الحديد أي في الألف الأولى ق م، وتصفها روايات العهد القديم بأنها «المدينة الملكية» أي إنها العاصمة، و«مدينة المياه» إشارة إلى كثرة ينابيع المياه الموجودة فيها وفي محيطها.
لقد كان العمونيون في حال صراع دائم مع الأموريين جيرانهم الشماليين، وفي إحدى مراحل هذا الصراع تمكن سيحون الأموري من انتزاع مساحات واسعة من الأراضي التابعة للعمونيين، وتحالف العمونيون مع المؤابيين ضد بني إسرائيل حسب أخبار العهد القديم، ولكنهم في كل مرة يدخلون الحرب فيها كانوا يهزمون، فملكهم ناحاش هزم على يد شاول، وحانون بن ناحاش هزم أيضا على يد داود.
وعندما بدأ الآشوريون بالتقدم نحو جنوبي سورية، كانت مناطق العمونيين من بين المناطق التي خضعت لهم، وكان ملكهم سانيبو من بين ملوك الأردن وفلسطين الذين دفعوا الجزية للملك الآشوري والذين قبلوا بحاكم آشوري يشرف على شؤون بلادهم. وعندما تولى سنحاريب (705ـ 681ق0م) العرش الآشوري قامت ثورة في فلسطين، ولكن ممالك الأردن بما فيها مملكة العمونيين، لم تشارك فيها، مما سهل على الآشوريين القضاء عليها، وبالمقابل كافؤوا العمونيين وجيرانهم بأن منحوهم نوعاً من الاستقلال، وكان ملك
العمونيين حينذاك بودي إيل، وقد ظل هذا الملك بالحكم حتى أيام الملك أسرحدون (681 ـ 669ق0م) الذي تشير إحدى الرسائل من عهده أن الملك بودي إيل قد جلب مينتين من الذهب (ما يعادل 1 كغ تقريباً) جزية أو هدية للقصر الملكي الآشوري، وفي أثناء عمليات تنقيب جرت في محيط قلعة عمان عثر على بعض المدافن المنقورة في الصخر وعثر في أحدها على ختم عليه اسم الملك العموني عمي ناداب. ومن جملة ما عثر عليه ثلاثة
توابيت كبيرة من الفخار، كما عثر على خواتم فضية وأقراط ومشبك صغير رائع الصنع من الذهب.
وفي ضريح آخر يعود إلى العهد نفسه تقريباً، عثر عليه ليس ببعيد عن الضريح السابق، وجدت مجموعة فخارية إضافة إلى قالب لفارس وحصانه، وختم من العاج يحمل اسم (اللات ـ تيشا) مما يدل على أن اللات كانت من الآلهة التي عبدها العمونيون.
ومع سقوط الدولة الآشورية وحلول الدولة البابلية الحديثة مكانها، قام تحالف ضم مصر إلى جانب ملوك عمون ومؤاب وأدوم ويهوذا وصور وصيدا في سبيل الوقوف في وجه تقدم قوات الملك البابلي نبوخذ نصر الثاني (605ـ560ق0م) ولكن قوات هذا التحالف تعرضت للهزيمة ولاسيما أن الدعم العسكري المصري الفعلي لم يصل إلى ساحة المعركة، وكان يحكم العمونيين في هذه الفترة الملك بالس.
وفي أثناء الحكم الفارسي الأخميني للمنطقة شن العمونيون بالاشتراك مع المؤابيين سلسلة من الهجمات على اليهود لمنعهم من إعادة بناء الهيكل في القدس. اشتبكت عمون كذلك مع مؤاب في معارك وحروب عدة ونتيجة لذلك استردت عمون أراضيها الجنوبية حتى وادي أرنون، وفي هذه الفترة يبدو أن شخصاً اسمه طوبيا صار حاكماً في عمون، وكان رأس الأسرة التي سيطرت على البلاد لقرون عدة، وكان طوبيا هذا من زعماء المعارضين لفكرة إعادة بناء الهيكل. وعندما تقاسم قادة الإسكندر المقدوني امبراطوريته، تمكن بطلميوس الأول في عام 312ق0م من ضم سورية الجنوبية إلى مملكته، وكانت بلاد العمونيين من ضمنها.
وفي عهد بطلميوس الثاني (285ـ247ق0م) جرى تبديل اسم ربة عمون إلى فيلادلفيا.
هذا وقد انتهى تاريخ العمونيين باندماجهم تدريجيّاً مع باقي سكان شرقي الأردن، في أثناء حكم دولة الأنباط ومن ثم الحكم الروماني.
كان العمونيون يعبدون الإله ملكوم إلهاً رئيساً، كما ورد ذكر لآلهة أخرى عبدوها منها الإله مولك واللات وكذلك الإله كموش إله المؤابيي.
جباغ قابلو
العمونيون Ammonites أحد الشعوب الكنعانية القديمة التي هاجرت إلى بلاد الشام في الألف الثالثة قبل الميلاد، وقد استقروا في شرقي نهر الأردن، وحملوا اسم عاصمتهم ربة عمون (عمان اليوم) وأغلب المعلومات عن العمونيين في مراحل تاريخهم المختلفة جاءت من أسفار العهد القديم، ومن نتائج بعض أعمال التنقيب الأثري التي أجريت في المواقع التي انتشروا فيها.
ينسب العمونيون ـ بحسب رواية العهد القديم ـ إلى عون بن لوط، الذين أسسوا مع أبناء عمومتهم المؤابيين والأدوميين، ممالك لهم على الجانب الشرقي والشمالي لنهر الأردن والبحر الميت.
أما مملكة العمونيين فكانت تقع بين أنهار ثلاثة هي: أرنون (الزرقاء) شمالاً، ويبوق (الموجب) جنوباً، والأردن غرباً.
وقد اشتملت هذه المنطقة على أكثر من عشرين مدينة لعل أشهرها مدينة ربة عمون العاصمة العمونية وحشبون ومنيت.
أما أعمال التنقيب الأثرية التي جرت في مواقع مختلفة من هذه المنطقة، فقد كشفت عن آثار تعود إلى العصور الحجرية، وخاصة العصر الحجري الحديث (الباليوليت) والعصر الحجري النحاسي (الكالكوليت)، ومن ثم عن آثار تعود إلى عصر البرونز بمراحله المختلفة (3000 ـ 1200ق0م).
وأما ربة عمون فالآثار التي كشفت فيها تدل على أنها كانت مزدهرة في عصر البرونز الحديث (1650ـ 1250ق0م) وأنها كانت على علاقات تجارية مع مناطق مختلفة من العالم القديم، فالأواني الفخارية التي عثر عليها ذات أصول مصرية ويونانية ورافدية. وقد ظلت عاصمة للعمونيين في عصر الحديد أي في الألف الأولى ق م، وتصفها روايات العهد القديم بأنها «المدينة الملكية» أي إنها العاصمة، و«مدينة المياه» إشارة إلى كثرة ينابيع المياه الموجودة فيها وفي محيطها.
لقد كان العمونيون في حال صراع دائم مع الأموريين جيرانهم الشماليين، وفي إحدى مراحل هذا الصراع تمكن سيحون الأموري من انتزاع مساحات واسعة من الأراضي التابعة للعمونيين، وتحالف العمونيون مع المؤابيين ضد بني إسرائيل حسب أخبار العهد القديم، ولكنهم في كل مرة يدخلون الحرب فيها كانوا يهزمون، فملكهم ناحاش هزم على يد شاول، وحانون بن ناحاش هزم أيضا على يد داود.
وعندما بدأ الآشوريون بالتقدم نحو جنوبي سورية، كانت مناطق العمونيين من بين المناطق التي خضعت لهم، وكان ملكهم سانيبو من بين ملوك الأردن وفلسطين الذين دفعوا الجزية للملك الآشوري والذين قبلوا بحاكم آشوري يشرف على شؤون بلادهم. وعندما تولى سنحاريب (705ـ 681ق0م) العرش الآشوري قامت ثورة في فلسطين، ولكن ممالك الأردن بما فيها مملكة العمونيين، لم تشارك فيها، مما سهل على الآشوريين القضاء عليها، وبالمقابل كافؤوا العمونيين وجيرانهم بأن منحوهم نوعاً من الاستقلال، وكان ملك
العمونيين حينذاك بودي إيل، وقد ظل هذا الملك بالحكم حتى أيام الملك أسرحدون (681 ـ 669ق0م) الذي تشير إحدى الرسائل من عهده أن الملك بودي إيل قد جلب مينتين من الذهب (ما يعادل 1 كغ تقريباً) جزية أو هدية للقصر الملكي الآشوري، وفي أثناء عمليات تنقيب جرت في محيط قلعة عمان عثر على بعض المدافن المنقورة في الصخر وعثر في أحدها على ختم عليه اسم الملك العموني عمي ناداب. ومن جملة ما عثر عليه ثلاثة
توابيت كبيرة من الفخار، كما عثر على خواتم فضية وأقراط ومشبك صغير رائع الصنع من الذهب.
وفي ضريح آخر يعود إلى العهد نفسه تقريباً، عثر عليه ليس ببعيد عن الضريح السابق، وجدت مجموعة فخارية إضافة إلى قالب لفارس وحصانه، وختم من العاج يحمل اسم (اللات ـ تيشا) مما يدل على أن اللات كانت من الآلهة التي عبدها العمونيون.
ومع سقوط الدولة الآشورية وحلول الدولة البابلية الحديثة مكانها، قام تحالف ضم مصر إلى جانب ملوك عمون ومؤاب وأدوم ويهوذا وصور وصيدا في سبيل الوقوف في وجه تقدم قوات الملك البابلي نبوخذ نصر الثاني (605ـ560ق0م) ولكن قوات هذا التحالف تعرضت للهزيمة ولاسيما أن الدعم العسكري المصري الفعلي لم يصل إلى ساحة المعركة، وكان يحكم العمونيين في هذه الفترة الملك بالس.
وفي أثناء الحكم الفارسي الأخميني للمنطقة شن العمونيون بالاشتراك مع المؤابيين سلسلة من الهجمات على اليهود لمنعهم من إعادة بناء الهيكل في القدس. اشتبكت عمون كذلك مع مؤاب في معارك وحروب عدة ونتيجة لذلك استردت عمون أراضيها الجنوبية حتى وادي أرنون، وفي هذه الفترة يبدو أن شخصاً اسمه طوبيا صار حاكماً في عمون، وكان رأس الأسرة التي سيطرت على البلاد لقرون عدة، وكان طوبيا هذا من زعماء المعارضين لفكرة إعادة بناء الهيكل. وعندما تقاسم قادة الإسكندر المقدوني امبراطوريته، تمكن بطلميوس الأول في عام 312ق0م من ضم سورية الجنوبية إلى مملكته، وكانت بلاد العمونيين من ضمنها.
وفي عهد بطلميوس الثاني (285ـ247ق0م) جرى تبديل اسم ربة عمون إلى فيلادلفيا.
هذا وقد انتهى تاريخ العمونيين باندماجهم تدريجيّاً مع باقي سكان شرقي الأردن، في أثناء حكم دولة الأنباط ومن ثم الحكم الروماني.
كان العمونيون يعبدون الإله ملكوم إلهاً رئيساً، كما ورد ذكر لآلهة أخرى عبدوها منها الإله مولك واللات وكذلك الإله كموش إله المؤابيي.
جباغ قابلو
تعليق