الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله
لفت انتباهي قيام بعض الشباب في البلدان العربية بحرق نفسه؛ تعبيرًا عن الظلم الواقع عليه، وهو بذلك يجمع بين ظلمَيْن؛ ظلم المُجتمع له، وظلمه لنفسه.
وهي حالة سلبية، حالة ضعف ووهن وانْهِزام، بدلاً من مُواجهة الواقع، ومُجاهدة النَّفْس والهوى والدُّنيا والشيطان،
فالله عزَّ وجلَّ لا يظلم الناس شيئًا، والناس أنفُسَهم يظلمون، والله لا يكلِّف العبد ما لا يُطيق، وما يتعرض له العبد أيًّا كان، فهو في وسعه وطاقته
﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ﴾ [البقرة: 286].
وحياتك ونفسك أنت لا تملكها؛ كي تنهيها كما تشاء، بل هي ملك لله خالقها وبارئها، واجبٌ وآكِدٌ الحفاظُ عليها "حفظ النفس"، فيجب حفظها ورعايتها
قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29]، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195].
عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((لا تزولُ قدما عبدٍ يومَ القيامة حتى يُسأل عن أربعٍ: عن عُمُرِهِ فيمَ أفناهُ، وعن علمِه ماذا عمِل به، وعن مالِه من أين اكتسبَه وفِيمَ أنفَقَهُ، وعن جسمِه فِيمَ أبلاهُ))؛ رواه الترمذي، وقال: حديث حسنٌ صحيح.
فمن يحرق جسده: فيم أبلاه؟ أفي طاعة الله؟ أم في معصية الله؟
وقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (( من قَتلَ نَفْسَهُ بحديدةٍ، فحديدَتُه في يدِه يتَوجَّأُ بها في بطنهِ في نارِ جهنَّم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومَن شَرِبَ سُمًّا فقتل نفسَه فهو يتحسَّاهُ في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبَدًا، ومن تَردَّى من جبلٍ فقتلَ نفسَهُ فهو يَتردَّى في نارِ جهنَّم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا )) ؛ رواه مسلم.
وقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (( الذي يَطعنُ نفسَهُ، إنما يطعنها في النارِ، والذي يتقحَّم فيها يتقَحَّمُ في النار، والذي يخنقُ نفْسَهُ يخنقها في النَّار ))؛ رواه أحمد؛ "السلسة الصحيحة" للألباني.
ومعنى ((يتقحم فيها))؛ أي: الذي يتقحم في نار الدنيا يتقحم في نار الآخرة، انظر إلى الوعيد الشديد والعذاب الأليم الذي أعدَّه الله لقاتل نفسه!
كيف لا، وهو بِلِسان حاله يتَّهم الربَّ - جلَّ في عُلاه - فإنه لو أحسن الظنَّ بربِّه ما أقدم على ذلك أبدًا، ولعلم أنه في ابتلاءٍ من ربِّه؛ إما لمغفرة السيئات، أو لزيادة الحسنات، ورفع الدرجات.
وما هذه الحياة الدنيا إلا ابتلاء.
﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك: 1 - 2].
فبدل أن تحرق نفسك:
احرق ذنبك بالتوبة والإنابة إلى الله
احرق شيطانك بمعصيته وطاعة الرحمن
احرق هواك باتِّباع نبيِّك صلَّى الله عليه وسلَّم
احرق اليأس بالأمل
واحرق الكسل بالعمل.
وتفائل بكلِّ خير.
لا بد أن هناك حلاًّ وطريقًا غير حرق النفس، فإذا سُدَّت كل السُّبل فسبيل الله موجود، وإذا أغلقت كلُّ البواب فباب الله مفتوح، فقط ادْعُه من القلب، وانطرح بين يديه في جوف الليل، وادعُه واسأله وأنت موقِنٌ بالإجابة ؛ ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾[غافر: 60].
وخذ بالأسباب، وتوكَّل على مسبِّب الأسباب يرزُقْكَ بغير حساب.
المصدر بتصرف يسير
لفت انتباهي قيام بعض الشباب في البلدان العربية بحرق نفسه؛ تعبيرًا عن الظلم الواقع عليه، وهو بذلك يجمع بين ظلمَيْن؛ ظلم المُجتمع له، وظلمه لنفسه.
وهي حالة سلبية، حالة ضعف ووهن وانْهِزام، بدلاً من مُواجهة الواقع، ومُجاهدة النَّفْس والهوى والدُّنيا والشيطان،
فالله عزَّ وجلَّ لا يظلم الناس شيئًا، والناس أنفُسَهم يظلمون، والله لا يكلِّف العبد ما لا يُطيق، وما يتعرض له العبد أيًّا كان، فهو في وسعه وطاقته
﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ﴾ [البقرة: 286].
وحياتك ونفسك أنت لا تملكها؛ كي تنهيها كما تشاء، بل هي ملك لله خالقها وبارئها، واجبٌ وآكِدٌ الحفاظُ عليها "حفظ النفس"، فيجب حفظها ورعايتها
قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29]، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195].
عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((لا تزولُ قدما عبدٍ يومَ القيامة حتى يُسأل عن أربعٍ: عن عُمُرِهِ فيمَ أفناهُ، وعن علمِه ماذا عمِل به، وعن مالِه من أين اكتسبَه وفِيمَ أنفَقَهُ، وعن جسمِه فِيمَ أبلاهُ))؛ رواه الترمذي، وقال: حديث حسنٌ صحيح.
فمن يحرق جسده: فيم أبلاه؟ أفي طاعة الله؟ أم في معصية الله؟
وقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (( من قَتلَ نَفْسَهُ بحديدةٍ، فحديدَتُه في يدِه يتَوجَّأُ بها في بطنهِ في نارِ جهنَّم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومَن شَرِبَ سُمًّا فقتل نفسَه فهو يتحسَّاهُ في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبَدًا، ومن تَردَّى من جبلٍ فقتلَ نفسَهُ فهو يَتردَّى في نارِ جهنَّم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا )) ؛ رواه مسلم.
وقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (( الذي يَطعنُ نفسَهُ، إنما يطعنها في النارِ، والذي يتقحَّم فيها يتقَحَّمُ في النار، والذي يخنقُ نفْسَهُ يخنقها في النَّار ))؛ رواه أحمد؛ "السلسة الصحيحة" للألباني.
ومعنى ((يتقحم فيها))؛ أي: الذي يتقحم في نار الدنيا يتقحم في نار الآخرة، انظر إلى الوعيد الشديد والعذاب الأليم الذي أعدَّه الله لقاتل نفسه!
كيف لا، وهو بِلِسان حاله يتَّهم الربَّ - جلَّ في عُلاه - فإنه لو أحسن الظنَّ بربِّه ما أقدم على ذلك أبدًا، ولعلم أنه في ابتلاءٍ من ربِّه؛ إما لمغفرة السيئات، أو لزيادة الحسنات، ورفع الدرجات.
وما هذه الحياة الدنيا إلا ابتلاء.
﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك: 1 - 2].
فبدل أن تحرق نفسك:
احرق ذنبك بالتوبة والإنابة إلى الله
احرق شيطانك بمعصيته وطاعة الرحمن
احرق هواك باتِّباع نبيِّك صلَّى الله عليه وسلَّم
احرق اليأس بالأمل
واحرق الكسل بالعمل.
وتفائل بكلِّ خير.
لا بد أن هناك حلاًّ وطريقًا غير حرق النفس، فإذا سُدَّت كل السُّبل فسبيل الله موجود، وإذا أغلقت كلُّ البواب فباب الله مفتوح، فقط ادْعُه من القلب، وانطرح بين يديه في جوف الليل، وادعُه واسأله وأنت موقِنٌ بالإجابة ؛ ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾[غافر: 60].
وخذ بالأسباب، وتوكَّل على مسبِّب الأسباب يرزُقْكَ بغير حساب.
المصدر بتصرف يسير
تعليق