لعنة الفراعنة بين الحقيقة والخيال!
توت عنخ آمون، الملك الفرعوني الشاب الذي مات في سنٍ حديثة وأثارت مقبرته الكثير من الأقاويل المخيفة والمرعبة. فمنذ أن تم اكتشاف المقبرة في عام 1922م، حتى ثارت الشائعات حول لعنة تُلاحق كل من يُحاول المساس بالمقبرة الفرعونية في مصر. فهل لهذه الشائعات أي مصداقية؟ وما حقيقية لعنة الفراعنة ؟
بدأ الأمر كله في عام 1922م، عندما اكتشف المقبرة عالمي الآثار “هاورد كارتر” وزميله اللورد “كارنافون”. فبعد جهودٍ متواصلة مدة ستة أعوام كاملة، تم كشف النقاب عن مقبرة الملك الفرعوني توت عنخ آمون الأكثر إثارةً للجدل في الحضارة الفرعونية القديمة.
وعلى الرغم من وجود كتابات مصرية فرعونية قديمة على جدران المقبرة خطَّها الفراعنة قديمًا تُحذِّر من تدنيس المقبرة والمساس بمحتوياتها، إلا أن فرحة الاكتشاف أعمت أعين علماء الآثار الذين احتفلوا بهذا الإنجاز الكبير وباكتشافهم أهم مقبرة في التاريخ بأسره!
فالمقبرة كانت أقرب إلى سرداب من مقبرة عادية، وكانت تحتوي على تماثيل بحجم كبيرة من حيوانات منحوتة من الذهب الخالص ومرصَّعة بأغلى أنواع الحلل والمجوهرات.
وكانت التفسير الأولي لعبارات التهديد والوعيد على جدران المقبرة ظنًا من أن الفراعنة أرادوا تخويف اللصوص من الاقتراب للمقبرة ولمقتنياتها. وعلى أية حال، من يُصدق مثل هذه الخزعبلات التي لا أساس لها من الصحة في القرن العشرين!
لكن ما أثار الشكوك حول حقيقة لعنة الفراعنة هو تعرض اللورد “كارنافون” إلى حمى غامضة رجَّح البعض أنها بسبب تعرضه للدغة بعوض.
لكن اللورد “كارنافون” مات في منتصف الليل تمامًا في القاهرة، وتزامن ذلك مع انقطاع التيار الكهربائي عن المدينة بأسرها في لحظة موت اللورد!
بعد ذلك توالت المصائب بإصابة أعضاء الفريق الذي شارك في الكشف عن مقبرة توت عنخ آمون بحمى غامضة، وبدأ الموت يحصدهم واحدًا تلو الآخر! ولم تكن الحمى السبب الوحيد للموت، بل إن البعض مات دون سببٍ واضح مثل سكرتير العالم “هاورد كارتر” والذي انتتحر والده حزنًا عليه! وفي جنازته، داس الحصان الذي يحمل النعش طفلًا صغيرًا فمات!
وهكذا توالت أحداث وفيات كل من شارك بالكشف عن المقبرة أو أي شخص ساهم بذلك من قريبٍ أو بعيد! ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أصاب الجنون عددٌ آخر ممن ساهموا بهذا الاكتشاف! ومنهم أيضًا علماء مصريين كانت لهم مساهمات في نقل كنوز فرعونية إلى مختبرات خاصة بباريس لدراستها وفاجأهم الموت بعد أيام قليلة!
وعلى الرغم من أن معظم فريق الاكتشاف قد أصابه مكروهٌ ما ومات أو تعرض للجنون، إلا أن علماء الآثار رفضوا التصريح بلعنة للفراعنة بمطلح “لعنة”، فبحب أقوالهم، هذه الحوادث ما هي إلا صدفة وليس لها علاقة بأحداث خارقة للطبيعية. والدليل على ذلك أن العالم “هاورد كارتر” لم يُصبه مكروهٌ قط!
لكن وبعد هذه الأحداث، امتنع معظم علماء الآثار من الاقتراب من المقابر الأثرية في الأهرامات المصرية خاصةً مقربة الملك توت عنخ آمون، ظنًا منهم أن مكروهًا سيُصيبهم.
رأي العلماء باللعنة الفرعونيةيعتقد بعض العلماء أن السبب في موت من دخل المقبرة يعود إلى قيام الفراعنة قديمًا بنشر الفطريات والسموم القاتلة في معابدهم ومقابرهم لحمايتها من تدخل الغرباء واللصوص. كما أن للبكتيريا التي تنمو على المومياوات يدٌ في الحمى المفاجئة التي أصابت من دخل المقابر. كما أن الهواء في هذه المقابر القديمة يُصبح ملوثًا بفطريات قاتلة بسبب عدم تهوية المكان لمئات السنين ويُعرِّض ذلك كل من استنشق الهواء إلى خطر العدوى والموت.
رأي الشريعة الإسلامية بحقيقة لعنة الفراعنة..عُرف عن الفراعنة اشتهارهم بالسحر وذُكر ذلك في القرآن الكريم في مواضع عدة، منها قول الله تعالى في سورة الأعراف عن قوم فرعون: {قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ}.
فالفراعنة قديمًا عُرفوا بإتقانهم للسحر بأنواعٍ مختلفة كما ورد في قصة سيدنا موسى عليه السلام معهم. لكن هذا لا يعني الاعتقاد بحقيقة لعنة الفراعنة.
فقد ذكر بعض علماء المسلمين أن حالات الوفاة التي حصلت عند اكتشاف المقبرة الفرعونية لا يُمكن تفسيرها بأنها “لعنة” لتعارضها مع العقيدة الإسلامية.
وفي نفس الوقت، هي ليست صدفة لكثرة عدد الوفيات. لكن التفسير الحقيقي لذلك قد يكون علمي وهو ما سيتضح مع الأيام القادمة.
فالاكتشافات المتتالية تؤكد أن المغارات والمقابر الفرعونية القديمة تحتوي على نسب مرتفعة من غاز الرادون المشع الذي يتركَّز في الأماكن الصخرية المغلقة مثل أقبية المنازل والمناجم والقبور الفرعونية المبنية في وسط الحجارة والصخور.
وكانت الكثير من الاختبارات أثبتت أن مقابر الفراعنة تحتوي نسبًا مرتفعة من هذا الغاز المشع الذي ينتج عن تحلل اليورانيوم في التربة والصخور وخاصةً الصخور الجرانيتية.
فهل هي إذًا لعنة الفراعنة أم لعنة الرادون ؟
المصادر