السؤال ( 23 ) : عن الشفاعة ؟ وأقسامها؟
الجواب :
الشفاعة: مأخوذة من الشفع، وهو ضد الوتر، وهو جعل الوتر شفعا، مثل أن تجعل الواحد اثنين، والثلاثة أربعة، وهكذا هذا من حيث اللغة.
أما في الاصطلاح: فهي " التوسط للغير بجلب منفعة، أو دفع مضرة "
يعني أن يكون الشافع بين المشفوع إليه، والمشفوع له واسطة لجلب منفعة إلى المشفوع له، أو يدفع عنه مضرة.
والشفاعة نوعان:
النوع الأول:
شفاعة ثابتة صحيحة، وهي التي أثبتها الله تعالى في كتابه، أو أثبتها رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ,ولا تكون إلا لأهل التوحيد والإخلاص
لأن « أبا هريرة - رضي الله عنه - قال: يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك؟ قال: " من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه " .
وهذه الشفاعة لها شروط ثلاثة:
الشرط الأول :
رضا الله عن الشافع.
الشرط الثاني :
رضا الله عن المشفوع له.
الشرط الثالث:
إذْن الله تعالى للشافع أن يشفع.
وهذه الشروط مجملة في قوله تعالى:
{وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى}
ومفصّلة في قوله:
{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}
وقوله : {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} .
وقوله : {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى}
فلا بد من هذه الشروط الثلاثة حتى تتحقق الشفاعة.
ثم إن الشفاعة الثابتة ذكر العلماء رحمهم الله تعالى أنها تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول:
الشفاعة العامة ، ومعنى العموم: أن الله سبحانه وتعالى يأذن لمن شاء من عباده الصالحين أن يشفعوا لمن أذن الله لهم بالشفاعة فيهم
وهذه الشفاعة ثابتة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولغيره من النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وهي أن يشفع في أهل النار من عصاة المؤمنين أن يخرجوا من النار.
القسم الثاني:
الشفاعة الخاصة: التي تختص بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وأعظمها الشفاعة العظمى التي تكون يوم القيامة، حين يلحق الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون، فيطلبون من يشفع لهم إلى الله عز وجل أن يريحهم من هذا الموقف العظيم، فيذهبون إلى آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى وكلهم لا يشفع حتى تنتهي إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيقوم ويشفع عند الله عز وجل أن يخلص عباده من هذا الموقف العظيم، فيجيب الله - تعالى - دعاءه، ويقبل شفاعته،
وهذا من المقام المحمود الذي وعده الله تعالى به في قوله: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} .
ومن الشفاعة الخاصة بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , شفاعته في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة، فإن أهل الجنة إذا عبروا الصراط أوقفوا على قنطرة بين الجنة والنار، فتمحص قلوب بعضهم من بعض حتى يهذبوا وينقوا، ثم يؤذن لهم في دخول الجنة، فتفتح أبواب الجنة بشفاعة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
النوع الثاني:
الشفاعة الباطلة التي لا تنفع أصحابها، وهي ما يدعيه المشركون من شفاعة آلهتهم لهم عند الله عز وجل
فإن هذه الشفاعة لا تنفعهم، كما قال الله تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ}
وذلك لأن الله تعالى لا يرضى لهؤلاء المشركين شركهم، ولا يمكن أن يأذن بالشفاعة لهم؛ لأنه لا شفاعة إلا لمن ارتضاه الله عز وجل ، والله لا يرضى لعباده الكفر، ولا يحب الفساد، فتعلق المشركين بآلهتهم يعبدونها، ويقولون: {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} تعلق باطل غير نافع
بل هذا لا يزيدهم من الله تعالى إلا بعدا ، على أن المشركين يرجون شفاعة أصنامهم بوسيلة باطلة، وهي عبادة هذه الأصنام،
وهذا من سفههم أن يحاولوا التقرب إلى الله تعالى بما لا يزيدهم منه إلا بعدا.
تعليق