ذكر ملك لهراسب وابنه بشتاسب وظهور زرادشت
قد ذكرنا أن كيخسرو لما حضرته الوفاة عهد إلى ابن عمه لهراسب بن كيوخى بن كيكاووس ، فهو ابن كيكاووس ، فلما ملك اتخذ سريرا من ذهب وكلله بأنواع الجواهر وبنيت له بأرض خراسان مدينة بلخ وسماها الحسناء ، ودون الدواوين ، وقوى ملكه بانتخابه الجنود ، وعمر الأرض ، وجبى الخراج لأرزاق الجند .
واشتدت شوكة الترك في زمانه فنزل مدينة بلخ لقتالهم ، وكان محمودا عند أهل مملكته شديد القمع لأعدائه المجاورين له ، شديد التفقد لأصحابه ، بعيد الهمة ، عظيم البنيان ، وشق عدة أنهار ، وعمر البلاد وحمل إليه ملوك الهند ، والروم ، والمغرب الخراج ، وكاتبوه بالتمليك هيبة له وحذرا منه .
ثم إنه تنسك ، وفارق الملك ، واشتغل بالعبادة ، واستخلف ابنه بشتاسب في الملك ، وكان ملكه مائة وعشرين سنة ، وملك بعده ابنه بشتاسب ، وفي أيامه ظهر زرادشت بن سقيمان الذي ادعى [ ص: 226 ] النبوة وتبعه المجوس .
وكان زرادشت فيما يزعم أهل الكتاب من أهل فلسطين يخدم لبعض تلامذة إرميا النبي خاصا به ، فخانه وكذب عليه ، فدعا الله عليه فبرص ولحق ببلاد أذربيجان وشرع بها دين المجوس .
وقيل : إنه من العجم . وصنف كتابا وطاف به الأرض ، فما عرف أحد معناه ، وزعم أنها لغة سماوية خوطب بها ، وسماه : أشتا ، فسار من أذربيجان إلى فارس ، فلم يعرفوا ما فيه ولم يقبلوه ، فسار إلى الهند وعرضه على ملوكها ، ثم أتى الصين والترك فلم يقبله أحد وأخرجوه من بلادهم ، وقصد فرغانة ، فأراد ملكها أن يقتله فهرب منها وقصد بشتاسب بن لهراسب ، فأمر بحبسه ، فحبس مدة .
وشرح زرادشت كتابه وسماه : زند ، ومعناه : التفسير ، ثم شرح الزند بكتاب سماه : بازند ، يعني : تفسير التفسير . وفيه علوم مختلفة كالرياضيات ، وأحكام النجوم ، والطب ، وغير ذلك من أخبار القرون الماضية وكتب الأنبياء . وفي كتابه : تمسكوا بما جئتكم به إلى أن يجيئكم صاحب الجمل الأحمر ، يعني محمدا - صلى الله عليه وسلم - وذلك على ألف سنة وستمائة سنة . وبسبب ذلك وقعت البغضاء بين المجوس والعرب . ثم يذكر عند أخبار سابور ذي الأكتاف أن من جملة الأسباب الموجبة لغزوه العرب هذا القول ، والله أعلم .
ثم إن بشتاسب أحضر زرادشت ، وهو ببلخ ، فلما قدم عليه شرع له دينه ، فأعجبه واتبعه وقهر الناس على اتباعه ، وقتل منهم خلقا كثيرا حتى قبلوه ودانوا به .
[ ص: 227 ] وأما المجوس فيزعمون أن أصله من أذربيجان ، وأنه نزل على الملك من سقف إيوانه ، وبيده كبة من نار يلعب بها ولا تحرقه ، وكل من أخذها من يده لم تحرقه ، وأنه اتبعه الملك ، ودان بدينه ، وبنى بيوت النيران في البلاد ، وأشعل من تلك النار في بيوت النيران ، فيزعمون أن النيران التي في بيوت عباداتهم من تلك إلى الآن .
وكذبوا فإن النار التي للمجوس طفئت في جميع البيوت لما بعث الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - على ما نذكره إن شاء الله تعالى .
وكان ظهور زرادشت بعد مضي ثلاثين سنة من ملك بشتاسب ، وأتاه بكتاب زعم أنه وحي من الله تعالى ، وكتب في جلد اثني عشر ألف بقرة حفرا ونقشا بالذهب ، فجعلهبشتاسب في موضع بإصطخر ومنع من تعليمه العامة .
وكان بشتاسب وآباؤه قبله يدينون بدين الصابئة . وسيرد باقي أخباره .
قد ذكرنا أن كيخسرو لما حضرته الوفاة عهد إلى ابن عمه لهراسب بن كيوخى بن كيكاووس ، فهو ابن كيكاووس ، فلما ملك اتخذ سريرا من ذهب وكلله بأنواع الجواهر وبنيت له بأرض خراسان مدينة بلخ وسماها الحسناء ، ودون الدواوين ، وقوى ملكه بانتخابه الجنود ، وعمر الأرض ، وجبى الخراج لأرزاق الجند .
واشتدت شوكة الترك في زمانه فنزل مدينة بلخ لقتالهم ، وكان محمودا عند أهل مملكته شديد القمع لأعدائه المجاورين له ، شديد التفقد لأصحابه ، بعيد الهمة ، عظيم البنيان ، وشق عدة أنهار ، وعمر البلاد وحمل إليه ملوك الهند ، والروم ، والمغرب الخراج ، وكاتبوه بالتمليك هيبة له وحذرا منه .
ثم إنه تنسك ، وفارق الملك ، واشتغل بالعبادة ، واستخلف ابنه بشتاسب في الملك ، وكان ملكه مائة وعشرين سنة ، وملك بعده ابنه بشتاسب ، وفي أيامه ظهر زرادشت بن سقيمان الذي ادعى [ ص: 226 ] النبوة وتبعه المجوس .
وكان زرادشت فيما يزعم أهل الكتاب من أهل فلسطين يخدم لبعض تلامذة إرميا النبي خاصا به ، فخانه وكذب عليه ، فدعا الله عليه فبرص ولحق ببلاد أذربيجان وشرع بها دين المجوس .
وقيل : إنه من العجم . وصنف كتابا وطاف به الأرض ، فما عرف أحد معناه ، وزعم أنها لغة سماوية خوطب بها ، وسماه : أشتا ، فسار من أذربيجان إلى فارس ، فلم يعرفوا ما فيه ولم يقبلوه ، فسار إلى الهند وعرضه على ملوكها ، ثم أتى الصين والترك فلم يقبله أحد وأخرجوه من بلادهم ، وقصد فرغانة ، فأراد ملكها أن يقتله فهرب منها وقصد بشتاسب بن لهراسب ، فأمر بحبسه ، فحبس مدة .
وشرح زرادشت كتابه وسماه : زند ، ومعناه : التفسير ، ثم شرح الزند بكتاب سماه : بازند ، يعني : تفسير التفسير . وفيه علوم مختلفة كالرياضيات ، وأحكام النجوم ، والطب ، وغير ذلك من أخبار القرون الماضية وكتب الأنبياء . وفي كتابه : تمسكوا بما جئتكم به إلى أن يجيئكم صاحب الجمل الأحمر ، يعني محمدا - صلى الله عليه وسلم - وذلك على ألف سنة وستمائة سنة . وبسبب ذلك وقعت البغضاء بين المجوس والعرب . ثم يذكر عند أخبار سابور ذي الأكتاف أن من جملة الأسباب الموجبة لغزوه العرب هذا القول ، والله أعلم .
ثم إن بشتاسب أحضر زرادشت ، وهو ببلخ ، فلما قدم عليه شرع له دينه ، فأعجبه واتبعه وقهر الناس على اتباعه ، وقتل منهم خلقا كثيرا حتى قبلوه ودانوا به .
[ ص: 227 ] وأما المجوس فيزعمون أن أصله من أذربيجان ، وأنه نزل على الملك من سقف إيوانه ، وبيده كبة من نار يلعب بها ولا تحرقه ، وكل من أخذها من يده لم تحرقه ، وأنه اتبعه الملك ، ودان بدينه ، وبنى بيوت النيران في البلاد ، وأشعل من تلك النار في بيوت النيران ، فيزعمون أن النيران التي في بيوت عباداتهم من تلك إلى الآن .
وكذبوا فإن النار التي للمجوس طفئت في جميع البيوت لما بعث الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - على ما نذكره إن شاء الله تعالى .
وكان ظهور زرادشت بعد مضي ثلاثين سنة من ملك بشتاسب ، وأتاه بكتاب زعم أنه وحي من الله تعالى ، وكتب في جلد اثني عشر ألف بقرة حفرا ونقشا بالذهب ، فجعلهبشتاسب في موضع بإصطخر ومنع من تعليمه العامة .
وكان بشتاسب وآباؤه قبله يدينون بدين الصابئة . وسيرد باقي أخباره .