بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل قصة ( سجود إبليس لقبر آدم ) باطلة ؟
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
( ذكر أن إبليس جاء إلى موسى صلوات الله تعالى وسلامه عليه فقال له: أنت الذي اصطفاك الله تعالى برسالته وكلمك تكليماً، وإنما أنا خلق من خلق الله تعالى أردت أن أتوب إلى ربك فاسأله أن يتوب عليّ ففرح بذلك موسى فدعا وصلّى ما شاء الله تعالى. ثم قال: يا رب إنه إبليس خلق من خلقك يسألك التوبة فتب عليه. فقيل له: يا موسى إنه لا يتوب. فقال: يا رب إنه يسألك التوب. فأوحى الله تعالى: إني استجبت لك يا موسى فمره أن يسجد لقبر آدم فأتوب عليه فرجع موسى مسروراً فأخبره بذلك، فغضب من ذلك واستكبر ثم قال: أنا لم أسجد له حياً أأسجد له ميتاً..)
وجزاك الله خيرا
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا
رواها ابن أبي الدنيا في " مكائد الشيطان " عن ابن عُمر بإسناد ضعيف ، وذَكَرها السيوطي في " الدر المنثور " .
والذي يَظهر أنها قصة باطلة لسببين :
الأول : أن نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام أعرف مِن أن يسأل الله التوبة لإبليس ، وقد سَبق مِن الله طرد إبليس ولعنته وإمهاله إلى يوم البعث ، وأن هذا لا يُخلَف ولا يُبدَّل .
الثاني : ما فيه مِن الأمْر بالسجود لِلقَبْر ، وهذا شِرْك بالله .
ولئن جاز السجود لآدم حيًّا تشريفا له وتحية ، فلا يجوز السجود له بعد موته ، فضلا عن السجود لِقبر آدم .
وسجود الملائكة لآدم سجود تحية وتشريف ، كما سَجَد إخوة يوسف ليوسف عليه الصلاة والسلام . وهذا كان جائزا في شريعتهم دون شريعتنا .
قال البغوي : الأصح أن السجود كان لآدم على الحقيقة ، وتضمن معنى الطاعة لله عز وجل بامتثال أمْرِه ، وكان ذلك سجود تعظيم وتحية لا سجود عبادة ، كَسُجود إخوة يوسف له في قوله عز وجل : (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا) ، ولم يكن فيه وَضْع الوَجه على الأرض إنما كان انحناء ، فلما جاء الإسلام أبطل ذلك بالسلام . اهـ .
وقال القرطبي : واخْتَلَف الناس في كيفية سجود الملائكة لآدم بعد اتفاقهم على أنه لم يكن سجود عبادة ؛ فقال الجمهور : كان هذا أمْرًا للملائكة بِوَضع الجباه على الأرض ، كالسجود المعتاد في الصلاة ، لأنه الظاهر مِن السجود في العُرف والشرع ، وعلى هذا قيل : كان ذلك السجود تكريما لآدم وإظهارا لِفَضْله ، وطاعة لله تعالى، وكان آدم كالقِبْلة لنا . ومعنى" لآدم " : إلى آدم ، كما يُقال صَلّى للقبلة ، أي : إلى القبلة ...
واخْتُلِف أيضا : هل كان ذلك السجود خاصا بآدَم عليه السلام ، فلا يجوز السجود لغيره من جميع العالَم إلاّ لله تعالى ، أم كان جائزا بعده إلى زمان يعقوب عليه السلام، لقوله تعالى : (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا) ، فكان آخر ما أُبِيح من السجود للمخلوقين ؟ والذي عليه الأكثر أنه كان مُباحا إلى عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأوْرَد القرطبي قول سعيد بن جبير عن قتادة عن الحسن : في قوله : (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا) قال : لم يكن سجودا ، لكنه سُنة كانت فيهم ، يُومئون برؤوسهم إيماء ، كذلك كانت تحيتهم .
وأوْرَد قول الثوري والضحاك وغيرهما : كان سجودا كالسجود المعهود عندنا ، وهو كان تحيتهم .
وقيل : كان انحناء كالركوع ، ولم يكن خُرورا على الأرض ، وهكذا كان سلامهم بالتكفّي والانحناء .
ثم قال القرطبي : وقد نَسَخ الله ذلك كله في شرعنا ، وجعل الكلام بَدَلا عن الانحناء .
وأجمع المفسرون أن ذلك السجود على أي وجه كان فإنما كان تحية لا عبادة ، قال قتادة : هذه كانت تحية الملوك عندهم ، وأعطى الله هذه الأمة السلام تحية أهل الجنة . قلت : هذا الانحناء والتكفّي الذي نُسِخ عنا قد صار عادة بالديار المصرية ، وعند العجم ، وكذلك قيام بعضهم إلى بعض ، حتى إن أحدهم إذا لم يُقَم له وَجَد في نفسه كأنه لا يُؤبَه به ، وأنه لا قَدْر له ، وكذلك إذا الْتَقَوا انحنى بعضهم لبعض ، عادة مستمرة ، ووراثة مستقرة لا سيما عند التقاء الأمراء والرؤساء ! نَكَبوا عن السنن ، وأعرضوا عن السنن .
والله تعالى أعلم .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل قصة ( سجود إبليس لقبر آدم ) باطلة ؟
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
( ذكر أن إبليس جاء إلى موسى صلوات الله تعالى وسلامه عليه فقال له: أنت الذي اصطفاك الله تعالى برسالته وكلمك تكليماً، وإنما أنا خلق من خلق الله تعالى أردت أن أتوب إلى ربك فاسأله أن يتوب عليّ ففرح بذلك موسى فدعا وصلّى ما شاء الله تعالى. ثم قال: يا رب إنه إبليس خلق من خلقك يسألك التوبة فتب عليه. فقيل له: يا موسى إنه لا يتوب. فقال: يا رب إنه يسألك التوب. فأوحى الله تعالى: إني استجبت لك يا موسى فمره أن يسجد لقبر آدم فأتوب عليه فرجع موسى مسروراً فأخبره بذلك، فغضب من ذلك واستكبر ثم قال: أنا لم أسجد له حياً أأسجد له ميتاً..)
وجزاك الله خيرا
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا
رواها ابن أبي الدنيا في " مكائد الشيطان " عن ابن عُمر بإسناد ضعيف ، وذَكَرها السيوطي في " الدر المنثور " .
والذي يَظهر أنها قصة باطلة لسببين :
الأول : أن نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام أعرف مِن أن يسأل الله التوبة لإبليس ، وقد سَبق مِن الله طرد إبليس ولعنته وإمهاله إلى يوم البعث ، وأن هذا لا يُخلَف ولا يُبدَّل .
الثاني : ما فيه مِن الأمْر بالسجود لِلقَبْر ، وهذا شِرْك بالله .
ولئن جاز السجود لآدم حيًّا تشريفا له وتحية ، فلا يجوز السجود له بعد موته ، فضلا عن السجود لِقبر آدم .
وسجود الملائكة لآدم سجود تحية وتشريف ، كما سَجَد إخوة يوسف ليوسف عليه الصلاة والسلام . وهذا كان جائزا في شريعتهم دون شريعتنا .
قال البغوي : الأصح أن السجود كان لآدم على الحقيقة ، وتضمن معنى الطاعة لله عز وجل بامتثال أمْرِه ، وكان ذلك سجود تعظيم وتحية لا سجود عبادة ، كَسُجود إخوة يوسف له في قوله عز وجل : (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا) ، ولم يكن فيه وَضْع الوَجه على الأرض إنما كان انحناء ، فلما جاء الإسلام أبطل ذلك بالسلام . اهـ .
وقال القرطبي : واخْتَلَف الناس في كيفية سجود الملائكة لآدم بعد اتفاقهم على أنه لم يكن سجود عبادة ؛ فقال الجمهور : كان هذا أمْرًا للملائكة بِوَضع الجباه على الأرض ، كالسجود المعتاد في الصلاة ، لأنه الظاهر مِن السجود في العُرف والشرع ، وعلى هذا قيل : كان ذلك السجود تكريما لآدم وإظهارا لِفَضْله ، وطاعة لله تعالى، وكان آدم كالقِبْلة لنا . ومعنى" لآدم " : إلى آدم ، كما يُقال صَلّى للقبلة ، أي : إلى القبلة ...
واخْتُلِف أيضا : هل كان ذلك السجود خاصا بآدَم عليه السلام ، فلا يجوز السجود لغيره من جميع العالَم إلاّ لله تعالى ، أم كان جائزا بعده إلى زمان يعقوب عليه السلام، لقوله تعالى : (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا) ، فكان آخر ما أُبِيح من السجود للمخلوقين ؟ والذي عليه الأكثر أنه كان مُباحا إلى عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأوْرَد القرطبي قول سعيد بن جبير عن قتادة عن الحسن : في قوله : (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا) قال : لم يكن سجودا ، لكنه سُنة كانت فيهم ، يُومئون برؤوسهم إيماء ، كذلك كانت تحيتهم .
وأوْرَد قول الثوري والضحاك وغيرهما : كان سجودا كالسجود المعهود عندنا ، وهو كان تحيتهم .
وقيل : كان انحناء كالركوع ، ولم يكن خُرورا على الأرض ، وهكذا كان سلامهم بالتكفّي والانحناء .
ثم قال القرطبي : وقد نَسَخ الله ذلك كله في شرعنا ، وجعل الكلام بَدَلا عن الانحناء .
وأجمع المفسرون أن ذلك السجود على أي وجه كان فإنما كان تحية لا عبادة ، قال قتادة : هذه كانت تحية الملوك عندهم ، وأعطى الله هذه الأمة السلام تحية أهل الجنة . قلت : هذا الانحناء والتكفّي الذي نُسِخ عنا قد صار عادة بالديار المصرية ، وعند العجم ، وكذلك قيام بعضهم إلى بعض ، حتى إن أحدهم إذا لم يُقَم له وَجَد في نفسه كأنه لا يُؤبَه به ، وأنه لا قَدْر له ، وكذلك إذا الْتَقَوا انحنى بعضهم لبعض ، عادة مستمرة ، ووراثة مستقرة لا سيما عند التقاء الأمراء والرؤساء ! نَكَبوا عن السنن ، وأعرضوا عن السنن .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية
تعليق