موقف الأمة الإسلامية من المبتدعة
ومنهج أهل السنة والجماعة في الرّدّ عليهم
موقف أهل السُّنَّة والجماعة من المبتدعة:
ما زال أهل السنة والجماعة يردون على المبتدعة ، ويُنكرون عليهم بدعهم، ويمنعونهم من مزاولتها،
وإليك نماذج من ذلك:
(أ) «عن أم الدرداء قالت: (دخل عليَّ أبو الدرداء مُغضَبًا، فقُلتُ له: ما لكَ؟ فقال: والله ما أعرفُ فيهم شيئًا من أمر محمد إلا أنهم يصلون جميعًا » .
(ب) عن عمر بن يحيى قال: (سمعتُ أبي يُحَدِّثُ عن أبيه قال: كنا نجلسُ على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري، فقال: أخرجَ عليكُم أبو عبد الرحمن بعد؟ قلنا: لا، فجلس معنا حتى خَرجَ، فلما خرجَ قُمنا إليه جميعًا، فقال: يا أبا عبد الرحمن، إني رأيت في المسجد آنفًا أمرًا أنكرتُهُ ، ولم أرَ - والحمد لله - إلا خيرًا، قال: وما هو؟
قال: إن عِشْتَ فستراه،
قال: رأيتُ في المسجد قومًا حلقًا جلوسًا ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصى فيقولُ: كبروا مائة، فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة، فيهللون مائة، فيقول: سبّحوا مائة، فيسبحون مائة،
قال: فماذا قلتَ لهم؟
فقال: ما قلتُ لهم شيئًا انتظارَ رأيك، أو انتظار أمرك،
قال: أفلا أمرتَهُم أن يعدوا سيئاتهم، وضمنتَ لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء؟
ثم مضى ومضينا معه؛ حتى أتى حلقة من تلك الحلق، فوقف عليهم فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟
قالوا: يا أبا عبد الرحمن، حصى نعدُّ به التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد،
قال: فعدوا سيئاتكم، فأنا ضامنٌ أن لا يضيعَ من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم، هؤلاء أصحابه متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تُكسر، والذي نفسي بيده: إنكم لعلى ملةٍ هي أهدى من ملة محمد، أو مُفتتحو باب ضلالة.
قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير،
قال: وكم مريد للخير لن يُصيبه! إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدثنا أن قومًا يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وايمُ الله لا أدري لعل أكثرهم مِنكُم. ثم تولَّى عنهم.
فقالَ عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك يطاعنوننا يومَ النهروان مع الخوارج» .
(ج) جاء رجل إلى الإمام مالك بن أنس - رحمه الله - فقال: من أين أُحْرِمُ؟ فقال: من الميقات الذي وَقَّتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأحرم منه،
فقال الرجل: فإن أحرمتُ من أبعد منه، فقال مالك: لا أرى ذلك، فقالَ: ما تكرهُ من ذلك،
قال: أكره عليك الفتنة،
قال: وأي فتنة في ازدياد الخير؟
فقالَ مالك: فإنّ الله تعالى يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] .
وأي فتنة أعظم من أنك خُصِّصْتَ بفضل لم يُختَصّ به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ !
هذا نموذج، ولا زال العلماءُ يُنكرونَ على المبتدعة في كل عصر، والحمد لله.
تعليق