مما روي عنه من الإسرائيليات
أ: هلال بن علي العامري عن عطاء بن يسار، قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة؟
قال: " أجل، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا}، وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا). رواه البخاري في صحيحه، والإمام أحمد في مسنده، وغيرهما.
ب: عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن محمد بن سيرين عن عقبة بن أوس، عن عبد الله بن عمرو قال: وجدت في بعض الكتب يوم غزونا اليرموك: "أبو بكر الصديق أصبتم اسمه، عمر الفاروق قرن من حديد أصبتم اسمه، عثمان ذو النورين أوتي كفلين من الرحمة لأنه يُقتل، أصبتم اسمه"
قال: "ثم يكون والي الأرض المقدسة وابنه"
قال عقبة: قلت لابن العاص: سمهما كما سميت هؤلاء، قال: معاوية وابنه). رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة ونعيم بن حماد في الفتن.
ج: إسماعيل بن عياش، حدثني عمرو بن قيس السكوني، قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص، يقول: من أشراط الساعة أن يظهر القول ويخزن الفعل، ومن أشراط الساعة أن ترفع الأشرار، وتوضع الأخيار، وإن من أشراط الساعة أن يقرأ المثناة على رءوس الملأ لا يغير.
قيل: يا أبا عبد الرحمن، كيف بما جاء من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: (ما جاءكم عمَّن تأمنونه على نفسه ودينه فخذوا به، وعليكم بالقرآن فإنه عنه تسألون، وبه تجزون، وكفى به واعظا لمن عقل).
وقيل: يا أبا عبد الرحمن، فما المثناة؟
قال: (ما استكتب من غير كتاب الله عز وجل).
قال أبو عبيد: سألت رجلا من أهل العلم بالكتب الأولى قد عرفها وقرأها عن المثناة، فقال: " إن الأحبار والرهبان من بني إسرائيل بعد موسى وضعوا كتابا فيما بينهم على ما أرادوا بينهم من غير كتاب الله عز وجل، فسموه المثناة كأنهم يعني أنهم أدخلوا فيه ما شاءوا، وحرفوا فيه ما شاءوا على خلاف كتاب الله تبارك تعالى ".
قال أبو عبيد: " فبهذا عرفت تأويل حديث عبد الله بن عمرو أنه إنما كره الأخذ عن أهل الكتاب لذلك المعنى، وقد كان عنده كتب وقعت يوم اليرموك فأظنه قال هذا لمعرفته بما فيها " رواه البيهقي في شعب الإيمان.
والنوع الرابع من الإسرائيليات: ما كان يُروى عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين لم يقرؤوا كتب أهل الكتاب، لكن لهم رواية عمّن قرأها؛ ككعب الأحبار، وغيره.
ومنهم: أبو هريرة، وابن عباس، وأبو موسى الأشعري.
وهذا النوع ينظر فيه من ثلاث جهات:
الأولى: تصريحهم بالرواية عمّن يحدّث عن أهل الكتاب وعدمه؛ فما صرّحوا فيه بالتحديث عمن يحدّث عن أهل الكتاب؛ فهذا أمره بيّن أنّه ليس مما تلقوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكون حكمه حكم الإسرائيليات المعروف.
والجهة الثانية: نكارة المتن وعدمها؛ فإذا كان المتن غير منكر؛ فقد جرت عادة المفسّرين على التساهل في الرواية، سواء أصرحوا أم لم يصرّحوا.
والجهة الثالثة: صحّة الإسناد إليهم، وقد جرى عمل كثير من المفسّرين على التساهل في الرواية بالأسانيد التي فيها ضعف محتمل للتصحيح ما لم يكن في المتن نكارة؛ فأما إذا كان المتن منكراً فإنّ من محققي المفسّرين من ينبّه لذلك.
وأهل الحديث ينبّهون على الضعف الشديد في الإسناد وإن لم يكن المتن منكراً؛ ومن المفسّرين من يتساهل في ذلك.
يتبع
تعليق