بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
قال الله تعالى : مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) سورة الأحزاب
يقول الله تعالى مُوَطِّئًا قبل المقصود المعنوي أمرا معروفا حسيا وهو :
أنه كما لا يكون للشخص الواحد قلبان في جوفه ولا تصير زوجته التي يظاهر منه بقوله أنتِ عَليَّ ليَّ كَظَهْرِ أُمِّي أُمًّا له ،
كذلك لا يصير الدعيّ ولداً للرجل إذا تبنّاه فدعاه ابناً له ، فقال:
{ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وما يجعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم}، كقوله عز وجل: {ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم} الآية ،
وقوله تعالى: {وما جعل أدعيآءكم أبناءهم} هذا هو المقصود بالنفي ، فإنها نزلت في شأن ( زيد بن حارثة ) رضي الله عنه مولى النبي صلى الله عليه وسلم، كان النبي صلى الله عليه وسلم قد تبناه قبل النبوة، فكان يُقال له ( زيد بن محمد )
فأراد الله تعالى أن يقطع هذا الإلحاق وهذه النسبة بقوله تعالى: {وما جعل أدعيآءكم أبنآءكم}، كما قال تعالى: {ما كان محمد أبآ أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين}،
وقال ههنا: {ذلكم قولكم بأفواهكم}
يعني :
تبنيكم لهم قول لا يقتضي أن يكون ابنا حقيقيا فإنه مخلوق من صلب رجل آخر ، فما يمكن أن يكون له أبوان ، كما لايمكن أن يكون للبشر الواحد قلبان
والله أعلم .
المصدر : باختصار من ( تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى )