وبالنسبه لقصص رؤيا الكنوز في المنام لا تكاد تخلوا جلسة لكبار السن في منطقتنا الا ويروي احدهم قصة شخص توفي قبل سنوات طويله ولا يعرفه سوا كبار السن من قريتنا الذين سمعوا قصته من آبائهم ، حيث روى لي احد الشيوخ الطاعنين بالسن القصه كما سمعها : حيث ان ذلك الشخص كان فقير الحال جدا ولا يكاد يجد لقمة العيش ويذكرون له الكثير من المناقب الحسنه بالرغم من عسر حاله في ذلك الوقت حيث كان شديد الكرم والطيب وحسن الخلق والصدق في المعامله ، ولم يكن يسعى وراء البحث عن الذهب و الكنوز والدفائن بقدر ما كان يهتم بعائلته ويعمل من اجلهم فقد كان متزوج ولديه طفلين ولكن في احد الايام جائته رؤيا في المنام ، وهي فتاة شديدة الحسن والجمال من طول فارع وبياض البشره وطول الشعر وجمال العينين كما وصفها ؛ حيث لم يسبق لذلك الشخص ان رأى جمالا كهذا وكانت تقترب منه في المنام وتتوسل اليه وهي تبكي ان يخلصها من السجن التي هي فيه وسوف تعطيه كنوز لا حصر لها من الذهب والفضه والدفائن المتنوعه ، وكان يستيقظ ذلك الشخص من المنام ويستعيذ من الشيطان ولم يلقي بالا لتلك الرؤيا ولكنها تكررت معه للمره الثانيه حيث جائته تلك الفتاه في الليله التاليه بعد ان نام في المساء وهي تبكي وتتوسل وتطلب منه ان يخلصها من سجنها ولا زالت توعده بالغنا والتخلص من الفقر وتغريه بانها ستعطيه كنوز و دفائن لا حصر لها من الذهب .

ودار حوار بينهما في تلك الرؤيا حيث سألها ذلك الشخص عن ماهية سجنها وما علاقته ليخلصها ولماذا جاءت اليه هو بالذات حيث قالت له : انها مربوطه على احد الكنوز لحراسته من قبل احد السحره في العصور القديمه ولا تستطيع مغادرة ذلك المكان لانها تخاف ان تقتل من قبل قبيلة من الجن موكله بمنعها من المغادره ، والسبيل الوحيد لخلاصها هو اما ان تموت لهرمها , او ان يأتي شخص في موعد معين يتكرر كل عشرة سنوات بتاريخ شهر عربي معين عند اكتمال القمر حيث تستطيع ان تظهر في ذلك اليوم فوق مكان الكنز ولكن تظهر بشكل افعى سوداء اللون طويله وذات انياب مخيفه تخرج من فمها ، ومرعبه بشكل لا يوصف وانه اذا شاهدها شخص ولم يخاف منها وقام بالوثب من فوقها انها ستتحرر وسيتمكن اي شخص من استخراج ذلك الكنز بسهوله عند مغادرتها وان ذلك الموعد اقترب حيث سيكتمل القمر بعد يومين ، واذا فاتت هذه الفرصه ستربط طوال حياتها على هذا الكنز وفي الرؤيا امسكت هذه الفتاه الجميله بيد الرجل وسارت به الى المكان وأرته اياه وجعلته يشاهد ذلك الذهب الدفين والكنوز التي وعدته بها واخبرته اين ستظهر بصورة افعى بالضبط وماذا عليه ان يفعل وقالت له انها اتت اليه هو بالذات لشدة فقره وارادت ان يستفيد هو من الدفين والذهب الذي تحرسه ولظنها انه قوي القلب ويستطيع تخليصها من الربط على الكنز لبقية عمرها، استيقظ الرجل من ذلك الحلم مفزوعا غير مستوعب لما يحدث فهذه الرؤيا تكررت لليوم الثاني على التوالي ولكنه لا يزال غير مصدق لما يراه في احلامه .

ولكنه اراد قطع الشك باليقين فذهب الى نفس المكان الذي اخذته اليه الفتاه في الرؤيا مع العلم انه لم يذهب لتلك المنطقه من قبل على ارض الواقع ، وفور وصوله ذهل واندهش لان المنطقه التي رآها في حلمه مع تلك الفتاه هي ذاتها مع معالمها على ارض الواقع ، عاد الرجل الى بيته مذهولا ولا يدري ماذا يفعل ولكنه ايقن ان تلك الرؤيا حقيقيه وقد تكون رؤيا صالحه ساقها الله له ليفتح عليه ابواب الرزق وخزائن الارض ، وفي المساء وبعد نومه تكررت معه تلك الرؤيا للمره الثالثه وجائته تلك الفتاه الحسناء لتذكره بالموعد وتتوسل اليه ان يذهب بالتوقيت الذي اخبرته به ، واخذت منه عهدا بذلك، وتحذره من ان يخاف عند رؤيتها على شكل افعى لان خوفه سيظيع كل شيء حيث قالت له ان هذه اخر مره ستراني بها على صورتي الجميله ، وعليك ان لا تخاف عندما تراني في المكان على شكل افعى وذكرت كل الصفات البشعه والمخيفه التي سيشاهدها .

وبالفعل استيقظ الرجل في اليوم التالي وانتظر ذلك الموعد الذي اخبرته به الفتاه وفي توقيت معين ليلاً خرج ذلك الرجل الى المكان وفور وصوله خرجت له افعى كبيرة جدا شديدة السواد وطويلة الانياب تلتف على نفسها وتحرك برأسها مرعبه لدرجه كبييره كما وصفها ، وفور رؤيتها لم يستطع الرجل تمالك نفسه ولم يسيطر على خوفه حيث شعر برعب شديد واصبح يرتجف من شدة الخوف ونسي الوعد بالذهب والدفائن والكنوز وشعر انه لا يقوى على الحراك وكأن قدماه التصقتا بالارض ، وأحس بان تلك الثواني القليله هي سنين من شدة خوفه ولم يستطع ان ينطق بكلمه واسنانه تكاد تتكسر من ارتعاشه وخوفه حيث استدار بسرعه وهرب باقصى سرعه بدون ادنى درجة من الوعي ، حيث سمع صوت صراخ شديد من تلك الافعى ودعت عليه قائلة قطع الله دارك وأطفأ موقد نارك فقد خنت العهد ولم تصدق الوعد ) بقي الرجل يجري بأقصى سرعه حيث يقع على الارض ويقوم مرات عديده من الخوف غير آبه بما يرتطم به من صخور واشواك الى ان وصل الى بيته ولم ينام تلك الليله من الخوف وقدميه تنزفان الدماء وجسمه مهشم من الطريقه الجنونيه التي ركض بها .

وفي اليوم التالي وفي الصباح الباكر خرج الى القريه والكل يتعجب من شكله وكأنه خرج من معركه وروى لهم قصته فقاموا بالعناية به وعلاجه من جراحه وكدماته ولم ينسى دعوة تلك الافعى حيث كان شديد الخوف والرهبه , و بعدها بأيام توفي أولاده الاثنان حيث لدغتهم افعى اثناء نومهم وماتوا من السم وهجرته زوجته بعدها بأسابيع .. وما لبث ان ساءت حاله أكثر ولزم الفراش ومات بعدها بفترة وجيزه جدا . ولا يزال اهل القريه جميعا يعتقدون ان كل ما اصاب هذا الشخص هو من دعوة تلك الافعى ( حارسة المال او الرصد ) لانه بالفعل قطعت داره ( اي توفي اولاده وانقطع نسله وذريته ) وأُطفأت ناره ( اي هجر بيته ولم يعد يسكن فيه احد او توقد فيه النار ) ولكن كل ما يحصل للانسان هو بمشيئة الله طبعا ... ولا نعلم مصداقية هذه القصص التي يرويها الاجداد فقد يخالطها الكثير من المبالغه بسبب قدم هذه الروايات وتناقلها من شخص لاخر هذا والله وحده اعلم بذلك