بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
السؤال :
إن النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا بأحاديث تشتبه علينا، هل هي تمثيل أو غير تمثيل ؟ ونحن نضعها بين أيديكم :
قال النبي صلى الله عليه وسلم "إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر، لا تضامون في رؤيته" (رواه البخاري (554) ومسلم (633)
فقال: "كما" والكاف للتشبيه، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن من قاعدتنا أن نؤمن بما قال الرسول كما نؤمن بما قال الله، فأجيبوا عن هذا الحديث؟
الجواب :
نجيب عن هذا الحديث وعن غيره بجوابين: الجواب الأول مجمل والثاني مفصل.
فالأول المجمل:
أنه لا يمكن أن يقع تعارض بين كلام الله وكلام رسوله الذي صح عنه أبداً، لأن الكل حق، والحق لا يتعارض، والكل من عند الله، وما عند الله تعالى لا يتناقض {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} [النساء: 82]،
فإن وقع ما يوهم التعارض في فهمك، فأعلم أن هذا ليس بحسب النص، ولكن باعتبار ما عندك،
فأنت إذا وقع التعارض عندك في نصوص الكتاب والسنة، فإما لقلة العلم، وإما لقصور الفهم، وإما للتقصير في البحث والتدبر،
ولو بحثت وتدبرت، لوجدت أن التعارض الذي توهمته لا أصل له، وإما لسوء القصد والنية، بحيث تستعرض ما ظاهره التعارض لطلب التعارض، فتحرم التوفيق، كأهل الزيغ الذين يتبعون المتشابه.
ويتفرع على هذا الجواب المجمل أنه يجب عليك عند الاشتباه أن ترد المشتبه إلى المحكم، لأن هذه الطريق الراسخين في العلم، قال الله تعالى:
{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7]،
ويحملون المتشابه على المحكم حتى يبقى النص كله محكماً.
وأما الجواب المفصل :
فأن نجيب عن كل نص بعينه فنقول:
إن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته"
ليس تشبيهاً للمرئي بالمرئي، و لكنه تشبيه للرؤية بالرؤية،
"سترون ... كما ترون "، فالكاف في: "كما ترون": داخله على مصدر مؤول، لأن (ما) مصدرية،
وتقدير الكلام: كرؤيتكم القمر ليلة البدر , وحينئذ يكون التشبيه للرؤية بالرؤية لا المرئي بالمرئي،
والمراد أنكم ترونه رؤية واضحة كما ترون القمر ليلة البدر ولهذا أعقبه بقوله: "لا تضامون في رؤيته" أو: "لا تضارون في رؤيته"
فزال الإشكال الآن.
والله أعلم
من شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين رحمه الله
المصدر
تعليق