إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مغالطات .. كتاب السر و قانون الجذب !

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مغالطات .. كتاب السر و قانون الجذب !


    بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله


    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	26-8-2014.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	145.1 كيلوبايت 
الهوية:	793939

    "أنا جربتها ونفعت"..
    "كل مرة أعمل (كذا) = يحصل (كذا)"..
    "أول ما فكرت في (كذا)... اتحقق"..

    هذه الجمل وما شابهها يتداولها كثير من الناس في خضم ممارساتهم الحياتية، خلاصتها: ربط نتائج أو أحداث معينة بأسبابٍ "متوهمة" لمجرد التلازم أو التوالي في ترتيب حدوثها! وهو ما يجعل كثيرًا من الناس يتوهم أن (وسيلة ما) تعد سببًا (لنتيجة ما) دون تحقق.


    لكن ما هي الوسيلة أو السبب ؟

    خلق الله سبحانه وتعالى هذا الكون وجعل له أسبابًا وسننًا ووسائل توصل للمراد، وجعلها على نوعين:
    (1) سبب شرعي
    (2) سبب كوني.

    (1) فأما السبب الشرعي:
    فهو كل سبب أمر به الله تعالى في وحيه يوصل إلى المقصود منه، فعلى سبيل المثال؛ التوحيد سبب لدخول الجنة، وصلة الرحم سبب لسعة الرزق. فهذه الأمور وأمثالها إنما عرفنا أنها وسائل تحقق تلك الغايات والمقاصد عن طريق الشرع وحده، لا عن طريق العلم أو التجربة أو الحواس، فنحن لم نعلم أن صلة الرحم تطيل العمر وتوسع الرزق إلا من قوله صلوات الله وسلامه عليه[1].

    (2) وأما السبب الكوني:

    فهو كل سبب طبيعي خلقه الله بهيئته وخواصه ليؤدي وظيفته التي فطره الله عليها، فعلى سبيل المثال؛ النار تحرق، والماء يروي، والسكين يقطع، وهي أسباب يتساوى فيها المؤمن والكافر. إلا أنه لا يتم إثباتها كأسباب إلا بعد ثبوت صحتها علميًا وفق منهجية معرفية أو استقرائية إحصائية سليمة بعيدة عن التأثر الأيديولوجي للباحث، مع توفر معايير للأمانة والمهنية العلمية، إضافة لعوامل أخرى كثيرة ليس هنا مجال بسطها.

    و يبقى معرفة أمر آخر في هذا الصدد :
    وهو أن السبيل الوحيد لمعرفة جواز السبب - كوني أو شرعي - هو ثبوت صحته شرعًا، فليس كل سبب كوني ثبت نفعه وتحقيقه للمراد جائز شرعًا، فالخمر فيه منافع، والربا سبب لزيادة المال، والسحر سبب للتأثير؛ وكل هذه الأسباب الكونية محرمة بنصوص الوحي، كما أنه ليس كل ممارسة تعبدية تعتبر سبب شرعي ما لم تثبتها نصوص الوحي.

    والطريق الصحيح لمعرفة مشروعية الوسائل الكونية والشرعية هو الرجوع إلى الكتاب والسنة، والتثبت مما ورد فيهما عنها، والنظر في دلالات نصوصهما، وليس هناك طريق آخر لذلك ألبتة
    .


    فهناك شرطان لجواز استعمال سبب كوني ما :

    الأول : أن يكون مباحًا في الشرع .
    والثاني : أن يكون قد ثبت تحقيقه للمطلوب، أو غلب ذلك على الظن.

    وأما الوسيلة الشرعية فلا يشترط فيها إلا ثبوتها في الشرع ليس غير[2]
    .

    لاحول ولاقوة إلا بالله

  • #2

    مغالطة التلازم والتتابع على المستوى العلمي التجريبي والإحصائي

    إن مجرد التلازم بين ظاهرتين أو التتابع بينهما لا يعني بالضرورة أن السابقة سبب للاَّحقة، فكثير من الناس يعتقدون في السبب (س) لتلازمه مع النتيجة (ص)، بمعني أنه يتلازم أو يتكرر أحيانًا ظهور الأثر (ص) بعد حدوث السبب (س)، بينما لا توجد منهجية علمية تثبت وجود هذا الترابط بينهما، أو إحصائيات علمية حقيقية تؤكد تكراره.


    إنما لا يعدوا الأمر كون هذه الأحداث في كثير من الأحيان ترتبط بقصص قديمة أو تصادف هوىً في النفس، أو ترتبط أحيانًا أخرى بأساطير وخرافات وموروثات قصصية يتداولها الآباء نقلاً عن الأجداد، أو كما يسميها بعض علماء النفس بـ "الإدراك الانتقائي" أو "الذاكرة الانتقائية" وهو الميل للربط والتذكر للأحداث الشاذة والشيقة دون الاهتمام بالأحداث التقليدية التافهة.


    من أمثلة ذلك أنه لن يثير اهتمام شخص ما إذا خرج من منزله فوجد إطار سيارته فارغًا من الهواء؛ بينما سيعلق بذهنه ذلك وقد يثير ارتيابه أو ملاحظته إذا سبقه بقليل حديث بينه وبين زوجته أخبرته فيه أن صديقة لها قد فرغ إطار سيارتها من الهواء البارحة، فحينها قد يحدث "إدراك انتقائي" وربط لهذا الحدث بما أخبرته به زوجته، فإذا تكرر هذا الأمر مرة أو مرتين على سبيل المثال مع الشخص نفسه سيتم تأكيد هذا التلازم بنسبة ما في حسه،

    بينما لا تلازم ولا ترابط بين الحدثين من الناحية العلمية التجريبية، ولا من الناحية الإحصائية كذلك!

    فمن الناحية العلمية لا علاقة سببية بين ما تخبر به الزوجة وبين فراغ إطاره من الهواء، ولا من الناحية الإحصائية يوجد تكرار لمثل هذا الموقف!.


    جدول الحياة الرباعي الكبير
    [3]

    ولفهم أوضح لهذه التلازمات وضع علماء النفس جدول الحياة الرباعي لدراسة أي ظاهرة ومعرفة مدى صحتها من حيث التلازم بين ظاهرتين،

    وأحب هنا أن أضرب المثال على ما افتُتِنَ به كثير من الناس وهو ما يطلقون عليه (قانون الجذب)، حيث يزعمون أن الإنسان بمجرد التفكير في شيء ما فإنه يجذبه إليه جذب ذاتي؛ ولنضرب مثالاً بالترقية الوظيفية.


    حصلت على الترقية لم تحصل على الترقية
    فكرت في الترقية ( أ ) (ب)
    لم تفكر في الترقية (ج) (د)

    يزعم مروجو قانون الجذب أن الشخص إذا فكر في الترقية وجلب مشاعر معينة تجاهها فإنه يجذب إليه هذه الترقية ومن ثم يحصل عليها.
    إذا طبقنا الجدول الإحصائي السابق لعمل إحصائية (حتى لو على شخص واحد ):
    - فالنقطة ( أ ) نكتب فيها عدد المرات التي فكر فيها ( الشخص/ الأشخاص ) في الترقية مطبقًا خطوات قانون الجذب، وحصل فيها على الترقية.
    - تمثل النقطة (ب) عدد المرات التي فكر فيها ( الشخص/ الأشخاص ) في الترقية مطبقًا خطوات قانون الجذب، ولم يحصل فيها على الترقية.
    - تمثل النقطة (ج) عدد المرات التي لم يفكر فيها ( الشخص/ الأشخاص ) في الترقية ولم يطبق خطوات قانون الجذب، وحصل فيها على الترقية.
    - تمثل النقطة (د) عدد المرات التي لم يفكر فيها ( الشخص/ الأشخاص ) في الترقية ولم يطبق خطوات قانون الجذب، ولم يحصل فيها على الترقية.

    هنا تكمن المشكلة , ففي الحياة الواقعية غالبًا ما نتسم بالضعف الشديد في تقدير الارتباطات من خلال (جدول الحياة الرباعيويرجع ذلك أننا نهتم اهتمامًا كبيرًا بخانات معينة ولا نوجه الاهتمام الكافي لخانات أخرى.


    والأبحاث توضح على نحو خاص أننا عادة ما نمعن في الإهتمام بالخانة ( أ ) ولا نوجه اهتمامًا كافيًا للخانة (ب)[4] ، ولا عجب في ذلك لأن الخانة ( أ ) عادة ما تكون أكثر إثارة من الخانة (ب)[5] ، لذا فمن الطبيعي أن يتم تناقل عدد مرات الخانة ( أ ) ونشرها بين الناس والتحدث بشأنها فهي أكثر إثارة وتشويقًا.


    أضف إلى ذلك :

    إشباع رغبة البعض في التميز بشعوره أنه يمتلك خارق من خوارق العادات أو أنه ذو شفافية ما، أو على الأقل متميزًا على أقرانه، بخلاف الأمر في النقطة (ب) فسيعتبر حالة عادية
    ولن تجد أحدًا يقول لك: "ياللروعة.. تخيل أني فكرت البارحة في الترقية وجلبت مشاعر تجاهها وفي الصباح ذهبت إلى العمل ولم أحصل عليها!!"
    فضلاً عن النقطة (ج) و(د) التي تهدم زعم ما يسمى بقانون الجذب.
    !!

    يقول تشابمان:"إن ميلنا إلى تذكر الأحداث العظام في حياتنا ونسيان الأحداث الصغار غالبًا يؤدي إلى ظاهرة ملحوظة يطلق عليها "الإرتباط الوهمي"، وهي المفهوم المغلوط المتمثل في أن حادثين لا يرتبط أحدهما بالآخر من الناحية الإحصائية هما مرتبطان في حقيقة الأمر"

    لذا فمن الخطأ استنتاج علاقة سببية بين متغيرين أو أكثر لمجرد أنهم يرتبطون ببعض أو يحدثون في آن واحد.

    فالعلماء يقولون: "الارتباط لا يعني علاقة السببية؛ لذا إذا كان المتغيران " س" و "ص" مرتبطين فيمكن أن يكون هناك ثلاث تفسيرات رئيسية:

    المتغير (س) سببًا للمتغير (ص)
    المتغير (ص) سببًا للمتغير (س)
    ربما يسبب متغير ثالث (هـ) كلاً من المتغير (س) و(ص). على سبيل المثال أن يكون (هـ) عاملاً مساعدًا على ارتباط (س) و(ص)
    ويطلقون على هذا المتغير الثالث "معضلة المتغير الثالث".
    وتكمن المشكلة في أن الباحثين الذين أجروا الدراسة ربما لم يعمدوا إلى قياس المتغير (هـ) قط، بل ربما لم يسمعوا قط بوجوده !!! [6]

    يقول علماء النفس: "الارتباط لا يعني علاقة السببية"، لذا فإن الاستنتاج بوجود ترابط سببي بين حدثين إذا أشارت الإحصاءات لحدوثهما معًا من حيث الزمان أو المكان غير دقيق، بل قد يكون في كثير من الأحيان خطأ النقطة الرئيسية هنا أنه عندما يتلازم متغيران أو يرتبطان؛ فلا ينبغي لنا أن نفترض وجود علاقة سببية مباشرة بينهما، فهناك تفسيرات أخرى محتملة[7].

    بل قد لا تكون هناك أي علاقة سببية مباشرة أو غير مباشرة من الأساس!

    فلازلت أذكر قصة قرأتها في كتب تطوير الذات[8] يُذكر فيها أن قسم الشكاوى لشركة سيارات كبيرة قد تلقى شكوى من رجل مسن يقول له فيها:

    "أنه كل يوم سبت إذا قام بشراء مثلجات بنكهة الشوكولاته فإن السيارة لا تعمل،
    بينما إذا اشترى مثلجات بنكهة الفراولة فإن السيارة تعمل،
    إلا أن القسم المختص لم يلقِ للشكوى بالاً، إذ لا علاقة بين السيارة والمثلجات من أي ناحية! ومع تكرار شكوى صاحب السيارة وبنفس الصيغة تم فحص السيارة ولم يجدوا بها أي عيب. وأمام إصراره تم إرسال مندوب صيانة معه لمتابعة الموقف، فذكر له أنه يقوم كل أسبوع بجولة مع أحفاده بالسيارة، وبعد انتهاء الجولة يذهب معهم إلى السوق ليشتري لهم المثلجات، فإذا قام بشراء مثلجات بنكهة الشوكولاته فإنه يعود إلى السيارة ويحاول تشغيلها فلا تعمل، أما إذا قام بشراء مثلجات بنكهة الفراولة فعندما يعود إلى السيارة ويحاول تشغيلها فإنها تعمل فورًا".

    وبتطبيق ما ذكره صاحب السيارة فعلاً لم تعمل السيارة! وبفحص السبب تبين الفني أن مثلجات الفراولة تتطلب وقتًا أطول في إعدادها وبفحص مشغل السيارة تبين له أن مشغل السيارة ترتفع حرارته، ولذلك فإذا أطفأ السيارة وذهب لشراء مثلجات بنكهة الشوكولاته والذي لا تتطلب وقتًا طويلاً لإعدادها فإن المشغل لا يبرد بالقدر الكافي فلا تعمل السيارة، بينما تتطلب المثلجات بنكهة الفراولة وقتًا أطول في إعدادها وهو ما يسمح لمشغل السيارة أن يبرد بالقدر الكافي ومن ثم إذا عاد الرجل لتشغيلها فإنها تعمل دون أي مشكلة".


    لك أن تتخيل ما يمكن أن يتم استنتاجه من علاقات سببية بين نكهات المثلجات وعطل السيارة يوم السبت من كل أسبوع !!!


    ومع تكرار الواقعة خاصة مع نفس الشخص قد تزداد هذه الروابط "الوهمية" رسوخًا، بل يمكن أن يتم تناقلها بين الناس باعتبارها أمرًا شاذًا أو مريبًا، وقد يترتب عليها تفاؤلاً أو تشاؤمًا، بينما قد يستغلها البعض لترويج شعوذات أو معتقدات وفلسفات معينة، وقد يستغلها البعض للتربح المادي بصورة ما!.


    إن هذه القصة مثالاً واضحًا لما يطلق عليه "معضلة المتغير الثالث"؛ إذ لا علاقة إطلاقًا بين نوعية المثلجات المطلوبة وعمل السيارة،

    إنما حدث هذا التوهم لمجرد التلازم المتكرر بين المتغيرين (المثلجات / عمل السيارة)، بينما هناك "متغير ثالث" غير ظاهر هو سبب هذا التلازم. إن مثل هذه الحوادث تعتبر مادة خصبة جدًا لنشأة الخرافات والشعوذات والاعتقاد فيها.
    لاحول ولاقوة إلا بالله

    تعليق


    • #3


      مغالطة التلازم والتتابع على المستوى الشرعي:

      يقول البعض: "دعوت الله عند قبر الولي الفلاني فاستجيبت دعوتي"


      ويقال: "نذرت النذر الفلاني إن تحقق مرادي.. فتحقق!"

      كثيرًا ما يحتج بعض الناس بهذه الحجج معتقدين بذلك التلازم بين تحقيق رغباتهم وما سبقها من عبادات أو أعمال ظنوها من العبادات.

      ففي الحالة الأولي؛ يعتقد أن الاستجابة نتيجة لدعائه عند قبر الولي الفلاني،
      وكثيرًا ما يخلط الناس في هذه الأمور، فيظنون أنه بمجرد ثبوت النفع بوسيلة ما تكون هذه الوسيلة جائزة ومشروعة، فقد يحدث أن يدعو أحدهم وليًا، أو يستغيث بميت فيتحقق طلبه، وينال رغبته، فيدّعي أن هذا دليل على قدرة الموتى والأولياء على إغاثة الناس، وعلى جواز دعائهم والاستغاثة بهم، وحجته في ذلك = حصوله على طلبه.

      وقد قرأنا - مع الأسف - في بعض الكتب الدينية أشياء كثيرة من هذا القبيل، إذ يقال أو ينقل عن بعضهم قوله مثلاً: "إنه وقع في شدة، واستغاث بالولي الفلاني، أو الصالح العلاني، وناداه باسمه، فحضر حالاً، أو جاءه في النوم فأغاثه، وحقق له ما أراد"
      .
      وما درى هذا المسكين وأمثاله أن هذا - إن صح وقوعه - استدراج من الله عز وجل للمشركين والمبتدعين، وفتنة منه سبحانه لهم، ومكر منه بهم، جزاءًا وفاقًا على إعراضهم عن الكتاب والسنة، واتباعهم لأهوائهم وشياطينهم.

      فالذي يقول هذا الكلام يجيز الاستغاثة بغير الله تعالى، هذه الاستغاثة التي هي عين الشرك الأكبر، بسبب حادثة وقعت له أو لغيره، ويمكن أن تكون هذه الحادثة مختلقة من أصلها، أو محرفة ومضخمة لإضلال بني آدم، كما يمكن أن تكون صحيحة، وراويها صادقًا فيما أخبر، ولكنه أخطأ في حكمه على المنقذ والمغيث، فظنه وليًا صالحًا، وإنما هو شيطان رجيم، فعل ذلك عن قصد خبيث، هو تلبيس الأمور على الناس، وإيقاعهم في حبائل الكفر والضلال من حيث يشعرون أو لا يشعرون[9].

      ويشهد لهذا الكلام حديث زينب إمرأة ابن مسعود رضي الله عنهما إذا قالت: أن عبد الله رأى في عنقي خيطًا، فقال: ما هذا؟ فقلت: خيط رقي لي فيه، قالت: فأخذه فقطعه، ثم قال: أنتم آل عبد الله لأغنياء عن الشرك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الرقى والتمائم والتولة شرك" فقلت: لم تقول هكذا؟ لقد كانت عيني تقذف، وكنت أختلف إلى فلان اليهودي، فإذا رقاها سكنت، فقال عبد الله: إنما ذلك عمل الشيطان، كان ينخسها بيده، فإذا رقي كف عنها، إنما كان يكفيك أن تقولي كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اذهب البأس رب الناس واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما"[10].

      بينما في الحالة الثانية - حالة النذر -؛ إنما تحقق الغرض المطلوب بسبب آخر غير النذر، فقد أخبر صلى الله عليه وسلم بأن "النذر لا يأتي بخير" وأنه لا يجلب نفعًا ولا يدفع شرًا[11]، وهذا كله في نذر الطاعة الذي لا إثم فيه، فكيف بما كان فيه معصية أو اثم؟!.


      وبذلك تتضح مغالطة التلازم والتتابع بين كثير من المتغيرات على المستوى الشرعي،


      وما أجمل ما نقله شيخ الإسلام ابن تيميه عن هذا التلازم ومطابقته لما يطلق عليه علماء النفس "الارتباط الوهمي" إذ يقول رحمه الله:

      "إن اعتقاد المعتقد أن هذا الدعاء أو هذا النذر كان هو السبب، أو بعض السبب في حصول المطلوب لابد له من دلالة، ولا دليل على ذلك في الغالب إلا الاقتران أحيانًا، أعني وجودهما جميعًا، وإنّ تراخي أحدهما عن الآخر مكانًا أو زمانًا مع الانتقاض أضعاف أضعاف الاقتران، ومجرد اقتران الشيء بالشيء بعض الأوقات مع انتقاضه ليس دليلاً على الغلبة باتفاق العقلاء، إذا كان هناك سبب آخر صالح، إذ تخلف الأثر عنه يدل على عدم الغلبة. فإن قيل: إن التخلف بفوات شرط، أو لوجود مانع[12]، قيل: بل الاقتران لوجود سبب آخر، وهذا هو الراجح" [13].
      ونلاحظ تطابقًا عجيبًا بين ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في كلامه السابق وبين ما أثبتته التجارب العلمية والإحصائية السابق ذكرها في أول هذا المقال.

      والحاصل أن كثيرًا من معتقدي النفع في أسباب وهمية دنيوية، أو ما يتوهمون أنها أسباب شرعية إنما وقع اعتقادهم هذا لمجرد التلازم أو التتابع بين حدثين أو متغيرين، فظنوا لمجرد وجود هذا التلازم أن هناك علاقة سببية كونية أو شرعية متوهمة بينهما، بينما في الحقيقة أنه لا تلازم إطلاقًا، ويمكن أن تؤدي الارتباطات الوهمية بنا أن نتخيل وجود مجموعة متنوعة من الارتباطات التي لا وجود لها[14].


      وبالنظر لما يروجه ويلوكه مروجو ما يسمى بـ"قانون الجذب" و"العلاج بالطاقة" و"قانون النية" إلى آخر هذه الممارسات والتطبيقات؛ نجد تطابقًا كبيرًا بينه وبين هذه الأسباب المتوهمة:

      - فمن الناحية العلمية: لم تخضع هذه الممارسات للبحث العلمي الرصين، ولم تطبق عليها تجارب علمية حقيقية وفق القواعد العلمية التي تقوم على أصولها[15].
      - ومن الناحية الإحصائية: لا توجد إحصائيات رسمية موثقة تقوم على الأسس العلمية توضح التلازم والترابط بين أي من هذه الممارسات والنتائج المزعومة لها.
      - بل إن كثيرًا من التفسيرات المحتملة لما قد يحدث للمريض أو الممارس لهذه الممارسات يرجعه بعض علماء النفس للارتياح النفسي لهذه الممارسة، أو للأثر الإيحائي لهذه الممارسة، إما لقوة شخصية المعالج أو المحاضر، أو لتستره خلف ألقاب أو مصطلحات علمية أو شرعية، أو لظن المتعالج أو الممارس أن ما يقدم له هو علم مثبت ومعترف به.
      لاحول ولاقوة إلا بالله

      تعليق


      • #4

        أما من الناحية الشرعية فهناك نقطتان:

        الأولى:

        وهو ما يطلق عليه "الأسلمة"؛ إذ يقوم المروجون لهذه الممارسات بمحاولات بائسة لأسلمتها، وذلك عن طريق استدلالات عوجاء لنصوص الوحي المطهر لتخدم مرادهم، و الأمثلة أكثر من أن يتم إحصائهافي هذا المقال[16]، إنما نورد هنا مثال يكثر ترديده من مروجي قانون الجذب، وهي واقعة زيارة الرسول عليه الصلاة والسلام للعجوز المصاب بالحمى وقوله له: "طهور إن شاء الله" ورد العجوز: "كلا، بل هي حمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور
        ". فيستدلون بأن الشيخ الكبير قد جذب إليه الموت فمات!

        بينما النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا بأس، طهور إن شاء الله"، وهي تسلية للمريض وتذكير ودعاء لله تعالى بأن يطهره من مرضه هذا ويشفيه وأن يجعله مطهرة له من الذنب إن صبر واحتسب، فيجمع الله له بين الأجر والعافية. ففي الحديث: "ما يُصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يُشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه". إلا أن العجوز رد على دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بقوله الذي سبق، وحينها قال النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم إذن
        "، فقد رد الأعرابي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "كلا"، وتسخط في مرضه هذا بالسابق بيانه،
        فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله "نعم إذن"، وفيه وجه شبه بواقعة بسر في رده على النبي صلى الله عليه وسلم عندما نصحه بالأكل بيمينه فقال: "لا أستطيع"، فقال له النبي: "لا استطعت"، فما رفعها إلى فيه،

        فما علاقة هذا بأن الأعرابي جذب إليه موته؟!

        ثم إن سلمنا لهم بأن الأعرابي لما ظن الموت والهلاك وقع له ذلك، فقد يُحمَل على الأثر النفسي وتأثيره العضوي وهو معلوم ومشاهد[17]، بل ودلت عليه الأدلة العلمية والدراسات الطبية من أن للحالة النفسية للمريض أثر مباشر في قوة المناعة الذاتية في الجسم ونشاطها في مقاومة الأمراض بإذنه سبحانه، وهو ما يستفاد من الحديث،
        لذا وضع المحدثون وشراح الحديث هذا الحديث في (باب عيادة المريض وما ينبغي أن يقال له، وما ينبغي للمريض أن يجيب به)، وعليه يمكن حمل موت الأعرابي لحالته النفسية السيئة وظنه الموت الذي دفعه لقوله: "بل هي حمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور
        ".

        فإن سلمنا بهذا وهو محتمل؛ فهو راجع للتأثير النفسي على الجسد، والسببية هنا واضحة لإرتباطهما ببعض، فكيف يُتعدى التأثير إلى الخارج بل إلى الماديات المنفصلة عن الجسد فيتجاوز التأثير من المحيط الداخلي للإنسان إلى المحيط الخارجي بل يتعداه إلى التأثير الكوني؟؟
        !.

        تجد من يروج في دوراته على جذب شريك الحياة، وجذب الأموال، بل جذب السلام للمناطق المنكوبة بالحروب أو الكوارث عن طريق إرسال طاقة ونية سلام وسعادة إلى المنكوبين!

        فيكون الظن مجرد الظن سببًا في التأثير في الماديات والأحوال والهيئات كما يقول أحد كبارهم: "فيمكن صد حدث مستقبلي قاض بأفعال أو أقوال أو ظنون".
        إن استدلالهم بهذه القصة مثال واضح على مغالطة التلازم بين حدثين يثبتون به علاقة سببية متوهمة وهي أن العجوز قد جذب الموت إليه.


        الثانية:

        الأصول العقدية الفلسفية لهذه الممارسات وتشبعها بالفلسفات الباطنية الثيوصوفية في كثير من الأحيان والتي لا يمكن فصلها عن هذه الممارسات[18]،

        إذ لو تم عزل الجانب الغيبي المدمج في الممارسة وأبعاده الفلسفية الروحانية؛ لما بقيت إلا تمارين رياضية كتمارين الإطالة واللياقة البدنية (كتطبيقات "اليوجا" و"التشي-كونج" و"التاي-تشي")، ولبيان فائدتها أو ضررها يُرجع في هذا الباب للمختصين في التأهيل الرياضي، أو ما كان منها متعلقًا بأنظمة غذائية تهدف للإستغناء عن عادات سيئة في المطعم (نوعًا –كمًا وكيفًا ) ويرجع فيها للمختصين في التغذية.

        إلا أنه يغلب على ظني أن هذه الممارسات لو فُرّغت من مضامينها الفلسفية والعقدية لن تلقى رواجًا و لن تُدِر أموالاً على مروجيها.

        لاحول ولاقوة إلا بالله

        تعليق


        • #5

          لذا فإن ما يدندن حوله ويردده كثير من المخدوعين بهذه الممارسات "أنا جربتها ونفعت"، لابد من إخضاعه لما سبق ذكره وبيانه، وإخضاع هذه النتائج - التي قد يشعرون بها تَوَهُّمًا أو على الحقيقة - في حسهم أو واقعهم لهذه المنهجية السابق الإشارة إليها، ليتبين لهم هل ما يشعرون به في حسهم (راحة - سكينة - هدوء) يرجع إلى تأملات تستجلب طاقة كونية مزعومة تشحن الشاكرات وتسير في مسارات..إلخ؟

          أم أن مجرد الجلوس في هدوء والبعد عن الضوضاء أو الجلوس في مكان طبيعي مع الاسترخاء يؤدي كذلك لنفس النتيجة؟


          هل الترقية الوظيفية أو السيارة المعينة حصل عليها لمجرد أنه فكر فيها وطبق مزاعم قانون الجذب فجذبها؟

          وهل يمكن إخضاع ذلك لجدول الحياة الرباعي وبيان مدى تكراره؟

          أم أن أضعاف هذه المتغيرات تحدث للشخص دون أن يفكر فيها، وبالعكس فأضعاف ذلك أيضًا يفكر فيه المرء ثم لا تناله يديه؟

          ثم إن وجود هذه الفلسفات الوثنية والتصورات المنحرفة واحتوائها على مصادمة صريحة للعقائد والتصورات الإسلامية؛ تعمد إلى تمحور الإنسان حول ذاته وإيهامه أنه هو المتصرف المطلق لمصيره وقدره، الأمر الذي ينتهي ببعض مروجي هذه الضلالات إلى القول بألوهية الإنسان، ما يجعل منها سبيل من سبل الغواية والضلال، ويجعل الأثر - إن ثبت - [19] استدراجًا من الله سبحانه وتعالى أو من أثر الشيطان - كما في حديث زينب إمرأة ابن مسعود رضي الله عنهما.

          والمقصود أن إحالة سبب حدوث الشئ لسبب معلوم بدليل ثبت علميًا أو شرعيًا أولى من إحالته إلى خلاف ذلك مما لم يثبت علميًا ولا شرعيًا.

          والحاصل في ممارسات الجذب والطاقة وأشباهها على عكس ذلك، فمع عدم ثبوتها علميًا ولا شرعيًا؛ فقد نفاها الشرع لقيامها على أصول فلسفية وثنية ضالة لو فُرّغَتْ منها لم يبقى لها رواجًا بين الناس.

          ورحم الله ابن تيمية إذ يقول:
          "فإنا نرى الله في كل وقت يقضي الحاجات ويفرج الكربات، بأنواع من الأسباب، لا يحصيها إلا هو، وما رأيناه يحدث المطلوب مع وجود هذا الدعاء المبتدع إلا نادرًا، فإذا رأيناه قد أحدث شيئًا وكان الدعاء المبتدع قد وجد؛ كان إحالة حدوث الحادث على ما علم من الأسباب التي لا يحصيها إلا الله أولى من إحالته على ما لم يثبت كونه سببًا"[20].


          والله تعالى أعلى وأعلم وهو الهادي لسبيل الرشاد.


          المصدر


          الهوامش:
          [1]- التوسل أنواعه وأحكامه، محمد ناصر الدين الألباني ص 18، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع.
          [2]- السابق ص 22.
          [3]- راجع "أشهر 50 خرافة في علم النفس"، ص36، كلمات عربية للترجمة والنشر.
          [4]- جيلوفتش، 1991
          [5]- أشهر 50 خرافة في علم النفس، صـ36
          [6]- أشهر 50 خرافة في علم النفس صـ38
          [7]- المصدر السابق؛ يمكنك مراجعة الكثير من الأمثلة التي دلل بها الكتاب بأن الإرتباط لا يعني علاقة السببية.
          [8]- كان الهدف من القصة المذكورة أهمية تنمية مهارة الإستماع لشكاوى العملاء مهما بدت غير منطقية.
          [9]- التوسل، الألباني، ص23.
          [10]- رواه أبو داود وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح.
          [11]- عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن النذر لا يقرب من ابن آدم شيئًا لم يكن الله قدره له، ولكن النذر يوافق القدر فيخرج بذلك من البخيل، ما لم يكن البخيل يريد أن يخرج»، صحيح مسلم.
          [12]-وهذه غاية حجة مروجي ضلالات الجذب في نقاشاتنا معهم عند إلزامهم بأن عدم تحقق ما يسمونه "قانون الجذب" في جذب ما يريده الناس (حتى بعد تطبيقهم لما يذكرونه في دوراتهم) أضعاف أضعاف أضعاف ما قد يتحقق، فكيف يكون قانونًا؟! فيسارعون بالرد "بوجود مانع أو فوات شرط"! فما أسهل أن يتهموا المُمَارِس دون الممارسة ذاتها!
          [13]-اقتضاء الصراط المستقيم (2/233)، دار عالم الكتب، بيروت- لبنان.
          [14]-أشهر 50 خرافة في علم النفس صـ37؛ ويضرب الكتاب مثال: "إن العلاقة المزعومة بين حالات اكتمال القمر وحالات دخول المستشفيات النفسية لمثال حي على الارتباط الوهمي؛ على الرغم من أن أناسًا كثيرين يثقون في ذلك الارتباط، فإن الأبحاث تشير إلي عدم وجوده(روتن وكيلي -1985)، الاعتقاد في تأثير القمر المكتمل هو وهم معرفي إذن".
          [15]-وهي تلك التي تقوم على (1- الملاحظة وسلامة آلات الإختبار وانعدام المؤثرات الاعتقادية أو العقلية 2- الفرضية 3-التوقع 4-الاختبار وتطبيق ما يعرف بال double blind test5- النتيجة)، ويستتبع ذلك قابلية تكرار التجربة من قِبل أقران الباحث أو العالم والوصول إلي نفس النتيجة، وكذلك نشرها في المجلات العلمية الموثوقة. لمزيد من التفاصيل يمكن الرجوع لسلسلة مقالات المهندس طلال العتيبيأو مطالعة " الرد العلمي على ممارسات الطاقة" على موقع سبيلي.
          [16]-يمكنك مطالعة "الرد على فلسفة الطاقة" على موقع سبيلي، أو موقع الفكر العقدي الوافدللدكتورة فوز الكردي.
          [17]-ورغم ذلك لا يمكن جعل هذا الأمر قاعدة عامة مطردة، يُفهم منها أن كل مريض بمرض ما ساءت حالته النفسية أو أصيب بإحباط شديد يؤدي ذلك لوفاته، فلا نزال نسمع ونشاهد من أصيب بمرض خطير وتوقع الأطباء وفاته وجلس ينتظر الموت، فشفاه الله من مرضه ورد عليه عافيته إما لأسباب كونية كنجاعة الدواء أو مهارة الطبيب – بعد مشيئته سبحانه -، أما لأسباب شرعية كالصدقة والدعاء وصلة الرحم؛ أو لاجتماعهما معًا؛ أو بلا سبب على الإطلاق وإنما محض مشيئته سبحانه.
          [18]- للمزيد يمكنك مراجعة فصل " الأصول العقدية و الفلسفية لهذه التطبيقات"على موقع سبيلي. ولمزيد توسع يراجع في هذا الباب رسائل ومقالات د.فوز الكردي و كتاب " التطبيقات المعاصرة لفلسفة الاستشفاء الشرقية- دراسة عقدية" للدكتورة هيفاء الرشيد- رسالة علمية.
          [19]-ثبت حسًا وشعورًا أو حقيقة بغير سبب علمي منضبط يفسره، أو سبب شرعي دلت عليه نصوص الوحي.
          [20]-اقتضاء الصراط المستقيم (2/234).

          لاحول ولاقوة إلا بالله

          تعليق


          • #6

            الفرق بين قانون الجذب ... والتفاؤل

            قواعد مهمة قبل البدء:
            الجذب والطاقة لو كان قد تكلم فيها من ناحية فلسفية لم أتكلم فيها، ولكنها خلطت بمصطلحات شرعية.
            قالوا أن قانون الجذب:
            هو أن يجذب المرء إلى حياته كل ما يكرس له انتباهه وطاقته وتركيزه سواءً كان سلباً أو إيجاباً.

            بصورة أخرى:
            أن ترسل من جسمك ذبذبات كهرومغناطيسية تجذب بها إليك الأشياء،إن كانت الذبذبات التي تخرج من جسمك سلبية بتجذب إليك الأشياء السلبية،وإن كانت ذبذباتك إيجابية بتجذب لك الأشياء الإيجابية.

            يقولون هذا هو الفأل الذي أمرنا به الرسول صلى الله عليه وسلم،وهذا حسن الظن بالله...

            لنناقش هذا الكلام نقاشاً موضوعياً..

            ثبت في الأحاديث الصحيحة:
            (لاطيرة وخيرها الفأل)
            (لاعدوى ولاطيرة ويعجبني الفأل الصالح)قيل يارسول الله وماالفأل؟،قال: (الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم).
            جميل أن تكلم نفسك بكلام طيب،وتسمع من الآخرين كلام طيب،
            لكن لو ماسمعت كلمة طيبة..هل ماراح تُقدم؟
            مثال:
            رجل سيجري عملية في المستشفى،
            قال له أصحابه:ستموت وستمرض من هذه العملية..
            هل سيترك إجراء العملية؟
            لا،سيجري العملية.
            الكلمة الطيبة تقع عرضاً..ويُسر بها الإنسان،لكنها لو ماوقعت سيُقدم.

            هناك كلام لابن عثيمين رحمه الله مهم حول هذا الموضوع - في القول المفيد شرح كتاب التوحيد-قال:
            "إن (اعتمد) على الفأل وكان سبباً لإقدامه فحكمه حكم الطيرة،
            وإن لم يعتمد عليه وفرح وازداد نشاطاً في طلبه فهذا هو الفأل الممدوح".أ.هـ
            يعني:
            لا أعتمد على ماسمعته وماحدثت به نفسي..لا! أنا أقدم توكلاً على الله، واعتماداً عليه.
            لماذا حررنا المصطلح الشرعي؟وشرحنا ماالمعنى الشرعي للفأل؟
            حتى نقارن بين الفأل وقانون الجذب.
            (تفاءلوا بالخير تجدوه)،ليس بحديث.
            مامعنى التفاؤل؟
            معناه:الاستبشار والسرور بالكلمة الطيبة التي يسمعها الإنسان.أو هو الرجاء.

            لكن هل التفاؤل هو حصول مايريده الإنسان بعينه؟

            لا...وهذا ماسنتحدث عنه.
            قانون الجذب لابد أن نفهمه كما وضعه أصحابه - لا كما نريد نحن.

            لانسطح المصطلح..مامعنى تسطيح المصطلح؟
            يعني:نتناوله بسطحية،كمثال:
            علم الأحياء مثلاً..لو جاء إنسان وقال:
            علم الأحياء هو العلم الذي يقوم على الأشياء الحديثة...
            قلنا:كلامك غير واضح..وعائم.. نريد أن نعرف علم الأحياء كما وضعه أصحابه.
            لابد أن يكون أكثر دقة..صحيح ؟

            كذلك قانون الجذب:
            أن تخلق أنت قدرك،ونحن نؤمن بأن خالق الأقدار هو الله،وهو المتصرف في الكون. وإلا فما معنى أن أرسل ذبذبات إيجابية لأحصل على ماأريد؟

            مدربي دورات الطاقة وقانون الجذب لماذا لم يجلسوا في بيوتهم واكتفوا بالذبذبات التي يرسلونها ليحصلوا على الأموال؟
            دوراتهم تقام بأموال طائلة..بثلاث أو أربع آلاف..
            ويقول: حتى تكون غنياً أرسل ذبذباتك لتحصل على الأموال،
            لماذا إذن لم يجلس في بيته؟ولم ينشئ له حساب في سناب؟وينشر إعلاناته في كل مكان؟
            هم يريدون تسويق الوهم
            .


            الفرق بين الفأل وقانون الجذب:

            الفرق الأول:

            الفأل كلمة طيبة تقع عرضاً،لا أنها متكلفة ،بحيث يكرر الكلمة ٢٠أو٣٠مرة وأكثر..ويرسل الذبذبات،ويكررها حتى تنجذب إليه الأشياء،
            فالفأل يقع عرضاً لامتكلفاً.

            الفرق الثاني:
            الفأل الذي ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم لايعني أنك ستعمل أو تترك العمل بناءً على الكلمة،
            ستعمل متوكلاً على الله ،
            لكن في الجذب صنع الحياة من خلال الأفكار،
            والعجيب أن أكثر من يسوق لقانون الجذب هم أكثر من يركض لجمع الأموال!!
            لماذا لم يجلسوا في بيوتهم ويجذبوا الأموال إليهم؟

            الفرق الثالث:

            تضخيم الإنسان ونفسه الضعيفة،والكون وأنه هو المتصرف وهو المسبب،لايوجد اعتراف بالضعف والقصور،
            كثير ممن دخلوا دورات الجذب والطاقة تركوا الدعاء،
            لأنهم يكررون الكلمات ويرسلون الذبذبات فصاروا كأنهم هم الخالق والمخلوق-تعالى الله- .
            ونسوا أن المدبر والمعطي والمانع هو الله.
            تمنيت لو اكتفوا بالكلام عن قانون الجذب ولم يربطوه بالفأل وحسن الظن بالله..

            حسناً مادمتم تقولون أن الجذب هو حسن الظن بالله،لماذا لا تعطونا حسن الظن بالله وتتركوا قانون الجذب؟وتسوقون له؟

            بدل أن تكرر الكلمة عشرات المرات :
            ادع ربك ..صل لله واسأله..هو الذي يدبر الأمر،وخلقك من العدم،قادر أن يحقق لك كل أمنية،

            أنصحكم..
            كونوا أكثر وعياً ، لاتمرر عليكم مثل هذه الخزعبلات..
            أصبح الناس اليوم يدفعون أموالهم وأوقاتهم والأهم من هذا توحيدهم..لأجل أولئك الذين يبيعون الوهم!!
            وهؤلاء يأخذون أموالهم ويتكسبون من خلال أولئك المتابعين وشهرتهم، وحياة أولئك المدربين لاتدل على أنهم يؤمنون به فهم يركضون الليل والنهار لجمع الأموال، فقانون الجذب يبعدك عن العمل..مجرد الاكتفاء بالتكرار وإرسال الذبذبات..دون أن يقول له اعمل!

            يعملون على صناعة الفكر دون العمل وهذا غير منطقي.
            وهناك مقال رائع بعنوان:
            الفأل المفترى عليه الدكتورة /هيفاء الرشيد،
            أنصح بقراءته.

            بقلم : أ.د/نوال العيد - المصدر

            لاحول ولاقوة إلا بالله

            تعليق


            • #7

              حقيقة قانون الجذب


              اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	قانون-الجذب1.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	65.9 كيلوبايت 
الهوية:	747135

              يروج في سوق دورات تنمية الذات (برنامج) جديد يزعم القائمون عليه بأنه يخدم الإنسان في تحقيق طموحاته وأمانية والتي عجز عن تحقيقها بسلوكة الاعتيادي الذي نشأ عليه.

              ولا شك أن الدورات التدريبية والتي تقوم على تنيمة الفرد وتهذيب أفكاره وإرشاده إلى حسن التدبير لها دور بارز وقوي في تحقيق النجاح لكثير من الناس ولو كان ذلك النجاح نسبياً عند البعض.

              لكن ما ينبغي علينا أن نراعيه في تأييد أو نقد هذه الدورات المنتشرة اليوم في عالمنا لاسيما في منطقتنا الخليجية هو أن نميز بين تلك الدورات التي تدعو إلى تنظيم حياتنا اليومية وحسن استغلال الوقت وطرق حل الإشكالات التي تصادفنا في معترك الحياة وبين التي تدعو إلى تجاوز الإنسان الخطوط الحمراء غير المسموح تجاوزها شرعاً.


              ومن تلك الدورات التي تطرح على عامة الناس وخاصتهم ما يسمي ( بقانون الجذب
              the law of attraction) .

              وفي الحقيقة أننا لا نستطيع أن نحكم على هذه المعلومات والتي يقوم المدربون من خلال تلك الدورات بتلقينها المتدربين لديهم إلا من خلال البحث عن أصولها التاريخية - إن كانت ذات تاريخ - أو إثباتاتها العلمية أو ممارساتها العملية.

              فقمت بالبحث عن ما وراء هذه العناوين البراقة – والتي تبرز عادة في صدر كل إعلان عن عقد دورة من تلك الدورات ذات الصلة بهذا القانون - وقمت بمقابلة بعض المدربين لـ (قانون الجذب ولم أكتف بذلك بل أرشدني بعض المختصين أن هناك فيلماً وثائيقاً أطلق عليه اسم ( السر The Secret ) صدر يؤصل (قانون الجذب) ويشرح مفهومه وأبعاده من غير تحفظ ، وفي الحقيقة أن هذا ما كنت أبحث عنه فحرصت كل الحرص على هذا الفيلم الوثائقي.
              فوجدته يباع بثمن باهط بالمقارنة مع باقي الأفلام الوثائقية فقد كان سعره قرابة الـ (50 دولاراً ) ومن حسن الحظ أن أحد الأخوة تبرع مشكوراً بأن يأتيني بنسخة مترجمة لديه فقبلت هذا العرض السخي دون تردد وسارعت لمشاهدته مُوثّقاً لكل عبارة تخرج من في (المحاضرين) فيه.

              ولا أخفيكم سرا إن قلت لكم أن هذا الفيلم أشبه ما يكون بفيلم خيالي –فاشل!!
              يروي قصصا في غاية السخف فأحدهم كان يتذمر من كثرة الفواتير التي تتزاحم على صندوق بريده مطالبة بسرعة السداد وما إن طبق هذا القانون حتى تبدلت تلك الفواتير بشيكات مالية !! ،
              وآخر كان يحلم بمئات الألوف فما كان منه إلا أن طبق القانون فجاءه فجأة عرض من صحفية لطباعة كتيه بمقابل مئة الف دولار ...الخ

              وبقدر ما كان هذا الفيلم سخيفاً فقد كان خطيرا في نفس الوقت أتدرون لماذا؟

              إن فكرة (قانون الجذب) لدي عُرّابه تقوم على أن أقدارنا من صنع أيدينا وأن تعاستنا أو سعادتنا في الحقيقة نحن الذين (جذبناها) لأنفسنا من هذا الكون كيف؟!!
              يقولون بزعمهم أن الأقدار تسبح في هذا الكون الفسيح منها ما هو سبب في سعادتنا ومنها ما هو سبب في أحزاننا !!.
              وأن الإنسان عبارة عن خلايا مترابطة وكل خلية تحتوى على طاقة وكل خلية تربطها مع الخلية الملازمة لها طاقة وأن الإنسان تنطلق منه طاقة عظيمة إذا ما تفاعلت هذه الملايين من الخلايا في لحظة واحدة عند إرادة الشخص شيئاً ما إرادة جازمة - كما سيأتي بيانه- كما لو تمني مثلاً وظيفة مرموقة في إحدي الشركات العالمية وانطلقت منه الطاقة اللازمة من بدنه في هذا الكون فستصادف ذلك القدر الذي يسبح في هذا الكون فتنتظم حياة مطلق الطاقة لتسلك مساراً يتناغم مع تحقيق هذا الهدف من غير بذل أي مجهود أوعمل منه (بتاتاً) في تحقيق هذا الهدف وأنا أعني ما أقول ، وهذا ما يمليه سدنته الغربيون ، إنما المجهود المطلوب من المتمني هو قبل إطلاق الطاقة أن يحث النفس على إطلاق أكبر طاقة ممكنة لتسريع وجذب القدر الأكبر من الحلم المنشود !!


              فسلكوا عدة سبل في إطلاق هذه الطاقة ولكن غالبيتهم قالوا ينبغي على مطلق الطاقة تحقيق شروط معينة منها:

              أ- أن يعتقد في نفسه على وجه (اليقين) أن ما يتمناه حصل فعلاً فلا يقول أنا أريد تلك الوظيفة بل يقول ( إنه يملك هذه الوظيفة) بمعني أن ( يعيش جو حصوله على الوظيفة ) كما يقال يعيش الدور بأنه موظف في تلك الوظيفة المرموقة.

              ب - أن يكتب بصيغة الحاضر عبارة تفيد بأنه موظف في الجهة المعينة واحد وعشرون مره كل يوم ولمدة أربعة عشر يوماً كأن يكتب (أنا موظف في الشركة الفلانية ) ولا يكتب ( أنا سأتوظف...) وليس بالضرورة أن تكون وظيفة فقد تطلق طاقة تطلب فيها من المال الشيء العظيم أو تطلب سيارة أو زوجة أو ... إلخ وما على الأقدار إلا أن تجيب ...... إلخ من هذه الشروط الغريبة وخلال هذه المدة أو بعدها ستنطلق تلك الطاقة في الكون ولا يدري متى ستأتي بذلك القدر فقد يكون بعد يوم أو أسبوع أو شهر أو سنة ( زعموا ).

              الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان وهو مراد الله في خلقه ولا يعلمه إلا هو عز وجل ، ولذلك أرسل المرسلين تفهمنا الطرق المشروعة والتي تكون سببا في جلب الخير لنا ودفع الشر عنا ، فشرّع لنا الدعاء وبذل الصدقة والتوبة والإنابة إليه بالإضافة الى بذل الأسباب في جلب الرزق ... الخ .

              ولا أظن أن هناك حاجة لسرد الآيات والأحاديث والتي تثبت بأن الأقدار والأرزاق يصرفها الله تعالى كيفما يشاء بخلاف ما يزعمه هذا القانون الباطل والذي فيه من الافتئات على سلطان الله عز وجل ما فيه وهناك ردود كثيرة لا أقول من كتاب المسلمين فحسب بل من الغربيين والأكاديميين منهم خاصة على هذه الخزعبلات .

              والقارئ الحصيف يلفت نظره أن لب هذه الفكرة لا يخرج عن دائرة التصوف المذموم في تاريخنا الإسلامي حيث اتخذوا من التوكل على الله عز وجل حجة في ترك العمل وبذل السبب في البحث عن مصادر الرزق ، بل إن التصوف المذموم أفضل حالا من هذا القانون حيث أن أهل التصوف المذموم ينسبون القدر للرب بينما هؤلاء لا يعرفون من هو رب القدر !.

              ففكرة هذا القانون الساقط مشتقة من أفكار قديمة بالية ومن كتب هجرها الناس ومعتقدات قليل اليوم من يتلبس بها فهي خليط من سلوك بعض المتصوفة الشاذ بالإضافة إلى معنى الحلول والإتحاد حيث الكون هو مصدر القدر وبعض الديانات الهندية القديمة ...الخ
              فجمعت في وعاء واحد وأخرجت اخراجا جديدا بأسلوب عصري يتناسب مع لغة الحوار في القرن الحادي والعشرين .

              لكن ما يثير الدهشة أن (النسخة العربية) لقانون الجذب حرفت وبدلت لتترجم انحراف و جشع كثير من المدربين له فهم بين فريقين فريق يؤمن به ولا يظهر مراد منظري هذا القانون لعامة الناس خوفا من اتهامهم له .

              وفريق عرف ببطلانه لكن ركب موجة القبول عليه طمعاً في المال فقاموا بتطبيق تلك الخطوات السابقة تماما ، وأضافوا تخريجاً شرعياً لها ستارا لعيوبها وليقبلها عوام الناس .
              فقالوا : بعد تطبيق تلك الخطوات السابقة بنبغي أن تقوم أيها المتدرب بصلاة الاستخارة ومن ثم الاستشارة وعمل برنامج لتحقيق الهدف .


              والذي يعرف أصول هذه الفكرة يعرف بأن هذا تدليس وتلبيس على عامة الناس وهم بمثابة الساحر الذي يعمد إلى عقد سحره بطلسماته وما أن ينتهي حتى يقوم بإسماع المسترقي سورة (قل هو الله أحد....) وآيه الكرسي ليثبت أن فعله شرعي، لأنه في اعتقاد هذا المدرب أن الطاقة التي ستجلب لك القدر بعد (14 يوماً) قد انطلقت فما تعمله بعدها فلا قيمته له أصلاً غير إرضاء المتدرب دينياً،

              والجميل في الغربيين أنهم صرحاء في طرح أفكارهم صرحاء في مناقشتها بينما المترجمون للأفكار الغربية من العرب نجد – وللأسف - أن الخداع والالتفاف أسلوبهم الأمثل في طرح أفكارهم .

              ومن المضحكات أنهم يحتجون بآيات وأحاديث تثبت بزعمهم أنها تؤيد ما ذهبوا إليه ومن ذلك استشهادهم بأن الله يقول في الحديث القدسي (أنا عند ظن عبدي بي...) . وإن كان فريقا من شراح الحديث ذهب إلى إن المقصود من الحديث هو احسان الظن بالله تعالى عند الموت لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا يموتن أحد منكم إلا وهو حسن الظن بالله تعالى )
              ولكن لنسلم أن ذلك في الحياة عموما فنقول:إن منظري هذا القانون لا يقولون بحسن الظن بالله بل بحسب قوة الطاقة التي تنطلق من البدن في هذا الكون لجلب الحظ الحسن المتولدة من قوة الإعتقاد بوقوع المراد يقول أحد منظري هذا القانون (بأن ما تتمناه سيأتيك ولو سألت من الذي أرسله لي فصاحب اللاهوت سيقول الرب والفيزيائي سيقول الطاقة وكل سيصرف القدر لما يؤمن به ونحن نقول – أي منظري قانون الجذب - لا يهم هذا أم ذاك ولا تشغل بالك في ذلك والمهم أنه ما تتمناه أتاك ......) انتهي بتصرف. هذا أولا


              ثانيا
              : من أين لكم أن استخدام الطاقة المزعومة مجلبة للقدر المرغوب به أو غير المرغوب به ؟ ومن قال لكم أن مجرد حسن الظن بالله تعالى ( في رزق معين) من غير سعي مجلبة له ؟
              يقول الإمام الغزالي رحمه الله تعالى معلقا على من احتج على ترك العمل بحديث ( أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا) فما هذا إلا كلام صحيح مقبول الظاهر في القلوب فاعلم أن الشيطان لا يغوي الإنسان إلا بكلام مقبول الظاهر مردود الباطن ولولا حسن ظاهره لما انخدعت به القلوب ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كشف عن ذلك فقال الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والأحمق من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله ) .

              ثالثا: من الذي قال أن مفهوم الحديث ينطبق مع هذا القانون المزعوم فمفهوم الخيرة الشرعي لا يرتبط مع المراد الشخصي فقد يمنع الله عز وجل ما يريده العبد من مال أو جاه أو غير ذلك كون حصوله عليه يشكل له فتنة مثلا في دينه أو شرا لم يحسب له حسابا ، بينما هذا القانون ( الجائر ) لا يميز بين ما هو خيرة وبين ما هو شر للإنسان بل كل ما تتمناه سيأتيك وأنت تتحمل العواقب !!

              وأخيرا أقول ( إن بين يدي الدجال سنوات خداعات ) فالحذر كل الحذر من هذه الدورات المشبوهة والتي تطعن في أصل الاعتقاد وبنبغي علينا أن نعلم أن الانفتاح على الآخر لا بد وأن يكون منضبطاً بضوابطنا الشرعية والتي أمرنا بها وأن ديننا خير منهج ودليل في تحقيق مصالحنا (ومن أحسن من الله دينا لقوم يؤمنون ) وأن جلب الأرزاق أو صرف المكروه بيد الله ولا يمكن لشخص جلب ما يريد أو صرف ما يكره إلا بمراد الله ، وقد وضح لنا الإسلام سبيل ذلك فشرع لنا الصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة والعمل والتوكل على الله عز وجل.

              ولا يفتأ أهل الضلالة في صدكم عن دينكم ما استطاعوا ، فلديهم من الشبهات ومشكل الآثار مايثيرون وساوس الفكر وسيئ الأوهام مما تجعل الإنسان العامي في لبس من أمره بل وبعض طلبة العلم أيضا !! ولقد ضربت صفحا عنها لطول الرد عليها ، ولكثرة النصوص فيها لكن يجمل الرد عليهم قوله تعالى (هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ ) .

              المصدر


              لاحول ولاقوة إلا بالله

              تعليق


              • #8
                قانون الجذب.. من (السِّر) إلى (السِّحر)


                إذا ما تجوَّلت يوماً في مكتبة عربية فلفت ناظريك كثرة الكتب التي تتحدث عن "قانون الجذب"، فلا تظنن أنك في جناح الفيزياء أو الفلك، بل أنت أمام كتب تحوي عقائد وثنية قديمة في لباس علمي قشيب.!!

                يُعدُّ "قانون الجذب" Law of Attraction من أخطر المبادئ الوثنية التي تروج لها البرمجة اللغوية العصبية في مراحلها المتقدمة، وهي تسمية ليست بالحديثة كما قد يُتوهم، بل هي حاضرة في كتابات الباطنيين الغربيين منذ مائة عام على الأقل , من بين هؤلاءِ البريطانيةُ "آني بيزنت" (Annie Besant1847م-1933م) مؤسِّسة "الكلية الهندوسية المركزية"، وراعية الفرع البريطاني للتنظيم الماسوني Le Droit Humain في مستهل القرن العشرين.

                في كتاب محاضراتٌ شعبية في الثيوصوفية (ثيوصوفية: كلمة من أصل يوناني وتعني الحكمة الإلهية)، أفردت هذه الباطنيةُ فصلاً للحديث عن "الكارما" أو ما أسمته "قانون الفعل وردة الفعل".

                والكارما كما يُعرِّفها "قاموس الفلسفة والدين" المعتبر هي "بِنْيةُ حياةِ المرءِ باعتبارها نتاجاً لما قدم من عملٍ في وجوداته الأولى. وبناء عليه فإن هذه النظرة تتطلب إعادة التجسد أو تناسخ الأرواح كمُكمِّلٍ لها"(William Reese, Dictionary of Philosophy and Religion New Jersey: Humanities Press, 1996), p. 377).

                أما التناسخ أو إعادة التجسد (Reincarnation) فهو عقيدة وثنية شرقية معروفة تذهب إلى أن الأرواح عندما تفارق الجسد بالموت تعود فتتقمَّص ثوباً آخر خيّراً أو شريراً بحسب ما استحقت في حياتها الأولى؛ ولذا فإن أتباع هذه العقيدة ينكرون الجزاء الأخروي.
                وهذه عقيدة رائجة بين الباطنيين على اختلاف مشاربهم حتى من ينتسب منهم إلى الإسلام -وهو منهم براء- كالنصيرية والدروز.

                وقانون الكارما -كما تزعم "بيزنت"- هو حقيقة العلاقة بين الغيب والشهادة، وهذه العلاقة المستترة بين ما نراه وما لا نراه، أو بين الطبيعي والميتافيزيقي؛ تتبع سنة مطردة تتجاذب فيها المتماثلات (Annie Besant, Popular Lectures on Theosophy, 2nd Edition. India: The Theosophist Office, 1912, p. 100).

                فالكون مؤلف من ذبذبات vibrations، وتفكير الإنسان عبارة عن صور أو مُثُل تحوي ذبذبات هي الأخرى، فإذا استطاع المرء أن يُحكِم هذه المعادلة بين ذبذبات أفكاره وذبذبات الكون من حوله، صار شريكاً في تدبيره (Annie Besant, Karma .The Theosophical Publishing House, 1895, [3rd Ed, 1905], p. 11).

                وقد صرَّحت "بيزنت" بتسمية "قانون الجذب" الذي نحن بصدده عندما وصفت قانون الجاذبية الأرضية بأنه :
                "حالةٌ خاصةٌ من قانون الجذب" الكلي الذي لا يمكن الخلاص منه إلا بملاطفته" (Popular Lectures on Theosophy, p. 104).
                وهي تتحدث عن قانون الجذب باعتباره جزءاً من عقيدة الكارما.

                ثم تتساءلُ عما إذا كان بالإمكان تطبيق هذا "القانون اليقيني" الكارما إلى عالَمَي العقل والأخلاق. وتجيب عن تساؤلها قائلة:
                "إن هذا ما تقوله الأديان القديمة؛ وبعض الأديان الحديثة تقولُ الشيء ذاته، لكن ليس بنفس الدرجة من الاستيعاب والوضوح".

                ثم تضيف عبارة هي مربط الفرس في هذا المعتقد الشرقي:
                "إن كان هذا ممكناً -تعني تطبيق قانون الكارما في عالَمَي العقل والأخلاق- فإن الإنسان بالفعل سيدٌ لقَدَره (master of his destiny)، فإن بإمكانه حينها أن يعمل في ذينك العالَمَين اللذين يشكلان المستقبل فيجعل من نفسه ما يريدها أن تكون" (Popular Lectures on Theosophy, p. 106)،
                فهو بذلك شريكٌ في صناعة القدر! وهذه الحقيقة المبطَّنة هي ما يحوم حوله أصحاب قانون الجذب من المعاصرين.

                من الواضح إذن أن "آني بيزَنت" تبني فلسفتها على عقائد الهنادكة في تبرير هذه الزندقة، وتعتمد على مذهب مقتبس من وحدة الوجود هو أن الحاضر صورة للغائب متعلق به، وقادر على التأثير فيه والتأثر به، وعليه , فإن بمقدور الإنسان الذي هو في عالم الشهادة أن يؤثِّر عن طريق التأمل والإرادة في عالم الغيب ومنه القَدَر، فالشاهد والغائب يشتركان في الجوهر، فكلاهما ذبذبات، والشيء بطبيعة الحال منجذب إلى نظيره.

                وهذا الأخير هو فحوى قانون الجذب، ولذا جعلت هذه المرأةُ الباطنية قانون الجذب شكلاً من أشكال الكارما كما تقدم؛ وهو كذلك بالفعل؛ فأنت من يحدد حياتك الأخرى بما تفكر فيه في حياتك الحاضرة.

                ثم تقسّم "بيزنت" مكونات قانون الكارما إلى ثلاثة عناصر:

                (1) أن الفكرة هي القوة التي تبني الشخصية؛ فكما تُفكِّر تكون.

                (2) أن المحرك الذي نسميه رغبة أو إرادة يشدك إلى ما ترغب، فتصيرُ مُلزَماً بالذهاب إلى حيث يكون المرغوب، وحيث تُشبع تلك الرغبة.

                (3)أن أثر سلوكك على الآخرين والتسببَ في سعادتهم أو شقائهم، يجلب لك في المقابل سعادةً أو شقاءً (Popular Lectures on Theosophy, p. 107).

                ومن قرأ كتاب السر The Secret للباطنية "روندا بيرن" Rhonda Byrne، أدرك أنه اجترار للوثنية التي صرَّحت بها "آني بيزنت" قبل مائة عام، وأن العنصرين الأولين اللذين ذكرَتهما "بيزنت" أعلاه هما خلاصة كتاب السر وكتب قانون الجذب.

                تقول "روندا بيرن" في كتابها (السِّر) الذي هو قانون الجذب:

                "من خلال هذا القانون الأشد فاعلية تتحول أفكارك إلى وقائع ملموسة! قل هذا لنفسك ودعه يتسرب ويتغلغل في وعيك وإدراكك. أفكارك تتحول إلى وقائع ملموسة" .
                بل إنها تنقل عن أحد الباطنيين قوله:
                "كل الأشياء التي تحيط بك الآن في حياتك، بما في ذلك الأمور التي تشتكي منها؛ أنت المسؤول عن اجتذابها، وأنا أعلم أنه للوهلة الأولى سيبدو لك هذا شيئاً تكره سماعه، وسوف تقول على الفور: "إنني لم أجذب حادث السيارة. لم أجتذب هذا العميل الذي قضيت معه وقتاً عصيباً، وبالطبع لم أجتذب الديون" ، وأنا هنا لأقول لك بكل وضوح وثقة: بلى، لقد جذبت كل هذه الأشياء إليك (السِّر، ص 27 - 28).

                باختصار: "إن السِّر يعني أننا الخالقون لكوننا، وأن كل أمنية نبتغي خلقها ستتجلى في حياتنا" (أنصح بالرجوع إلى كتاب (خرافة السِّر) لعبد الله العجيري; ففيه رد مفصل على كتاب (السِّر)).

                أما صلاح الراشد وهو من أكبر المروجين لهذه الممارسة في العالم العربي- فيقول في كتابه "قانون الجذب":
                "كن رقيقاً لطيفاً في مداعبة القدر، تودد له، إن القدر يتفاعل مع العقل على المستوى العالي" (صلاح الراشد، قانون الجذب (شركة فرانشايز الراشد، 2009م)، ص 97).

                ويقول أيضاً: "فكِّر في شخص بأستراليا أو بالأرجنتين الآن، فإن طاقتك تصل له، طبعاً هذا الموضوع خطير لأن التفكير السلبي هذا ينقل أثراً سلبياً كذلك، فمثلاً مريض يفكر فيك قد ينقل لك التعب والضعف..." ( قانون الجذب، ص 31).

                وهو يصرح بما ذكرته "بيزنت" في كتاباتها من وجود ذبذبات مشتركة بين الفكرة والواقع أو بين السبب والمُسبِّب؛ فالإنسان -وفقاً لكتابه "قانون الجذب"- يرسل ذبذبات عالية أو منخفضة وفق مشاعره تؤثر فيما يُقدَّر له، فلو "أن شخصاً حافظ على ذبذبات عالية دائماً، فإن ذلك الشخص سوف لن تأتيه إلا أحداث إيجابية أو أحداث تقود إلى نتائج إيجابية أكبر" (قانون الجذب، ص 103)!

                ومع كل هذه الترهات يقول لك:
                "من المهم أن تقتنع بفلسفة وأدلة قانون الجذب وجديته، وإلا سوف لن يعمل معك وفق ما تريد" (قانون الجذب، ص 32).

                بل بلغت به الجرأة أن يقول في خاتمة كتابه:
                "طبعاً لو لم تشتر هذا الإصدار وحصلت عليه بطريقة غير شرعية أو من الإنترنت أو من النسخ المسروقة أو ما شابه، فقانون الجذب لا يعمل معك"!

                لكن الأغرب من هذا كله قوله:
                "إن المهتمين بالتطوير والجذب هم ثمانية بالألف أي 0.8 % أنت أكيد منهم، ومن هؤلاء الثمانية بالألف واحدٌ أدرك عمق هذه المعاني وأنا أريد أن أصل إليه، فلو كنت تعتقد أنك هو ذلك الشخص وأنك أصلاً لا تحتاج إلى شيء، فاكتب لي لعلنا نستطيع أن نشركك في أحد مشاريعنا. المهم ألا يكون لك هدف سياسي أو دعوي أو تنصيري أو تغيير في البشرية أو إصلاح الدنيا أو ما شابه، فأنت لست مهتماً في ذلك ولا يشدني ذلك، هناك مؤسسات يعملون وبإخلاص في ذلك" (قانون الجذب، ص 31).

                فقانون الجذب في الحقيقة ليس للجميع ، فإنه لا يدرك كُنهه إلا واحد بالألف؛ وهذا الواحد الذي يسعى الراشد إلى الوصول إليه يجب ألا يكون من الدعاة أو المصلحين أو من يسعى إلى التغيير، فهذه الأمور ينبغي ألا تشغله، فهو من الخصوص.

                فبم ينبغي أن ينشغل إذن؟

                أقول: أن يكون عضواً في دائرة ضيقة جداً لمروجي ضلالات الباطنية في العالم العربي. وليس هذا موضع الرد على ضلالات الرجل، وإنما الحديث عن الفكرة التي يسعى لنشرها في أوساط الشباب المسلم. فانظر كيف يلبس أمثال هؤلاء على الناس إيمانهم بالقدر!

                إن حقيقة قانون الجذب لا تختلف عن الكارما الهندوسية كما صرحت بذلك "آني بيزنت" قبل قرن من الزمان؛ وبما أن تلك الملة الوثنية لا تؤمن باليوم الآخر، فإنها تجعل عذاب النفس ونعيمها أمرين حاصلين في الدنيا مترتبين على صلاح المرء أو فساده؛ وهذا المعنى هو ما يقوم عليه قانون الجذب من أن الإنسان يتصرف في قدره فيحصد ما يزرع في دنياه من سعادة أو شقاء؛ بل هو ما يقوم عليه معتقد تناسخ الأرواح.

                لكن "روندا بيرن" في كتابها الأخير (السِّحر) The Magic -الذي هو في جملته إعادة صياغة لكتابها "السر"-، تميط اللثام عن حقيقة معتقدها الباطني الوثني الذي يحاول الراشد وغيره أن يؤسلموه.

                فهي تتحدث في هذا الكتاب عن الشكر -أو الامتنان- gratitude باعتباره تابعاً للقانون الكلي الكوني "قانون الجذب"، مستدلة بقول الله عز وجل: {وَإذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم:٧].

                وتؤكد ثانية ما ذكرَتْه في كتاب السر من أن قانون الجذب "يتحكم في طاقة الكون الذي نعيش فيه، من تكوين الذرة إلى حركة الكواكب... فبسبب قانون الجذب تتماسك خلايا الكائنات الحية، وجواهرُ كل الماديات" (Rhonda Byrne, The Magic. Atria Books, 2012, p. 6).

                وعليه؛ فلو كنت ممتناً لحصول نعمة ما، فإن هذه النعمة تدوم؛ ليس لأن الله وعد بذلك، بل لأن الأمر سنة طبيعية كونية لا تتخلف.. هي سنة (قانون الجذب).

                لكن كيف يكون "الشكر" على طريقة هذه الكاتبة الباطنية؟
                إنها تطرح في كتاب (السِّحر) برنامجاً طويلاً يستمر 26 يوماً. ولا يمكن استعراضه كاملاً في هذه العجالة، لكنني سأكتفي بالحديث عن بعض ممارساته.

                ففي اليوم الأول: حاول أن تتذكر وأن تُعدِّد النعم التي تَنعمُ بِها في يومك. وفي اليوم الثاني وهو المهم هنا: قلِّبْ في حديقتك عن حجر -تُسميه هي "الحجر السِّحري" The Magic Rock- ثم ضَعه في مكان ظاهر في حجرتك حيث تراه قبل أن تخلد إلى النوم. "وقبل أن تنام ضع حَجرك السحري في راحة كفك وشُدَّ عليه أناملَك، وتذكر ما حصل من الخير في يومك، وتخير أفضل ما أنت ممتن لأجله مما حدث لك، ثم قل الكلمة السحرية: شكراً لك! ثم أعد الحجر السحري إلى مكانه عند سريرك" (The Magic, p. 38).

                فهذا الحجر -أو الصنم- الذي ينبغي أن تضعه في مكان ظاهر في حجرتك، هو ما تتجه إليه بالشكر على ما أنعم الله به عليك من سابغ النعم في يومك!
                فكيف يا تُرى سيؤسلِم شيوخ قانون الجذب هذه الممارسة؛ هل سيعودون بنا إلى الحديث عن جواز التوسل بـ "الصالحين"، ومن خالفهم فهو من الوهابية الغلاة؟

                لكن "بيرن" لا تترك لأنصارها من العرب سبيلاً لأسلمة وثنيتها، فهي تقول في معرض بيانها لممارسات اليوم الثامن:

                "بإمكانك أيضاً أن تحاول شيئاً أصنعه أنا فيساعدني على استشعار الامتنان بشكل أكبر؛ فعندما أقول الكلمات السحرية -شكراً لك!- أُحرِّك أناملي فوق طعامي أو شرابي كما لو كنت أنثر غباراً سحرياً، وأتخيل أن الغبار السحري يطهر كل ما يمسه فوراً" (The Magic, p. 91).

                أي كما يصنع السحرة والمشعوذون. فهل هذا عند شيوخ قانون الجذب من قبيل الرُّقَى الشرعية؟!

                هذا القانون الوثني غيضٌ من فيض من عقائد وفدت مؤخراً على بلاد المسلمين فتهافتوا عليها دون رَويَّة. ولو قيل لأحدهم: هذِّبْ عقائد الهنادكة وخُذ منها النافع، لتغير وجهه واستعاذ بالله من الشِّرك وأهله.
                لكنها لما ارتحلَت غرباً فجاءت باسم استراتيجيات التفكير وتطوير الذات تقبَّلَها بعقله وقلبه وأضحى ينافح عنها.

                ولا أدري ما الذي بقي مما لم يفِد علينا من عقائد المشرق بعد أن مورس قانون الجذب، واعتُقدت عقيدة الكارما، ولُبس سوار الطاقة، بل أصبح البعض يسير على الجمر!!

                فهل بقي أن نرى هؤلاء يوماً يغتسلون في نهر الغانج طلباً لتطهير أرواحهم، أم أنهم سيشيرون علينا بالاكتفاء بماء زمزم؟

                نعوذ بالله من الحور بعد الكور.

                بقلم : فيصل بن علي الكاملي
                - المصدر

                لاحول ولاقوة إلا بالله

                تعليق


                • #9

                  السؤال : فقد سمعت عن كتاب واسع الانتشار يسمى (السر) the Secret، وقرأته فوجدته يدور حول مفهومٍ يسمى (قانون الجذب) والذي ينص على أن الشبيه يجذب إليه الشبيه، وأن ما يقع بالإنسان من خير وشر فهو نتاج أفكاره،

                  فما رأيكم في كتاب السر، وما الموقف الشرعي الصحيح من قانون الجذب؟

                  الجواب :
                  الحمد لله
                  كتاب السر من تأليف منتجة الأفلام الأسترالية (روندا بايرن)، والتي تنتمي لحركة الفكر الجديد، والتي يؤمن أصحابها بمجموعة من المبادئ (الميتافيزيقية) والمختصة بطرائق العلاج، وتطوير الذات، وتأثير الفكرة في الماديات، وكتاب (السر) يدور حول هذه المفاهيم، ويروج لها وفق منظومة هذه الحركة، والكتاب كما ذكرتَ كُتب له الانتشار الواسع على المستوى العالمي، وترجم مؤخراً إلى اللغة العربية،

                  وبالنظر في الكتاب، وتأمل ما فيه
                  تبين وجود جملة من الانحرافات العقدية والعلمية الخطيرة، أهمها :

                  1. دعوة الكتاب إلى ترك العمل، والإعراض عن تحصيل الأسباب لنيل المطلوب، والاتكال على الأماني والأحلام، وذلك وفق قانون -مزعوم- يسمونه (قانون الجذب)، والذي ينص على (أن الشبيه يجذب إليه شبيهه) ، وأن (كلَّ شيءٍ يحدث في حياتك فأنت من قمت بجذبه إلى حياتك، وقد انجذب إليك عن طريق الصور التي احتفظت بها في عقلك، أي ما تفكر فيه، فأياً كان الشيءُ الذي يدور بعقلك فإنك تجذبه إليك).

                  وأصحاب هذا المبدأ يعتقدون أن الفكرة الواقعة في العقل تؤثر بذاتها في محيط الإنسان وما حوله، وأن الإنسان يستطيع بفكرته المجردة أن يجتذب إليه ما يريد من الخيرات من غير عمل، ويزعمون أن الفكرة لها تردد، وأنها تنطلق من عقل الإنسان على شكل موجة كهرومغناطيسية، وأنها تجتذب من خير الكون وشره مما هو على نفس الموجة، فإذا كنت تفكر تفكيراً إيجابياً فأنت تطلق موجة ذات تردد إيجابي تجذب إليك الإيجابيات، وإذا كنت تفكر بفكرة سلبية فأنت تطلق موجة سلبية تجذب إليك السلبيات.

                  ولا شك أن هذا الكلام مصادم للعلوم التجريبية وبديهة العقل ، وأن اعتقاده أو العمل بأفكاره مصادم للشرع.
                  أما مصادمته للشرع :
                  فلأن الله تعالى أمر بالعمل والسعي في الأرض ، ورتب الرزق على بذل الأسباب ، وليس على الأماني والخيالات ، قال تعالى : ( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه ) الملك/15

                  وأما مصادمته للعقل :
                  فلأن الاعتماد على الأماني والأحلام يعني خراب العالم ، وتعطل مصالح أهله ، وإهدار ما أنجزته البشرية خلال قرون من معارف وعلوم وحضارات ، إذ مقتضى هذه النظرية ، أن المريض لا يطلب الدواء ولا يحتاج إليه ، والناس لا يحتاجون إلى مهندسين وبنائين وعمال ، فما على المحتاج إلا أن يفكر تفكير إيجابياً فيما يريد ، ثم يطلب من الكون - عياذا بالله - تحقيق مراده ، دون عمل أو بذل .

                  وأصحاب هذه الدعوة يتناقضون حين يقولون للمريض المشرف على الموت لا تتوقف عن الدواء ، وإلا فمقتضى فكرتهم ترك التداوي وإغلاق المستشفيات ، وتحويل كليات الطب إلى مقاعد للتفكير والاسترخاء لطلب الأماني والأحلام أو ما يسمونه الأفكار الايجابية ، وقس على هذا غيره من الأعمال ؛ فظهر بهذا أنها دعوة مصادمة للعقل ، مخالفة للحس ، لا تستقيم عليها حياة الناس ،
                  وصدق القائل : إذا تمنيتُ بتُّ الليل مغتبطاً *** إن المُنى رأس أموال المفاليسِ

                  2. غلو الكتاب في تعظيم ذات الإنسان، وإعطائه هالة من القداسة والعظمة، واعتقاد أنه ذو قدرات مطلقة، وطاقات هائلة، تبلغ به حد القدرة على الإيجاد والخلق، فكل ما يقع بالإنسان من خير وشر فهو من خلقِه وإيجاده ، يقول الكتاب مثلاً: (أي شيءٍ نركز عليه فإننا نخلقه) [السر 141] ،
                  ولا شك أن هذا انحراف كبير، وشرك بالله تعالى في ربوبيته ، وصدق الله تعالى : ( فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون )

                  3. الدعوة إلى عقيدة وحدة الوجود الباطلة بالقول أن الخالق والمخلوق شيء واحد، وأن الإنسان هو الله في جسد مادي، تعالى الله، وقد ترددت هذه الدعوى في أكثر من مكان، وبأساليب مختلفة.

                  4. إحياء جملة من العقائد الشرقية والفلسفات الوثنية، كديانات البوذيين والهنادكة وغيرهم، وقد رأينا احتفاء أصحاب هذه الملل والأديان بكتاب (السر) هذا لما قام به من نشر لمبادئ هذه الأديان وترويج لها.

                  5. الدعوة إلى التعلق بالكون رغبة وسؤالاً وطلباً، فإذا أردت شيئاً فما عليك إلا أن تتوجه بطلبك للكون، والكون سيلبي طلبك ولا بد،
                  والإسلام إنما يدعو لتعليق القلب بالله جل وعلا فإليه الرغبة والتوجه، والسؤال والطلب، والتوجه إلى غيره فيما لا يقدر عليه إلا هو سبحانه من الشرك، أعاذنا الله منه.

                  6. معارضة الكتاب لعقيدة القضاء والقدر، حيث ينكر الكتاب أن الله قد كتب مقادير الخلائق، وأنه سبحانه قد قدّر المقادير،
                  فهو يرى كما يرى غلاة القدرية ممن ينكر القضاء والقدر أن ما يقع في الكون لم يدخل في علم الله من قبل ، ولم يسبق به كتاب ولا شك أن الإيمان بالقضاء والقدر ركن من أركان الإيمان لا يصح إيمان العبد إلا به.

                  7. دعوة الكتاب إلى الأنانية، والتمحور حول الذات، والانسلاخ من مختلف القيم الشرعية والضوابط الخلقية، واللهث خلف شهوات النفس وملذاتها، فمعيار الفعل أو الترك هو في مقدار ما يجلبه ذلك الشيء من البهجة واللذة، وبمقدار محبته، فما كان محبوباً فليفعل وما كان مبغوضاً فليجتنب، دون مراعاة للخلق والدين،
                  ولا شك أن هذا معارض للقيم الشرعية والخلقية، فالمسلم مضبوط بإطار ديني وخلقي لا يصح له أن يخرج عنه ولا أن يتجاوزه، فما أمر الله به فهو الواجب، وما نهى عنه فهو المحرم، وما أباحه فهو المباح، والواجب الالتزام بأحكام الشريعة والدين.

                  هذا بعض ما اشتمل عليه الكتاب من انحرافات، وعليه فالواجب اطراحه، والإعراض عما فيه، ومن شاء أن يتعرف على حقيقة هذا الكتاب، ومدى ما فيه من انحرافٍ مفصلاً فبإمكانه الرجوع إلى بحث خرافة السر: قراءة تحليلية لكتاب "السر" و"قانون الجذب.
                  المصدر
                  والله أعلم .

                  لاحول ولاقوة إلا بالله

                  تعليق

                  يعمل...
                  X