بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
أولا: الأحاديث الصحيحة في بيان ( خير الناس )
خير الناس من طال عمره وحسن عمله
الحديث:
عن أبي صفوان عبد الله بن بُشر الأسلمي رضي الله عنه قال، أن أعرابيا قال: يا رسول الله من خير الناس؟ قال: (من طال عمره وحسن عمله وشر الناس من طال عمره وسيء عمله) رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه الألباني في جامع الترمذي برقم 2328
وفي رواية جابر بن عبدالله رضي الله عنه بلفظ (ألا أخبركم بخياركم خياركم أطولكم أعمارا وأحسنكم أعمالا) السلسلة الصحيحة رقم 1298
وفي لفظ أخر (ألا أنبئكم بخياركم خياركم أطولكم أعمارا إذا سددوا) حسنه الألباني في الصحيحة برقم 2498.
الشرح:
وإنما كان ذلك لأن الإنسان كلما طال عمره في طاعة الله زاد قرباً إلى الله وزاد رفعة في الآخرة؛ لأن كل عمل يعمله فيما زاد فيه عمره فهو يقربه إلى ربه عز وجل فخير الناس من وفق لهذين الأمرين .
أما طول العمر فإنه من الله، وليس للإنسان فيه تصرف؛ لأن الأعمار بيد الله عز وجل ،
وأما حسن العمل؛ فإن بإمكان الإنسان أن يحسن عمله؛ لأن الله تعالى جعل له عقلاً، وأنزل الكتب، وأرسل الرسل، وبين المحجة، وأقام الحجة، فكل إنسان يستطيع أن يعمل عملاً صالحاً، على أن الإنسان إذا عمل عملاً صالحاً؛
فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن بعض الأعمال الصالحة سبب لطول العمر، وذلك مثل صلة الرحم ؛ قال النبي عليه الصلاة والسلام : (من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه) رواه البخاري ومسلم ، وصلة الرحـم من أسباب طول العمر، فإذا كان خير الناس من طال عمره وحسن عمله ؛ فإنه ينبغي للإنسان أن يسأل الله دائماً أن يجعله ممن طال عمره وحسن عمله، من أجل أن يكون من خير الناس .
وفي هذا دليل على أن مجرد طول العمر ليس خيراً للإنسان إلا إذا أحسن عمله ؛ لأنه أحياناً يكون طول العمر شراً للإنسان وضرراً عليه.
ومن ثم كره بعض العلماء أن يدعى للإنسان بطول البقاء، قال: لا تقل: أطال الله بقاءك إلا مقيداً ؛ قل أطال الله بقاءك على طاعته؛ لأن طول البقاء قد يكون شراً للإنسان. نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن طال عمره وحسن عمله، وحسنت خاتمته وعافيته، إنه جواد كريم .
خير الناس ذو القلب المخموم و اللسان الصادق
الحديث:
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أفضل؟ قال: (كل مخموم القلب،صدوق اللسان) قالوا:صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: (هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد) رواه ابن ماجه وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم 948. و
زاد البيهقي وابن عساكر (خير الناس ذو القلب المخموم الذي يَود ويُود، واللسان الصدوق، قيل وما هو؟ قال: التقي النقي الذي لا إثم فيه ولا بغي ولا حسد، قيل: فمن على أثره؟ قال: الذي يشنأ الدنيا ويحب الآخرة، قيل: فمن على أثره؟ قال: مؤمن في خلق حسن). صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب رقم 2931.
المفردات: مخموم القلب: يقال: خممت الشيء إذا كنسته، ومخموم القلب أي أنه يزيل ما علق بقلبه أول بأول، مثلما تكنس البيت وتزيل ما به من النجاسات والقاذورات.
الشرح:
يبين الحديث حرص الصحابة رضوان الله عليهم على معرفة أفضل الناس ليكونوا منهم، ولقد كَثُر منهم رضي الله عنهم السؤال عن أفضل الناس وعن أفضل الأعمال في مناسبات عديدة وحصلت من أجوبة النبي - صلى الله عليه وسلم - فوائدُ عزيزة عظيمة النفع.
كما بين الحديث فضل القلب النظيف وهو معنى (المخموم)
فقد قال العلاّمة ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث": (هو من خممتُ البيت إذا كنستَه).
وهذا يتطلب مجاهدة قوية لتنظيفه من أهواء البغي والغِلّ والحسد، وما أكثر تلوُّثَ القلوبِ بها! حفظ الله قلوبنا منها وحلاّها بالتقوى والنقاء، وبنُور الذكر والإنابة، والتواضع والخشية.
كما وضح الحديث فضل صدق اللسان والتزامِهِ الحقيقة، ولا تخفى شناعة وبشاعة الكذب، وهو من أخبث الصفات وأدلِّها على اهتزاز ثقة الإنسان بنفسه أو توسُّله بالكذب لفعل الشرّ أو للتعالي على الناس أو للخداع الكاذب لإظهار ما ليس فيه.
خير الناس من يرجى خيره ويؤمن شره
الحديث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على ناس جلوس، فقال: (ألا أخبركم بخيركم من شركم؟ خيركم من يرجى خيره و يؤمن شره و شركم من لا يرجى خيره و لا يؤمن شره) رواه الإمام أحمد والترمذي، وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم 4368.
الشرح:
يشير بهذا الحديث إلى أن عدل الإنسان مع أكفائه واجب وذلك يكون بثلاثة أشياء:
ترك الاستطالة، ومجانبة الإذلال، وكف الأذى،
لأن ترك الاستطالة آلف، ومجانبة الإذلال أعطف، وكف الأذى أنصف.
وهذا الحديث الجليل أصل في المروءة مع الخلق، وذلك بأن يستعمل معهم شروط الأدب والحياء، والخلق الجميل، ولا يظهر لهم ما يكرهه هو من غيره لنفسه، وليتخذ الناس مرآه لنفسه فكل ما كرهه ونفر عنه من قول أو فعل أو خلق فليجتنبه وما أحبه من ذلك واستحسنه فليفعله.
وكان يحي بن معاذ يقول: ليكن حظ المؤمن منك ثلاثة، إن لم تنفعه فلا تضره، وإن لم تفرحه فلا تغمه، وإن لم تمدحه فلا تذمه. وقال قتادة رحمه الله: إياكم وأذى المسلم؛ فإن الله يحوطه ويغضب له.
.
يُتبع إن شاء الله
تعليق