نبذة موجزة عن الملكة أماني شاخيتي
بعد توقيع معاهدة السلام بين مملكة مروى والإمبراطورية الرومانية لم يحدث على ما يبدو تغير في مملكة مروى. ففي القرن الأول الميلادي ازدهرت المملكة بفضل احتفاظها إن لم يك بعلاقات صداقة فعلى الأقل بعلاقات حسن الجوار والتبادل التجاري مع أعتى قوة في العالم حينها - الإمبراطورية الرومانية. وكانت السفارة السودانية التي سافرت إلى مصر لتوقيع المعاهدة مع أغسطس قد تركت نقشاً في طريق عودتها على جدران معبد دكة. أؤرخ النقش تأريخاً مؤكداً بالعام السابع عشر لحكم أغسطس (أي العام 12/13 ق.م.). من ثم تتوفر لدينا بينة مؤكدة لتحديد فترة حكم الملكة أماني شاخيتى. وكان النقش قد كتب باللغة الإغريقية عن طريق كاتب يحمل اسم جاربوكرات الشئ الذي قد يشير إلى وجود بعض الإغريق في خدمة الكنداكة التي لقبها النقش ekyria basilissa. ويعتقد الباحث الروسي خفوستوف أن السفارة السودانية إلى أغسطس قد سافرت إلى جزيرة ساموس لمقابلته هناك. إلا أن أغسطس ما كان في تلك السنة فى ساموس، الشئ الذى قد يشير الى أن الحديث يدور عن سفارتين مختلفتين. ويؤرخ الباحث الألماني فينيك اعتلاء أمانى شاخيتى عرش مروى بالعام 15 ق.م. خلافاً لما قال به آركل الذى ثبت الحدث بالعام 12 ق.م. فى هذه الحالة الأخيرة تكون الكنداكة قد أرسلت السفارة مباشرة فور اعتلائها العرش وأن السفراء نجحوا فى تنفيذ المهمة والعودة مباشرة فى العام نفسه. ويرى الباحث الألماني هنتزا أن فترة حكم أماني شاخيتى امتدت إلى 29 عام (41-12 ق.م.) وهو ما دلل فينيك على عدم صحته.
كنوز الملكة أماني شاخيتي التى نُهبت
في عام 1934 اكتشف الطبيب الإيطالي جيوسيبي فرليني، الذى عمل طبيباً في جيش محمد على الغازي، في وقت لم يكن فيه علم الآثار أكثر من كونه "صيد للآثار". بعد أن وافقت إدارة الجيش الغازي بالسماح له اجراء تنقيب في أطلال مروي، وقع اختيار فرليني على هرم الملكة أماني شاخيتي. طبقاً للوصف الذى كتبه الرحالة الفرنسي كايو في عام 1821 والرسوم والخرائط التي رسمها للأنقاض، فقد كان هرم الكنداكة أماني شاخيتي هو الأفضل حفظاً من بين الأهرام المروية في البجراوية (البجراوية 6). بعتباته الأربع وستين بلغ الهرم في ارتفاعه ثمانية وعشرون متراً. كانت في قمته بعض طبقات الحجارة يخترقها شق يجري إلى الأسفل في الواجهة الشرقية للهرم. قام فرليني بتفكيك الهرم كلياً من القمة حتى القاع مستخدماً في ذلك كافة الأساليب التي لا علاقة لها بالتنقيب العلمي للآثار بما في ذلك الديناميت. عثر فرليني في داخل تجويف الجدار الشرقي على علبة مجوهرات، وبعض الأواني البرنزية، والعديد من المجوهرات الذهبية، والتي تنتمي للملكة أماني شاخيتي نفسها.
نشر فرليني في عام 1837 في بولونيا وصفاً لأعماله وكاتالوجاً بين فيه ما تم اكتشافه. وقام ملك بافاريا لودفيغ الأول بشراء جزء من الغنيمة في عام 1840، مضيفاً بذلك تسعين قطعة لمتحف الآثار الملكي، الذي أصبح الآن "معرض الدولة للحضارة المصرية في ميونخ" (Staatliche Sammlung Aegyptischer Kunst in Munich). من ثم قام متحف الدولة ببرلين في عام 1844 باقتناء بقية القطع. في عام 1913 تم شراء أربعة أختام إضافية من ورثة فرليني. في عام 1929 تم تبادل للقطع بين ميونخ وبرلين بحيث يكون للعرض في كل من المتحفين صورة أكثر اكتمالاً لأنواع الموضوعات المختلفة. أثناء الحرب العالمية الثانية تم توزيع مقتنيات متحف برلين بغرض تأمينها في أماكن مختلفة. بفضل ذلك، تم الحفاظ على معظمها لحسن الطالع. اختفى فقط صندوق مجوهرات، وظهر سوار من ذلك الصندوق في سوق الآثار في عام 1965 ونجح متحف برلين في إعادة شرائه.
كانت مجموعة المجوهرات محببة بإتقان ومطعمة باليوز الأزرق واللازورد الأزرق. الخواتم ذات الشكل الدرعي، والعقود، والأسورة وغيرها من الموضوعات المزخرفة التى تمثل رموزاً دينية : رأس كبش لآمون، قرص شمش الإله رع، الكوبرا الصل المتوجة، الإلهة ايزيس المجنحة، والإله هاثور، وابو الهول، وعينا أودجات. بعض الخواتم هي في الواقع أختام تمثل الملكة أماني شاخيتي متوجة وتقف أمام الإله آمون. وجدت أيضاً بعض الموضوعات الإغريقية : حجران كريمان منقوشان، الأول يمثل الإلهة أثينا والثاني يمثل قناع المأساة، وكذلك آنية برنزية بمقبضين، وصندوق خشبي بغطاء.
تصميم المجوهرات فريد في نوعه. رغم أنها تذكرنا بالمجوهرات المصرية فإن الموضوعات المروية كانت تتميز بأسلوبها الخاص الأكثر زخرفة وتفصيلية. تخطيط اللون في العقد المطعم بالخرز والمصنوع من حجارة شبه كريمة، ومن فايانس، وخرز زجاجي يظهر قدراً من التنوع الرائع. إن المجوهرات جديرة بملكة تظهر في مدخل هرمها وهى تقتل أعداءها الأسرى الذين صوروا بأحجام دون نصف قامتها
بعد توقيع معاهدة السلام بين مملكة مروى والإمبراطورية الرومانية لم يحدث على ما يبدو تغير في مملكة مروى. ففي القرن الأول الميلادي ازدهرت المملكة بفضل احتفاظها إن لم يك بعلاقات صداقة فعلى الأقل بعلاقات حسن الجوار والتبادل التجاري مع أعتى قوة في العالم حينها - الإمبراطورية الرومانية. وكانت السفارة السودانية التي سافرت إلى مصر لتوقيع المعاهدة مع أغسطس قد تركت نقشاً في طريق عودتها على جدران معبد دكة. أؤرخ النقش تأريخاً مؤكداً بالعام السابع عشر لحكم أغسطس (أي العام 12/13 ق.م.). من ثم تتوفر لدينا بينة مؤكدة لتحديد فترة حكم الملكة أماني شاخيتى. وكان النقش قد كتب باللغة الإغريقية عن طريق كاتب يحمل اسم جاربوكرات الشئ الذي قد يشير إلى وجود بعض الإغريق في خدمة الكنداكة التي لقبها النقش ekyria basilissa. ويعتقد الباحث الروسي خفوستوف أن السفارة السودانية إلى أغسطس قد سافرت إلى جزيرة ساموس لمقابلته هناك. إلا أن أغسطس ما كان في تلك السنة فى ساموس، الشئ الذى قد يشير الى أن الحديث يدور عن سفارتين مختلفتين. ويؤرخ الباحث الألماني فينيك اعتلاء أمانى شاخيتى عرش مروى بالعام 15 ق.م. خلافاً لما قال به آركل الذى ثبت الحدث بالعام 12 ق.م. فى هذه الحالة الأخيرة تكون الكنداكة قد أرسلت السفارة مباشرة فور اعتلائها العرش وأن السفراء نجحوا فى تنفيذ المهمة والعودة مباشرة فى العام نفسه. ويرى الباحث الألماني هنتزا أن فترة حكم أماني شاخيتى امتدت إلى 29 عام (41-12 ق.م.) وهو ما دلل فينيك على عدم صحته.
كنوز الملكة أماني شاخيتي التى نُهبت
في عام 1934 اكتشف الطبيب الإيطالي جيوسيبي فرليني، الذى عمل طبيباً في جيش محمد على الغازي، في وقت لم يكن فيه علم الآثار أكثر من كونه "صيد للآثار". بعد أن وافقت إدارة الجيش الغازي بالسماح له اجراء تنقيب في أطلال مروي، وقع اختيار فرليني على هرم الملكة أماني شاخيتي. طبقاً للوصف الذى كتبه الرحالة الفرنسي كايو في عام 1821 والرسوم والخرائط التي رسمها للأنقاض، فقد كان هرم الكنداكة أماني شاخيتي هو الأفضل حفظاً من بين الأهرام المروية في البجراوية (البجراوية 6). بعتباته الأربع وستين بلغ الهرم في ارتفاعه ثمانية وعشرون متراً. كانت في قمته بعض طبقات الحجارة يخترقها شق يجري إلى الأسفل في الواجهة الشرقية للهرم. قام فرليني بتفكيك الهرم كلياً من القمة حتى القاع مستخدماً في ذلك كافة الأساليب التي لا علاقة لها بالتنقيب العلمي للآثار بما في ذلك الديناميت. عثر فرليني في داخل تجويف الجدار الشرقي على علبة مجوهرات، وبعض الأواني البرنزية، والعديد من المجوهرات الذهبية، والتي تنتمي للملكة أماني شاخيتي نفسها.
نشر فرليني في عام 1837 في بولونيا وصفاً لأعماله وكاتالوجاً بين فيه ما تم اكتشافه. وقام ملك بافاريا لودفيغ الأول بشراء جزء من الغنيمة في عام 1840، مضيفاً بذلك تسعين قطعة لمتحف الآثار الملكي، الذي أصبح الآن "معرض الدولة للحضارة المصرية في ميونخ" (Staatliche Sammlung Aegyptischer Kunst in Munich). من ثم قام متحف الدولة ببرلين في عام 1844 باقتناء بقية القطع. في عام 1913 تم شراء أربعة أختام إضافية من ورثة فرليني. في عام 1929 تم تبادل للقطع بين ميونخ وبرلين بحيث يكون للعرض في كل من المتحفين صورة أكثر اكتمالاً لأنواع الموضوعات المختلفة. أثناء الحرب العالمية الثانية تم توزيع مقتنيات متحف برلين بغرض تأمينها في أماكن مختلفة. بفضل ذلك، تم الحفاظ على معظمها لحسن الطالع. اختفى فقط صندوق مجوهرات، وظهر سوار من ذلك الصندوق في سوق الآثار في عام 1965 ونجح متحف برلين في إعادة شرائه.
كانت مجموعة المجوهرات محببة بإتقان ومطعمة باليوز الأزرق واللازورد الأزرق. الخواتم ذات الشكل الدرعي، والعقود، والأسورة وغيرها من الموضوعات المزخرفة التى تمثل رموزاً دينية : رأس كبش لآمون، قرص شمش الإله رع، الكوبرا الصل المتوجة، الإلهة ايزيس المجنحة، والإله هاثور، وابو الهول، وعينا أودجات. بعض الخواتم هي في الواقع أختام تمثل الملكة أماني شاخيتي متوجة وتقف أمام الإله آمون. وجدت أيضاً بعض الموضوعات الإغريقية : حجران كريمان منقوشان، الأول يمثل الإلهة أثينا والثاني يمثل قناع المأساة، وكذلك آنية برنزية بمقبضين، وصندوق خشبي بغطاء.
تصميم المجوهرات فريد في نوعه. رغم أنها تذكرنا بالمجوهرات المصرية فإن الموضوعات المروية كانت تتميز بأسلوبها الخاص الأكثر زخرفة وتفصيلية. تخطيط اللون في العقد المطعم بالخرز والمصنوع من حجارة شبه كريمة، ومن فايانس، وخرز زجاجي يظهر قدراً من التنوع الرائع. إن المجوهرات جديرة بملكة تظهر في مدخل هرمها وهى تقتل أعداءها الأسرى الذين صوروا بأحجام دون نصف قامتها
تعليق