هو الإمام شيخ القراء والمفسرين مجاهد بن جبير أبو الحجاج المكي الأسود، مولى السائب بن أبي السائب المخزومي، ويقال: مولى عبد الله بن السائب القارئ، ويقال: مولى قيس بن الحارث المخزومي، عده ابن سعد في الطبقة الثانية من التابعين.
بلد المعيشة والرحلات
كان مجاهد بن جبير كثير الأسفار والرحلات، فقد سافر إلى مصر وعاش فيها فترة من الزمن، ثم انتقل إلى الكوفة وعاش فيها فترة من الزمن، وسافر إلى اليمن للسياحة والتأمل.
الصحابة الذين تعلم على أيديهم
روى عن عبد الله بن عباس فأكثر وأطاب، وعنه أخذ القرآن والتفسير والفقه، وكان ملازمًا لابن عباس، ومن خاصة تلاميذه، وكان يقول: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات أوقفه على كل آية أسأله فيم نزلت؟ وكيف كانت؟
وروى عن أبي هريرة وعائشة أم المؤمنين وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر ورافع بن خديج وأم كرز وجابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري وأم هانئ بنت أبي طالب وأسيد بن ظهير، وعدة من أصحاب الرسول .
من تعلموا على يديه
تعلم على يديه وأخذ عنه عكرمة مولى ابن عباس وطاوس بن كيسان وعطاء بن أبي رباح وهم من أقرانه، وعمرو بن دينار وأبو الزبير والحكم بن عتيبة وابن أبي نجيح ومنصور بن المعتمر وسليمان الأعمش وأيوب السختياني وابن عون وعمر بن ذر ومعروف ابن مشكان، وقتادة بن دعامة والفضل بن ميمون وإبراهيم بن مهاجر وحميد الأعرج وبكير بن الأخنس والحسن الفقيمي وخصيف وسليمان الأحول وسيف بن سليمان وعبد الكريم الجزري وأبو حصين والعوام ابن حوشب وفطر بن خليفة والنضر بن عربي، وخلق كثير.
من أهم ملامح شخصيته
العلم
يعد مجاهد من أوعية العلم وقد أخذ ابن عمر بركابه يومًا وقال له: وددت أن ابني سالمًا وغلامي نافعًا يحفظان حفظك. وقد تفقه على يد عبد الله بن عباس حبر الأمة حتى صار أعلم أهل زمانه بالتفسير، ولم يرد بعلمه يومًا مالاً أو دنيا، حتى قيل: إنه لم يكن أحد يريد بالعلم وجه الله إلا مجاهد وطاوس. وجاء في كنز العمال: أنه قدم عمرو بن العاص على عمر بن الخطاب، فسأله عمر: من استخلفت على مصر؟ قال: مجاهد بن جبير. فقال له عمر: مولى ابنة غزوان. قال: نعم، إنه كاتب. فقال عمر: إن العلم ليرفع بصاحبه.
وكان عالمًا بالقرآن الكريم؛ فعن قتادة قال: أعلم من بقي بالحلال والحرام الزهري، وأعلم من بقي بالقرآن مجاهد.
وتمنى بعض العلماء لو تعلم على يد مجاهد، وأخذ عنه ولو شيئًا يسيرًا، يقول ابن جريج: لأنْ أكون سمعت من مجاهد فأقول سمعت مجاهدًا أحب إليَّ من أهلي ومالي.
السير في الأرض للتأمل والتدبر
وكان مجاهد بن جبير رجل قرأ القرآن وتشبع بمعانيه، وقرأ فيه {قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ} [العنكبوت: 20] فخرج في الأرض للسير فيها متفكرًا متدبرًا في خلق الله ؛ فعن الأعمش قال: كان مجاهد لا يسمع بأعجوبة إلا ذهب فنظر إليها، فذهب إلى حضرموت إلى بئر برهوت. يقول الذهبي في سير أعلام النبلاء: بلغنا أنه ذهب إلى بابل وطلب من متوليها أن يوقفه على هاروت وماروت، قال: فبعث معي يهوديًّا حتى أتينا تنورًا في الأرض فكشف لنا عنهما، فإذا بهما معلقان منكسان، فقلت: آمنت بالذي خلقكما. فاضطربا فغشي عليَّ وعلى اليهودي، ثم أفقنا بعد حين فلامني اليهودي وقال: كدت أن تهلكنا.
تعليق