السؤال : من هو النبي دانيال عليه السلام ؟ وهل صح أنّ الصحابة وجدوه في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأعادوا دفنه ؟
الجواب:
الحمد لله
ذكر غير واحد من أهل العلم بالتاريخ والسير أن " دانيال " عليه السلام ، كان نبيا من أنبياء بني إسرائيل ، وكان في زمن " بختنصر " الذي خرب بيت المقدس ، وقتل من قتل من بني إسرائيل ، وأحرق التوراة .
وذكروا أنه بُشِّرَ بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وقَالَ دَانْيَالُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ـ وَذَكَرَ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاسْمِهِ ـ فَقَالَ: " سَتَنْزِعُ فِي قَسِيِّكَ إِغْرَاقًا، وَتَرْتَوِي السِّهَامُ بِأَمْرِكَ يَا مُحَمَّدُ ارْتِوَاءً ".
فَهَذَا تَصْرِيحٌ بِغَيْرِ تَعْرِيضٍ، وَتَصْحِيحٌ لَيْسَ فِيهِ تَمْرِيضٌ " .
ثم ذكر شيخ الإسلام بشارتين لدانيال بالمسيح ، وبنبينا محمد عليهما الصلاة والسلام ، ثم قال :
" فَهَذِهِ نُبُوَّةُ دَانْيَالَ فِيهَا الْبِشَارَةُ بِالْمَسِيحِ، وَالْبِشَارَةُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيهَا مِنْ وَصْفِ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ بِالتَّفْصِيلِ مَا يَطُولُ وَصْفُهُ، وَقَدْ قَرَأَهَا الْمُسْلِمُونَ لَمَّا فَتَحُوا الْعِرَاقَ، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ، مِنْهُمْ أَبُو الْعَالِيَةِ " .
انتهى من "الجواب الصحيح" (5/ 275-281) .
واشتُهر أن المسلمين لما فتحوا " تستر " عثروا عليه ، فأمر أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه الصحابة أن يدفنوه ، ويعمّوا على الناس قبره ؛ لئلا يفتنوا به .
روى ابن أبي الدنيا بسند حسن - كما في "البداية والنهاية (2/379) : عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: " رَأَيْتُ فِي يَدِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ خَاتَمًا، نَقْشُ فَصِّهِ أَسَدَانِ بَيْنَهُمَا رَجُلٌ يَلْحَسَانِ ذَلِكَ الرَّجُلَ، قَالَ أَبُو بُرْدَة: هَذَا خَاتَمُ ذَلِكَ الرَّجُلِ الْمَيِّتِ الَّذِي زَعَمَ أَهْلُ هَذِهِ الْبَلْدَةِ أَنَّهُ دَانْيَالُ، أَخَذَهُ أَبُو مُوسَى يَوْمَ دَفَنَهُ. قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: فَسَأَلَ أَبُو مُوسَى عُلَمَاءَ تِلْكَ الْقَرْيَةِ عَنْ نَقْشِ ذَلِكَ الْخَاتَمِ، فَقَالُوا: إِنَّ الْمَلِكَ الَّذِي كَانَ دَانْيَالُ فِي سُلْطَانِهِ جَاءَهُ الْمُنَجِّمُونَ وَأَصْحَابُ الْعِلْمِ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّهُ يُولَدُ لَيْلَةَ كَذَا وَكَذَا غُلَامٌ يعورُ مُلْكَكَ وَيُفْسِدُهُ. فَقَالَ الْمَلِكُ: وَاللَّهِ لَا يَبْقَى تِلْكَ اللَّيْلَةَ غُلَامٌ إِلَّا قَتَلْتُهُ. إِلَّا أَنَّهُمْ أَخَذُوا دَانْيَالَ فَأَلْقَوْهُ فِي أَجَمَةِ الْأَسَدِ، فَبَاتَ الْأَسَدُ وَلَبْوَتُهُ يَلْحَسَانِهِ، وَلَمْ يَضُرَّاهُ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ فَوَجَدَتْهُمَا يَلْحَسَانِهِ، فَنَجَّاهُ اللَّهُ بِذَلِكَ حَتَّى بَلَغَ مَا بَلَغَ. قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: قَالَ أَبُو مُوسَى: قَالَ عُلَمَاءُ تِلْكَ الْقَرْيَةِ: فَنَقَشَ دَانْيَالُ صُورَتَهُ وَصُورَةَ الْأَسَدَيْنِ يَلْحَسَانِهِ فِي فَصِّ خَاتَمِهِ ; لِئَلَّا يَنْسَى نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ " .
وروى ابن أبي شيبة (7/ 4) بسند صحيح، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّهُمْ لَمَّا فَتَحُوا تُسْتَرَ قَالَ: " فَوَجَدَ رَجُلًا أَنْفُهُ ذِرَاعٌ فِي التَّابُوتِ , كَانُوا يَسْتَظْهِرُونَ وَيَسْتَمْطِرُونَ بِهِ , فَكَتَبَ أَبُو مُوسَى إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِذَلِكَ , فَكَتَبَ عُمَرُ: إِنَّ هَذَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالنَّارُ لَا تَأْكُلُ الْأَنْبِيَاءَ , وَالْأَرْضُ لَا تَأْكُلُ الْأَنْبِيَاءَ , فَكَتَبَ أَنِ انْظُرْ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ يَعْنِي أَصْحَابَ أَبِي مُوسَى فَادْفِنُوهُ فِي مَكَانٍ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ غَيْرُكُمَا قَالَ: فَذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو مُوسَى فَدَفَنَّاهُ " .
-يُتبع-
تعليق