تتعالى الأصواتُ في المجتمعات العربية بقولها : "الأسرة نواة المجتمع، والعناية بها أمر ضروري ولازم"، وهذا مما لاشكَّ فيه ولا ريب؛ حيث إن ديننا الإسلاميَّ اعتنى بهذه النواة أيَّما عناية، واهتمَّ بترسيخ قواعدها أيما اهتمام، فكانت - وما زالت - الأسرةُ المسلمة الحقة أنموذجًا فريدًا للحياة المستقرة، والنجاح القائم، تنبأ بارتفاع الشأن للأمة أجمع.
والحق أن هذه الأُسر في عصرنا متناقصةٌ، فلو محصنا النظرَ في هذه المجتمعات بحثًا عن النموذج الفريد، وحجم النتاج الخارج منه، وكم أعداد أبنائه الذين يقومون على بنيان أمثاله، لوجدنا أن نسبته إلى غيره أقلُّ.
إننا وللأسف نجد أسرًا كثيرة تنشأ من منطلق تكوين الأسرة للحصول على مكانة اجتماعية وحسب، فلا يهمُّ الزوجين بداية حياتهما أن تكون هذه النواة فعَّالةً ومحمودة العطاء والبذل، ولا أن تكون مصدرَ إشعاع لرفع أمة، وانبثاق فجر جديد، وعهد وميمون - ولا نعمِّم.
وكمثالٍ واسع نتحدَّث فيه بشيء من الإيجاز، ويدلُّ على قولنا السابق، سنأخذ جانب الطفل المسلم من الثقافة العامة وتكوين السلوك.
فكما نعلم أن شأن ثقافة الطفل المسلم كبيرٌ ومتشعب، يحتاج منا أن نقوم عليه مراتٍ عدةً؛ حتى نستخلص كلَّ ما فيه، وسنكتفي هنا بتربية الطفل على الاطِّلاع الكبير، والنشأة الدينية السليمة.
لو تأملنا حال أطفالنا مع القراءة والثقافة والعلوم، لوجدنا أن معظم مناهلِ ثقافتهم مستقاةٌ من القنوات الفضائية والمدرسة، وقلَّما نجد للقراءة والمكتبة أثرًا لتكوينها، إضافة إلى أن الأم التي تربِّي ترسِّخ بعضَ القيم والمبادئ، والعادات والتقاليد المجتمعية المحمودة، وتبعد عن طفلها ما كان غير مرغوب في هذه المجتمعات، وتكتفي بذلك، فلا تحرص على أن يشغف أبناؤها بالعلم، وأن يكون لهم اليد العليا فيه مستقبلاً، وإن كانت بعاطفتها تتمنى.
وهذا الأمر لا نلقيه على عاتق كلِّ الأمهات، ونتجاهل وجودَ الأسباب التي دفعتْ بعضَهن لذلك، أو ساهمت في أن يكنَّ كذلك.
-يُتبع-
تعليق