عند ملء كأسين كبيرين بكمية من الماء النقيّ الصافي المُعاد تقطيره مرّات عديدة و تمرير جهد كهربائي عالٍ ضمن الكأسين فإن جسرًا من الماء يظهر مُمتدًّا بين المسافة الفاصلة بينهما في مشهدٍ يدعو للغرابة.
لا تزال هذه الظاهرة قيد الدراسة والأبحاث للاستفادة منها في تطبيقاتٍ مختلفةٍ، حيث إنّ هذا الجسر ينقل التيار بالاتجاهين، وله خواص كثافية وبُنيوية جديدة كليًّا لم تكن معروفةً سابقًا.
من الدراسات الحاليّة حول هذه الظاهرة نجد البطارية المائية، شحن الماء بواسطة جسر الماء! أصبحت الأمور غريبة، أليس كذلك؟!
دعونا نأخذ فكرة عن الدراسة التي قدمها باحثون من جامعة Woisetschläger/Fuchs – TU Graz وباحثون من مركز الأبحاث الهولندي المركزي wetsus،
حيث إنهم لاحظوا أنّ هذا الجسر العائم من الماء يُنتِج شحنة كهربائية يتمُّ تخزينها وشحن الماء بها، ولها قدرة على البقاء لفترة زمنية لا بأس بها.
ــــــــــــــــــ
الشحن بواسطة البروتونات !
في هذه الحالة، يكون الماء غيرَ مشحونٍ إلكترونيًّا، إنما يكون مشحونًا بواسطة بروتونات! ماذا يعني ذلك؟
إنّ هذه الظاهرة الجديدة يتمّ تفسيرها بأن هذا النوع الجديد من الماء يأخذ شحنة سالبة أو موجبة اعتمادًا على ما إذا كان يحتوي على كميّة بروتونات أكثرَ أو أقل.
وتُشير الدراسة إلى أنّ الماء إذا وُجد في حالة الشُحنة الموجبة تمّ تشكيل البروتونات في سياق التحليل الكهربائي، أي أنّ نوى الهيدروجين تتدفق من خلال جسر الماء إلى الكأس الآخر التي تحمل الشُحنةَ السالبةَ، وهنالك يتّم معادلتُها بواسطة أيونات الهيدروكسيل،
وبما أنّ البروتونات تتحرّك بسرعة لا متناهية من إناء إلى آخر، فيصبح لدينا فائضٌ في البروتونات في أحد الكؤوس، ونقصٌ فيها في الكأس الآخر.
في حال إنهاء جسر الماء، فإنّ الشُحنة البروتونية تبقى ويتّم قياسها عن طريق مقياس المُقاومة الطيفي، و قد بيّنت الدراساتُ أنّ السائلَ المشحونَ بقيَ مُستقِرًّا لمدّة أسبوعٍ كاملٍ.
ــــــــــــــــــ
ما الفائدة من البطارية المائيّة؟
البطارية المائيّة تعني مُخلَّفات كيميائيّة أقل، وعليه فإن إدراك مثل هذه الظاهرة ودراستها يُتيح المجال لاستخدامها في المُفاعلات الكهروكيميائية أو الكيمياء الحيوية؛ مِمّا يفتح الباب مشرعًا لتطبيقاتٍ صناعيةٍ متنوعةٍ.
وفي حال استخدام بطاريات مائية بدون أسيد أو حموض قلوية، فإنّ ذلك يُمهّد الطريقَ أمام تقنيات تنظيف صديقة للبيئة، وتخفيض النفايات الناتجة عن العمليات الكيميائيّة، وإمكانيات هائلة للتطبيقات الطبية.
المصدر: الباحثون المسلمون
تعليق