من هم ؟ وأين هم ؟
قيل للإسمين معاني إشتقا منها ، مثل : من (أجَجَ) وهو اللهب ، وقيل من (الأجّة) وهي الخليط ، أو شدة الحر ، وقيل من (الأُج) وهو سرعة الركض ، وقيل من (الأجاجة) وهي الماء المالح لكن بالحقيقة أنهما إسمين أعجمين ممنوعين من الصرف ، وقد ذكرا بالتوراة : (چوچـ و ماچوچـ) ، في سفر حزقيال وردا كإسم لملكين أو لشعبين سيغزوان إسرائيل من ضمن حروب الملحمة.
أما عند المسيحيين ، فقد ورد في إنجيل يوحنا : "ويخرج ليضل الأمم الذين في أربع زوايا الأرض: جوج وماجوج، ليجمعهم للحرب، الذين عددهم مثل رمل البحر"
حيث هم فرصة إبليس الأخيرة ، لأنهم يخرجون بعد مقتل الدجال على يد المسيح ، بينما لا طاقة للمسيح بقتالهم ، فيلجأ ومن معه إلى جبل الطور فمن هؤلاء الذين لا يقدر أحد على قتالهم؟
دعونا من ذلك ولنركز على ما نعرف عنهم . أنهم محشورون خلف السد الذي بناه ذو القرنين ، ولا يستطيعون الخروج إلا بعد إنهياره . لكن بالحقيقة المنطق لا يقبل هذه القصة ، ولا يعقل أن يحتجز شعب بأكمله منذ آلاف السنين وحتى اليوم ، بإنتظار إنهيار الحاجز الذي يحبسهم . فأين السد ، وأين يأجوج ومأجوج اليوم ، في ظل جوجل إيرث والأقمار الصناعية ووسائل النقل والمواصلات والإتصالات الحديثة؟
دعونا لا ننسى الآية : [ وهم من كل حدبٍ ينسلون] أي أنهم لا يأتون من مكان واحد ، ولكن من كل (حدب) ، فكيف ينهار السد ، ومن ثم يخرجون من كل (حدب) ، وكأن هذا السد فقاعة هم محشورون بداخلها ، وما أن تثقب حتى ينزلون كالمطر من كل مكان ، وإنظر إلى الآية :[ حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج ] حيث لا يعود المضاف المحذوف إلى (السد) ، وإنما إلى مقدّر مثل (أبواب) فُتحت ، وليس (سد) فُتحت.
يقترح كتاب (طور الاستخلاف) للباحث العراقي (عالم سبيط النيلي) رحمه الله:
أن مكمن حل لغز يأجوج ومأجوج في : (أتبع سببا) التي ظلت ترددها سورة الكهف ، فـ(الأسباب) في المعاجم هي التي تصل بين الشيئين . مثل (معابر) أو (أنفاق) ، فكلما كان ذو القرنين (يتبع سبباً) كان يدخل في معبر أو نفق ، وأن رحلته بالحقيقة بين الكواكب وليست أرضية ، وأن الـ(أسباب) في حقيقتها هي (worm hole) أو (جسر آينشتاين-روزين) ، وهي بإختصار : نفق بين نقتطين يختصر المكان والزمان ، وأن هذه الأنفاق تكون طبيعية كنتيجة لوجود ثقب أسود او أبيض ، صغير أو كبير ، وقد تكون صناعية من خلال إنشاء حقل كمومي ، وإضافة المادة الغريبة (Exotic Matter) . مع ان هذه كلها نظريات على الورق ، ولم يتم تجربتها على أرض الواقع ، لكنها مثبتة رياضياً
ودعونا لا ننسى الآية : (وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب ، أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا) حيث تتضح حقيقة (الأسباب) هنا أكثر
وكذلك أن ابن كثير روى عن سيدنا علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ، أن رجلٌ سأله عن ذي القرنين : "كيف بلغ المشرق والمغرب؟"
فقال : "سُخّرَ له السحاب ، ومُدّت له الأسباب ، وبُسط له في الاسباب
عموماً : يقول الباحث (النيلي) أن (الأسباب) هي معابر في نسيج الزمكان ، وأن ذو القرنين بينما (يتبع سبباً) كان يرصد هذه المعابر -بطريقة ما- فيدخل ويخرج منها . حتى بلغ (القوم الذين بين السدين) الذين كانوا يواجهون نفقاً إلى كوكب يأجوج ومأجوج ، فكان اليأجوجون والمأجوجون يعبرون إليهم ، فيخطفون ويقتلون وينهبون ويدمرون ، كلما شاءوا ، وهؤلاء القوم (الذين لا يكادون يفقهون قولاً) يسكنون كوكب غني ، فهم عرضوا على ذي القرنين كنوزاً (خرجاً) لكي يبني السد ، فهم مع إمكانياتهم إلا أنهم جنس ضعيف بليد مسالم لا يقدر على حماية نفسه فإشتكوا إلى ذي القرنين الذي بدا متقدماً بالنسبة لهم ، وقد يملك الحل لمشكلة يأجوج ومأجوج ، ففكر بالأمر ، ثم قرر أنه لن يبني سد كما إقترحوا وإنما (ردم) ، وطلب منهم أن يعينوه بقوة وبجدية وبهمة ، لكي يغلق (السبب) إلى كوكب يأجوج ومأجوج ، وهو حسب نظرية (النيلي) بين قطبي مجال مغناطيسي (الصدفين) ، حيث طلب منهم قطع من الحديد (آتوني زبر الحديد) وهو أفضل المعادن لعملية المغنطة ، وخصوصاً إذا خلط مع أوكسيد النحاس ، ولأن النحاس ينصهر أسرع من الحديد ، فسخن ذو القرنين الحديد أولاً (حتى جعله ناراً)
وقوله (جعلها ناراً) تأكيد لعملية حرق الحديد في الجو لتكوين الأكاسيد. ثم خلطه بالقطر وهو النحاس ، متأخراً لينصهر بدرجة أقل من درجة انصهار الحديد ، مشكلاً المجال المغناطيسي.
فعندما طلب منهم جلب النحاس البارد (آتوني أفرغ عليه قطرا) بعد حرق الحديد ، وذلك حتى لا يختلطان تماماً ، وإنما يظلان في حركة دائرية
بالحقيقة أنه حتى المجال المغناطيسي للأرض مهمته الرئيسية هي حماية الحياة على الأرض من الجسيمات الضارة من الشمس والهائمة في الكون ، ماذا لو كان يمنع أشياء أخرى ، مثل يأجوج ومأجوج
فالنظرية التي تقول أن المجال المغناطيسي هو سبب الجاذبية ، وأن هناك مغناطيس عملاق في بطن الأرض ، وهو الذي يثبت أقدامنا ويمنعنا من التطاير في الهواء ، فتلك أضعف نظرية تفسر وجود الجاذبية الأرضية ، فلو كان هناك مغناطيس عملاق لما جذبنا ولا الأشجار ولا المواد التي لا يجذبها المغناطيس ، بل ونظريات تشوه أو إنحناء الكون أكثر منطقية من المغناطيس العملاق ، لكن (المغناطيس سبب الجاذبية) هو المعتمد علمياً
عموماً : عندما صنع ذو القرنين الردم ؛ صنع بذلك مجال مغناطيسي صناعي على شاكلة الموجود في بطن الأرض ، وهكذا سد (معبر) يأجوج ومأجوج عن كوكب (الذين لا يفقهون قولاً) ، وكذلك بيننا وبينهم ، حيث كان المعبر الذي إستخدمه ذو القرنين مفتوح إلى كوكب (الذين لا يفقهون قولاً) ، و(معبر) يأجوج ومأجوج مفتوح عليهم ، فكان بإمكان يأجوج ومأجوج العبور إلى الأرض ، لكنهم كانوا مكتفين بما ينهبونه من (الذين لا يفقهون قولاً) ، لكن بعد أن تفاجأوا بأن (المعبر) قد رُدم ، فلابد أنهم كانوا يفكرون بالإنتقام ممن أغلقه ، منذ آلاف السنين
في عودة إلى موضوعنا ؛ نظرية الأستاذ (النيلي) توضح سر إستخدام ذو القرنين للحديد والنحاس لعمل الردم ، فهذين المعدنين سريعي التإكسد ، والتآكل ، على عكس الصخور والطين المحروق ، فلو أراد سيدنا ذو القرنين أن يسد مدخل أو حفرة في الأرض أو يصنع جداراً ، فلإستخدم الصخور والطين لسدها ، لأنها أقوى وأكثر إستدامه ، حيث نرى الآثار مثل الأهرامات والمعابد موجودة منذ آلاف السنين وهي مصنوعة من الحجارة والطين ، ولا نرى آثار من المعدن ، خصوصاً الحديد والنحاس فهما سريعي التأكسد والتآكل إذا تركا تحت الشمس والمطر وعوامل التعرية .
وهناك حديث شريف عن حوادث آخر الزمان ، به إشارة تؤيد نظرية الأستاذ (النيلي) ، ملخصه : أن الله أَوحى إلى عيسى ابن مريم : "إني قد أنزلت عباداً لي من عبادي لا يَدانِ لأحدٍ بِقِتَالهم، فَحَرِّزْ عبادي إلى الطور". لاحظ : (إني قد أنزلت عباداً) فهل النزول من علو يدل على انهم يهبطون من السماء؟
وهناك حديث الإسراء والمعراج الطويل (ضعيف) الذي يشير إلى أن الرسول مر بيأجوج ومأجوج ليلة المعراج ، ودعاهم فلم يستجيبوا له
وكذلك الآية (حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج ، وهم من كل حدب ينسلون) و(الحدب) كحدبة الظهر وما له نفس الشكل (لاحظ شكل الطبق الطائر) ، ثم لاحظ لفظ (ينسلون) ، والنسل حركة سريعة هادئة تشبه الإنزلاق.
ودعونا لا ننسى أن القرآن لا يوضح شيء عن جنسهم ، ولا يزيد على وصفهم بأنهم (مفسدون في الأرض)
الحديث الوحيد الذي يتشبث به البعض على إنه دليل على أن يأجوج ومأجوج من ذرية آدم ، هو حديث أبوسعيد الخدري (حسن صحيح):
((يقول الله عز وجل يوم القيامة: يا آدم ، يقول: لبيك ربنا وسعديك. فينادى بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار. قال: يا رب ، وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين". فشق ذلك على الناس حتى تغيرت وجوههم، فقال النبي : "من يأجوج ومأجوج تسع مائة وتسعة وتسعين، ومنكم واحد))
ولكن قبل أن تستعجل بإتخاذ قرارك إقرأ حديث أبي هريرة (صحيح) : ((أول من يدعى يوم القيامة آدم، فتراءى ذريته، فيقال: هذا أبوكم آدم، فيقول: لبيك وسعديك، فيقول: أخرج بعث جهنم من ذريتك، فيقول: أخرج بعث جهنم من ذريتك، فيقول: يا رب، كم أخرج؟ فيقول: أخرج من كل مائة تسعة وتسعين فقالوا: يا رسول الله، إذا أخذ منا من كل مائه تسعة وتسعون، فما يبقى منا؟ قال: إن أمتي في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود))
فالحديث الثاني يوضح الحديث الأول ، فالحديث الأول يشمل بعث النار من ذرية آدم مع يأجوج ومأجوج (الخلق الذين سيدخلون النار) ، أما الحديث الثاني فهو يختص ببعث النار من ذرية آدم بلا يأجوج ومأجوج (البشر الذين سيدخلون النار) ، وهذا قول ابن حجر وآخرون ، بينما يصر علماء آخرين أن يأجوج ومأجوج من ذرية آدم بدليل الحديث الأول ، عموماً نحن نطرح هنا إحتمالية كون يأجوج ومأجوج خلق غير أرضي ، ولدينا رأي ابن حجر يؤيدنا
فلنعد للأحاديث ولننظر إلى صفاتهم ، ولنقارنها بالبشر .
أولاً : الأحاديث كلها تصف عددهم الهائل ، ولو كانوا موجودين على الأرض وراء سد حالياً ، فسيستهلكون موارد الكوكب بغضون عشر سنين ، ولن يجد أحد شيء يأكله أو يشربه . فهم سيشربون بحيرة طبرية التي تبلغ مساحتها مائة وستين كيلو ، بينما يعبرونها . وكذلك عندما يموتون فتنتن الأرض من جثثهم المتعفنة ، فأي سد يمكنه أن يحجز أعداد مثل هؤلاء الذين من جراء تحلل جثثهم سيحدثون تأثيراً هائلاً في بيئة الكوكب ، ولاحظ أنهم عندما يموتون ويتوسل سيدنا عيسى إلى الله أن يزيل جثثهم ، فتأتي طيور أعناقها كالإبل ، فتحملهم وتذهب بهم ، فمن أين أتت هذه الطيور ، وأين ذهبت بالجثث؟
أولاً : الأحاديث كلها تصف عددهم الهائل ، ولو كانوا موجودين على الأرض وراء سد حالياً ، فسيستهلكون موارد الكوكب بغضون عشر سنين ، ولن يجد أحد شيء يأكله أو يشربه . فهم سيشربون بحيرة طبرية التي تبلغ مساحتها مائة وستين كيلو ، بينما يعبرونها . وكذلك عندما يموتون فتنتن الأرض من جثثهم المتعفنة ، فأي سد يمكنه أن يحجز أعداد مثل هؤلاء الذين من جراء تحلل جثثهم سيحدثون تأثيراً هائلاً في بيئة الكوكب ، ولاحظ أنهم عندما يموتون ويتوسل سيدنا عيسى إلى الله أن يزيل جثثهم ، فتأتي طيور أعناقها كالإبل ، فتحملهم وتذهب بهم ، فمن أين أتت هذه الطيور ، وأين ذهبت بالجثث؟
ثانياً : التصنيع العسكري الهائل عندهم ، كما ورد في أن المسلمين سيوقدون من أقواس وسهام وتروسهم سبع سنين . كما عند ابن ماجة وغيره ، فلو أشعلت النيران بترسانة أمريكا أو روسيا ، أو كلاهما معاً ، فكم ستستغرق حتى تحترق ، ومهما بالغت في التقدير فلن يتعدى تقديرك الأشهر ، فما بالك بأسلحة يأجوج ومأجوج التي ستظل تشتعل لمدة سبع سنين
ثالثاً : نهايتهم : (فيرسل اللـه على يأجوج ومأجوج النغف) النغف: هو الدود ، ومن ظاهر الحديث نفهم أن هذا وباء سيحصد جنس يأجوج ومأجوج عن آخرهم ، إذاً لماذا لم يصب البشر ، إن كان وباءً بهذه القوة والإنتشار ، الإجابة : لأن أجساد البشر كونت مناعة ضد جراثيم الأرض وفيروساتها ، وإن كان يأجوج ومأجوج جنس من كوكب آخر فقد تقتلهم الإنفلونزا العادية ، أو الحصبة أو أو أياً من الأمراض العادية ، وذلك لأن أجسادهم لم تطور مناعة ضد الفيروسات الأرضية
أخيراً : فلنحاول أن نستوعب ما سبق :
أولاً : لدينا إحتمال أن يكون يأجوج ومأجوج جنس من كوكب آخر
ثانياً : قام ذو القرنين بسد الممرات بين كوكب (الذين لا يفقهون قولاً) ، وكوكب يأجوج ومأجوج ، وكوكب الأرض ، من خلال صنع مجال مغناطيسي صناعي ، لكن هذا السد الصناعي مؤقت (فإذا جاء وعد ربي جعله دكا)
هل لدينا أي دليل علمي يدعم قرب إنهيار سد ذو القرنين ، كمجال مغناطيسي؟
في الحقيقة لدينا حديث البخاري عن أمنا زينب : أن الرسول دخل عليها يوما فزعاً وهو يقول: ((لا إله إلا اللـه، لا إله إلا اللـه ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه)) وحلق بأصبعه السبابة والإبهام))
فماذا حدث وأفزع الرسول ، وأحدث شرخاً في سد ذي القرنين ؟
إن كان السد هو المجال المغناطيسي كما أشار المرحوم النيلي ، فالحديث يشير إلى حدث أرضي بدأ في زمن الرسول ، وهذا الحدث يشير إلى العد التنازلي لسد ذو القرنين
بالحقيقة : حسب (وكالة الفضاء الأوروبية ESA) :أن المجال المغناطيسي الأرضي يتلاشى ، وهم لا يعرفون سبب ذلك ، أو تأثيره ، لكنه يحدث
يقول (إيف جاليه) من المعهد الفيزيائي للأرض في باريس : "أن الأمر بدأ قبل ألفي عام" ، لاحظ أن الرسول في حديث السيدة زينب يصرح أنه بدأ آنذاك ، قبل ألف وأربعمائة عام ، بفارق خمسمائة عام عن تقدير (إيف جاليه)
تعليق