حين كنتُ مع المَهْدي المُنْتَظَر
في سجن الجويدة وفي سنة الخمسة وتسعين كمان ..وبالتحديد في غرفة ( العَزْل ) حيث كنّتُ أقيم مع زملاء ( إطالة اللسان ) ..أحضر الأمن شاباً ( مْهبّرْ تهبير ) من الضرب ..وعرفتُ فيما بعد أنه أقدم على ضرب مجموعة من الشرطة ..!! اسمه ( أحمد ) ..نام أكثر من ستطعش ساعة متواصلة ..وبعد أن صحا ورحّبنا به ..سألته عن قضيته ..فأجابني : ضربت بِطوبة ( الوُيْو وُيْو ) تاعت سيارة النجدة ..لأنها مثل الشيطان ..!! ضحكنا ..وحين حلّتْ صلاة المغرب ..دخل أحمد الحمّام ..وكان الذي يدخل الحمّام تسمع البقيّة صوت الحنفيّة على الأقل عند الاغتسال ..مع اننا نسمع أشياء أُخرى وذاك لضيق الغرفة ..ولكني لم أسمع لا صوت حنفيّة ولا صوت ميّة ..!! سألته : توضّيتْ يا أحمد ..؟؟ أجابني بعنف : آه توضيّتْ ..!!
وعند صلاة العشاء ..دخل أحمد الحمّام ..وعملها على الثقيل ..وخرج يصلّي معنا دون أن يغتسل أو يتوضّأ ..!! استبدّ بي الغضب ..وقلتُ له : إنت ما توضّيتْ وأنا متأكِّد من كلامي ..!! ابتسم ابتسامة خفيفة وقال لي : الملائكة وضّتني..!! قلت له : الملائكة ها ..الملائكة ؟؟!! طيّب صلّي يا حبيبي صلّي..ليلتنا فُلْ وآخِرْ حلاوة ..!!
ما صدّقتْ والفجر يأتي..فُتِح باب الغرفة ..سُمِح لغرفتنا فقط بالكسدرة بالساحة ..أخذتُ أحمد و كسدرتُ معه .. قلت له بحنّيّة مُفْرِطة : صارحني يا أحمد ..شو قصتك ..؟؟ قال : وتصدقني ؟؟ قلتُ على الفور: أكيد ..!! قال : وتؤمن بي ..؟؟ قلت : أكيد ..!! قال : وتحفظ السر لحد ما اقوله أنا ..؟؟ قلت : نعم ..!! قال : أنا المهدي المُنتظر ..!! قلت وقد صُعقتُ : هو إنت..؟؟ أخيراً أتيتْ ..وين كنت من زمان وين ..؟؟ ضحك أحمد ..بطريقة لا يتخيلها عقل وقال : والله أنا المهدي ..وعمّال أدوّر على ( أعور الدجال ) ورح أخلّص عليه ..!! ..قلت له وقد بدأ الخوف يتسلّل إلى داخلي : وين ممكن تلاقي أعور الدجّال ..؟؟ قال : ممكن ألاقيه في أي مكان ..في غرفتنا ..أو في السجن كلو ..أو برّة ..!! قلت له : طيّب كيف رح تتعرّف عليه؟؟ قال : بالاحساس ..!! قلت له : بس بالاحساس..فش طريقة ثانية ؟؟ ضحك وقال : ما عليك ؛ إحساسي ما يخيب ..!!
جاء وقت التفتيش ..وقفنا ..جاء الضابط ..وقبل أن يغادر ..ناديته : يا بيك يا بيك ..هذا الشب ..أنا ما أنام معه في غرفة واحدة..؟؟ قال الضابط : ليش ..؟؟ قلت : يدعي انه المهدي المنتظر ..ويدوِّر على أعور الدجّال عشان يخلِّص عليه ..حتى اسأله إذا مِشْ مصدِّقني..!! سأله الضابط فأجاب أحمد بالايجاب ..فقال لي الضابط : حرام ؛ ديروا بالكو عليه ..هذا مجنون ..!! فقلت للضابط : كلمة وحدة ..ما رح أنام معه في نفس الغرفة ..شو معرفني يقوم بالليل ويفكّرني الدجال و يخلص عليّ ..يا أنا يا هو في الغرفة..؟؟
انحلت مشكلة أحمد ونقلوه من غرفتنا ..وبعدها طلّعوه من السجن عدم مسؤولية ..وكل مرّة يلاقيني فيها الضابط يضحك عليّ ويقولي : ظلمت الزلمة يا خوّيفة ..!! وكنت أقول له : العمر مش بعزقة يا بيك ..وعلى ايد مين ..على ايد مجنون ولا حتى رح يطلعلي فنجان قهوة ديّة ..!! كان يضحك الضابط من جوابي ويغادر..
وبعدها بأسابيع ..ناداني أحد الشباب الذين في غرفة القتل وقال لي : صاحبك أحمد شرّف عندنا من امبارح ..!! ركضتُ إلى غرفة القتل..ناديت على أحمد ..كان آخر فرحة وآخر انبساط ..قلت له : شو اللي رجّعك ..؟؟ قال : قتلت أعور الدجّال ..!! قلت : ومين طِلِعْ ؟؟ قال : أبوي ..قمت بالليل وكان نايم ..تأكدتُ انه هو ..وبماسورة ؛ ظلّيتْ أضرب براسه حتى مات...ها ها ها ها ها ها ..!!
وتركتُ أحمد مصدوماً ..بانتظار الضابط لأخبره أن أحمد قتل أعور الدجال ..والحمد لله ..لم أكن أنا ..!!!
#كامل_النصيرات
تعليق