الرغبة المجنونة
لكن لماذا بعض الأطفال مختلفون ؟ .. ربما السر يكمن في الجينات ، تلك المورثات الدقيقة الشبيهة بدفتر التعليمات الذي يأتي مع الأجهزة الكهربائية ، فكل طفل يولد في هذا العالم يأتي معه دفتر كهذا ، المشكلة أنه مكتوب بلغة دقيقة ومعقدة لا نستطيع نحن الناس العاديين قراءتها ، لو استطعنا فعل ذلك لأمكن التنبؤ بالكثير من الصفات والطباع والأمراض التي ستلازم هذا الطفل لما تبقى من حياته
بمختصر العبارة هناك نوع من الأطفال "فاسد من البيضة" ! .. مهما حاولوا إصلاحه وتعديله يبقى أعوج . فإذا كان لديك او لدى احد اصدقائك أبن على هذه الشاكلة ، كأن يكون غضوبا يثور ويقلب الدنيا رأسا على عقب لأتفه الأسباب ، وربما تطاول عليكِ ، ولم ينفع معه شيء ، لا الكلام الطيب ولا العقاب ولا حتى الطبيب النفسي ، فلا تلم نفسك وليكن ضميرك مرتاح ، فالذنب ليس ذنبك ، بل هو ذنب الجينات اللعينة ، أو ربما ذنب الجن والمس الشيطاني ، أو قد يكون ذنب الاستعمار والمؤامرات التي تحاك ضد الأمة العربية .. الله أعلم .. على كل حال كن متيقن من شيء واحد فقط ، هو أنك ستنال الكثير من الشتائم والسباب في المستقبل بسبب أبنك هذا
وقصتنا لهذا اليوم تدور حول واحد من هؤلاء الأبناء .. "فاسد من البيضة" بامتياز ..
الولع بالحبال
ألبرت جلاتمان رجل مسالم ، كان لديه محل صغير لبيع القبعات النسائية في نيويورك . زوجته أوفيليا كانت ربة منزل . الزوجان عاشا بهدوء ، لم يسمع الجيران لهما حسا ولم يتدخلا يوما فيما لا يعنيهما . وفي عام 1927 أنجبا أبنا واحدا وحيدا هو كل ما خرجا به من هذه الدنيا الفانية ، أسمياه هارفي . كانت فرحتهم بمقدمه كبيرة . لكنها فرحة لم تدم طويلا ، إذ سرعان ما لاحظا أن بعض تصرفات الصغير غير سوية ، كان يفتقد الرغبة في أي شيء ، نادرا ما يجذب انتباهه شيء ، سارح في معظم الأحيان كأنه في عالم آخر ، يبكي حين لا يكون هناك داعي للبكاء ويضحك من دون موجب للضحك.
- " هل هو مجنون ؟ " .. تسأل ألبرت وهو يتفحص الطفل النائم في سريره بنظرات ثاقبة
- " صه يا رجل ! .. كيف توسمت فيه الجنون وهو لم يكمل عامه الثالث بعد ؟ " .. أجابت اوفيليا محتدة
- " لكنه سارح في أغلب الأحيان يبكي ويضحك دونما سبب ! " .. قال ألبرت معللا .
" أنه طفل .. ماذا تريده أن يفعل ؟ .. أن يذهب ليحاسب زبائنك في المحل ! " .. همهمت اوليفيا بغضب وهي تنظر إلى زوجها شزرا فصمت ألبرت ولم يقل شيئا آخر ، فهو يعرف بأن السكوت خير وسيلة للدفاع أمام غضب زوجته ، وما لبث أن استدار ذاهبا إلى سريره لينام ، أما اوفيليا فوقفت تتأمل طفلها وقد بان على محياها القلق والاضطراب ، في حقيقة الأمر ، وبرغم استنكارها لكلام زوجها ، لكن في داخلها كانت تعلم بأن ثمة أمر غير سوي ، بيد أنها ظلت تكابر ، حتى أنها لم تخبر ألبرت عما فعله هارفي الصغير اليوم ، فلقد دخلت عليه بغتة وهو يلعب في حجرته فوجدته وقد ربط عضوه التناسلي بطرف خيط وشد الطرف الآخر إلى قائمة دولاب الملابس ثم راح يسحب جسده إلى الوراء بكل قوة منتشيا للألم الذي يلاقيه جراء ضغط الخيط على عضوه التناسلي .. تصور طفل في الثالثة !
كانت تلك أشارة على ميول مازوخية مبكرة ، لكن أنى لربة بيت بسيطة مثل اوفيليا أن تعلم ما هي المازوخية . ولم تكن تلك الإشارة الوحيدة ، فبعد سنوات ، حين كان هارفي في الثانية عشر من عمره ، دخل يوما إلى الحمام وتأخر هناك فقلقت أمه عليه وطرقت الباب ، فأخبرها بأنه بخير ، لكن حين خرج أخيرا كانت عنقه متورمة وهناك ندب حمراء عليها ، فاستدعت أوفيليا زوجها ليعرف ما خطب الولد ، وألح عليه والده في معرفة سبب الندب ، فأعترف بعد تمنع وهو يغالب دموعه قائلا بأنه يقوم بتمرير حبل فوق ركيزة دش الحمام المعدنية ثم يلف طرف الحبل حول عنقه كالحلقة ويسحب الطرف الآخر بيده كأنه يشنق نفسه ، وبيده الأخرى يقوم بالاستمناء ( يمارس العادة السرية ) ، وكلما شد الحبل أكثر كلما شعر بلذة ونشوة أكبر
كان هذا اعترافا صادما ، ألبرت المسكين وقف صامتا لبرهة ، فهو لم يسمع بحياته عن شيء كهذا . بالنهاية لم يجد ما يقول سوى تحذير أبنه من أن الإفراط بممارسة العادة السرية يؤدي لظهور "حب الشباب" على الوجه ! . أما أوفيليا فقد أصرت على عرض أبنها على طبيب ، وبالفعل أخذته غداة اليوم التالي إلى طبيب العائلة العجوز ، شرحت له الحالة ، فأخبرها ضاحكا بأنه لا يوجد ما يوجب القلق ، فهذه الأمور تحدث للمراهقين ثم تزول مع الوقت . وللأسف لم يكن الطبيب العجوز مصيبا برأيه ، وكان أحرى بأوفيليا أن تعرض أبنها على طبيب نفسي ، لكان له رأي آخر حتما ، فمن الواضح أن هارفي يعاني من حالة خطيرة تدعى الولع بالاختناق (Hypoxyphilia ) وهي نوع من أنواع الشذوذ الجنسي بحاجة لمتابعة وعلاج
يتبع
تعليق