الشر المتربص فى المياه
للبحار الشاسعة و المحيطات تأثيرات نفسية تختلف من إنسان لآخر , فقد يشعر البعض بالراحة أثناء استماعهم لأصوات الأمواج الهادئة على الشاطئ بينما آخرون تسري في أجسادهم تلك القشعريرة الباردة عندما يتخيلون ما يمكن أن يكون تحت تلك المياه من مخلوقات لا نعلم عنها شيئا , ذلك الغموض في البحار قد جعل البشر يسرحون بخيالهم حول ماهية ما يكمن في أعماقه و إذا أردتم أن تعرفوا بعض الأسرار فلتنصتوا جيدا لهؤلاء الذين يسافرون في البحار و المحيطات بعيدا فهم من أمتزج واقعهم بخيالهم جراء ما مروا به و شاهدوه في تلك المحيطات و غالبا تنتهي حياتهم غرقا في ظلام تلك الأعماق ... سأقص عليكم بعضا من الأساطير من بلاد مختلفة عن الوحوش التي تعيش في ذلك الظلام وهي تترقب اقتراب البشر من تلك المياه الغامضة
الرجل الضفدع (Vodyanoy )
"هذا التبغ لك يا سيدي فودنك , أرجوك أعطيني سمكة " !
كان هذا ما يقوله بعض الصيادون من اجل الحصول على السمك ثم يضعون التبغ في الماء
و لكن من هو ذلك الفودنك الذي يتضرعون له
حسب الأساطير السلافية فذلك المخلوق يعيش في الأنهار و البرك و الجداول و يبدو كرجل عجوز بوجه ضفدع بلحية خضراء تمتد إلى أسفل قدميه و شعر طويل , مغطى بالوحل و الطحالب و قشور السمك السوداء , كفيه ككفي الضفادع و لديه ذيل كالسمكة و عينيه تبدوان و كأنهما قطعتا فحم تشتعلان . يلقبه السكان المحليين بالجد و يقال انه عندما يغضب يقوم بتحطيم السدود و طواحين المياه و يغرق الحيوانات و البشر لذا يلومه القرويون دائما عندما يغرق أحد ما أو تحدث الفيضانات , ولهذا أيضا يحاول العديد من الصيادين وأصحاب الطواحين إرضاءه بتقديم الأضاحي له . و يقال بأنه يتنكر على هيئة زهرة جميلة لكي يجذب الفتيات إليه , و عندما يقتربن منه يقبض عليهن ثم يخطفهن إلى مملكته تحت الماء و يجبرهن على الزواج منه وعلى خدمته
على الناحية الأخرى يؤمن البعض بان ذلك المخلوق ليس مؤذيا البتة وقد يظهر أحيانا و هو يلعب الورق مع بني جنسه ! أو جالسا فوق الصخور بصمت , و هناك من الصيادين من يقدر ذلك المخلوق و يحترمه و يقوم بتبادل التبغ معه كهدية من اجل أن يساعده في اصطياد السمك
بحسب الأساطير السلافية فأن هذا المخلوق هو روح كانت في السابق لإنسان على قيد الحياة لكنه انتحر غرقا , وللتخلص من ذلك المخلوق يجب مباركة المياه في النهر أو البركة التي يعيش فيها لأنه يخشي المياه المقدسة , أما مياه البحر فلم يراه احد فيها لذا يعتقد البعض بأنها مميتة بالنسبة إليه و لا يمكنه العيش فيها
حصان البحر (The each-uisge )
عند ذكر اسم " حصان البحر " غالبا ما يخطر ببالنا ذلك الحيوان البحري الظريف الذي يشبه الحصان في أحجار الشطرنج , لكن هذا الاسم لا يقتصر على ذلك المخلوق الضئيل , بل له معاني أخرى تمتد وتتشعب إلى عالم الأساطير والغموض
أسطورة حصان البحر التي سنتحدث عنها الآن تعود أصولها إلى اسكتلندا حيث يعتبر ذلك الحصان أو تلك الروح هي اخطر أنواع الأحصنة بحسب ما تقوله عالمة الفلكلور كاثرين بريجز
يعيش هذا المخلوق في البحار و البحيرات و لديه القدرة على تغيير شكله حيث انه قد يتنكر في هيئة حصان أو مهر أو رجل وسيم أو طيور هائلة .... وإذا اعتلا أحدهم ظهر ذلك المخلوق و هو في هيئة الحصان فلا خطر عليه طالما كان يسير به فوق الأرض , لكن إذا ما اقترب من المياه فهذا يعني نهاية مأساوية لذلك الراكب, لأن جلد الحصان سيصبح كاللاصق بحيث لن يقدر الراكب على الفرار و سيقوم ذلك الحصان بالقفز إلى أعمق نقطة في المياه مع الضحية حتى يلفظ أنفاسه الأخيرة ثم يقوم بتمزيق جسد الضحية و يلتهمه ماعدا الكبد الذي سيطفو فوق سطح الماء دلالة على المصير البشع الذي لاقاه صاحبه
ذلك المخلوق المحتال قد يتنكر في هيئة رجل وسيم , ولا يمكن التعرف عليه حينها إلا من شعره حيث سيكون هناك بعض الطمي أو الرمال و الحشائش المائية العالقة به . وبسبب هذا المخلوق يخاف المقيمون في الأراضي المرتفعة في اسكتلندا من الاقتراب من الحيوانات أو الغرباء الذين يرونهم بالقرب من الشاطئ
و يحكي أن حدادا خسر ابنته بسبب هذا المخلوق فقرر الانتقام ونصب بمساعدة ابنه فخا من الخطافات الحادة ثم قام بشواء شاة على تلك الخطافات حتى أصبحت حمراء , وسرعان ما جذبت رائحة اللحم المشوي ذلك المخلوق فظهر أخيرا من المياه وهو يتلفت حوله وسط الضباب الكثيف بحثا عن مصدر الرائحة , وما أن أقترب من الشاة حتى أسرع الحداد و ابنه فغرزوا الخطافات في جسده , و بعد صراع قصير أصبح جسده ساكنا و في الصباح لم يكن قد تبقى شيء من المخلوق إلا بعض الهلام
يمثل ذلك الوحش في الفلكلور الياباني أسوأ الكوابيس التي من الممكن أن تراود الصيادون و البحارة في اليابان , و المعنى اللفظي لأسمه هو " الراهب البوذي للبحر " , هو يعيش في المحيطات و يقوم بإغراق سفن البحارة الذين يجرؤون على لفظ أسمه
ويقال بأن رأسه دائرية كبيرة تشبه رؤوس الرهبان المحلوقة وجسده اسود ضخم و عينان كبيرتان , ويعد نوعا من أنواع الشياطين التي تتربص بالصيادين وتقوم بتحطيم سفنهم وإغراقهم . وبحسب الأسطورة فعندما يغضب الاوميبوزو سوف يطلب من الطاقم أن يعطوه برميلا كي يملأه بمياه البحر و يسكبه عليهم , ولتجنب ذلك المصير يجب إعطاءه برميلا بلا قعر ووقتها سيحاول إغراقهم مرارا و تكرارا بلا فائدة مما سيمنحهم وقتا للنجاة بحياتهم
بالرغم من كون البحر الهادئ هو أفضل ما يرغب فيه أي بحار , لكن بالنسبة لهؤلاء المؤمنون بالاوميبوزو فأنهم يعتبرون ذلك الهدوء المخادع تمهيدا لظهور الوحش الشيطاني فتراهم لا يشعرون بالراحة مطلقا عندما يكون البحر هادئا , إذ إن ذلك الهدوء قد يتحول بين لحظة وضحاها إلى عاصفة هوجاء , فخروج الوحش عادة ما تصاحبه رياح عاتية و أمواج عالية
ترتبط تلك الأسطورة بالفكر الياباني الذي يؤمن بأن البحر هو المثوى الأخير لأرواح الأشخاص الذين يموتون و ليس لديهم من يعتني بهم
لطالما حلم البشر و تخيلوا كيف ستكون حياتهم تحت الماء , و قد كان للأساطير المتعلقة بحوريات البحر دور أساسي في إلهاب مخيلة الناس .. لكن يجب التفكير جيدا قبل التمني .. فبعض الأحلام من الأفضل لها أن تظل أحلاما لا أكثر
" فين فولك " هي أسطورة انتشرت في الجزر الموجودة في شمال اسكتلندا عن سحرة يعيشون في مدينة كبيرة في عمق الماء تدعى مدينة السحرة (Finfolkaheem ) , وهي مدينة محاطة بأعشاب البحر الملونة , و يقال بأنها لا تظلم أبدا هناك لأن وهج الحيوانات البحرية المضيئة ينيرها ليلا , و قد زينت القاعات و الغرف بالستائر التي تتحرك بتحرك التيارات المائية
أمتاز هؤلاء السحرة البرمائيين بالعديد من القدرات الخاصة كتغيير أشكالهم , لكن نقطة ضعفهم هي معدن الفضة حيث كانوا لا يقتربون أبدا من العملات المعدنية أو المجوهرات المصنوعة من الفضة . وقد تنقلوا بحرية بين عالمهم و عالم البشر في الأعلى لعدة قرون و لهدف واحد و هو اختطاف البشر و إجبارهم على الزواج منهم و تمضية ما تبقى من حياتهم في خدمتهم وتأدية الأعمال المنزلية , لم يكن ذلك بدافع الحب أو المودة بل جشعا و شهوة للاستحواذ على البشر . و لكي يقبضوا على ضحيتهم يقوم السحرة بالتنكر بمكر على هيئة حيوان بحري أو نبات أو قطعة ملابس تطفو فوق سطح الماء , ويقوم الساحر المتنكر بالاقتراب بحذر من هدفه أو بالأحرى ضحيته حتى يتمكن من الاستيلاء عليها , و أحيانا يظهر الذكر منهم كصياد في قارب , أما الأنثى فتتخذ شكل حورية ذات شعر ذهبي و بشرة بيضاء و جمال يفوق الوصف وغناء رائع يخلب الألباب في الوقت الحالي لم يعد احد يراهم , و يعتقد السكان المحليين أن ترك الناس للعبادات الوثنية هو ما أدى إلى اختفائهم
الثعبان العملاق (Abaia )أمتاز هؤلاء السحرة البرمائيين بالعديد من القدرات الخاصة كتغيير أشكالهم , لكن نقطة ضعفهم هي معدن الفضة حيث كانوا لا يقتربون أبدا من العملات المعدنية أو المجوهرات المصنوعة من الفضة . وقد تنقلوا بحرية بين عالمهم و عالم البشر في الأعلى لعدة قرون و لهدف واحد و هو اختطاف البشر و إجبارهم على الزواج منهم و تمضية ما تبقى من حياتهم في خدمتهم وتأدية الأعمال المنزلية , لم يكن ذلك بدافع الحب أو المودة بل جشعا و شهوة للاستحواذ على البشر . و لكي يقبضوا على ضحيتهم يقوم السحرة بالتنكر بمكر على هيئة حيوان بحري أو نبات أو قطعة ملابس تطفو فوق سطح الماء , ويقوم الساحر المتنكر بالاقتراب بحذر من هدفه أو بالأحرى ضحيته حتى يتمكن من الاستيلاء عليها , و أحيانا يظهر الذكر منهم كصياد في قارب , أما الأنثى فتتخذ شكل حورية ذات شعر ذهبي و بشرة بيضاء و جمال يفوق الوصف وغناء رائع يخلب الألباب في الوقت الحالي لم يعد احد يراهم , و يعتقد السكان المحليين أن ترك الناس للعبادات الوثنية هو ما أدى إلى اختفائهم
الشر بالنسبة للبشر قد يكون خيرا بالنسبة إلى كائنات أخري و هذا بالضبط ما تدور حوله إحدى الأساطير الميلانيزية ... الـ "أبايا" هو ثعبان (أنقليس) بحر سحري ضخم يسكن في الجزء السفلي من بحيرات المياه العذبة في فيجي وجزر سليمان وفانواتو
في نسخة أخرى من الأسطورة يقال أن قوة الأبايا و غضبه تتعدي ما هو أكثر من مجرد ضربة بالذيل , و يحكي بأنه في أحد الأيام عثر رجل على بركة مليئة بالأسماك و في قاعها يوجد ثعبان الأبايا , لكن الرجل لم يكن يعلم بوجوده , و بعد أن اصطاد الكثير من السمك عاد إلى قريته و اخبر الجميع عن اكتشافه لتلك البحيرة فذهب الجميع للصيد , حتى أن سيدة منهم اصطادت الأبايا و لكنه نجح في الهرب منها . و بعد ما حدث ازداد غضب الأبايا بشدة و جعل السماء تمطر كثيرا فارتفعت مناسيب المياه في البحيرة وأغرقت القرية بأكملها و سكانها إلا سيدة واحدة لم تأكل من ذلك السمك فتعلقت بشجرة و نجت من الغرق
بالرغم من أن قوة الأبايا السحرية قد تكون نابعة من الخيال البشري و خوفه من المجهول فإن العديد من الناس ما زالوا يؤمنون بوجود ثعابين عملاقة تعيش في قيعان البحيرات
وحش البحر (Leviathan )
هذا الوحش هو أشهر وحوش الأعماق , و عندما نقول أشهرهم فنحن نعني أسوأهم و أكثرهم شرا .. فهو اقرب ما يكون للشيطان بحد ذاته و قد جاء ذكره في العديد من الكتب الدينية التاريخية و كتب الأساطير بأسماء مختلفة , منها لقب بتنين البحر , وهو يسبح فوق الماء غالبا , ويكون بمثابة الحاكم لجميع المخلوقات التي تعيش في البحر , و يبدو جلده كمعطف من الدروع المتداخلة و الحادة أيضا , وهو ينفث الدخان من خياشيمه و النيران من فمه
و بناء على وصفه في الأساطير المصرية القديمة فهو حيوان أسطوري كالتمساح وكان عدوا للإله حورس . و في المعتقدات اليهودية كتب أن "ليفيازان " هو أنثى تنين تعيش في الأعماق مع وحش الأرض (Behemoth ) و سوف يصنع من لحمهم مأدبة تقدم للصالحين بعد انتهاء الحياة . وبحسب أحد الربابنة اليهود القدماء فأنه وخلال إحدى رحلاته في السفينة رأى رأس ليفيازان و كانت لها قرون مكتوب عليها " أنا من أكثر المخلوقات خبثا في البحر و يصل طولي إلى 300 كيلو متر" !
وعندما يشعر ذلك المخلوق الرهيب بالجوع يخرج من فمه حرارة شديدة تجعل مياه البحر تغلي . و مسكنه هو البحر الأبيض المتوسط . و يقال في قصة أخرى بأنه يقوم بابتلاع حوت في كل يوم و تشع عيناه بنور يشبه توهج الشمس عند سطوعها
و بالرغم من قوة ليفيازان الخارقة فانه يخاف من نوع من الديدان يدعى "كيلبيت" حيث تقوم تلك الديدان بالالتصاق بخياشيمه ثم تتغذي عليهم
يمكن للدلافين و الحيتان أن تقفز فوق الماء في الهواء .. لكن إلى مدى يمكن للوحوش التي تعيش في الماء أن تقفز ؟! هل بإمكانهم الوصول إلى السماء مثلا ! , خلال العصور القديمة في الفلبين آمن الناس هناك بأن bathala قد خلق 7 أقمار لتضيء السماء لكن التنين باكوناوا الذي يعيش في البحر قد أعجب كثيرا بتلك الأقمار المضيئة و جذبه جمالهم فخرج من المحيط إلى السماء و قام بابتلاع الأقمار حتى تبقى القمر السابع مما أثار غضب "bathala " كثيرا , و أراد الناس من باكوناوا أن يبصق الأقمار و يمنعوه من ابتلاع القمر الأخير فخرجوا من منازلهم مع المقالي و الأواني و صنعوا ضوضاء شديدة لعله يشعر بالخوف , و قام بعض الأشخاص في القرى بتشغيل موسيقي هادئة لعله يغط في نوم عميق ثم يقومون بذبحه و إخراج الأقمار , و قد عرف باكوناوا بـ "آكل الأقمار " و أيضا " آكل البشر " , و يؤمن الفلبينيون بأنه هو المسئول عن كسوف القمر حيث انه ما زال يحاول التهام القمر السابع .. أي القمر الذي نشاهده نحن جميعا كل ليلة .
في حكاية أخري يقال بأن باكوناوا كان لديه شقيقة تبدو تماما كسلحفاة البحر و كانت تذهب إلى إحدى الجزر في الفلبين من أجل وضع بيوضها , لكن السكان المحليين لاحظوا بأن مياه البحر تتبعها كلما ذهبت إلى الجزيرة لتضع بيوضها مما تسبب في تقليل حجم الجزيرة و شعروا بالقلق من أن تختفي جزيرتهم في نهاية المطاف لذلك قاموا بقتلها , و عندما علم باكوناوا بما حدث لأخته أراد الانتقام و صعد إلى السماء و ألتهم الأقمار , و قد شعر السكان بالخوف و تضرعوا إلى "bathala " من أجل أن يعاقب ذلك التنين و لكنه رفض معاقبته و أخبرهم بأن عليهم إحداث ضوضاء بضرب المقالي و الأواني بعنف لإزعاجه , ثم تقيأ باكوناوا الأقمار و اختفى و لم يره أحدا مجددا , و يقال بأن تلك الجزيرة التي كانت تبيض فيها السلحفاة ما زالت موجودة في الفلبين إلى يومنا هذا
البعض الآخر يؤمنون بأن باكوناوا قد وقع في حب فتاة من البشر و عندما عرف زعيم قبيلتها بهذا أحرق منزلهما فغضب باكوناوا و صعد إلى السماء و تناول الست أقمار و لكن bathalaهزمه و نفاه إلى مكان بعيد عن البحر كي لا يلتهم القمر السابع , ويعتقد الناس بأن كسوف القمر يحدث عندما يحاول باكوناوا العودة إلى موطنه مجددا .