قرية الموتى
تقع هذه القرية على يمين بحيرة آنجيكوني الذي يشغل مصبها سمك السلمون المرقط و سمك الكراكي في منطقة كيفاليك النائية في نانوفوت في كندا و اشتهرت بحسن استقبالها لصيادي الفراء الكنديين الذين يمرون من خلالها في أحيان كثيرة أثناء ممارستهم لمهنتهم.
هذه المنطقة المنعزلة في القطب الشمالي مليئة بأساطير أرواح الغابة الشريرة و الوحوش مثل وحش وينديغو الذي نصفه إنسان و يتغذى على لحوم البشر, هذا الوحش الذي شكلته الأسطورة على انه عقاب على عادة أكل لحوم البشر, و عندما يأكل رجلا فهو لا يشبع لكن تزداد رغبته في التهام المزيد
أين اختفى ساكنيها ؟
في إحدى ليالي القطب الشمالي في شهر أكتوبر من عام 1930 كان صائد الفراء الكندي جو لابيل يبحث عن مكان دافئ ليرتاح فيه من البرد القارس و كان ماراً بقرية انجيكوني و التي يعرفها من رحلاته السابقة ويعرف أنها قرية يكثر فيها صيد الأسماك تضج بالحياة و تملؤها الأكواخ و كان على علاقة ودية مع سكانها المحليين من الاسكيمو و الذين يشتهرون بلطفهم و دماثتهم, توجه جو إلى القرية و عندما وصل إلى مدخلها صرخ ملقيا التحية لكنه لم يتلقى أجابه و كان السكون يعم المكان , فأكمل طريقه إلى داخل القرية لكن صمت القرية استمر و كان الصوت الوحيد التي يسمعه هو تهشم الثلج المتجمد تحت حذائه .
مشى بمحاذاة النهر فوجد قواربهم في أماكنها مربوطة بالحبال من دون أية حماية من عوامل الطقس و هي من الأشياء التي يستحيل أن يفعلها الاسكيمو فهم لا يبرحون قريتهم من دون قواربهم لأنها إحدى وسائل الحياة بالنسبة لهم ثم لم يحدث أبدا أن تركوها مهملة. توجه إلى أعماق القرية حيرانا متسائلا عما حدث لسكانها.
لأنه رجل حنكته كثرة الترحال أخبرته غريزته انه هناك شيء مريب و خطير قد حدث. اظهر له ضوء القمر الهياكل المتداعية للمنازل لكنه لم يرى انساناً واحدا, حتى الكلاب التي كانت تملأ القرية كانت قد اختفت, و لم يكن هناك أية علامة للحياة, حتى داخل الأكواخ التي يمكن دائما سماع الضحكات و أحاديث الأهالي تأتي من داخلها كانت لا حياة فيها و مداخنها التي كانت لا تنطفئ كانت خامدة جميعها, كان سكان القرية البالغ عددهم 30 (و قد قيل أن عددهم 2000) من رجال و نساء و أطفال قد اختفوا.
قرر أن يتحقق من الأكواخ ليتأكد مما في داخلها, قام بسحب مصاريع الأبواب المصنوعة من جلد الوعل وبحث داخل الأكواخ و هو يأمل أن يجد ما يدله على أن سكانها قاموا بنزوح جماعي, لكنه وجد أن جميع الأكواخ مليئة بمخزونها من الطعام والملابس, ووجد أن أسلحتهم موجود بالقرب من الأبواب و دله هذا على ا ن أهلها لم يخططوا لتركها أو الهجرة من قريتهم كما ا ن أهل القرية لا يخرجون أبدا من دون أسلحتهم.
في أحد الأكواخ وجد قدرا يحوي حساء قد بدأ يتعفن مع مرور الوقت و كذلك عثر على معطف طفل صغير مصنوع من جلد الفقمة و نصفه مرتق و قد تم رميه على احد الأسرة ومغروز به إبرة مصنوعة من العظام و بدا أن احدهم حصل له أمر ما في أثناء خياطته.
تفقد مخازن الأسماك فلاحظ أن مخزونها مازال لم يستهلك بالكامل, و لم يلاحظ أية علامة على وجود صراع أو قتال من أي نوع, و أدرك جيدا أن هجرهم لمنازلهم المليئة بالطعام من دون أن يأخذوا أسلحتهم أو معاطفهم التي تقيهم صقيع البرد لا يدل على أن الأمر عادي مهما كان الظرف الذي أجبرهم على ذلك.
لأن جو كان صائد فراء فهو كان مخضرما في التعقب أمضى الكثير من حياته يتعقب الفرائس في الغابات الكثيفة التي يصعب الدخول إليها, و لم يكن ليرتعب أو يهلع بسهولة فقام بالتحقق من حدود القرية و حاول أن يعثر على آثار أقدامهم على الثلج ليعرف أي الاتجاهات سلكوا أثناء خروجهم من القرية, لكن بالرغم من أن هجرتهم للقرية حدثت قريبا و بشكل سريع جعلهم يتركون طعامهم على النار و ذلك حسب الدلائل التي وجدها, إلا انه لم يجد لهم أي اثر يدله على أي طريق أو جهة سلكوا برغم من محاولاته الشاقة حيث لا أثار خطوات على طول القرية و عرضها أبدا و كأنهم تبخروا في الهواء.
لم يبقى تمامه إلا مكان واحد وهو مخزن للأسماك ذا بناء إسمنتي يقع على بعد عدة أميال شمال القرية, كان صاحبه رجل في الستينات من عمره يدعى مكنزي يعيش في كوخ خشبي متداعي متصل بالمخزن, مكنزي كان كولونيلا متقاعدا يعاني من عرج بسيط بسبب داء المفاصل كذلك بسبب تعرضه لحادث عندما كان في الجيش. وكان مخزنه هو نقطة التقاء أهل القرية يلتقون فيه ببعض و يتبادلون الأحاديث و الأقاويل. و بسبب صعوبة الحركة لديه فهو يظل في مكانه طوال اليوم, توقع جو أن يجده هناك و أن يستفسر منه إن كان يعرف أي شيء عن أهل القرية و لكن لشدة مفاجأته فهو عندما وصل هناك لم يجد لا مكنزي و لا أي شخص آخر .
كان المكان مخربا و كانت الزجاجات التي كانت تحوي القليل من الخمر الذي بدأ يتبخر مرمية على الأرض و متكسرة و كانت الكراسي الخشبية التي كان مكنزي يضعها لزبائنه جميعها مفقودة, و كانت عظام الحوت التي يحتفظ بها في الكوخ بالإضافة إلى عكازه الخشبي مكسرة و متناثرة على الأرض أمام باب الكوخ, وجد مذكرات مكنزي تحت الوسادة و كانت مفتوحة و آخر ما كتب فيها كان في اليوم السابق لاختفائه و ذكر فيها رؤيته لنور ازرق غريب في السماء. مكنزي كان رجل يعاني من العرج و لا يغادر منزله لأي مكان بعيد و في نفس الوقت هو رجل قوي لا يمكن التغلب عليه بسهوله.
أمور غريبة
أثناء تجوله في المنزل نظر جو مع النافذة ناحية الشرق فرأى شرارة نار تضيء على الثلج و لم يرى أحدا حولها, حاول أن يهدئ من روعه و استجمع قواه واتجه نحو الجذوة المضيئة فوجد إناء به حساء من دهن الفقمة و هو وجبة منتصف الصباح التي كان الاسكيمو معتادين على تناولوها, كان الحساء متفحما تُرك يطهو على النار حتى احترق و هذا أوحى إلى جو أن الذي كان يطهو الحساء غادر على حين غرة أو فوجيء بأمر اضطره إلى تركه أو نسيانه.
على بعد أربعة أمتار من النار وجد ملابس يتم ارتداؤها عادة تحت الأثواب و كانت ممزقة و قد بهت لونها و مكتوب عليها بالقلم الأسود ( عزيزي بيني), و بجانب حجر كبير وجد نظارة ذات إطار اسود كثيف و كان معوجا قليلا و عدساتها مفقودة و تعرف جو مباشرة على النظارة التي كانت تعود لقائد القبيلة (بيني اتمونيجي) و الذي توفي منذ عام بعد إصابته بالجدري, كان بيني صديقه منذ عشرة سنوات و تذكر جو مراسم الجنازة بشكل واضح حيث يتذكر أن نظارات بيني تم و ضعها في الجيب العلوي لمعطفه المصنوع من جلد الفقمة بالإضافة إلى علبه سجائره المفضلة و دفنت معه و كما يعلم جو فإن بيني لم يملك في حياته إلا نظارة واحدة .
كان جو متعبا و جائعا و يشعر بالبرد الشديد إلا انه لم يستطع البقاء ليأكل شيئا و أن ينعم بنوم هادئ او أن يتدفأ قليلا في أحد الأكواخ لأنه كان متأكدا انه لو بقي فقد يتعرض لشيء خطير, لذلك قرر أن يذهب إلى مكتب التلغراف الذي يقع على بعد مئات الأميال فحث خطاه في طقس درجة حرارته تحت الصفر و ذلك خشية أن يحدث له شيء مريع مثل ما حدث لأهل القرية لأنه كان يعتقد أن ما حدث لهم كان شيئا غامضا و خارقا.
دخل متعبا إلى مكتب التلغراف و ابرق رسالته و في غضون دقائق أرسلت الرسالة إلى اقرب ثكنة لشرطة الخيالة الكندية الملكية, و خلال ساعات و صل الخيالة و بصحبتهم الكاتب الصحفي جورج سرفافيو و الذي كتب مقالة من خمسة أعمدة في صحيفة نورثويست عما وجدته الشرطة.
وصول الشرطة و تحقيقاتهم
كان جو قد ارتاح و نام لبضع ساعات ليروي لهم حكايته المثيرة للقلق. ارتاح شرطة الخيالة في كوخ صياد فراء يدعى ارماند لورانت يتشاركه مع ابنيه و ذلك في طريقهم إلى قرية آنجيكوني و اخبروه بمجيئهم للتحقيق في بلاغ عن مشكلة ما وقعت هناك و سألوه ما إذا كان يعرف أي شيء قد يفيدهم, تذكر لورنت انه رأى هو و ابنيه شيء غريب لامع يحلق في السماء قبل الحادثة بأيام قليلة, و قال انه كان كبيرا جدا و كان مضيئا و لاحظ شيئا غريبا أثناء تحليقه حيث قام هذا الجسم الغريب بتغيير شكله من الاسطواني و اتخذ شكل الرصاصة مباشرة أمام أعينهم, و اخبر الشرطة أن هذا الجسم الغريب اتجه شرقاً ناحية قرية آنجيكوني و اختفى معه النور الأزرق.
بعد ذلك غادروا متجهين إلى القرية, عندما وصلوا إلى هناك تأكدوا من أقوال جو لابيل جميعها, ثم استكملوا تحقيقاتهم و أثناء بحثهم في القرية قرروا التوجه إلى المقبرة فوجدوا ما أصابهم بالهلع. كانت جميع القبور الموجودة في المقبرة مفتوحة, وقد تم إخراج عظام الموتى التي بداخلها وألقيت نفايات القرية مكانها لكن واحداً فقط من هذه القبور ظل مغلقا و لم يتم انتهاكه , تبين أن هذا القبر يعود لمؤسس القبيلة بانكي آكايلو.
كانت الأرض حول المقبرة غير مغطاة بالثلج و كانت دافئة عند لمسها, ليس هذا فقط فقد تم نزع النصب التي تعلم القبور و تم تكديسها في كومتين بشكل مرتب على جانبي القبور وهذا يؤكد أن من فعل ذلك ليست الحيوانات بل احد آخر.علماً بأن انتهاك وتدنيس القبور يعتبر فعلا محرما لدى الاسكيمو. فمن فعل ذلك و لماذا؟.
كان رجال الشرطة في القرية مضطربين مما اكتشفوه وتم تنظيم فريق بحث ضروري بأقصى سرعة, لكن فريق البحث لم يستطع أن يصل إلى أية نتيجة عن مكان أهل القرية لكنهم اكتشفوا شيئا زاد الأمر غرابة, على بعد 300 قدم من حدود القرية عثر فريق البحث على 7 جثث لكلاب الزلاجات , و قد قال احد أخصائي علم الأمراض أن هذه الكلاب ماتت جوعا و انجرف عليها الثلج حتى دفنها على عمق 12 قدم.
كيف تموت هذه الكلاب من الجوع و هي محاطة بأكواخ مليئة بأنواع الطعام؟ فالكلاب تبحث عن الطعام عندما تجوع, اتضح لاحقا أن السبب في ذلك هو انه تم ربط هذه الكلاب في الأشجار القصيرة حتى لا تتحرك.و ذلك يفسر عدم ذهابها للبحث عن الطعام, لكن هذا لا يفسر لماذا ماتت بهذه السرعة فلم يمضي الكثير من الوقت حتى تجوع فبين اختفاء سكان القرية و قدوم جو أيام قليلة فقط, فجو وجد الطعام يحترق على النار التي كانت مازالت تشتعل عندما قدم إلى القرية, فكيف تستلم هذه الكلاب و تموت بسرعة؟ فهل قام أهل القرية بتجويع كلابهم وربطها قبل اختفائهم بوقت طويل؟ كانت هذه الكلاب احد أعمدة الحياة لأهل القرية فلماذا قاموا بذلك ؟ و إن لم يكن هم من فعل ذلك فما الذي حدث إذن؟.
أثناء وجودهم هناك رأى رجال الشرطة نوراً غريبا يميل إلى الزرقة يضيء في الأفق فوق القرية ثم اختفى النور الغريب فجأة و يؤكد الرجال أن هذا النور لا يشبه الشفق القطبي, و بعد مرور أسبوعين على التحقيق و استنادا إلى بعض التوت الذي وجده رجال الشرطة في أحد الأواني تأكد لهم أن اختفاء أهل القرية لم يحدث منذ عدة أيام إنما منذ شهرين على الأقل.
إذا كان هذا صحيح فالسؤال هو من هو الذي أشعل النار الذي وجد جو لابيل جذوتها على وشك أن تنطفئ عندما قدم أول مرة إلى القرية؟!.
على لسان جو
في عام 1930 نشرت صحيفة هاليفاكس هيرالد تقرير عن الحدث بعنوان صائد الفراء المتجول جو لابيل يعثر على قرية الموتى يصف الحدث من وجهة نظره " لقد شعرت مباشرة أن هناك شيء غريب, عندما نظرت إلى الصحاف التي تحوي طعام لم يتم الانتهاء من إعداده, أن هناك شيء حصل لهم أثناء إعدادهم لوجبة العشاء, و في كل كوخ قمت بفتحته وجدت بنادقهم مازالت هناك بجانب الأبواب و ليس من عادة رجال الاسكيمو أن يخرجوا أبدا من المنزل من دون بنادقهم فعرفت أن شيء مريعا قد حدث".
تضاربت الآراء و التوقعات عما حصل لأهل القرية, لم تكن هناك أية أدلة عما حدث و كيف اختفى ما يقارب 30 رجل و امرأة و طفل هكذا, لا توجد أية آثار لجريمة قتل أو عراك من أي نوع.
اختطاف من قبل فضائيين
في النصف الثاني من القرن العشرين توقع العديد من المتخصصين في علم الأجسام الغريبة الطائرة (UFO) أن سكان القرية كانوا ضحايا لأكبر عملية اختطاف من قبل الفضائيين على مر التاريخ و بني هذا التوقع على ما رآه السيد لورانت وابنيه قبل الحادثة بفترة وجيزة من نور أزرق غريب في السماء مصحوبا بمجسم اسطواني ثم اتخذ شكل رصاصة متوجها نحو القرية, و قد يكون هذا التفسير مقبولا على اعتبار انه لم يكن هناك أية آثار على عراك أو جريمة و لم تكن هناك آثار لخروج أهل القرية من أية طريق بشهادة السيد لابيل الخبير في تعقب الآثار و كأنهم تبخروا في الهواء.
لكن هل ستقوم الكائنات الفضائية بربط الكلاب و طهو الطعام و نبش القبور و وضع النفايات مكانها؟ و هل ستقوم بتخريب البيوت و تكسيرها مثل ما حدث في كوخ مكنزي؟
بعد مرور عام على الحادثة قامت الحكومة الكندية بهدم القرية بالكامل و مسحها من جميع الخرائط الحكومية و بالرغم من أن بعض الخرائط كانت ما تزال تحمل اسم وموقع القرية حتى منتصف الخمسينات إلا أنها أزيلت الآن بالكامل من الخرائط الحديثة. واعتبرت القضية غير محلولة إلى هذا اليوم .
في إحدى ليالي القطب الشمالي في شهر أكتوبر من عام 1930 كان صائد الفراء الكندي جو لابيل يبحث عن مكان دافئ ليرتاح فيه من البرد القارس و كان ماراً بقرية انجيكوني و التي يعرفها من رحلاته السابقة ويعرف أنها قرية يكثر فيها صيد الأسماك تضج بالحياة و تملؤها الأكواخ و كان على علاقة ودية مع سكانها المحليين من الاسكيمو و الذين يشتهرون بلطفهم و دماثتهم, توجه جو إلى القرية و عندما وصل إلى مدخلها صرخ ملقيا التحية لكنه لم يتلقى أجابه و كان السكون يعم المكان , فأكمل طريقه إلى داخل القرية لكن صمت القرية استمر و كان الصوت الوحيد التي يسمعه هو تهشم الثلج المتجمد تحت حذائه .
مشى بمحاذاة النهر فوجد قواربهم في أماكنها مربوطة بالحبال من دون أية حماية من عوامل الطقس و هي من الأشياء التي يستحيل أن يفعلها الاسكيمو فهم لا يبرحون قريتهم من دون قواربهم لأنها إحدى وسائل الحياة بالنسبة لهم ثم لم يحدث أبدا أن تركوها مهملة. توجه إلى أعماق القرية حيرانا متسائلا عما حدث لسكانها.
لأنه رجل حنكته كثرة الترحال أخبرته غريزته انه هناك شيء مريب و خطير قد حدث. اظهر له ضوء القمر الهياكل المتداعية للمنازل لكنه لم يرى انساناً واحدا, حتى الكلاب التي كانت تملأ القرية كانت قد اختفت, و لم يكن هناك أية علامة للحياة, حتى داخل الأكواخ التي يمكن دائما سماع الضحكات و أحاديث الأهالي تأتي من داخلها كانت لا حياة فيها و مداخنها التي كانت لا تنطفئ كانت خامدة جميعها, كان سكان القرية البالغ عددهم 30 (و قد قيل أن عددهم 2000) من رجال و نساء و أطفال قد اختفوا.
قرر أن يتحقق من الأكواخ ليتأكد مما في داخلها, قام بسحب مصاريع الأبواب المصنوعة من جلد الوعل وبحث داخل الأكواخ و هو يأمل أن يجد ما يدله على أن سكانها قاموا بنزوح جماعي, لكنه وجد أن جميع الأكواخ مليئة بمخزونها من الطعام والملابس, ووجد أن أسلحتهم موجود بالقرب من الأبواب و دله هذا على ا ن أهلها لم يخططوا لتركها أو الهجرة من قريتهم كما ا ن أهل القرية لا يخرجون أبدا من دون أسلحتهم.
في أحد الأكواخ وجد قدرا يحوي حساء قد بدأ يتعفن مع مرور الوقت و كذلك عثر على معطف طفل صغير مصنوع من جلد الفقمة و نصفه مرتق و قد تم رميه على احد الأسرة ومغروز به إبرة مصنوعة من العظام و بدا أن احدهم حصل له أمر ما في أثناء خياطته.
تفقد مخازن الأسماك فلاحظ أن مخزونها مازال لم يستهلك بالكامل, و لم يلاحظ أية علامة على وجود صراع أو قتال من أي نوع, و أدرك جيدا أن هجرهم لمنازلهم المليئة بالطعام من دون أن يأخذوا أسلحتهم أو معاطفهم التي تقيهم صقيع البرد لا يدل على أن الأمر عادي مهما كان الظرف الذي أجبرهم على ذلك.
لأن جو كان صائد فراء فهو كان مخضرما في التعقب أمضى الكثير من حياته يتعقب الفرائس في الغابات الكثيفة التي يصعب الدخول إليها, و لم يكن ليرتعب أو يهلع بسهولة فقام بالتحقق من حدود القرية و حاول أن يعثر على آثار أقدامهم على الثلج ليعرف أي الاتجاهات سلكوا أثناء خروجهم من القرية, لكن بالرغم من أن هجرتهم للقرية حدثت قريبا و بشكل سريع جعلهم يتركون طعامهم على النار و ذلك حسب الدلائل التي وجدها, إلا انه لم يجد لهم أي اثر يدله على أي طريق أو جهة سلكوا برغم من محاولاته الشاقة حيث لا أثار خطوات على طول القرية و عرضها أبدا و كأنهم تبخروا في الهواء.
لم يبقى تمامه إلا مكان واحد وهو مخزن للأسماك ذا بناء إسمنتي يقع على بعد عدة أميال شمال القرية, كان صاحبه رجل في الستينات من عمره يدعى مكنزي يعيش في كوخ خشبي متداعي متصل بالمخزن, مكنزي كان كولونيلا متقاعدا يعاني من عرج بسيط بسبب داء المفاصل كذلك بسبب تعرضه لحادث عندما كان في الجيش. وكان مخزنه هو نقطة التقاء أهل القرية يلتقون فيه ببعض و يتبادلون الأحاديث و الأقاويل. و بسبب صعوبة الحركة لديه فهو يظل في مكانه طوال اليوم, توقع جو أن يجده هناك و أن يستفسر منه إن كان يعرف أي شيء عن أهل القرية و لكن لشدة مفاجأته فهو عندما وصل هناك لم يجد لا مكنزي و لا أي شخص آخر .
كان المكان مخربا و كانت الزجاجات التي كانت تحوي القليل من الخمر الذي بدأ يتبخر مرمية على الأرض و متكسرة و كانت الكراسي الخشبية التي كان مكنزي يضعها لزبائنه جميعها مفقودة, و كانت عظام الحوت التي يحتفظ بها في الكوخ بالإضافة إلى عكازه الخشبي مكسرة و متناثرة على الأرض أمام باب الكوخ, وجد مذكرات مكنزي تحت الوسادة و كانت مفتوحة و آخر ما كتب فيها كان في اليوم السابق لاختفائه و ذكر فيها رؤيته لنور ازرق غريب في السماء. مكنزي كان رجل يعاني من العرج و لا يغادر منزله لأي مكان بعيد و في نفس الوقت هو رجل قوي لا يمكن التغلب عليه بسهوله.
أثناء تجوله في المنزل نظر جو مع النافذة ناحية الشرق فرأى شرارة نار تضيء على الثلج و لم يرى أحدا حولها, حاول أن يهدئ من روعه و استجمع قواه واتجه نحو الجذوة المضيئة فوجد إناء به حساء من دهن الفقمة و هو وجبة منتصف الصباح التي كان الاسكيمو معتادين على تناولوها, كان الحساء متفحما تُرك يطهو على النار حتى احترق و هذا أوحى إلى جو أن الذي كان يطهو الحساء غادر على حين غرة أو فوجيء بأمر اضطره إلى تركه أو نسيانه.
على بعد أربعة أمتار من النار وجد ملابس يتم ارتداؤها عادة تحت الأثواب و كانت ممزقة و قد بهت لونها و مكتوب عليها بالقلم الأسود ( عزيزي بيني), و بجانب حجر كبير وجد نظارة ذات إطار اسود كثيف و كان معوجا قليلا و عدساتها مفقودة و تعرف جو مباشرة على النظارة التي كانت تعود لقائد القبيلة (بيني اتمونيجي) و الذي توفي منذ عام بعد إصابته بالجدري, كان بيني صديقه منذ عشرة سنوات و تذكر جو مراسم الجنازة بشكل واضح حيث يتذكر أن نظارات بيني تم و ضعها في الجيب العلوي لمعطفه المصنوع من جلد الفقمة بالإضافة إلى علبه سجائره المفضلة و دفنت معه و كما يعلم جو فإن بيني لم يملك في حياته إلا نظارة واحدة .
كان جو متعبا و جائعا و يشعر بالبرد الشديد إلا انه لم يستطع البقاء ليأكل شيئا و أن ينعم بنوم هادئ او أن يتدفأ قليلا في أحد الأكواخ لأنه كان متأكدا انه لو بقي فقد يتعرض لشيء خطير, لذلك قرر أن يذهب إلى مكتب التلغراف الذي يقع على بعد مئات الأميال فحث خطاه في طقس درجة حرارته تحت الصفر و ذلك خشية أن يحدث له شيء مريع مثل ما حدث لأهل القرية لأنه كان يعتقد أن ما حدث لهم كان شيئا غامضا و خارقا.
دخل متعبا إلى مكتب التلغراف و ابرق رسالته و في غضون دقائق أرسلت الرسالة إلى اقرب ثكنة لشرطة الخيالة الكندية الملكية, و خلال ساعات و صل الخيالة و بصحبتهم الكاتب الصحفي جورج سرفافيو و الذي كتب مقالة من خمسة أعمدة في صحيفة نورثويست عما وجدته الشرطة.
كان جو قد ارتاح و نام لبضع ساعات ليروي لهم حكايته المثيرة للقلق. ارتاح شرطة الخيالة في كوخ صياد فراء يدعى ارماند لورانت يتشاركه مع ابنيه و ذلك في طريقهم إلى قرية آنجيكوني و اخبروه بمجيئهم للتحقيق في بلاغ عن مشكلة ما وقعت هناك و سألوه ما إذا كان يعرف أي شيء قد يفيدهم, تذكر لورنت انه رأى هو و ابنيه شيء غريب لامع يحلق في السماء قبل الحادثة بأيام قليلة, و قال انه كان كبيرا جدا و كان مضيئا و لاحظ شيئا غريبا أثناء تحليقه حيث قام هذا الجسم الغريب بتغيير شكله من الاسطواني و اتخذ شكل الرصاصة مباشرة أمام أعينهم, و اخبر الشرطة أن هذا الجسم الغريب اتجه شرقاً ناحية قرية آنجيكوني و اختفى معه النور الأزرق.
بعد ذلك غادروا متجهين إلى القرية, عندما وصلوا إلى هناك تأكدوا من أقوال جو لابيل جميعها, ثم استكملوا تحقيقاتهم و أثناء بحثهم في القرية قرروا التوجه إلى المقبرة فوجدوا ما أصابهم بالهلع. كانت جميع القبور الموجودة في المقبرة مفتوحة, وقد تم إخراج عظام الموتى التي بداخلها وألقيت نفايات القرية مكانها لكن واحداً فقط من هذه القبور ظل مغلقا و لم يتم انتهاكه , تبين أن هذا القبر يعود لمؤسس القبيلة بانكي آكايلو.
كانت الأرض حول المقبرة غير مغطاة بالثلج و كانت دافئة عند لمسها, ليس هذا فقط فقد تم نزع النصب التي تعلم القبور و تم تكديسها في كومتين بشكل مرتب على جانبي القبور وهذا يؤكد أن من فعل ذلك ليست الحيوانات بل احد آخر.علماً بأن انتهاك وتدنيس القبور يعتبر فعلا محرما لدى الاسكيمو. فمن فعل ذلك و لماذا؟.
كان رجال الشرطة في القرية مضطربين مما اكتشفوه وتم تنظيم فريق بحث ضروري بأقصى سرعة, لكن فريق البحث لم يستطع أن يصل إلى أية نتيجة عن مكان أهل القرية لكنهم اكتشفوا شيئا زاد الأمر غرابة, على بعد 300 قدم من حدود القرية عثر فريق البحث على 7 جثث لكلاب الزلاجات , و قد قال احد أخصائي علم الأمراض أن هذه الكلاب ماتت جوعا و انجرف عليها الثلج حتى دفنها على عمق 12 قدم.
كيف تموت هذه الكلاب من الجوع و هي محاطة بأكواخ مليئة بأنواع الطعام؟ فالكلاب تبحث عن الطعام عندما تجوع, اتضح لاحقا أن السبب في ذلك هو انه تم ربط هذه الكلاب في الأشجار القصيرة حتى لا تتحرك.و ذلك يفسر عدم ذهابها للبحث عن الطعام, لكن هذا لا يفسر لماذا ماتت بهذه السرعة فلم يمضي الكثير من الوقت حتى تجوع فبين اختفاء سكان القرية و قدوم جو أيام قليلة فقط, فجو وجد الطعام يحترق على النار التي كانت مازالت تشتعل عندما قدم إلى القرية, فكيف تستلم هذه الكلاب و تموت بسرعة؟ فهل قام أهل القرية بتجويع كلابهم وربطها قبل اختفائهم بوقت طويل؟ كانت هذه الكلاب احد أعمدة الحياة لأهل القرية فلماذا قاموا بذلك ؟ و إن لم يكن هم من فعل ذلك فما الذي حدث إذن؟.
أثناء وجودهم هناك رأى رجال الشرطة نوراً غريبا يميل إلى الزرقة يضيء في الأفق فوق القرية ثم اختفى النور الغريب فجأة و يؤكد الرجال أن هذا النور لا يشبه الشفق القطبي, و بعد مرور أسبوعين على التحقيق و استنادا إلى بعض التوت الذي وجده رجال الشرطة في أحد الأواني تأكد لهم أن اختفاء أهل القرية لم يحدث منذ عدة أيام إنما منذ شهرين على الأقل.
إذا كان هذا صحيح فالسؤال هو من هو الذي أشعل النار الذي وجد جو لابيل جذوتها على وشك أن تنطفئ عندما قدم أول مرة إلى القرية؟!.
في عام 1930 نشرت صحيفة هاليفاكس هيرالد تقرير عن الحدث بعنوان صائد الفراء المتجول جو لابيل يعثر على قرية الموتى يصف الحدث من وجهة نظره " لقد شعرت مباشرة أن هناك شيء غريب, عندما نظرت إلى الصحاف التي تحوي طعام لم يتم الانتهاء من إعداده, أن هناك شيء حصل لهم أثناء إعدادهم لوجبة العشاء, و في كل كوخ قمت بفتحته وجدت بنادقهم مازالت هناك بجانب الأبواب و ليس من عادة رجال الاسكيمو أن يخرجوا أبدا من المنزل من دون بنادقهم فعرفت أن شيء مريعا قد حدث".
تضاربت الآراء و التوقعات عما حصل لأهل القرية, لم تكن هناك أية أدلة عما حدث و كيف اختفى ما يقارب 30 رجل و امرأة و طفل هكذا, لا توجد أية آثار لجريمة قتل أو عراك من أي نوع.
اختطاف من قبل فضائيين
في النصف الثاني من القرن العشرين توقع العديد من المتخصصين في علم الأجسام الغريبة الطائرة (UFO) أن سكان القرية كانوا ضحايا لأكبر عملية اختطاف من قبل الفضائيين على مر التاريخ و بني هذا التوقع على ما رآه السيد لورانت وابنيه قبل الحادثة بفترة وجيزة من نور أزرق غريب في السماء مصحوبا بمجسم اسطواني ثم اتخذ شكل رصاصة متوجها نحو القرية, و قد يكون هذا التفسير مقبولا على اعتبار انه لم يكن هناك أية آثار على عراك أو جريمة و لم تكن هناك آثار لخروج أهل القرية من أية طريق بشهادة السيد لابيل الخبير في تعقب الآثار و كأنهم تبخروا في الهواء.
لكن هل ستقوم الكائنات الفضائية بربط الكلاب و طهو الطعام و نبش القبور و وضع النفايات مكانها؟ و هل ستقوم بتخريب البيوت و تكسيرها مثل ما حدث في كوخ مكنزي؟
بعد مرور عام على الحادثة قامت الحكومة الكندية بهدم القرية بالكامل و مسحها من جميع الخرائط الحكومية و بالرغم من أن بعض الخرائط كانت ما تزال تحمل اسم وموقع القرية حتى منتصف الخمسينات إلا أنها أزيلت الآن بالكامل من الخرائط الحديثة. واعتبرت القضية غير محلولة إلى هذا اليوم .
تعليق