السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خير فضيلة الشيخ على جهودكم في الدعوة والخير وبارك الله فيكم
سؤالي
كيف ننكر على المبتدع ؟ وما هي الوسائل والطرق الفعالة ؟
وفقكم الله وحفظكم
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
البِدَع ليست على درجة واحدة ، بل هي على درجات ، وهي في الْجُمْلَة تنقسم إلى قسمين : كُبرى وصُغرى ، وهذه سبق التفصيل فيها .
والبِدع الصغرى على درجات ، بحسب البدعة وتأثيرها وخطرها .
وإن كانت البِدَع كلّها مذمومة ، وكُلّ بِدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خُطبه .
والبِدع الكِبار تنشأ مِن البِدع الصِّغار .
كما قال عمرو بن سلمة عن الذين تَجمّعوا يُسبّحون بالحصى ، حيث قال : رأينا عامة أولئك الْحِلَق يُطَاعِنونا يوم النهروان مع الخوارج !
وأما الإنكار على المبتدع ؛ فيُنكر عليه بِحسب بِدعته ، وبحسب صدوده وإعراضه ، فلا يُغلَظ للذي تُرجَى هدايته وقبوله للحقّ .
وهكذا في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى .
قالَ ابنُ القيمِ : أمَّا الْمُعَارِضُون الْمَدعُوّونَ للحَقِّ فَنَوْعَان :
نَوْعٌ يُدْعَون بِالْمُجَادَلةِ بِالتي هي أحْسَنُ ، فإن اسْتَجَابُوا ، وإلاَّ فَالْمُجَالَدَةُ ؛ فهؤلاء لا بُدّ لَهم مِن جِدَالٍ أوْ جِلادٍ ، ومَن تَأمَّلَ دَعْوةَ القُرْآنِ وَجَدَها شَامِلَةً لِهَؤلاء الأقْسَامِ، مُتَنَاوِلَةً لَها كُلَّها ، كَمَا قَال تَعالى : (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) .
فَهَؤلاء الْمَدْعُوُّون بِالكَلامِ ، وأمَّا أهْلُ الْجِلادِ فَهم الذِين أمَرَ الله بِقِتَالِهم حتى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ، ويَكُونَ الدِّينُ كُلُّه لله .
وقال أيضا : قال تعالى : (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ؛ فَذَكَر سبحانه مراتب الدعوة ، وجعلها ثلاثة أقسام بِحَسب حال الْمَدْعُوّ ؛ فإنه إما أن يكون طالِبا للحق ، راغبا فيه مُحِبا له ، مُؤثرا له على غيره إذا عَرفه ؛ فهذا يُدْعى بالْحِكمة ، ولا يحتاج إلى مَوعظة ولا جدال .
وإما أن يكون مُعرِضا مُشتغلا بِضِدّ الحق ، ولكن لو عَرَفه عَرَفه وآثره واتّبعه ؛ فهذا يحتاج مع الحكمة إلى الموعظة بالترغيب والترهيب .
وإما أن يكون مُعاندا معارِضا ؛ فهذا يُجادل بالتي هي أحسن ، فإن رجع إلى الحق وإلاّ انتقل معه مِن الجدال إلى الْجِلاد إن أمكن .
فَلِمُنَاظَرَة الْمُبْطِل فائدتان :
أحدهما : أن يُردّ عن باطله ويَرجع إلى الحق .
الثانية : أن يَنكفّ شَرّه وعداوته ، ويَتَبَيَّن للناس أن الذي معه باطل ، وهذه الوجوه كلها لا يُمكن أن تُنال بأحسن مِن حُجج القرآن ومناظرته للطوائف ؛ فإنه كَفِيل بذلك على أتَمّ الوجوه لمن تأمّله وتدَبّره ورُزِق فَهْمًا فيه . اهـ .
والإنكار على الْمُبتَدِع بِحسب بِدعته .
ومِن أنفع ما يكون : بيان قُبح وشَناعة البِدع ، وأن حقيقة البِدع استدراك على الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأن البِدع سوء أدب مع مقام النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن البِدع لا خير فيها ، ولو كانت خيرا لَسَبَقنا إليها أحرص الناس على ِعل الخير .
قال الحافظ ابن كثير الدمشقي في تفسير هذه الآية : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ) :
وأما أهل السنة والجماعة فيقولون في كل فِعل وقَول لم يثبت عن الصحابة رضي الله عنهم : هو بِدْعة ؛ لأنه لو كان خيرا لَسَبَقُونا إليه ، لأنهم لم يَتْرُكُوا خَصْلة مِن خِصال الخير إلاَّ وقد بَادَرُوا إليها . اهـ .
وكذلك مُطالبة الْمُبتَدِع بالدليل على فِعله ، وهل عَمِل به أحد مِن سلف هذه الأمة ، خاصة الصحابة رضي الله عنهم الذين كانوا على الْهُدى المستقيم ، والذين عَصَمهم الله مِن البِدع والضلالات بِشرف صُحبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم ، وبِما صَدقوا مع الله .
ومُجادلته بالْحُجّة والبيان ، والإقناع بدليل السمعي (النصّ) وبالدليل العقلي .
وسبق الجواب عن :
حكم نقل كلام المبتدعة بحجة أن بعض الأئمة استدل بالإسرائيليات ، وأبا هريرة سمع للشيطان
http://almeshkat.net/vb/showthread.php?t=108641
كيف التعامل في الإسلام مع المستخف بالذنوب والمعاصي والمبتدع ؟
http://ashwakaljana.com/vb/showthread.php?t=29322
ما الضرر مِن الاحتفال بالمولد النبوي ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14109
والله تعالى أعلم .
الشيخ عبد الرحمن السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض
جزاكم الله خير فضيلة الشيخ على جهودكم في الدعوة والخير وبارك الله فيكم
سؤالي
كيف ننكر على المبتدع ؟ وما هي الوسائل والطرق الفعالة ؟
وفقكم الله وحفظكم
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
البِدَع ليست على درجة واحدة ، بل هي على درجات ، وهي في الْجُمْلَة تنقسم إلى قسمين : كُبرى وصُغرى ، وهذه سبق التفصيل فيها .
والبِدع الصغرى على درجات ، بحسب البدعة وتأثيرها وخطرها .
وإن كانت البِدَع كلّها مذمومة ، وكُلّ بِدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خُطبه .
والبِدع الكِبار تنشأ مِن البِدع الصِّغار .
كما قال عمرو بن سلمة عن الذين تَجمّعوا يُسبّحون بالحصى ، حيث قال : رأينا عامة أولئك الْحِلَق يُطَاعِنونا يوم النهروان مع الخوارج !
وأما الإنكار على المبتدع ؛ فيُنكر عليه بِحسب بِدعته ، وبحسب صدوده وإعراضه ، فلا يُغلَظ للذي تُرجَى هدايته وقبوله للحقّ .
وهكذا في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى .
قالَ ابنُ القيمِ : أمَّا الْمُعَارِضُون الْمَدعُوّونَ للحَقِّ فَنَوْعَان :
نَوْعٌ يُدْعَون بِالْمُجَادَلةِ بِالتي هي أحْسَنُ ، فإن اسْتَجَابُوا ، وإلاَّ فَالْمُجَالَدَةُ ؛ فهؤلاء لا بُدّ لَهم مِن جِدَالٍ أوْ جِلادٍ ، ومَن تَأمَّلَ دَعْوةَ القُرْآنِ وَجَدَها شَامِلَةً لِهَؤلاء الأقْسَامِ، مُتَنَاوِلَةً لَها كُلَّها ، كَمَا قَال تَعالى : (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) .
فَهَؤلاء الْمَدْعُوُّون بِالكَلامِ ، وأمَّا أهْلُ الْجِلادِ فَهم الذِين أمَرَ الله بِقِتَالِهم حتى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ، ويَكُونَ الدِّينُ كُلُّه لله .
وقال أيضا : قال تعالى : (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ؛ فَذَكَر سبحانه مراتب الدعوة ، وجعلها ثلاثة أقسام بِحَسب حال الْمَدْعُوّ ؛ فإنه إما أن يكون طالِبا للحق ، راغبا فيه مُحِبا له ، مُؤثرا له على غيره إذا عَرفه ؛ فهذا يُدْعى بالْحِكمة ، ولا يحتاج إلى مَوعظة ولا جدال .
وإما أن يكون مُعرِضا مُشتغلا بِضِدّ الحق ، ولكن لو عَرَفه عَرَفه وآثره واتّبعه ؛ فهذا يحتاج مع الحكمة إلى الموعظة بالترغيب والترهيب .
وإما أن يكون مُعاندا معارِضا ؛ فهذا يُجادل بالتي هي أحسن ، فإن رجع إلى الحق وإلاّ انتقل معه مِن الجدال إلى الْجِلاد إن أمكن .
فَلِمُنَاظَرَة الْمُبْطِل فائدتان :
أحدهما : أن يُردّ عن باطله ويَرجع إلى الحق .
الثانية : أن يَنكفّ شَرّه وعداوته ، ويَتَبَيَّن للناس أن الذي معه باطل ، وهذه الوجوه كلها لا يُمكن أن تُنال بأحسن مِن حُجج القرآن ومناظرته للطوائف ؛ فإنه كَفِيل بذلك على أتَمّ الوجوه لمن تأمّله وتدَبّره ورُزِق فَهْمًا فيه . اهـ .
والإنكار على الْمُبتَدِع بِحسب بِدعته .
ومِن أنفع ما يكون : بيان قُبح وشَناعة البِدع ، وأن حقيقة البِدع استدراك على الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأن البِدع سوء أدب مع مقام النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن البِدع لا خير فيها ، ولو كانت خيرا لَسَبَقنا إليها أحرص الناس على ِعل الخير .
قال الحافظ ابن كثير الدمشقي في تفسير هذه الآية : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ) :
وأما أهل السنة والجماعة فيقولون في كل فِعل وقَول لم يثبت عن الصحابة رضي الله عنهم : هو بِدْعة ؛ لأنه لو كان خيرا لَسَبَقُونا إليه ، لأنهم لم يَتْرُكُوا خَصْلة مِن خِصال الخير إلاَّ وقد بَادَرُوا إليها . اهـ .
وكذلك مُطالبة الْمُبتَدِع بالدليل على فِعله ، وهل عَمِل به أحد مِن سلف هذه الأمة ، خاصة الصحابة رضي الله عنهم الذين كانوا على الْهُدى المستقيم ، والذين عَصَمهم الله مِن البِدع والضلالات بِشرف صُحبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم ، وبِما صَدقوا مع الله .
ومُجادلته بالْحُجّة والبيان ، والإقناع بدليل السمعي (النصّ) وبالدليل العقلي .
وسبق الجواب عن :
حكم نقل كلام المبتدعة بحجة أن بعض الأئمة استدل بالإسرائيليات ، وأبا هريرة سمع للشيطان
http://almeshkat.net/vb/showthread.php?t=108641
كيف التعامل في الإسلام مع المستخف بالذنوب والمعاصي والمبتدع ؟
http://ashwakaljana.com/vb/showthread.php?t=29322
ما الضرر مِن الاحتفال بالمولد النبوي ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14109
والله تعالى أعلم .
الشيخ عبد الرحمن السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض