ولكن سرعان ما تتلاشى تلكم الخواطر والشوارد وتنصهرمع كثرة ما يجول في ذهن المرء من هواجس وأفكار، مالم يقيدها المرء بالقلم .
ولهذا إرتأيت أن يكون لنا ركن في هذا الصِّرح الشَّامِخ كي نشارك فيه بعضنا البعض بما يجول في أذهاننامن تلكم الخواطرالمفيدة.
وأرجو أن أكون قد أوضحت الفكرة.
وإليكم نمودجا من تلكم الخواطر مما جال في خلدي وأنا أتفكر في عجيب صنع الله مما لا يحيط به عقل إنسان من تدبير الله في شؤون خلقه.
[كي يقذف الله في قلبك نور الهداية لايحتاج ذلك إلى كثرة من الشواهد، ولا إلى درجات من أصناف العلوم؟
بقدر ما يحتاج إلى صفاء الروح وقلب أبيض.
فكم من شخص أضله الله على علم ...
وكم من شخص ختم له بالحسنى على الرغم مما كان عليه من الضلال فيما يرى الناس...]
وهنا يحضرني حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، ثُمَّ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الْعَمَلَ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ ثُمَّ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ " . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ .
و معناه كما ذكر بعض أهل العلم :
أن الرجل قد يعمل بعمل أهل الجنة من طاعة الله، ولكن في قلبه أشياء وفي داخله أشياء، ثم ينتقل إلى عمل أهل النار، فيكتب له في ذلك، وفي بعض الروايات فيما يبدوا للناس يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدوا للناس، يعني داخل قلبه ليس بذلك، عنده نفاق، وعنده خبث، فهو يتظاهر بالأعمال الصالحة، وهو غير مؤمنٍ بها، وإنما أظهرها إما رياءً وإما لمقاصد أخرى من الدنيا، ثم يغلب عليه ما كان في قلبه من شر، فيعمل بعمل أهل الشر ويموت على الشر، ويختم له بخاتمة أهل الشر، وقد يكون عنده عمل نية صالحة طيبة، ثم يتعاطى بعض المعاصي، وبعض الشرور في آخر حياته فيكتب له في ذلك، وقد يرتد عن دينه والعياذ بالله بسبب حظ عاجل، أو بسبب سب الدين، أو بسبب مساعدة المشركين على المسلمين، فيكون في ذلك من أهل النار؛ لأنه ارتد عن إسلامه بما فعله من النواقض مثل سب الدين، وسب الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، ومساعدة الكفار على المسلمين في الحرب، الاستهزاء بدين الله، وما أشبه هذا من أسباب الردة نسأل الله العافية والسلامة، وهكذا الرجل قد يعمل بعمل أهل الشر زمناً طويلاً، ثم يمن الله عليه بالإسلام فيموت على الإسلام ويدخل الجنة، كما جرى لعمر بن الخطاب وجمع من الصحابه، كانوا على الكفر والضلال ثم هداهم الله ودخلوا في الإسلام، وبعضهم لم يبق في الإسلام إلا مدة يسيرة أياماً قليلة، ثم توفاه الله، أو قتل شهيداً فدخل الجنة وكان في غالب حياته على الكفر والضلال، ثم هداه الله للإسلام ومات على ذلك، هذا يقع وهذا يقع، وربك حكيم عليم - سبحانه وتعالى -.
تعليق