الموت في المعسكرات النازية
شر مطلق تجسد في صورة رجل يتلذذ و يستمتع بأجراء تجاربه العلمية و المختبرية على اجساد سجنائه ، لا يستثني من ذلك حتى الاطفال ، بل بالعكس ، كان يجد متعة خاصة في تعذيبهم ، طبيب كان من المفترض ان يعالج الناس و يخفف الامهم و لكنه تحول الى وحش كاسر لا يضجر و لا يمل من الدم ، انه جوزيف مينغلي " Josef Mengele " .. عزرائيل معسكرات الموت النازية / Angel of Deathولد في بافاريا في المانيا عام 1911 ، الولد البكر من بين ثلاثة ابناء لـ "كارل مينغلي" ، درس الطب و علم الانسان في جامعة ميونيخ و حاز على شهادة الدكتوراه منها عام 1935 ، كان مؤمنا بشدة بالافكار و الايدولوجية النازية و انتمى للحزب النازي عام 1937 ثم نضم الى وحدات النخبة الالمانية الـ "س س" عام 1938 و شارك في الحرب العالمية الثانية على الجبهة الروسية حيث اصيب بجروح خلال احدى المعارك جعلته غير صالحا للقتال و لذلك تم ترقيته الى رتبة عقيد و تعينه عام 1943 كطبيب في احد معسكرات الابادة النازية الخاص بأبادة الغجر و من هناك ذاع صيته بأسم "ملاك الموت" حيث كان يستقبل وجبات السجناء الجدد عند قدومهم الى معسكر "Auschwitz" و كان يقرر من منهم يبقى للعمل الاجباري و من يذهب الى غرف الغاز لكي يعدم مباشرة ، الموت الى اليسار و الحياة الى اليمين ، هكذا بكل بساطة تحدد مصير مئات الالاف من الارواح بحركة من يد منغلي ، كان له طرق غريبة اخرى لتحديد مصير البشر في معسكرات الموت الرهيبة ، احدى طرقه هي بأن يرسم خط افقي على الحائط و يأمر السجناء كي يقفوا تحته و من لا تصل قامته الى الخط يرسل الى المحرقة مباشرة !! و في احدى المرات اخبروه بأنتشار القمل في احد عنابر النساء السجينات و لكي يحل المشكلة امر بكل بساطة بقتلهن جميعا و عددهن 750 أمرأة!!
اشتهر منغلي بصورة خاصة بتجاربه و اختباراته على البشر ، كان مهتما بصورة خاصة بالاطفال التوائم و احتفظ بمجموعة كبيرة منهم في اكواخ خاصة لكي يقوم بتجاربه الغريبة عليهم ، كانت الغاية من تجاربه هي اثبات العقيدة النازية ، كان يبحث عن سر الوراثة ، مستقبل الايدلوجية النازية كان متوقفا على علم الوراثة بنظره ، ماذا لو تمكن من ايجاد طريقة لضمان ان تنجب الأمرأة الارية الاصيلة توأما بشعر اصفر و عيون زرقاء ، سيكون مستقبل النازية مضمونا حينها !! كان يريد ان يثبت ان اغلب الامراض منشأها الاعراق التي هي ادنى مرتبة من العرق الالماني حسب التقسيم النازي العنصري للاجناس و الاعراق البشرية.
قطار الموت و توائم مينغلي
عندما كان قطار السجناء الجدد يصل الى المعسكر حاملا مئات و الاف العوائل معه من يهود و غجر و مثليين و اسرى الحرب ، كان جنود وحدات النخبة الالمانية يدورون كالكلاب المسعورة بين الطوابير بحثا عن التوائم لمنغلي ، احيانا تقوم بعض الامهات بتسليم توائمهن او يشي احد اقاربهن بهن و احيانا اخرى تنجح الام في اخفاء توأمها الذي غالبا ما يصحبها الى غرف الغاز لكي يعدم و يموت معها ، كان الخيار صعبا ، هل تسلم الام توأمها لكي يصبحا حقل تجارب و يبقيا على قيد الحياة و لو الى حين ام تصحبهما معها للموت السريع ؟ ماذا ستفعلين عزيزتي القارئة لو كنت محل تلك الام المسكينة !!؟. احدى التوائم تستذكر ذلك اليوم الذي فصلوها هي و اختها عن امهم قائلة :"ما ان عرف حراس الـ "س س" بأننا توأم حتى قاموا بأخذي مع اختي مريم من امنا بدون اي مقدمات او شرح ، صراخنا و بكائنا كان بدون جدوى فقد وقع على اذان صماء ، اتذكر بأني التفت الى الخلف فرأيت امي تمد ذراعيها نحونا بأسى بينما كنا نقاد بعيدا ، كانت تلك اخر مرة رأيتها فيها..."بعد ان يفصلون التوأم عن امهم كانوا يأخذوهم الى الحمامات لغسلهم و من ثم ملىء استمارات تحوي معلومات اولية عنهم و بعد ذلك يوشمون و يعطون رقما خاصا لكل توأم ، كانوا يعاملوهم بصورة خاصة تختلف عن بقية السجناء فهم (أطفال مينغلي) و خزينه من الفئران البشرية لأجراء تجاربه ، كانوا لا يقصون شعرهم و يسمح لهم بالاحتفاظ بملابسهم ثم يعرضوهم على مينغلي الذي كان يدقق النظر فيهم للبحث عن علامات وراثية معينة من اجل تجاربه و يرسلون بعدها الى الثكنات المعدة لسكنهم.
كان يوم التوأم يبدء في الساعة السادسة صباحا ، كان عليهم و بغض النظر عن طبيعة الجو ان يصطفوا يوميا خارج الثكنات من اجل التعداد و كان يسحب منهم كمية من الدم يوميا و لا يستثنى من ذلك حتى الصغار جدا حيث يتم سحب الدم من رقابهم لأن ايديهم صغيرة ، بعدها يقدم لهم فطور بسيط ثم يحضر مينغلي من اجل المعاينة اليومية التي كان يحرص على الظهور فيها بجيوب مليئة بالحلويات ، كان يربت على رؤوس الاطفال و يتحدث معهم بل و حتى يلعب معهم احيانا ، الطريف ان بعض الاطفال الصغار جدا و الابرياء جدا كانوا ينادونه بـ "العم مينغلي".
كانت ضروف توائم مينغلي جيدة بالقياس الى بقية السجناء فبأستثناء عملية سحب الدم اليومية كان يسمح لهم باللعب احيانا و كانوا يستثنون من العمل الشاق مثل بقية السجناء و يكلفون عادة بأعمال بسيطة مثل ان ينقلوا الرسائل بين الثكنات كما كانوا يستثون من العقاب و من الحملات الدورية لأرسال السجناء الى غرف الغاز لكي يعدموا. وضع التوائم كان الافضل في معسكر مينغلي و لكن هذه الافضلية تنتهي في اليوم الذي تأتي به شاحنة التجارب لتأخذهم الى مختبرات مينغلي.كانت تجرى عليهم اختبارات طبية غريبة ، كانوا يجبرون على خلع ملابسهم و الاصطفاف لكي يتم فحص العلامات الجسدية و رصد المتشابه و الشاذ منها ، كانت العملية تستمر لساعات و كان مينغلي لا يتردد في تشريح اي منهم فورا في حال وجد فيه علامات غير طبيعية ، كما كان يجري نقل الدم من توأم الى اخر و كان يجري تجارب حول تبديل لون العيون ، من اجل الحصول على عيون زرقاء كان يقوم بزرق مواد كيمياوية في عيون بعض الاطفال و كانت تلك العملية تسبب الما فضيعا للأطفال و تنتهي جميعها بأمراض و التهابات و العمى التام ، كما كان يقوم بحقن بعض الاطفال بأمراض معينة و كان يعطي المرض الى احد التوأمين و عندما يموت يقوم بقتل التوأم الاخر و يقارن بين جسديهما و التأثيرات التي احدثها المرض على الجسد الملوث قياسا بالجسد السليم !! كما كان يجري عمليات جراحية عديدة عليهم تتضمن زرع و قطع اعضاء و غالبا كانت تجري هذه العمليات بدون تخدير ، احد التوائم الناجين يستذكر بألم العمليات التي اجريت على شقيقه قائلا :"د.مينغلي كان دائما يبدي اهتماما اكثر بـأخي "تيبي" ، لست متأكذا لماذا و لكن ربما لأنه كان الاكبر سنا ، د.ميغلي قام بأجراء العديد من العمليات على تيبي ، احداها في عموده الفقري تركته مشلولا ، لم يعد بأستطاعته المشي ، ثم قاموا بأستأصال اعضائه الجنسية ، بعد العملية الرابعة لم ارى تيبي مرة اخرى ، لا استطيع ان اخبرك كيف شعرت حينها ، لا توجد كلمات بأمكانها وصف ما شعرت به ، لقد اخذوا مني ابي .. امي .. اخوتي الاثنين الكبار .. و الان شقيقي التوئم ... "واحدة من عمليات مينغلي العجيبة كانت عبارة عن خياطة اجسام توأمين الى بعضها لصنع توأم سيامية متلاصقة !! كلا الطفلين ماتا بعد ايام بسبب تعفن جروحهم ، احيانا كانوا يحقنون بمادة الكلورفيل في القلب و يتم مراقبتهم و دراستهم و هم يموتون و بعد موت الاطفال كانت تقطع عينات من اجسادهم مثل العيون و القلب و الاحشاء الداخلية لأجراء المزيد من الاختبارات عليها.
من بين 3000 طفل تقريبا احتجزهم مينغلي لأجراء التجارب عليهم في فترة الـ 21 شهرا التي قضاها في معسكر "Auschwitz" ، لم ينج سوى 200 طفل ، و بعد 60 عاما يستذكر احد الاطفال الناجين مينغلي قائلا :"انا لم اقبل ابدا حقيقة أن مينغلي نفسه كان مقتنعا بأن ما يقوم به هو عمل علمي واقعي ، لم يكن مهتما حقا بما يقوم به لكنه كان يمارس سلطته ، لقد ادار مينغلي محل للقصابة ، معظم عملياته كانت تجرى بدون تخدير ، في احدى المرات رأيته يقوم بقطع عينات من معدة احد الاشخاص بدون تخدير ، و في مرة ثانية رأيته يستأصل قلبا و بدون مخدر ايضا ، لقد كان ذلك مرعبا ، مينغلي كان طبيبا اصيب بالجنون بسبب السلطة المطلقة التي منحت له ، لم يكن هناك احد يحاسبه – لماذا مات هذا ؟ لماذا افني ذاك ؟ - لقد قام بقتل الاف بأسم العلم و لكنه في الحقيقة كان شخصا مجنون"الأضافة الى اهتمامه بالتوائم ، كان مينغلي مولعا بدراسة الحالات الوراثية الشاذة مثل الاقزام و ضخام البنية ، و كذلك كان يجري تجارب لأخصاء الاولاد و الرجال و استأصال اعضائهم التناسلية في تجارب على تغيير الجنس و كان احيانا يعرض النساء للصعق بالكهرباء في ارحامهن لكي يصابن بالعقم ، كانت تجاربه تلك تدور حول ايجاد طريقة في القضاء على الاعراق التي هي حسب عقيدة النازية تعتبر ادنى من العرق الآري من اجل منعها من التكاثر و القضاء عليها (بعيدا عن النازية و جرائمها ، احدى وصمات العار في جبين الحضارة الغربية هي برنامج تم اجرائه في بعض الدول الغربية و لسنوات عديدة من اجل اخصاء و منع تكاثر الناس ، من الجنسين ، المصابين بعاهات جسمية و عقلية ، و سنعود لهذا الموضوع في احدى مقالاتنا مستقبلا) ، كذلك كان مينغلي يجري تجارب حول الاشعة فكان يعرض بعض السجناء الى كمية كبيرة من الاشعة السينية حتى تحترق جلودهم ، اضافة الى اجراء تجارب لقياس مدى تحمل جسم الانسان كأن يوضع السجين في حوض من الماء المنجمد و يتم دراسة ما يحدث له حتى الموت ، كان هناك عدد من الاطباء يعملون بمعية مينغلي و يساعدونه في اجراء تجاربه و بعضهم كانوا من السجناء في معسكره.
بعد الحرب بعد سقوط النازية تم اسر مينغلي من قبل القوات الامريكية ، في البداية تم اسره تحت اسمه الحقيقي و لكنه اطلق سراحه في تموز 1945 تحت اسم "فرتز هولمان" ثم اختبأ بعدها لمدة خمسة اعوام كعامل في احد المزارع الصغيرة و لكنه استمر بالأتصال بزوجته و طفله الوحيد و كذلك بصديق عمره "هانز سيدلماير" الذي ساعده في الهروب الى الارجنتين التي عاش فيها لعدة سنوات تحت اسم مستعار ثم انتقل الى البارغواي و منها الى البرازيل ، لقد ظل مينغلي في خوف دائم من ان يلقى القبض عليه لذلك كان دائم التنقل لكنه عاش حياته كأي شخص اخر و قام بأعمال تجارية و اتصل بعدة من زملائه النازيين الفارين الى امريكا الجنوبية و تزوج مرة اخرى ، في الحقيقة ، كانت اجهزة المخابرات الدولية تعتقد بأن مينغلي مات عام 1944 لذلك لم تجري ملاحقته و لكن في عام 1959 تم اكتشاف انه لايزال على قيد الحياة و جرت ملاحقته الا انه لم يلقى القبض عليه ابدا.
في عام 1979 مات مينغلي غرقا في البرازيل بسبب تعرضه لحملة قلبية اثناء السباحة و تم دفنه تحت اسم "ولفكانك كيرهارد" ، في عام 1985 توصلت الشرطة الدولية الى قبره و تم نبشه و فحص جثته التي اكد ابنه الاكبر "رولف" بانها جثة والده ، و في عام 1992 تم اجراء فحص ثاني للـ DNA الذي اكد ان الجثة تعود الى مينغلي.
ربما ان احدى الحقائق المرة لضحايا جوزيف مينغلي هي انه لم يحاكم ابدا و انه استمتع بحياته لمدة 34 سنة اخرى بعد سقوط النازية ، و رغم اكتشاف جثة مينغلي و التاكد من موته الا ان البعض يظن بأنه لم يمت في عام 1979 و انه استمر بالهرب و هناك الكثير من الشائعات عن رؤيته في عدة مناسبات و هذا هو حال الناس عزيزي القاريء مع موت معظم القادة و الناس المشهورين حيث يبنون الاساطير و الاوهام حولهم و لكن عزاء جميع المظلومين في هذا العالم هو ان الموت في النهاية هو المنتصر الوحيد و انه لا يوجد انسان مخلد في هذا العالم ، لقد رحل جوزيف مينغلي و لكن جرائمه ستبقى تثير الرعب و الاشمئزاز في نفوس الناس
اشتهر منغلي بصورة خاصة بتجاربه و اختباراته على البشر ، كان مهتما بصورة خاصة بالاطفال التوائم و احتفظ بمجموعة كبيرة منهم في اكواخ خاصة لكي يقوم بتجاربه الغريبة عليهم ، كانت الغاية من تجاربه هي اثبات العقيدة النازية ، كان يبحث عن سر الوراثة ، مستقبل الايدلوجية النازية كان متوقفا على علم الوراثة بنظره ، ماذا لو تمكن من ايجاد طريقة لضمان ان تنجب الأمرأة الارية الاصيلة توأما بشعر اصفر و عيون زرقاء ، سيكون مستقبل النازية مضمونا حينها !! كان يريد ان يثبت ان اغلب الامراض منشأها الاعراق التي هي ادنى مرتبة من العرق الالماني حسب التقسيم النازي العنصري للاجناس و الاعراق البشرية.
قطار الموت و توائم مينغلي
عندما كان قطار السجناء الجدد يصل الى المعسكر حاملا مئات و الاف العوائل معه من يهود و غجر و مثليين و اسرى الحرب ، كان جنود وحدات النخبة الالمانية يدورون كالكلاب المسعورة بين الطوابير بحثا عن التوائم لمنغلي ، احيانا تقوم بعض الامهات بتسليم توائمهن او يشي احد اقاربهن بهن و احيانا اخرى تنجح الام في اخفاء توأمها الذي غالبا ما يصحبها الى غرف الغاز لكي يعدم و يموت معها ، كان الخيار صعبا ، هل تسلم الام توأمها لكي يصبحا حقل تجارب و يبقيا على قيد الحياة و لو الى حين ام تصحبهما معها للموت السريع ؟ ماذا ستفعلين عزيزتي القارئة لو كنت محل تلك الام المسكينة !!؟. احدى التوائم تستذكر ذلك اليوم الذي فصلوها هي و اختها عن امهم قائلة :"ما ان عرف حراس الـ "س س" بأننا توأم حتى قاموا بأخذي مع اختي مريم من امنا بدون اي مقدمات او شرح ، صراخنا و بكائنا كان بدون جدوى فقد وقع على اذان صماء ، اتذكر بأني التفت الى الخلف فرأيت امي تمد ذراعيها نحونا بأسى بينما كنا نقاد بعيدا ، كانت تلك اخر مرة رأيتها فيها..."بعد ان يفصلون التوأم عن امهم كانوا يأخذوهم الى الحمامات لغسلهم و من ثم ملىء استمارات تحوي معلومات اولية عنهم و بعد ذلك يوشمون و يعطون رقما خاصا لكل توأم ، كانوا يعاملوهم بصورة خاصة تختلف عن بقية السجناء فهم (أطفال مينغلي) و خزينه من الفئران البشرية لأجراء تجاربه ، كانوا لا يقصون شعرهم و يسمح لهم بالاحتفاظ بملابسهم ثم يعرضوهم على مينغلي الذي كان يدقق النظر فيهم للبحث عن علامات وراثية معينة من اجل تجاربه و يرسلون بعدها الى الثكنات المعدة لسكنهم.
كان يوم التوأم يبدء في الساعة السادسة صباحا ، كان عليهم و بغض النظر عن طبيعة الجو ان يصطفوا يوميا خارج الثكنات من اجل التعداد و كان يسحب منهم كمية من الدم يوميا و لا يستثنى من ذلك حتى الصغار جدا حيث يتم سحب الدم من رقابهم لأن ايديهم صغيرة ، بعدها يقدم لهم فطور بسيط ثم يحضر مينغلي من اجل المعاينة اليومية التي كان يحرص على الظهور فيها بجيوب مليئة بالحلويات ، كان يربت على رؤوس الاطفال و يتحدث معهم بل و حتى يلعب معهم احيانا ، الطريف ان بعض الاطفال الصغار جدا و الابرياء جدا كانوا ينادونه بـ "العم مينغلي".
كانت ضروف توائم مينغلي جيدة بالقياس الى بقية السجناء فبأستثناء عملية سحب الدم اليومية كان يسمح لهم باللعب احيانا و كانوا يستثنون من العمل الشاق مثل بقية السجناء و يكلفون عادة بأعمال بسيطة مثل ان ينقلوا الرسائل بين الثكنات كما كانوا يستثون من العقاب و من الحملات الدورية لأرسال السجناء الى غرف الغاز لكي يعدموا. وضع التوائم كان الافضل في معسكر مينغلي و لكن هذه الافضلية تنتهي في اليوم الذي تأتي به شاحنة التجارب لتأخذهم الى مختبرات مينغلي.كانت تجرى عليهم اختبارات طبية غريبة ، كانوا يجبرون على خلع ملابسهم و الاصطفاف لكي يتم فحص العلامات الجسدية و رصد المتشابه و الشاذ منها ، كانت العملية تستمر لساعات و كان مينغلي لا يتردد في تشريح اي منهم فورا في حال وجد فيه علامات غير طبيعية ، كما كان يجري نقل الدم من توأم الى اخر و كان يجري تجارب حول تبديل لون العيون ، من اجل الحصول على عيون زرقاء كان يقوم بزرق مواد كيمياوية في عيون بعض الاطفال و كانت تلك العملية تسبب الما فضيعا للأطفال و تنتهي جميعها بأمراض و التهابات و العمى التام ، كما كان يقوم بحقن بعض الاطفال بأمراض معينة و كان يعطي المرض الى احد التوأمين و عندما يموت يقوم بقتل التوأم الاخر و يقارن بين جسديهما و التأثيرات التي احدثها المرض على الجسد الملوث قياسا بالجسد السليم !! كما كان يجري عمليات جراحية عديدة عليهم تتضمن زرع و قطع اعضاء و غالبا كانت تجري هذه العمليات بدون تخدير ، احد التوائم الناجين يستذكر بألم العمليات التي اجريت على شقيقه قائلا :"د.مينغلي كان دائما يبدي اهتماما اكثر بـأخي "تيبي" ، لست متأكذا لماذا و لكن ربما لأنه كان الاكبر سنا ، د.ميغلي قام بأجراء العديد من العمليات على تيبي ، احداها في عموده الفقري تركته مشلولا ، لم يعد بأستطاعته المشي ، ثم قاموا بأستأصال اعضائه الجنسية ، بعد العملية الرابعة لم ارى تيبي مرة اخرى ، لا استطيع ان اخبرك كيف شعرت حينها ، لا توجد كلمات بأمكانها وصف ما شعرت به ، لقد اخذوا مني ابي .. امي .. اخوتي الاثنين الكبار .. و الان شقيقي التوئم ... "واحدة من عمليات مينغلي العجيبة كانت عبارة عن خياطة اجسام توأمين الى بعضها لصنع توأم سيامية متلاصقة !! كلا الطفلين ماتا بعد ايام بسبب تعفن جروحهم ، احيانا كانوا يحقنون بمادة الكلورفيل في القلب و يتم مراقبتهم و دراستهم و هم يموتون و بعد موت الاطفال كانت تقطع عينات من اجسادهم مثل العيون و القلب و الاحشاء الداخلية لأجراء المزيد من الاختبارات عليها.
من بين 3000 طفل تقريبا احتجزهم مينغلي لأجراء التجارب عليهم في فترة الـ 21 شهرا التي قضاها في معسكر "Auschwitz" ، لم ينج سوى 200 طفل ، و بعد 60 عاما يستذكر احد الاطفال الناجين مينغلي قائلا :"انا لم اقبل ابدا حقيقة أن مينغلي نفسه كان مقتنعا بأن ما يقوم به هو عمل علمي واقعي ، لم يكن مهتما حقا بما يقوم به لكنه كان يمارس سلطته ، لقد ادار مينغلي محل للقصابة ، معظم عملياته كانت تجرى بدون تخدير ، في احدى المرات رأيته يقوم بقطع عينات من معدة احد الاشخاص بدون تخدير ، و في مرة ثانية رأيته يستأصل قلبا و بدون مخدر ايضا ، لقد كان ذلك مرعبا ، مينغلي كان طبيبا اصيب بالجنون بسبب السلطة المطلقة التي منحت له ، لم يكن هناك احد يحاسبه – لماذا مات هذا ؟ لماذا افني ذاك ؟ - لقد قام بقتل الاف بأسم العلم و لكنه في الحقيقة كان شخصا مجنون"الأضافة الى اهتمامه بالتوائم ، كان مينغلي مولعا بدراسة الحالات الوراثية الشاذة مثل الاقزام و ضخام البنية ، و كذلك كان يجري تجارب لأخصاء الاولاد و الرجال و استأصال اعضائهم التناسلية في تجارب على تغيير الجنس و كان احيانا يعرض النساء للصعق بالكهرباء في ارحامهن لكي يصابن بالعقم ، كانت تجاربه تلك تدور حول ايجاد طريقة في القضاء على الاعراق التي هي حسب عقيدة النازية تعتبر ادنى من العرق الآري من اجل منعها من التكاثر و القضاء عليها (بعيدا عن النازية و جرائمها ، احدى وصمات العار في جبين الحضارة الغربية هي برنامج تم اجرائه في بعض الدول الغربية و لسنوات عديدة من اجل اخصاء و منع تكاثر الناس ، من الجنسين ، المصابين بعاهات جسمية و عقلية ، و سنعود لهذا الموضوع في احدى مقالاتنا مستقبلا) ، كذلك كان مينغلي يجري تجارب حول الاشعة فكان يعرض بعض السجناء الى كمية كبيرة من الاشعة السينية حتى تحترق جلودهم ، اضافة الى اجراء تجارب لقياس مدى تحمل جسم الانسان كأن يوضع السجين في حوض من الماء المنجمد و يتم دراسة ما يحدث له حتى الموت ، كان هناك عدد من الاطباء يعملون بمعية مينغلي و يساعدونه في اجراء تجاربه و بعضهم كانوا من السجناء في معسكره.
بعد الحرب بعد سقوط النازية تم اسر مينغلي من قبل القوات الامريكية ، في البداية تم اسره تحت اسمه الحقيقي و لكنه اطلق سراحه في تموز 1945 تحت اسم "فرتز هولمان" ثم اختبأ بعدها لمدة خمسة اعوام كعامل في احد المزارع الصغيرة و لكنه استمر بالأتصال بزوجته و طفله الوحيد و كذلك بصديق عمره "هانز سيدلماير" الذي ساعده في الهروب الى الارجنتين التي عاش فيها لعدة سنوات تحت اسم مستعار ثم انتقل الى البارغواي و منها الى البرازيل ، لقد ظل مينغلي في خوف دائم من ان يلقى القبض عليه لذلك كان دائم التنقل لكنه عاش حياته كأي شخص اخر و قام بأعمال تجارية و اتصل بعدة من زملائه النازيين الفارين الى امريكا الجنوبية و تزوج مرة اخرى ، في الحقيقة ، كانت اجهزة المخابرات الدولية تعتقد بأن مينغلي مات عام 1944 لذلك لم تجري ملاحقته و لكن في عام 1959 تم اكتشاف انه لايزال على قيد الحياة و جرت ملاحقته الا انه لم يلقى القبض عليه ابدا.
في عام 1979 مات مينغلي غرقا في البرازيل بسبب تعرضه لحملة قلبية اثناء السباحة و تم دفنه تحت اسم "ولفكانك كيرهارد" ، في عام 1985 توصلت الشرطة الدولية الى قبره و تم نبشه و فحص جثته التي اكد ابنه الاكبر "رولف" بانها جثة والده ، و في عام 1992 تم اجراء فحص ثاني للـ DNA الذي اكد ان الجثة تعود الى مينغلي.
ربما ان احدى الحقائق المرة لضحايا جوزيف مينغلي هي انه لم يحاكم ابدا و انه استمتع بحياته لمدة 34 سنة اخرى بعد سقوط النازية ، و رغم اكتشاف جثة مينغلي و التاكد من موته الا ان البعض يظن بأنه لم يمت في عام 1979 و انه استمر بالهرب و هناك الكثير من الشائعات عن رؤيته في عدة مناسبات و هذا هو حال الناس عزيزي القاريء مع موت معظم القادة و الناس المشهورين حيث يبنون الاساطير و الاوهام حولهم و لكن عزاء جميع المظلومين في هذا العالم هو ان الموت في النهاية هو المنتصر الوحيد و انه لا يوجد انسان مخلد في هذا العالم ، لقد رحل جوزيف مينغلي و لكن جرائمه ستبقى تثير الرعب و الاشمئزاز في نفوس الناس