شبهات الملاحدة والردود عليها
سنستعرض إن شاء الله تعالى – أشهر شبهات الملاحدة والردود عليها :
الشبهة الأولى : لا يوجد إله , أو إحتمال وجوده ضعيف جداً .
فيزعم لملاحدة أن الكون وُجد بالصدفة بلا خالق وأن الطبيعة هي التي تُسيّر الكون
وسنقوم إن شاء الله باستعراض عدد متنوع من الردود على كل شبهة
ليسهل إيصال المعنى و تقريب الفهم بإذن الله
► الشُبهة الأولى : لا يوجد إله , أو إحتمال وجوده ضعيف جداً .
◄الرَدّْ على الشُبهة ►
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" نردّ على هؤلاء بما ذكره الله تعالى في سورة الطور:
﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ ﴾ آية 35-36
فنسألهم أولًا: هل هم موجودون بعد العدم، أو موجودون في الأزل وإلى الأبد؟
والجواب بلا شك أن يقولوا : نحن موجودون بعد العدم ؛
كما قال الله تعالى: ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ﴾ الإنسان: 1
فإذا قالوا: نحن موجودون بعد العدم،
قلنا: مَن أوجَدكم؟ أوجدكم أبوكم أو أمُّكم ! أو وجدتم هكذا بلا موجِد؟
سيقولون: لم يوجِدْنا أبونا ولا أمُّنا
لأن الله تعالى يقول: ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ * نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ *
عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ الواقعة: 58 - 61
إذا قالوا: وُجدنا من غير موجِد
نقول: هذا مستحيل في العقل - لأنه ما من حادث إلا وله محدِث
وحينئذٍ يتعيَّن أن يكون حدوثهم بمحدِث، وهو الله عز وجل الواجب الوجود،
وكذلك يقال في السموات والأرض :
نقول: مَن أوجَد السموات والأرض؟ هو الله عز وجل
لكن السموات والأرض كانت ماءً تحت العرش، كما قال الله تبارك وتعالى:
﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ﴾ هود: 7
فخلق الله عز وجل السموات والأرض من هذا الماء
قال الله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾ الأنبياء: 30
أي: فصلنا ما بينهما، ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ الأنبياء: 30
فهذا جواب على هؤلاء الملاحدة
فإن أبَوْا إلا ما كانوا عليه، فهم مكابِرون
ويحق عليهم قول الله تعالى في آل فرعون: ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ﴾ النمل: 14
و يقول أيضاً ابن عثيمين رحمه الله :
وقد دل على وجوده تعالى: الفطرة، والعقل، والشرع، والحس.
1- أما دلالة الفطرة على وجوده: فإن كل مخلوق قد فطر على الإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أو تعليم، ولا ينصرف عن مقتضى هذه الفطرة إلا من طرأ على قلبه ما يصرفه عنها
لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه» . رواه البخاري.
2 - وأما دلالة العقل على وجود الله تعالى : فلأن هذه المخلوقات سابقها ولاحقها لا بد لها من خالق أوجدها
إذ لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها، ولا يمكن أن توجد صدفة.
لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها لأن الشيء لا يخلق نفسه،
لأنه قبل وجوده معدوم فكيف يكون خالقا ؟
ولا يمكن أن توجد صدفة، لأن كل حادث لا بد له من محدث
ولأن وجودها على هذا النظام البديع، والتناسق المتآلف، والارتباط الملتحم بين
الأسباب ومسبباتها، وبين الكائنات بعضها مع بعض يمنع منعا باتا أن يكون وجودها صدفة،
إذ الموجود صدفة ليس على نظام في أصل وجوده - فكيف يكون منتظما حال بقائه وتطوره؟!
وإذا لم يمكن أن توجد هذه المخلوقات نفسها بنفسها، ولا أن توجد صدفة تعين أن يكون لها موجد وهو الله رب العالمين.
وقد ذكر الله تعالى هذا الدليل العقلي والبرهان القطعي في سورة الطور، حيث قال: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ}
يعني أنهم لم يخلقوا من غير خالق، ولا هم الذين خلقوا أنفسهم، فتعين أن يكون خالقهم هو الله تبارك وتعالى،
ولهذا «لما سمع - جبير بن مطعم - رضي الله عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ سورة الطور فبلغ هذه الآيات:
{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ}
وكان - جبير يومئذ مشركا قال: "كاد قلبي أن يطير، وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي» رواه - البخاري - مفرقا .
ولنضرب مثلا يوضح ذلك:
فإنه لو حدثك شخص عن قصر مُشيد، أحاطت به الحدائق، وجرت بينها الأنهار، وملئ بالفرش والأسرة، وزين بأنواع الزينة من مقوماته ومكملاته،
وقال لك: إن هذا القصر وما فيه من كمال قد أوجد نفسه، أو وجد هكذا صدفة بدون موجد، لبادرت إلى إنكار ذلك وتكذيبه، وعددت حديثه سفها من القول،
أفيجوز بعد ذلك أن يكون هذا الكون الواسع بأرضه وسمائه، وأفلاكه وأحواله، ونظامه البديع الباهر، قد أوجد نفسه، أو وجد صدفة بدون موجد؟ !
3 - وأما دلالة الشرع على وجود الله تعالى: فلأن الكتب السماوية كلها تنطق بذلك،
وما جاءت به من الأحكام المتضمنة لمصالح الخلق دليل على أنها من رب حكيم عليم بمصالح خلقه،
وما جاءت به من الأخبار الكونية التي شهد الواقع بصدقها دليل على أنها من رب قادر على إيجاد ما أخبر به.
4 - وأما أدلة الحس على وجود الله فمن وجهين:
أحدهما: أننا نسمع ونشاهد من إجابة الداعين، وغوث المكروبين، ما يدل دلالة قاطعة على وجوده تعالى،
قال الله تعالى: {وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ} وقال تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}
وفي صحيح البخاري عن - أنس بن مالك - رضي الله عنه: «"أن أعرابيا دخل يوم الجمعة والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب، فقال: (يا رسول الله) ، هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا، فرفع يديه ودعا فثار السحاب أمثال الجبال
فلم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته. وفي الجمعة الثانية قام ذلك الأعرابي أو غيره فقال:
(يا رسول الله) تهدم البناء وغرق المال، فادع الله لنا، فرفع يديه وقال: "اللهم حوالينا ولا علينا"،
فما يشير إلى ناحية إلا انفرجت» .
وما زالت إجابة الداعين أمرا مشهودا إلى يومنا هذا لمن صدق اللجوء إلى الله تعالى وأتى بشرائط الإجابة.
الوجه الثاني : أن آيات الأنبياء التي تسمى (المعجزات) ويشاهدها الناس، أو يسمعون بها، برهان قاطع على وجود
مرسلهم، وهو الله تعالى، لأنها أمور خارجة عن نطاق البشر، يجريها الله تعالى تأييدا لرسله ونصرا لهم.
مثال ذلك: آية موسى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أمره الله تعالى أن يضرب بعصاه البحر، فضربه فانفلق اثني عشر طريقا يابسا، والماء بينها كالجبال،
قال الله تعالى: {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} .
ومثال ثان: آية عيسى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث كان يحيي الموتى، ويخرجهم من قبورهم بإذن الله،
قال الله تعالى: {وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ} وقال: {وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي} .
ومثال ثالث: لمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين طلبت منه قريش آية، فأشار إلى القمر فانفلق فرقتين فرآه الناس،
وفي ذلك قوله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} .
فهذه الآيات المحسوسة التي يجريها الله تعالى تأييدا لرسله، ونصرا لهم، تدل دلالة قطعية على وجوده تعالى.
المصدر و المصدر
تعليق