بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد
قد يستغرب القارئ من هذا العنوان " السحر عند مشايخ الصوفية " فهل الصوفية يتعاطون السحر ؟ الذي لا يعرف حقيقة التصوف والصوفية سوف ينفي ذلك لأنه غاية ما يعرف الناس عند التصوف أنه الزهد بالدنيا والاقبال على الأخرى ويوجد من شذ عن هذا السلوك .
ولكن الحقيقة غير ذلك الزهد هو ستار تحته مجموعة من الحق والباطل ، فالحق الذي فيه ما وافق الكتب والسنة ، أما الباطل فهو ما حدثوا من بدع وما أدخلوا على المسلمين من عقائد باطلة ، وكذلك تصحيح أمور الشريعة ذمتها وحذرت منها .
ومن هذه الأمور التي ذمتها الشريعة الاسلامية وتعاطاها المتصوفة بل اعتبروها من علومه " السحر " وهو ما يظهرون به خوارق العادة ليوهموا العوام بأنهم أصحاب كراماته !!
وقد اعترف شيخ الصوفية الأكبر بذلك قال في الفتوحات المكية : (( ومنهم الساحرون السحر بالإطلاق صفة مذمومة وحظ الأولياء منها ما أطلعهم الله عليه من علم الحروف وهو علم الأولياء فيتعلمون ما أودع الله في الحروف والأسماء من الخواص العجيبة التي تنفعل عنها الأشياء لهم في عالم الحقيقة والخيال فهو وان كان مذموماً بالإطلاق فهو محمود بالتقييد وهو من باب الكرامات وهو عين السحر عند العلماء فقد كانت سحرة موسى مازال عنهم علم السحر مع كونهم آمنوا برب موسى وهرون ودخلوا في دين الله وآثروا الآخرة على الدنيا ورضوا بعذاب الله على يد فرعون مع كونهم يعلمون السحر ويسمى عندنا علم السيمياء مشتق من السمة وهي العلامة أي علم العلامات التي نصبت على ما تعطيه من الانفعالات من جمع حروف وتركيب أسماء وكلمات .... الخ )) [ ص 201 – 202 / 3 ]
وليس بعد هذا الاعتراف دليل ولكن سوف ذكر إن شاء الله تعالى نماذج من كتب مشايخ الصوفية لإقامت الحجة على المعاند المكابر والله ولي التوفيق .
وقبل سرد الأدلة من كتبهم على ذلك نذكر تعريف السحر وأنواعه
تعريفه بشكل عام :
قال الأزهري : (( السحر عمل تقرب فيه إلى الشيطان وبمعونة منه كل ذلك الأمر كينونة للسحر ومن السحر الأخذة التي تأخذ العين حتى يظن أن الأمر كما يرى وليس الأصل على ما يرى السحر الأخذة وكل ما لطف مأخذه ودق فهو سحر ... وأصل السحر صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره فكأن الساحر لما أرى الباطل في صورة الحق وخيل الشيء على غير حقيقته قد سحر الشيء عن وجهه أي صرفه ... الخ )) [ لسان العرب ص 348 / 3 ]
قال الزبيدي في تاج العروس : (( ومن المجاز السحر بالكسر : عمل يقرب فيه إلى الشيطان وبمعونة منه . وكل ما لطف مأخذه ودق فهو سحر )) [ ص 514 / 11 ]
قال القرطبي : (( قيل: السحر أصله التمويه بالحيل والتخاييل، وهو أن يفعل الساحر أشياء ومعاني ، فيخيل للمسحور أنها بخلاف ما هي به ، كالذي يرى السراب من بعيد فيخيل إليه أنه ماء، وكراكب السفينة السائرة سيرا حثيثا يخيل إليه أن ما يرى من الأشجار والجبال سائرة معه )) [ تفسير القرطبي ص 272 / 2 ] ، وقال أيضا : (( من السحر ما يكون بخفة اليد كالشعوذة والشعوذي : البريد لخفة سيره قال ابن فارس في المجمل: الشعوذة ليس من كلام أهل البادية، وهي خفة في اليدين وأخذة كالسحر .
ومنه ما يكون كلاما يحفظ، ورقى من أسماء الله تعالى ، وقد يكون من عهود الشياطين، ويكون أدوية وأدخنة وغير ذلك )) [ تفسير القرطبي ص 274 / 2 ]
وقال الغزنوي الحنفي في عيون المعاني : (( وعندنا – يعني السحر - أصله طلسم يبني على تأثير خصائص الكواكب، كتأثير الشمس في زئبق عصي فرعون، أو تعظيم الشياطين ليسهلوا له ما عسر )) [ تفسير القرطبي ص 274 / 2 ]
قال ابن قدامة المقدسي : (( وهو عقد ورقى وكلام يتكلم به أو يكتبه أو يعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له وله حقيقة فمنه ما يقتل وما يمرض وما يأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطأها ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه وما يبغض أحدهما إلى الآخر أو يحبب بين اثنين وهذا قول الشافعي ... الخ )) [ المغنى ص 34 / 9 ]
أما فروع السحر فهي كثيرة ونذكر أهمها وهي : وهي ، الأوفاق والطلاسم والتعزيم والاستخدامات والسيمياء أو الكيمياء والهيمياء والأقسام والزايرجة وعلم الحروف ، وفيما يلي تعريف هذه الأقسام :
الأوفاق :
ويرجع هذا النوع من السحر إلى مناسبات الحروف والأعداد وعملها بأشكال معروفة عند أهل صنعة السحر .
قال القرافي في الفروق : (( الأوفاق وهي التي ترجع إلى مناسبات الأعداد وجعلها على شكل مخصوص مربع ويكون ذلك المربع مقسوما بيوتا فيوضع في كل بيت عدد حتى تكمل البيوت فإذا جمع صف كامل من أضلاع المربع فكان مجموعه عددا وليكن عشرين مثلا فلتكن الأضلاع الأربعة إذا جمعت كذلك ويكون المربع الذي هو من الركن إلى الركن كذلك فهذا وفق فإن كان العدد مائة ومن كل جهة كما تقدم مائة فهذا له آثار مخصوصة أنه خاص بالحروب ونصر من يكون في لوائه ، وإن كان خمسة عشر من كل جهة فهو خاص بتيسير العسير ، وإخراج المسجون ، وأيضا الجنين من الحامل وتيسير الوضع وكل ما هو من هذا المعنى وكان الغزالي يعتني به كثيرا حتى أنه ينسب إليه وضابطه ( ب ط د ز هـ ج و ا ح ) فكل حرف منها له عدد إذا جمع عدد ثلاثة منها كان مثل عدد الثلاثة الأخر فالباء باثنين والطاء بتسعة والدال بأربعة صار الجميع بخمسة عشر وكذلك تقول الباء باثنين والزاي بسبعة والواو بستة صار الجميع من الضلع الآخر خمسة عشر وكذلك الفطر من الركن إلى الركن تقول الباء باثنين والهاء بخمسة والحاء بثمانية الجميع خمسة عشر وهو من حساب الجمل :
يتبع..
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد
قد يستغرب القارئ من هذا العنوان " السحر عند مشايخ الصوفية " فهل الصوفية يتعاطون السحر ؟ الذي لا يعرف حقيقة التصوف والصوفية سوف ينفي ذلك لأنه غاية ما يعرف الناس عند التصوف أنه الزهد بالدنيا والاقبال على الأخرى ويوجد من شذ عن هذا السلوك .
ولكن الحقيقة غير ذلك الزهد هو ستار تحته مجموعة من الحق والباطل ، فالحق الذي فيه ما وافق الكتب والسنة ، أما الباطل فهو ما حدثوا من بدع وما أدخلوا على المسلمين من عقائد باطلة ، وكذلك تصحيح أمور الشريعة ذمتها وحذرت منها .
ومن هذه الأمور التي ذمتها الشريعة الاسلامية وتعاطاها المتصوفة بل اعتبروها من علومه " السحر " وهو ما يظهرون به خوارق العادة ليوهموا العوام بأنهم أصحاب كراماته !!
وقد اعترف شيخ الصوفية الأكبر بذلك قال في الفتوحات المكية : (( ومنهم الساحرون السحر بالإطلاق صفة مذمومة وحظ الأولياء منها ما أطلعهم الله عليه من علم الحروف وهو علم الأولياء فيتعلمون ما أودع الله في الحروف والأسماء من الخواص العجيبة التي تنفعل عنها الأشياء لهم في عالم الحقيقة والخيال فهو وان كان مذموماً بالإطلاق فهو محمود بالتقييد وهو من باب الكرامات وهو عين السحر عند العلماء فقد كانت سحرة موسى مازال عنهم علم السحر مع كونهم آمنوا برب موسى وهرون ودخلوا في دين الله وآثروا الآخرة على الدنيا ورضوا بعذاب الله على يد فرعون مع كونهم يعلمون السحر ويسمى عندنا علم السيمياء مشتق من السمة وهي العلامة أي علم العلامات التي نصبت على ما تعطيه من الانفعالات من جمع حروف وتركيب أسماء وكلمات .... الخ )) [ ص 201 – 202 / 3 ]
وليس بعد هذا الاعتراف دليل ولكن سوف ذكر إن شاء الله تعالى نماذج من كتب مشايخ الصوفية لإقامت الحجة على المعاند المكابر والله ولي التوفيق .
وقبل سرد الأدلة من كتبهم على ذلك نذكر تعريف السحر وأنواعه
تعريفه بشكل عام :
قال الأزهري : (( السحر عمل تقرب فيه إلى الشيطان وبمعونة منه كل ذلك الأمر كينونة للسحر ومن السحر الأخذة التي تأخذ العين حتى يظن أن الأمر كما يرى وليس الأصل على ما يرى السحر الأخذة وكل ما لطف مأخذه ودق فهو سحر ... وأصل السحر صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره فكأن الساحر لما أرى الباطل في صورة الحق وخيل الشيء على غير حقيقته قد سحر الشيء عن وجهه أي صرفه ... الخ )) [ لسان العرب ص 348 / 3 ]
قال الزبيدي في تاج العروس : (( ومن المجاز السحر بالكسر : عمل يقرب فيه إلى الشيطان وبمعونة منه . وكل ما لطف مأخذه ودق فهو سحر )) [ ص 514 / 11 ]
قال القرطبي : (( قيل: السحر أصله التمويه بالحيل والتخاييل، وهو أن يفعل الساحر أشياء ومعاني ، فيخيل للمسحور أنها بخلاف ما هي به ، كالذي يرى السراب من بعيد فيخيل إليه أنه ماء، وكراكب السفينة السائرة سيرا حثيثا يخيل إليه أن ما يرى من الأشجار والجبال سائرة معه )) [ تفسير القرطبي ص 272 / 2 ] ، وقال أيضا : (( من السحر ما يكون بخفة اليد كالشعوذة والشعوذي : البريد لخفة سيره قال ابن فارس في المجمل: الشعوذة ليس من كلام أهل البادية، وهي خفة في اليدين وأخذة كالسحر .
ومنه ما يكون كلاما يحفظ، ورقى من أسماء الله تعالى ، وقد يكون من عهود الشياطين، ويكون أدوية وأدخنة وغير ذلك )) [ تفسير القرطبي ص 274 / 2 ]
وقال الغزنوي الحنفي في عيون المعاني : (( وعندنا – يعني السحر - أصله طلسم يبني على تأثير خصائص الكواكب، كتأثير الشمس في زئبق عصي فرعون، أو تعظيم الشياطين ليسهلوا له ما عسر )) [ تفسير القرطبي ص 274 / 2 ]
قال ابن قدامة المقدسي : (( وهو عقد ورقى وكلام يتكلم به أو يكتبه أو يعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له وله حقيقة فمنه ما يقتل وما يمرض وما يأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطأها ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه وما يبغض أحدهما إلى الآخر أو يحبب بين اثنين وهذا قول الشافعي ... الخ )) [ المغنى ص 34 / 9 ]
أما فروع السحر فهي كثيرة ونذكر أهمها وهي : وهي ، الأوفاق والطلاسم والتعزيم والاستخدامات والسيمياء أو الكيمياء والهيمياء والأقسام والزايرجة وعلم الحروف ، وفيما يلي تعريف هذه الأقسام :
الأوفاق :
ويرجع هذا النوع من السحر إلى مناسبات الحروف والأعداد وعملها بأشكال معروفة عند أهل صنعة السحر .
قال القرافي في الفروق : (( الأوفاق وهي التي ترجع إلى مناسبات الأعداد وجعلها على شكل مخصوص مربع ويكون ذلك المربع مقسوما بيوتا فيوضع في كل بيت عدد حتى تكمل البيوت فإذا جمع صف كامل من أضلاع المربع فكان مجموعه عددا وليكن عشرين مثلا فلتكن الأضلاع الأربعة إذا جمعت كذلك ويكون المربع الذي هو من الركن إلى الركن كذلك فهذا وفق فإن كان العدد مائة ومن كل جهة كما تقدم مائة فهذا له آثار مخصوصة أنه خاص بالحروب ونصر من يكون في لوائه ، وإن كان خمسة عشر من كل جهة فهو خاص بتيسير العسير ، وإخراج المسجون ، وأيضا الجنين من الحامل وتيسير الوضع وكل ما هو من هذا المعنى وكان الغزالي يعتني به كثيرا حتى أنه ينسب إليه وضابطه ( ب ط د ز هـ ج و ا ح ) فكل حرف منها له عدد إذا جمع عدد ثلاثة منها كان مثل عدد الثلاثة الأخر فالباء باثنين والطاء بتسعة والدال بأربعة صار الجميع بخمسة عشر وكذلك تقول الباء باثنين والزاي بسبعة والواو بستة صار الجميع من الضلع الآخر خمسة عشر وكذلك الفطر من الركن إلى الركن تقول الباء باثنين والهاء بخمسة والحاء بثمانية الجميع خمسة عشر وهو من حساب الجمل :
يتبع..
تعليق