انظرْ إلى غرورِ الإنسان،
إذا أُوتيَ مالاً اغترَّ ونفخ،
وظنَّ أنه سيعمَّرُ ويَنعم،
ولن يبورَ ماله..
وما هي إلا مدَّة...
حتى يتفاجأ!
كما تفاجأ غيره..
وكم يتكرَّرُ هذا مع البشر!
• • •
انظرْ إلى الزرعِ كيف ينمو ويكبرُ يومًا بعد يوم،
ويصبحُ أخضرَ جميلاً،
وثمرًا مفيدًا..
ثم يَيْبسُ ويصيرُ هشيمًا..
ولا يُنتفعُ به إلا قليلاً.
كذلك أنت أيها الإنسان..
تنمو يومًا بعد آخر،
وشهرًا وسنةً بعد أخرى،
فتبدو جميلاً متنعِّمًا،
قويًّا نشيطًا،
تنتجُ وتجمع،
وتأكلُ وتتلذَّذ،
ثم يقلُّ نشاطك،
وتشيخُ حتى تصيرَ كعودٍ أعوج،
ثم تهرمُ وتصيرُ عِبئًا..
وتموتُ كما ماتَ الزرع،
.. وسوفَ تحيا كما حيي..
• • •
الإنسانُ الآلي الذي تطوِّرهُ اليابانُ منذ عقودٍ من الزمن،
وتقفُ وراءهُ عقولٌ ذكيَّةٌ عملاقة،
وتُصرَفُ على بحوثهِ الملايين..
تجدُ داخلهُ آلاتٍ وأسلاكًا وألواحًا إلكترونيةً مبرمجةً كثيرةً ومعقَّدة..
كلُّ ذلك حتى يستطيعَ أن يحرِّكَ يدهُ الصناعية،
ويؤدِّيَ بعضَ الحركاتِ بنفسه،
أو يخطوَ بعضَ الخطواتِ بالمفتاح (الريموت) الذي بيد صاحبه..
أو يحيِّي الجمهور،
أو يتناولَ حاجة،
أو يقومَ بعملٍ متواضع..
هذا الإنسانُ الآليُّ البسيطُ يجذبُ أنظارَ الملايينِ من البشرِ في المعارض،
وتُبهرهم العقولُ اليابانيةُ الفذَّةُ التي تصنعهُ وتطوِّرهُ باستمرار..
وبين هؤلاء ملحدون..
إذا قال لهم أحدهم: إن هذا الإنسانُ الآليَّ لم يصنعهُ يابانيون ولا غيرهم،
ضحكوا عليه وأشفقوا على عقله،
ولا يجذبُ نظرَهم الإنسانُ "العادي" الذي يعمِّر هذا الكون،
والذي استطاعَ أن يخترعَ أشياءَ مبهرة،
منها هذا الإنسانَ الآليَّ نفسه!
إذاً ربما يؤمنون بصانعي الإنسانِ الآليِّ لأنهم يرونهم..
فإذا لم يروهم قالوا مثلما قالوا في خالقِ الإنسانِ وإلهِ الكون: لا خالقَ ولا إله!
وما ذنبنا إذا قلنا عندئذ: إن هؤلاء لا يرونَ عقولهم،
فعقولهم غيرُ موجودة؟!
أما إذا قالوا إنهم يرونَ آثارَ عقولهم عيانًا..
فإنهم كذلك يرونَ آثار الخالقِ عزَّ وجلّ..
إذًا فالأمرُ يتعلَّق بعمَى القلب،
لا بعمَى العين!
يتبع..
تعليق