التداوي بالاعشاب حقيقة ام احتيال
لقد خلق الله سبحانه وتعالى النباتات والأعشاب والأغذية و مكونات الحياة الأخرى على الكرة الأرضية من قبل أن تطأها قدم أي إنسان أو حافر أي حيوان أو أي مخلوق آخر ، و لأن النباتات هي من مكونات الغذاء الأساسي للإنسان ككائن حي وبدونه يصعب وجود للحياة للإنسان أو للحيوان على وجه الأرض . ومنذ أن خلق الله الإنسان والحيوان وجدت الأمراض التي تنتابهما. كما أن الله عز و جل، قد جعل النباتات غذاءً و أساساً لا تستغني عنه الحياة بشكل عام ، من تمثيل للضوء و إيجاد الأوكسجين و تنقية الهواء من الغبار و الملوثات و هي أيضاً غذاء و دواء لأغلب المخلوقات ، و أن الله عزوجل أوجد في النباتات أيضاً الدواء للعديد من الأمراض التي تصيب الإنسان و الحيوان . وأعطى الحيوان الذي لا يعقل ولا يفكر غريزة الإهتداء إلى نوع النبات الذي يشفيه من مرضه فنرى مثالاً على ذلك القطط في حالة المغص و الإسهال تبحث عن النعنع و الميرمية أو أنواع نباتات أخرى لتأكلها و تشفى بإذن الله . وترك للإنسان العاقل أن يهتدي إلى النباتات الشافية من الأمراض بنفسه ، بالدراسة والتجارب والإستنتاج، وذكر في القرأن الكريم العديد من أسماء النباتات كالزيتون والتين و الزنجبيل و غيره .
وتاريخ التغذية السليمة أو الطب الوقائي أو التطبيب بالأعشاب قديم جداً يرجع إلى العصور الأولى من التاريخ، فبعض المخطوطات من أوراق البردى وقبور الفراعنة، دلت على أن الكهنة في ذلك الوقت، كان عندهم معلومات كثيرة عن أسرار الأعشاب والتداوي بها، حتى أن البعض من هذه الأعشاب الشافية وجد بين ما إحتوته قبور الفراعنة من تحف وآثار. كذلك هناك ما يثبت أن قدماء الهنود كانوا قد مارسوا، كقدماء المصريين هذه المهنة أيضاً، وحذقوا بها. ثم جاء بعد ذلك قدماء و حكماء اليونان ،ووضعوا المؤلفات عن التداوي بالأعشاب في القرنين الرابع والخامس قبل الميلاد، وأشهرهم في هذا المضمار (أبوقراط) و (ثيوفراستوس) و (ديسقوريدس) و (بلينوس). وظلت مؤلفات هؤلاء عن التداوي بالأعشاب المصدر الأساسي لهذا العلم، حتى جاء العرب المسلمون، وتوسعوا في هذا العلم بتجارب جديدة بوجود دولة إسلامية متقدمة علمياً و مادياً تحثهم و تدعمهم على الإكتشاف و الإختراع ، وفي مقدمتهم (الرازي) و (إبن سينا).
وفي القرن الثاني عشر للميلاد إحتكر الرهبان في أوروبا مهنة التداوي بالأعشاب وزراعتها على أنفسهم ، و أشتهر العديد من الرهبان في الطب و التداوي بالأعشاب وأشهرهم الراهبة (هيلديكارد)، ومؤلفها الذي سمته (الفيزيكا) وهو كتاب مشهور جداً بالطب والأعشاب في ذلك الوقت . و الكل يعرف الراهب مندل وهو من أول مؤسسين علم الوراثة في العالم و الذي إكتشفه أثناء زراعتة لبعض أنواع الزهور و الورود الطبية في حديقة الكنيسة التي كان يعيش فيها .
وبعد فتح المسلمون للأندلس إنتشر علم الطب العربي ( طب الأعشاب ) في أوروبا حيث أنهم كثيراً آن ذاك ما كانوا يؤمنون بالأرواح الشريرة و الخرافات و آلهة الأمراض و آلهة الشفاء، فقد زود المسلمون أوروبا بالكثير من معلومات الأطباء العرب والمسلمين، وأعشاب الشرق و المعلومات الطبية . كما أن الحروب الصليبية كانت كذلك بالنسبة للشرق الأوسط ، أي نشرت العلوم الأوروبية في الشرق الأوسط . وإزدهر هذا العلم كثيراً بعد إكتشاف القارة الأمريكية وما فيها من كنوز كثيرة من الأعشاب الطبية و خبرات الهنود الحمر في الطب و الأعشاب .
وبعد إكتشاف الطباعة في القرن الخامس عشر للميلاد كثرت المؤلفات عن التداوي بالأعشاب، وعم إنتشار هذه المؤلفات بحيث كانت لا يخلو منها بيت من البيوت في أوروبا آن ذاك . وقد ظل التداوي بالأعشاب حتى ذلك التاريخ مستنداً إلى التجارب والنتائج فقط دون الإهتمام بالبحث العلمي ،فلم يكونوا يبحثوا في الأعشاب عن موادها الشافية أو طرق تأثيرها في جسم المريض أو عن المكونات و المواد الفعالة في تلك الأعشاب .
وكان الأطباء يمارسون مهنة جمع الأعشاب، وتحضير الدواء منها و علاج المرضى بأنفسهم حتى سنة 1224 ميلادية ، حيث أفتتحت أول صيدلية نباتية في العالم في إيطاليا، وأصدر القيصر فيها مرسوماً خاصاً يحصر مهمة تحضير الأدوية من الأعشاب بالصيادلة فقط ، على أن يبقى للطبيب مهمة تحديد المرض و تحديد مقدار ما يجب أن يستعمل من الأعشاب ممزوجاً، وكيفية إستعمالها.
وبعد أن إزدهرت الكيمياء في بداية القرن التاسع عشر للميلاد، وأصبح بإستطاعتها تحليل الأعشاب لمعرفة المواد الفعالة فيها، وإستخراجها أو تركيبها كيماوياً من مصادر كيماوية أخرى صناعية ، وبعد التطور العلمي الكيميائي بدأ التداوي بالأعشاب ينطوي في عالم الإهمال، ليحل مكانه التداوي بالمساحيق والأقراص والأشربة المستخلصة من الأجزاء الفعالة في الأعشاب أو من المواد الكيماوية المصنعة أو من مواد غير عضوية. وكان من المأمول أن تكون هذه الأدوية الصناعية أفضل فعالية من الأعشاب لأنها خلاصة المواد الفعالة في الأعشاب ، ولكن التجارب أثبتت فيما بعد أن ما في صيدلية الله من أعشاب أفضل فعالية من إنتاج المصانع الكيماوية، لما لها من تأثيرات جانبية و في بعض الأحيان يكون للدواء الكيميائي أضرار جانبية أكثر من المرض نفسه.
وعاد الغربيون مرة أخرى إلى الأعشاب و النباتات الطبية و لكن هذه المرة بإسلوب علمي بحت و منفتح جداً . وإثر إنتقال بذور التجارب العربية والإسلامية في مجال طب الأعشاب إلى الغرب، أصبح الإهتمام بهذا العلم الشغل الشاغل للباحثين الغربيين، حتى أنه خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي أصبح علم الصيدلة النباتية فارما كوجنوزي Pharmacognosy فرعاً علمياً قائماً بحد ذاته من الفروع العلمية الصيدلانية الأخرى. ويدرس في جميع جامعات العالم في كليات الصيدلة لحد اليوم، ومازالت أبحاثه تتطور و تتقدم حتى هذه اللحظة . و هذا العلم هو علم مختص بالأعشاب و النباتات و كل المواد الطبيعية و يصنفه على شكل عائلات و يحلله و يعرف تراكيبه الكيماوية و تراكيزها ويبحث عن المادة الفعالة فيه و في أي عضو من أعضاء النبتة هو موجود.
و يبحث أيضاً في الجرعة الدوائية لهذه النباتات و طريقة إعدادها و أيضاً أماكن وجودها بالوضع الطبيعي و أماكن و طريقة زراعتها و الأوقات التي يجب فيها جمع المحصول .وحتى يحدد في بعض الأحيان الساعة التي يتم بها جمع المحصول ليكون تركيز المواد بها بأعلى نسبه و بدون أن يمس هذه المواد أي ضرر. ويعمل هذا العلم أيضاً على تعريف الصيدلي بطريقة التخزين للأعشاب أو مستخلصاتها و طريقة التخزين للدواء المصنع منها و يبحث أيضاً في السمية و الجرع السامة لهذه النباتات . إذاً الفارما كوجنوزي هو علم من علوم الصيدلة التي يجب أن يكون من المفروض أن درسه كل صيدلي مهما كان بلد أو سنة تخرجه. إذاً الصيدلاني هو الشخص العالم بالأعشاب وطريقة تحضيرها . ولحد هذه اللحظة يوجد العديد من المستحضرات الدوائية العالمية و المحلية و التي نستهلكها نحن الشعب الفلسطيني ذات مصادر عشبية و نباتية . ولكن مع الأسف ضعف الصيادلة العلمي الشديد و كثرة الجامعات التجارية والقوانين العقيمة التي تحاصر الصيدلي من كل الجوانب خلقت صيادلة ضعاف علمياً جداً و تركوا ما تعلموا و أصبحوا بائعي أدوية فقط . فماذا حصل ؟؟
حصل أن جاء أشخاص حلوا مكانهم في هذا المجال و سموا أنفسهم تسميات غريبة من ضمنها طب الأعشاب ، الطب نبوي، الطب البديل ، عرافين ، فتاحين ، طب المشايخ ، طب صيني ، طب حضارة التبت ، وأسماء كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان . وهكذا فقد دمروا معالم الطب و الصيدلة بالخرافات و الخزعبلات وأدت هذه الخرافات إلى ضرر الناس مادياً و معنوياً و فكرياً و بدأ الأطباء و الصيادلة نفسهم غير مؤمنين تماماً بالأعشاب الطبية وأخذوا يرفضون و يشككون بكل شيء ذا مصدر عشبي و يقولون عنه نصب و إحتيال ، و نسوا ما تعلموا في الجامعات، ومع العلم بأن كثيراً من هذه النباتات إذا أخذ للمرض الملائم بالجرعة الملائمة و في الوقت الملائم و من الشخص الملائم العالم بهذه الأمور يكون أحياناً أفضل من الأدوية الكيماوية المصنعة بكثير .
واليوم توجد في بريطانيا المؤسسة الوطنية للمعالجين بالأعشاب وهم صيادلة أو اشخاص لهم علاقة بالطب درسوا الفارما كوجنوزي Pharmacognosy ( علم الأعشاب و النباتات ) بشكل موسع و مباشر .
National Institute of Medical Herbalists
وهي جمعية معترف بها رسمياً في بريطانيا و العالم وتشرف على تدريس وتمرين المعالجين بالأعشاب ضمن برنامج يمتد إلى 4 سنوات يدرسون فيها الفارما كوجنوزي ( علم النباتات و الأعشاب ) و الفارماكولوجي ( علم الدواء ) و الفسيولوجي ( علم أعضاء الجسم ) و الباثولوجي ( علم الأمراض ) و المايكروبيولوجي ( علم الكائنات الحية الدقيقة ) بإختصار يدرسون كل العلوم الطبية و الصيدلانية كما يدرس الأطباء و الصيادلة و لكن دون التعمق بالأدوية الكيماوية ، و ينال الناجحون في الإمتحان في نهاية تلك المدة ديبلوماً ( شهادة ) يخوّلهم الحق في المعالجة بالأعشاب والنباتات بشكل رسمي و بشكل علمي و مدروس و ليس خزعبلات أو مثل ما سمعوا من تجارب الأشخاص الجاهلون صحياً و طبياً و ليس بالتجربة
والخطأ
لقد خلق الله سبحانه وتعالى النباتات والأعشاب والأغذية و مكونات الحياة الأخرى على الكرة الأرضية من قبل أن تطأها قدم أي إنسان أو حافر أي حيوان أو أي مخلوق آخر ، و لأن النباتات هي من مكونات الغذاء الأساسي للإنسان ككائن حي وبدونه يصعب وجود للحياة للإنسان أو للحيوان على وجه الأرض . ومنذ أن خلق الله الإنسان والحيوان وجدت الأمراض التي تنتابهما. كما أن الله عز و جل، قد جعل النباتات غذاءً و أساساً لا تستغني عنه الحياة بشكل عام ، من تمثيل للضوء و إيجاد الأوكسجين و تنقية الهواء من الغبار و الملوثات و هي أيضاً غذاء و دواء لأغلب المخلوقات ، و أن الله عزوجل أوجد في النباتات أيضاً الدواء للعديد من الأمراض التي تصيب الإنسان و الحيوان . وأعطى الحيوان الذي لا يعقل ولا يفكر غريزة الإهتداء إلى نوع النبات الذي يشفيه من مرضه فنرى مثالاً على ذلك القطط في حالة المغص و الإسهال تبحث عن النعنع و الميرمية أو أنواع نباتات أخرى لتأكلها و تشفى بإذن الله . وترك للإنسان العاقل أن يهتدي إلى النباتات الشافية من الأمراض بنفسه ، بالدراسة والتجارب والإستنتاج، وذكر في القرأن الكريم العديد من أسماء النباتات كالزيتون والتين و الزنجبيل و غيره .
وتاريخ التغذية السليمة أو الطب الوقائي أو التطبيب بالأعشاب قديم جداً يرجع إلى العصور الأولى من التاريخ، فبعض المخطوطات من أوراق البردى وقبور الفراعنة، دلت على أن الكهنة في ذلك الوقت، كان عندهم معلومات كثيرة عن أسرار الأعشاب والتداوي بها، حتى أن البعض من هذه الأعشاب الشافية وجد بين ما إحتوته قبور الفراعنة من تحف وآثار. كذلك هناك ما يثبت أن قدماء الهنود كانوا قد مارسوا، كقدماء المصريين هذه المهنة أيضاً، وحذقوا بها. ثم جاء بعد ذلك قدماء و حكماء اليونان ،ووضعوا المؤلفات عن التداوي بالأعشاب في القرنين الرابع والخامس قبل الميلاد، وأشهرهم في هذا المضمار (أبوقراط) و (ثيوفراستوس) و (ديسقوريدس) و (بلينوس). وظلت مؤلفات هؤلاء عن التداوي بالأعشاب المصدر الأساسي لهذا العلم، حتى جاء العرب المسلمون، وتوسعوا في هذا العلم بتجارب جديدة بوجود دولة إسلامية متقدمة علمياً و مادياً تحثهم و تدعمهم على الإكتشاف و الإختراع ، وفي مقدمتهم (الرازي) و (إبن سينا).
وفي القرن الثاني عشر للميلاد إحتكر الرهبان في أوروبا مهنة التداوي بالأعشاب وزراعتها على أنفسهم ، و أشتهر العديد من الرهبان في الطب و التداوي بالأعشاب وأشهرهم الراهبة (هيلديكارد)، ومؤلفها الذي سمته (الفيزيكا) وهو كتاب مشهور جداً بالطب والأعشاب في ذلك الوقت . و الكل يعرف الراهب مندل وهو من أول مؤسسين علم الوراثة في العالم و الذي إكتشفه أثناء زراعتة لبعض أنواع الزهور و الورود الطبية في حديقة الكنيسة التي كان يعيش فيها .
وبعد فتح المسلمون للأندلس إنتشر علم الطب العربي ( طب الأعشاب ) في أوروبا حيث أنهم كثيراً آن ذاك ما كانوا يؤمنون بالأرواح الشريرة و الخرافات و آلهة الأمراض و آلهة الشفاء، فقد زود المسلمون أوروبا بالكثير من معلومات الأطباء العرب والمسلمين، وأعشاب الشرق و المعلومات الطبية . كما أن الحروب الصليبية كانت كذلك بالنسبة للشرق الأوسط ، أي نشرت العلوم الأوروبية في الشرق الأوسط . وإزدهر هذا العلم كثيراً بعد إكتشاف القارة الأمريكية وما فيها من كنوز كثيرة من الأعشاب الطبية و خبرات الهنود الحمر في الطب و الأعشاب .
وبعد إكتشاف الطباعة في القرن الخامس عشر للميلاد كثرت المؤلفات عن التداوي بالأعشاب، وعم إنتشار هذه المؤلفات بحيث كانت لا يخلو منها بيت من البيوت في أوروبا آن ذاك . وقد ظل التداوي بالأعشاب حتى ذلك التاريخ مستنداً إلى التجارب والنتائج فقط دون الإهتمام بالبحث العلمي ،فلم يكونوا يبحثوا في الأعشاب عن موادها الشافية أو طرق تأثيرها في جسم المريض أو عن المكونات و المواد الفعالة في تلك الأعشاب .
وكان الأطباء يمارسون مهنة جمع الأعشاب، وتحضير الدواء منها و علاج المرضى بأنفسهم حتى سنة 1224 ميلادية ، حيث أفتتحت أول صيدلية نباتية في العالم في إيطاليا، وأصدر القيصر فيها مرسوماً خاصاً يحصر مهمة تحضير الأدوية من الأعشاب بالصيادلة فقط ، على أن يبقى للطبيب مهمة تحديد المرض و تحديد مقدار ما يجب أن يستعمل من الأعشاب ممزوجاً، وكيفية إستعمالها.
وبعد أن إزدهرت الكيمياء في بداية القرن التاسع عشر للميلاد، وأصبح بإستطاعتها تحليل الأعشاب لمعرفة المواد الفعالة فيها، وإستخراجها أو تركيبها كيماوياً من مصادر كيماوية أخرى صناعية ، وبعد التطور العلمي الكيميائي بدأ التداوي بالأعشاب ينطوي في عالم الإهمال، ليحل مكانه التداوي بالمساحيق والأقراص والأشربة المستخلصة من الأجزاء الفعالة في الأعشاب أو من المواد الكيماوية المصنعة أو من مواد غير عضوية. وكان من المأمول أن تكون هذه الأدوية الصناعية أفضل فعالية من الأعشاب لأنها خلاصة المواد الفعالة في الأعشاب ، ولكن التجارب أثبتت فيما بعد أن ما في صيدلية الله من أعشاب أفضل فعالية من إنتاج المصانع الكيماوية، لما لها من تأثيرات جانبية و في بعض الأحيان يكون للدواء الكيميائي أضرار جانبية أكثر من المرض نفسه.
وعاد الغربيون مرة أخرى إلى الأعشاب و النباتات الطبية و لكن هذه المرة بإسلوب علمي بحت و منفتح جداً . وإثر إنتقال بذور التجارب العربية والإسلامية في مجال طب الأعشاب إلى الغرب، أصبح الإهتمام بهذا العلم الشغل الشاغل للباحثين الغربيين، حتى أنه خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي أصبح علم الصيدلة النباتية فارما كوجنوزي Pharmacognosy فرعاً علمياً قائماً بحد ذاته من الفروع العلمية الصيدلانية الأخرى. ويدرس في جميع جامعات العالم في كليات الصيدلة لحد اليوم، ومازالت أبحاثه تتطور و تتقدم حتى هذه اللحظة . و هذا العلم هو علم مختص بالأعشاب و النباتات و كل المواد الطبيعية و يصنفه على شكل عائلات و يحلله و يعرف تراكيبه الكيماوية و تراكيزها ويبحث عن المادة الفعالة فيه و في أي عضو من أعضاء النبتة هو موجود.
و يبحث أيضاً في الجرعة الدوائية لهذه النباتات و طريقة إعدادها و أيضاً أماكن وجودها بالوضع الطبيعي و أماكن و طريقة زراعتها و الأوقات التي يجب فيها جمع المحصول .وحتى يحدد في بعض الأحيان الساعة التي يتم بها جمع المحصول ليكون تركيز المواد بها بأعلى نسبه و بدون أن يمس هذه المواد أي ضرر. ويعمل هذا العلم أيضاً على تعريف الصيدلي بطريقة التخزين للأعشاب أو مستخلصاتها و طريقة التخزين للدواء المصنع منها و يبحث أيضاً في السمية و الجرع السامة لهذه النباتات . إذاً الفارما كوجنوزي هو علم من علوم الصيدلة التي يجب أن يكون من المفروض أن درسه كل صيدلي مهما كان بلد أو سنة تخرجه. إذاً الصيدلاني هو الشخص العالم بالأعشاب وطريقة تحضيرها . ولحد هذه اللحظة يوجد العديد من المستحضرات الدوائية العالمية و المحلية و التي نستهلكها نحن الشعب الفلسطيني ذات مصادر عشبية و نباتية . ولكن مع الأسف ضعف الصيادلة العلمي الشديد و كثرة الجامعات التجارية والقوانين العقيمة التي تحاصر الصيدلي من كل الجوانب خلقت صيادلة ضعاف علمياً جداً و تركوا ما تعلموا و أصبحوا بائعي أدوية فقط . فماذا حصل ؟؟
حصل أن جاء أشخاص حلوا مكانهم في هذا المجال و سموا أنفسهم تسميات غريبة من ضمنها طب الأعشاب ، الطب نبوي، الطب البديل ، عرافين ، فتاحين ، طب المشايخ ، طب صيني ، طب حضارة التبت ، وأسماء كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان . وهكذا فقد دمروا معالم الطب و الصيدلة بالخرافات و الخزعبلات وأدت هذه الخرافات إلى ضرر الناس مادياً و معنوياً و فكرياً و بدأ الأطباء و الصيادلة نفسهم غير مؤمنين تماماً بالأعشاب الطبية وأخذوا يرفضون و يشككون بكل شيء ذا مصدر عشبي و يقولون عنه نصب و إحتيال ، و نسوا ما تعلموا في الجامعات، ومع العلم بأن كثيراً من هذه النباتات إذا أخذ للمرض الملائم بالجرعة الملائمة و في الوقت الملائم و من الشخص الملائم العالم بهذه الأمور يكون أحياناً أفضل من الأدوية الكيماوية المصنعة بكثير .
واليوم توجد في بريطانيا المؤسسة الوطنية للمعالجين بالأعشاب وهم صيادلة أو اشخاص لهم علاقة بالطب درسوا الفارما كوجنوزي Pharmacognosy ( علم الأعشاب و النباتات ) بشكل موسع و مباشر .
National Institute of Medical Herbalists
وهي جمعية معترف بها رسمياً في بريطانيا و العالم وتشرف على تدريس وتمرين المعالجين بالأعشاب ضمن برنامج يمتد إلى 4 سنوات يدرسون فيها الفارما كوجنوزي ( علم النباتات و الأعشاب ) و الفارماكولوجي ( علم الدواء ) و الفسيولوجي ( علم أعضاء الجسم ) و الباثولوجي ( علم الأمراض ) و المايكروبيولوجي ( علم الكائنات الحية الدقيقة ) بإختصار يدرسون كل العلوم الطبية و الصيدلانية كما يدرس الأطباء و الصيادلة و لكن دون التعمق بالأدوية الكيماوية ، و ينال الناجحون في الإمتحان في نهاية تلك المدة ديبلوماً ( شهادة ) يخوّلهم الحق في المعالجة بالأعشاب والنباتات بشكل رسمي و بشكل علمي و مدروس و ليس خزعبلات أو مثل ما سمعوا من تجارب الأشخاص الجاهلون صحياً و طبياً و ليس بالتجربة
والخطأ
تعليق