بحث
عبدة الشيطان
كثير منّاً قد سمع حتماً عن ظاهرة عبدة الشيطان، و لكن القليل من يعرف شيئاً عن هذه الجماعة نظراً لشحّ المعلومات عنها بالعربية و ارتباطها بأفكار و تصوّرات ممزوجة بسوء الفهم، فتارة هم جزء من مؤامرة يهودية عملاقة على العالم و تارة هم عملاء للموساد و تارة هم ماسونيون و مازوشيون و بطّيخيون...ألخ، لكنّ الكثير منّا يرغب فعلاً في معرفة حقيقة هذه الطائفة بعيداً عن المغالطات الإعلامية : من هم ؟ ماهي معتقداتهم ؟ ما هي طقوسهم ؟ كيف شكلهم ؟ هل يقدمون القرابين البشرية ؟ هل يمارسون الجنس مع الأموات ؟ ماذا تعني رموزهم و أشكالهم ؟...لماذا يعبدون الشيطان و ما الذي يدفعهم إلى ذلك ؟.
أسئلة كثيرة تدور في خلد كل واحد منّا حول هؤلاء القوم، و قد حاولت الإجابة عنها بشكل وافي و مفصّل في هذه المقالة المتواضعة مبيّناً تاريخهم و فرقهم و طقوسهم و رموزهم و بعض الجرائم المرتبطة بهم، متوخّياً الدقّة العلمية ملتزماً بالحياد قدر الإمكان. فهناك الكثير من الأمور الغريبة و الطقوس المرعبة التي يروّج العديدون أنها مرتبطة بعبدة الشيطان، و قد أخذت على عاتقي تمحيصها و مراجعتها من مصادرهم و تمييز الصحيح من الملفّق حتّى تكون للقراء فكرة واضحة عنهم.
للشيطان أسماء عديدة مثل إبليس أو الحية القديمة، وكلمة شيطان مأخوذة من كلمة "شطن" العبرية ومعناها "المقاوم" وكلمة "إبليس " مأخوذة من كلمة "ديابولوس" اليونانية ومعناها "المفترى".
تتّفق الديانات السماوية الثلاث على أن الله قد خلق الملائكة قبل أن يخلق الإنسان، وأعطاهم حرية إرادة وفرصة اختيار،فاختار الملائكة أن يعيشوا في خضوع لله، وارتباط مستمر به،طائعين له واثقين أنه في يدي الله، السعادة والقداسة والخلود. وذلك فيما عدا واحد منهم و هو إبليس الذي عصى أمر الله و رفض السجود لآدم عندما أًمر بذلك. يقول القرآن الكريم :"وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين" (البقرة - آية)، و يقول الكتاب المقدّس: "كيف سقطت من السماء يا زهرة بنت الصبح. كيف قطعت إلى الأرض يا قاهر الأمم. وأنت قلت في قلبك أصعد إلى السموات، أرفع كرسي فوق كواكب الله، أصير مثل العلى.. لكنك انحدرت إلى الهاوية إلى أسافل الجب" (إشعياء 12:14-15).
يمكن تعريف مصطلح "عبادة الشيطان" من خلال معنيين ؛ عام وخاص ، وهو كما يلي:
المعنى العامّ : وهي تطلق على كل عبادة لا يتوجه بها إلى الله تعالى، فإن كل معصية لله ، هي بمثابة طاعة للشيطان و عبادة له و قد ورد ذلك في الكتب السماوية إذ يقول القرآن الكريم "ألم أعهد لكم يا بني آدم ألاّ تعبدوا الشيطان إنه لكم عدوّ مبين" (أي لا تعبدوه و ذلك بان تطيعوه في معصية الله)، و يقول الكتاب المقدّس :""لا تعطوا إبليس مكاناً" (أف 27:4).
كما يُطلق مصطلح عبادة الشيطان في الكثير من الأدبيات على كل ما هو وثني وحيواني وغريزي عرفه الإنسان ، بدءاً من الصورة الوثنية للقوة التي تحكم العالم ، مروراً بالوضاعة والحسية ، والجنس الحيواني الذي لا يعرف ضوابط أو محاذير...ويلاحظ مما سبق أن الإطلاق العام لعبادة الشيطان يتضمن كل تمرد على الدين والفضيلة ، وما ينافي الدين والأخلاق ، وينزع إلى الوثنية والانحلال وإشباع الغرائز دون ضابط ، إنما هو عبادة وتقرب وإرضاء للشيطان .
المعنى الخاصّ : عبادة الشيطان بمعناها الخاص هي العبادة الحرفية للشيطان و اعتباره بمرتبة الإله الذي يحيي و يميت، يعطي و يمنع، يعاقب و يجازي، مرادها كسب رضاه عبر القيام بطقوس و عبادات و تقديم قرابين.
عبادة الشيطان عبر التاريخ :
إن عبادة الشيطان ليست شيئاً حديثاً كما يظن الكثيرون، وإنما هي قديمة، ضاربة في عمق التاريخ...عبادة الشيطان لها جذور في معظم حضارات العالم ولعل أقدمها كان لدى الفراعنة فكما تشير الكتب أنه كان لديهم إلهين الأول إله الخير وهو ما يعرف بأوزريس والآخر إله الشر ويعرف بـ ست - أحياناً يسمى ساتان- وكلاهما كان مقدس . وكذلك الهنود كان لديهم أكثر من إله من ضمنها إله الشر المعروف بـ شو . و في بابل و أشور تذكر الأساطير أن هناك آلهة النور وآلهة الشر وكانا في صراع دائم .وهناك طوائف عدة تعبد الشيطان منها الشامانية والمانوية تؤمنان بقوة الشيطان وتعبدانه ومازال لهما بعض الأتباع في أواسط آسيا يقدمون له الضحايا والقرابين.
يرى بعض الباحثين أن فكرة عبادة الشيطان ترجع بأصولها إلى الديانة الغنوصية التي انتشرت مع انتشار المسيحية ولدى الغنوصية أن العالم في الحقيقة هو الجحيم , وأنه عالم الشر ولا يمكن أن يخلقه إله خير , وهم يعتبرون أن كل القصص التي تتحدث عن الخلق في الديانات السماوية مغلوط
الحضارة الفرعونية :
امتازت الديانات القديمة في مصر، بميزتين هامتين، من بين مزاياها المختلفة، وهما:
1 - التمييز الواضح بين الخير والشر ، ونسبة كل منهما لخالق مغاير .
2 - الإيمان بالبعث والجزاء ، وإن كان بغير ما جاءت به الشرائع السماوية.
نظراً لتعدد الآلهة وكثرتها في الحضارة الفرعونية ، فقد تعددت آلهة الشر عندهم ،فنجد أن " أبيب الذي كانوا يرسمونه في صورة حية ملتوية تحمل في كل طية من جسمها مدية ماضية ، وتكمن للشمس بعد المغيب ، فلا يزال إله الشمس " رع " في حرب معها ومع شياطينها ا لسود والحمر إلى أن يهزمها قبيل الصباح فيعود إلى الشروق " فهو يمثل آلهة الشر – الشيطان ، كذلك عبد المصريون الآلهة "حاتمور أو حاتحور" التي تم تكليفها بمعاقبة البشر لاستنكافهم عن عبادة الإله " رع " ، فانقضت تلاحق البشر في كل مكان تطعن وتقتل وتسفك الدماء ، فعبدوها اتقاء شرها. ولكن أشهر من مثّل الشر أو الشيطان في حضارة الفراعنة هو الإله " ست " الشرير الذي قتل شقيقه " أوزوريس " إله الخير والمحبة الذي أحبه الناس وكان " ست " يعد إله الأرواح الخبيثة وملك الموت والدمار ، كما كان المسئول عن كل الشرور التي تصيب أرض مصر وشعبها ،فقد كان بمقدور كل مصري في عهد الأسرة المتأخرة أن يقص كيف غضب " ست " إله الجفاف الخبيث ، الذي أيبس الزرع بأنفاسه المحرقة ، كيف غضب هذا الإله الخبيث من أوزير " النيل " لأنه يزيد بفيضه من خصب الأرض ، فقتله وحكم بجفافه الجبار في مملكة أوزير ، ورغم أن الفراعنة نسبوا إلى " ست " وزر كل الآفات والأزمات أو حتى الهزائم ونقص الثروة ، إلا أنهم عبدوه ، وكانت تلك العبادة في الغالب خوفاً منه واتقاءاً لشره ، وليس محبة فيه .\
الحضارة الهندية القديمة :
على الرغم من كثرة العقائد والديانات التي مرت على الهند أو استقرت فيها ، وعلى الرغم من الكثرة المفرطة للملل والآلهة هناك ، إلا أن الإيمان بثنوية الكون والخلق – الذي يعني عندهم ثنوية الآلهة - ، يكاد يكون قاسماً مشتركاً بين معظم تلك الملل والعقائد والديانات ، خاصة وأن الهنود لم يسبقهم شعب قط في اعترافهم اعترافاً واضحاً بأن الشر يتوازن مع الخير ، لذا فالديانة البرهمية تؤمن بثالوث من الآلهة هم : براهما " الخالق "، "فشنو" إله الخير والفضيلة ، و " شيفا " إله الشر المدمر ، ولأن " براهما " ليس له مهمة إلا الخلق ، فقد كان مهملا ً في شعائر العبادة الفعلية، أما " عبادة " شيفا " فهي من أقدم وأعمق وأبشع العناصر التي منها تتألف الديانة الهندية ، فعلى الرغم من أنه إله القسوة والتدمير المولوِل الصارخ المصحوب بالعاصفة ، وله القدرة على التحكم في المرض وهو إله مرعب، لذلك كان يجب استرضاؤه حتى في إطلاق الاسم عليه " فإن كلمة " شيفا " لفظة أريد بها التخفيف من بشاعة الإله ، فالكلمة " شيفا " معناها الحرفي " العطوف" وتعدى الأمر ذلك حيث أصبح " شيفا " مركزاً للعبادة ، بل ظهرت فرق خاصة لعبادته ، مثل فرقة " حملة الجماجم " ، والتي كانت طقوسهم في العبادة تشمل شرب الخمر ، وأكل اللحوم وممارسة الجنس. وكان لكل إله من الآلهة " شاكتي " أي زوجة أو قرينة ، وكانت " كالي " هي زوجة "شيفا " ، وكانت هي أيضاً موضع عبادة عند جماعات من الهنود ، رغم أن صورتها عند عامة الناس شبح أسود بفم مفغور ، ولسان متدلٍ تزدان بالأفاعي ، وترقص على جثة ميتة، وأقراطها رجال موتى ، وعقدها سلسلة من الجماجم ، ووجهها وثدياها تلطخها الدماء ، ومن أيديها الأربعة يدان تحملان سيفاً ورأساً مبتوراً !! ، وقد كانت عبادتها أيضاً ذات طقوس وحشية ، كثيراً ما يتضمن تضحية بشرية ، بل إن جماعة " الخناقين " استمرت أكثر من ستة قرون تتعبد للإله " كالي " بخنق ضحاياها. ومما يثير الانتباه أن بعض تلك الطقوس لا زالت تمارسها بعض جماعات عبدة الشيطان إلى يومنا هذا، كطقوس الجنس الجماعي ، والتضحية الحيوانية، والرقص على جثث الموتى، والتزين بسلاسل وأقراط الجماجم ، وتلطيخ الأجساد بالدماء ، كما سيأتي في هذه المقالة .
يتبع
كثير منّاً قد سمع حتماً عن ظاهرة عبدة الشيطان، و لكن القليل من يعرف شيئاً عن هذه الجماعة نظراً لشحّ المعلومات عنها بالعربية و ارتباطها بأفكار و تصوّرات ممزوجة بسوء الفهم، فتارة هم جزء من مؤامرة يهودية عملاقة على العالم و تارة هم عملاء للموساد و تارة هم ماسونيون و مازوشيون و بطّيخيون...ألخ، لكنّ الكثير منّا يرغب فعلاً في معرفة حقيقة هذه الطائفة بعيداً عن المغالطات الإعلامية : من هم ؟ ماهي معتقداتهم ؟ ما هي طقوسهم ؟ كيف شكلهم ؟ هل يقدمون القرابين البشرية ؟ هل يمارسون الجنس مع الأموات ؟ ماذا تعني رموزهم و أشكالهم ؟...لماذا يعبدون الشيطان و ما الذي يدفعهم إلى ذلك ؟.
أسئلة كثيرة تدور في خلد كل واحد منّا حول هؤلاء القوم، و قد حاولت الإجابة عنها بشكل وافي و مفصّل في هذه المقالة المتواضعة مبيّناً تاريخهم و فرقهم و طقوسهم و رموزهم و بعض الجرائم المرتبطة بهم، متوخّياً الدقّة العلمية ملتزماً بالحياد قدر الإمكان. فهناك الكثير من الأمور الغريبة و الطقوس المرعبة التي يروّج العديدون أنها مرتبطة بعبدة الشيطان، و قد أخذت على عاتقي تمحيصها و مراجعتها من مصادرهم و تمييز الصحيح من الملفّق حتّى تكون للقراء فكرة واضحة عنهم.
للشيطان أسماء عديدة مثل إبليس أو الحية القديمة، وكلمة شيطان مأخوذة من كلمة "شطن" العبرية ومعناها "المقاوم" وكلمة "إبليس " مأخوذة من كلمة "ديابولوس" اليونانية ومعناها "المفترى".
تتّفق الديانات السماوية الثلاث على أن الله قد خلق الملائكة قبل أن يخلق الإنسان، وأعطاهم حرية إرادة وفرصة اختيار،فاختار الملائكة أن يعيشوا في خضوع لله، وارتباط مستمر به،طائعين له واثقين أنه في يدي الله، السعادة والقداسة والخلود. وذلك فيما عدا واحد منهم و هو إبليس الذي عصى أمر الله و رفض السجود لآدم عندما أًمر بذلك. يقول القرآن الكريم :"وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين" (البقرة - آية)، و يقول الكتاب المقدّس: "كيف سقطت من السماء يا زهرة بنت الصبح. كيف قطعت إلى الأرض يا قاهر الأمم. وأنت قلت في قلبك أصعد إلى السموات، أرفع كرسي فوق كواكب الله، أصير مثل العلى.. لكنك انحدرت إلى الهاوية إلى أسافل الجب" (إشعياء 12:14-15).
يمكن تعريف مصطلح "عبادة الشيطان" من خلال معنيين ؛ عام وخاص ، وهو كما يلي:
المعنى العامّ : وهي تطلق على كل عبادة لا يتوجه بها إلى الله تعالى، فإن كل معصية لله ، هي بمثابة طاعة للشيطان و عبادة له و قد ورد ذلك في الكتب السماوية إذ يقول القرآن الكريم "ألم أعهد لكم يا بني آدم ألاّ تعبدوا الشيطان إنه لكم عدوّ مبين" (أي لا تعبدوه و ذلك بان تطيعوه في معصية الله)، و يقول الكتاب المقدّس :""لا تعطوا إبليس مكاناً" (أف 27:4).
كما يُطلق مصطلح عبادة الشيطان في الكثير من الأدبيات على كل ما هو وثني وحيواني وغريزي عرفه الإنسان ، بدءاً من الصورة الوثنية للقوة التي تحكم العالم ، مروراً بالوضاعة والحسية ، والجنس الحيواني الذي لا يعرف ضوابط أو محاذير...ويلاحظ مما سبق أن الإطلاق العام لعبادة الشيطان يتضمن كل تمرد على الدين والفضيلة ، وما ينافي الدين والأخلاق ، وينزع إلى الوثنية والانحلال وإشباع الغرائز دون ضابط ، إنما هو عبادة وتقرب وإرضاء للشيطان .
المعنى الخاصّ : عبادة الشيطان بمعناها الخاص هي العبادة الحرفية للشيطان و اعتباره بمرتبة الإله الذي يحيي و يميت، يعطي و يمنع، يعاقب و يجازي، مرادها كسب رضاه عبر القيام بطقوس و عبادات و تقديم قرابين.
عبادة الشيطان عبر التاريخ :
إن عبادة الشيطان ليست شيئاً حديثاً كما يظن الكثيرون، وإنما هي قديمة، ضاربة في عمق التاريخ...عبادة الشيطان لها جذور في معظم حضارات العالم ولعل أقدمها كان لدى الفراعنة فكما تشير الكتب أنه كان لديهم إلهين الأول إله الخير وهو ما يعرف بأوزريس والآخر إله الشر ويعرف بـ ست - أحياناً يسمى ساتان- وكلاهما كان مقدس . وكذلك الهنود كان لديهم أكثر من إله من ضمنها إله الشر المعروف بـ شو . و في بابل و أشور تذكر الأساطير أن هناك آلهة النور وآلهة الشر وكانا في صراع دائم .وهناك طوائف عدة تعبد الشيطان منها الشامانية والمانوية تؤمنان بقوة الشيطان وتعبدانه ومازال لهما بعض الأتباع في أواسط آسيا يقدمون له الضحايا والقرابين.
يرى بعض الباحثين أن فكرة عبادة الشيطان ترجع بأصولها إلى الديانة الغنوصية التي انتشرت مع انتشار المسيحية ولدى الغنوصية أن العالم في الحقيقة هو الجحيم , وأنه عالم الشر ولا يمكن أن يخلقه إله خير , وهم يعتبرون أن كل القصص التي تتحدث عن الخلق في الديانات السماوية مغلوط
الحضارة الفرعونية :
امتازت الديانات القديمة في مصر، بميزتين هامتين، من بين مزاياها المختلفة، وهما:
1 - التمييز الواضح بين الخير والشر ، ونسبة كل منهما لخالق مغاير .
2 - الإيمان بالبعث والجزاء ، وإن كان بغير ما جاءت به الشرائع السماوية.
نظراً لتعدد الآلهة وكثرتها في الحضارة الفرعونية ، فقد تعددت آلهة الشر عندهم ،فنجد أن " أبيب الذي كانوا يرسمونه في صورة حية ملتوية تحمل في كل طية من جسمها مدية ماضية ، وتكمن للشمس بعد المغيب ، فلا يزال إله الشمس " رع " في حرب معها ومع شياطينها ا لسود والحمر إلى أن يهزمها قبيل الصباح فيعود إلى الشروق " فهو يمثل آلهة الشر – الشيطان ، كذلك عبد المصريون الآلهة "حاتمور أو حاتحور" التي تم تكليفها بمعاقبة البشر لاستنكافهم عن عبادة الإله " رع " ، فانقضت تلاحق البشر في كل مكان تطعن وتقتل وتسفك الدماء ، فعبدوها اتقاء شرها. ولكن أشهر من مثّل الشر أو الشيطان في حضارة الفراعنة هو الإله " ست " الشرير الذي قتل شقيقه " أوزوريس " إله الخير والمحبة الذي أحبه الناس وكان " ست " يعد إله الأرواح الخبيثة وملك الموت والدمار ، كما كان المسئول عن كل الشرور التي تصيب أرض مصر وشعبها ،فقد كان بمقدور كل مصري في عهد الأسرة المتأخرة أن يقص كيف غضب " ست " إله الجفاف الخبيث ، الذي أيبس الزرع بأنفاسه المحرقة ، كيف غضب هذا الإله الخبيث من أوزير " النيل " لأنه يزيد بفيضه من خصب الأرض ، فقتله وحكم بجفافه الجبار في مملكة أوزير ، ورغم أن الفراعنة نسبوا إلى " ست " وزر كل الآفات والأزمات أو حتى الهزائم ونقص الثروة ، إلا أنهم عبدوه ، وكانت تلك العبادة في الغالب خوفاً منه واتقاءاً لشره ، وليس محبة فيه .\
الحضارة الهندية القديمة :
على الرغم من كثرة العقائد والديانات التي مرت على الهند أو استقرت فيها ، وعلى الرغم من الكثرة المفرطة للملل والآلهة هناك ، إلا أن الإيمان بثنوية الكون والخلق – الذي يعني عندهم ثنوية الآلهة - ، يكاد يكون قاسماً مشتركاً بين معظم تلك الملل والعقائد والديانات ، خاصة وأن الهنود لم يسبقهم شعب قط في اعترافهم اعترافاً واضحاً بأن الشر يتوازن مع الخير ، لذا فالديانة البرهمية تؤمن بثالوث من الآلهة هم : براهما " الخالق "، "فشنو" إله الخير والفضيلة ، و " شيفا " إله الشر المدمر ، ولأن " براهما " ليس له مهمة إلا الخلق ، فقد كان مهملا ً في شعائر العبادة الفعلية، أما " عبادة " شيفا " فهي من أقدم وأعمق وأبشع العناصر التي منها تتألف الديانة الهندية ، فعلى الرغم من أنه إله القسوة والتدمير المولوِل الصارخ المصحوب بالعاصفة ، وله القدرة على التحكم في المرض وهو إله مرعب، لذلك كان يجب استرضاؤه حتى في إطلاق الاسم عليه " فإن كلمة " شيفا " لفظة أريد بها التخفيف من بشاعة الإله ، فالكلمة " شيفا " معناها الحرفي " العطوف" وتعدى الأمر ذلك حيث أصبح " شيفا " مركزاً للعبادة ، بل ظهرت فرق خاصة لعبادته ، مثل فرقة " حملة الجماجم " ، والتي كانت طقوسهم في العبادة تشمل شرب الخمر ، وأكل اللحوم وممارسة الجنس. وكان لكل إله من الآلهة " شاكتي " أي زوجة أو قرينة ، وكانت " كالي " هي زوجة "شيفا " ، وكانت هي أيضاً موضع عبادة عند جماعات من الهنود ، رغم أن صورتها عند عامة الناس شبح أسود بفم مفغور ، ولسان متدلٍ تزدان بالأفاعي ، وترقص على جثة ميتة، وأقراطها رجال موتى ، وعقدها سلسلة من الجماجم ، ووجهها وثدياها تلطخها الدماء ، ومن أيديها الأربعة يدان تحملان سيفاً ورأساً مبتوراً !! ، وقد كانت عبادتها أيضاً ذات طقوس وحشية ، كثيراً ما يتضمن تضحية بشرية ، بل إن جماعة " الخناقين " استمرت أكثر من ستة قرون تتعبد للإله " كالي " بخنق ضحاياها. ومما يثير الانتباه أن بعض تلك الطقوس لا زالت تمارسها بعض جماعات عبدة الشيطان إلى يومنا هذا، كطقوس الجنس الجماعي ، والتضحية الحيوانية، والرقص على جثث الموتى، والتزين بسلاسل وأقراط الجماجم ، وتلطيخ الأجساد بالدماء ، كما سيأتي في هذه المقالة .
يتبع
تعليق