يقول الباحث عبد الكريم السمك
إن الزائر لشعبة النقود القديمة في المتحف البريطاني يشاهد فيها قطعة نقدية ذهبية، عثر عليها سنة 1841م، وهي تعود في تاريخ تداولها إلى حاكم بريطانيا الملك (أوفا OFFA)، الذي حكم بريطانيا في سنة 140- 180هـ/ 757- 796م، أي حوالي أربعين سنة، وكان حاكماً قوياً، ولا زالت العديد من الأوابد في بريطانيا تعود في تاريخ بنائها إلى عهده.
وقد حيرت هذه القطعة النقدية علماء التاريخ ونقاده من الإنجليز وغيرهم، فمضوا في طرح العديد من الأسئلة عن هذا الملك إن كان قد مات مسلماً وهو يحكم بريطانيا؟ وقد دفعت الحيرة هؤلاء العلماء بسبب القضية المعنية بالعبارات الإسلامية التي حوتها هذه القطعة النقدية، ففي وسط أحد وجهي القطعة توجد كتابة باللغة العربية هي: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له) وفي الحافة (محمد رسول الله) ثم (أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله).
أما في وسط الوجه الثاني فقد كتب باللغة العربية أيضاً: (محمد رسول الله) وفي وسط هذه الجملة كتب بالإنجليزية (OFFA-Rex) أي الملك أوفا، وفي الحافة كتب بالعربية (بسم الله ضرب هذا "الدينير"، سبع وخمسين ومائة). بالتقويم الهجري الإسلامي.
وقد أجريت دراسات على القطعة النقدية بالنقد الباطني السلبي المعني بالتحليل الكيماوي لعناصر المعدن، والتحليل الذري، كما تم دراستها بالنقد الظاهري الإيجابي المعني بصورة الملك ومواصفات النقد، وقد ثبتت صحتها وأقيمت العديد من الندوات العلمية والمحاضرات عنها وطرحت فرضيات: منها وأهمها أن يكون الملك (أوفا) (OFFA) قد مات مسلماً، وهنا تتجلى لنا أهمية النقد في تكوين التاريخ وتوثيقه.
تعليق