مسافرون عبر الزمن
يقول علما الفيزياء مثل البرت آينستاين, و ستيفن هوكينغ ان السفر عبر الزمن أمر ممكن و قابل للحدوث, لكن المشكلة هي أن العلم لم يتمكن من تحقيقه. لكن هل ستستطيع الطبيعة ذلك؟
في الطريق إلى الماضي
أنهى السيد إلسي وشريكه رجل الأعمال تشارلي غدائهما في مطعم يقع في بلدة صغيرة من آبفيل جنوب غرب لويزيانا, ثم انطلقا بالسيارة عند الساعة الواحدة و النصف متجهين شمالاً على طول الطريق السريع 167 الى مدينة لافاييت التي تبعد حوالي 15 ميلا حيث مركز النفط, بينما ظلا منهمكين في مناقشة أمور العمل.
كان ذلك في العشرين من أكتوبر عام 1969. كانت السماء زرقاء صافية, و الجو بارداً بشكل لطيف, و بالطبع مْثًل ذلك للرجلين كل الشروط المناسبة ليقوما بإنزال نوافذ السيارة أثناء القيادة لوجهتهما المنشودة. انطلقت السيارة على الطريق السريع من دون أية عراقيل لخلوه تماماً من الحركة المرورية, حتى لاحظا على مسافة قريبة الى حد ما سيارة قديمة من نوع (فولكس فاجن) تسير إمامهما ببطء. و عندما اقتربا أكثر من هذه السيارة تحول حديثهما من مجال العمل إلى تلك السيارة القديمة التي لاحظا أنها على الرغم من كونها قديمة جداً إلا انها كانت في حالة جيدة, بطريقة أثارت إعجاب كلا الرجلين.
قررا ان يتجاوزا السيارة لأنها كانت بطيئة, ولكن عند الاقتراب أكثر رأى تشارلي ان يخفف السرعة ليتأملا السيارة و حالتها الممتازة, فشاهدا لوحة السيارة ذات اللون الذهبي المشرق مطبوع عليها بشكل واضح العام 1940. كان ذلك أمر مثير للاستغراب, بالإضافة الى انه يعتبر أمرا خارقا للقانون, إلا في حالة أن صاحب السيارة قد استصدر ترخيصا يمنحه صلاحية التجول بلوحة قديمة من أجل المسيرات الاحتفالية و الاستعراضات الوطنية.
قام تشارلي بتجاوز السيارة لتصبح على اليمين من سيارتهما, فلاحظ السيد إلسي الذي كان يجلس في مقعد الراكب ان امرأة شابة تقود تلك السيارة القديمة وكانت ترتدي ما بدا له انه ملابس قديمة من طراز الأربعينات, فقد كانت تلبس معطفا من الفرو و تعتمر قبعة ذات ريشة طويلة ملونة, وهذا لباس لم يكن الناس عام 1969 معتادين رؤيته على النساء.
على المقعد المجاور لها كان يجلس صبي صغير، أو ربما فتاة صغيرة, فقد كان جنس الطفل صعب التحديد لأنه كان يرتدى معطفا ثقيلا جدا وقبعة. كانت نوافذ سيارتها مغلقة, و هذا ما حير إلسي, بالرغم من أن درجة الحرارة كانت منخفضة و الجو كان بارداً , لكنه كان لطيفاً و كنزه خفيفة ستكون كافية.
تحول انتباه الرجلين إلى تعابير الخوف والهلع التي كانت ترتسم على وجهها, و سمح خلو الطريق من أي حركة للمرور في كلا الاتجاهين لتشارلي ان يقترب ببطء ليصبحا بمحاذاتها, فتمكنا من رؤيتها و هي تنظر برعب جيئةً و ذهابا كما لو كانت تائهة أو في حاجة للمساعدة بشكل عاجل و بدا أنها على وشك البكاء و الدموع ستطفر من عينيها في أية لحظة.
سألها إلسي الذي كان أقرب إليها و هو يصرخ بصوت عالٍ ما اذا كانت في حاجة للمساعدة, فأومأت له بنعم, وهي تنظر بحيرة الى سيارتهما و كأنها تراها لأول مرة. فأشار لها بأن تتوقف على جانب الطريق, و أضطر الى إعادة ذلك عدة مرات و هو يشير بيديه و يحاول ان يتكلم بالكلمات على شفتيه لان نوافذ سيارتها كانت مغلقة مما جعل من الصعب عليها ان تسمعه. ثم شاهداها وهي تقوم بإيقاف سيارتها على جانب الطريق فتجاوزاها لكي يوقفا سيارتهما أمامها بشكل آمن.
وصلا إلى رأس الطريق و أوقفا سيارتهما, و عندما التفتا إلى الخلف, لم تكن السيارة القديمة هناك فأثار ذلك دهشة كلا الرجلين لأنهما شاهدا المرأة تقف بسيارتها أمامهما, ثم إنهم كانوا جميعاً على طريق سريع حيث لا طرق جانبية و لا مكان على طول الطريق يمكن به إخفاء سيارة. لقد اختفت السيارة براكبيها بكل بساطة.
عاد تشارلي و إلسي إلى سيارتهما و هما ينظران إلى الطريق الخالية في حيرة من أمرهما, و كان من الجلي بالنسبة لهما أن البحث عن هذه السيارة ليس امرأ ممكنا. خلال ذلك توقف رجل كان يقود سيارته خلف المرأة, فركض صوبهما و سأل مستغرباً ما الذي حدث للسيارة التي كانت تسير أمامه. و أخبرهما أنه كان يقود سيارته متجهاً شمالاً على الطريق 167 عندما رأى على مسافة معينة سيارة جديدة تتجاوز ببطء سيارة قديمة, ثم رأى السيارة الجديدة تتوقف على رأس الطريق و كذلك توقفت السيارة القديمة, و للحظات حجبت الرؤية عن السيارة الجديدة ثم اختفت فجأة فلم يعد هناك الا السيارة الجديدة التي كانت السيارة القديمة تحجب الرؤية عنها.
كان الرجل يائساً ليجد تفسيراً منطقياً لما رآه, فأفترض ان هناك حادثاً وقع للمرأة. بعد ان تناقش الرجال الثلاثة حول ما رآه كل منهم, مشط الرجال المنطقة لمدة ساعة, ثم أصر الرجل الثالث و الذي كان من خارج الولاية ان يتم إبلاغ الشرطة بما حدث, قائلاً بأنه يشعر بأن هذه قضية شخص مفقود كانوا هم شهوداً عليها, فرفض تشارلي و إلسي ذلك لأنه ليس لديهم أية فكرة إلى أين ذهبت المرأة و الطفل الذي كان معها.
قرر الرجل أخيراً انه من دون مساعدتهما لن يقوم لوحده بإبلاغ الشرطة عما رآه, خوفاً ان يتم التشكيك بصحته العقلية. و تبادل مع تشارلي و إلسي أرقام هواتفهم و عناوينهم, و ظل على اتصال معهم لمدة طويلة, و يتحدثون خلال اتصالاتهم عن تلك الحادثة, و هو يؤكد لهم أنه واثق مما رآه.
ماذا لو كانت تلك المرأة من الماضي و جاءت للحاضر, و هي الآن سيدة مسنة؟ و ماذا لو انه في ذلك اليوم كانت هي من تقود سيارتها بدلا من تشارلي و إلسي خلف السيارة القديمة, فهل كانت هذه السيدة المسنة ستقابل نفسها؟. ماذا لو أنها جاءت من الماضي إلى المستقبل و لم ترجع إلى ماضيها. سوف تحتار صحف ذلك الزمان حول امرأة اختفت مع طفلها في يوم بارد من شهر أكتوبر؟ و يستمر البحث عنها بينما هي و طفلها يسافران عبر الزمن جيئة وذهابا إلى الأبد.
شاهدا غارة جوية من المستقبل
في عام 1932, تم تكليف الصحافي بيرنارد هوتون و المصور جوكيم برانديت للقيام بتحقيق صحفي عن بناء السفن و تصليحها في مدينة هامبورغ في ألمانيا. ذهبا بالسيارة الى هناك, و قاما بإجراء مقابلات مع بعض المدراء التنفيذيين و بعض العمال, ثم انهيا مهمتهما في وقت متأخر من ظهيرة ذلك اليوم.
بينما كانا يهمان بالمغادرة, سمعا أصوات لا لبس فيها لمحركات طائرات تعمل بدون طيار, فلما نظرا إلى أعلى وجدا أن سماء المدينة كانت مغطاة بالطائرات الحربية. ثم سمعا مدفعيات المدينة المضادة للطائرات تقوم بإطلاق النار في الوقت الذي بدأت فيه القنابل تنفجر من حولهم.
بعد لحظات قصيرة تلت ذلك، تحولت المنطقة الى جحيم يستعر حينما كانت خزانات الوقود تتعرض للقصف. وكانت مستودعات منطقة الأحواض تنهار بفعل تعرضها لمواد شديدة الانفجار, و رافعات أحواض السفن تتحول إلى قطع من الخردة.
أدرك هوتون وبرانديت أن ذلك لم يكن تدريبا عسكرياً. فأسرعا إلى السيارة بينما كانت المدفعيات تقصف الطائرات المعادية التي كانت ترسل القنابل من السماء. أثناء خروجهما من البوابة, سأل هوتون الحارس إذا كان هناك شيء يمكنهما القيام به من اجل المساعدة, لكنه طلب منهما ان يغادرا المنطقة حالاً.
قام برانديت بالتقاط الصور خلال كامل الغارة الجوية, و بعد أن قام بإظهارها, لم يكن فيها شيئاً غير عادي. أظهرت الصور أحواض السفن كما هي عندما وصلا هناك صباحا, لم يكن فيها أية أدلة على حدوث أمطار من القنابل المتفجرة قامت أية طائرات معادية بإلقائها لتدمر المنطقة, كما شهدا ذلك.
قام المحرر في الصحيفة بدراسة الصور التي التقطها برانديت لكنه كان متعجباً من إصراره هو وهوتون أنهما شهدا غارة جوية والتقطا لها الصور, رفض قبول قصتهما و شك بأنهما قبل عودتهما الى المكتب توقفا في إحدى الحانات وتناولا مشروباً, مما جعلهما يتخيلان الغارة.
غادر هوتون إلى لندن قبيل بداية الحرب العالمية الثانية و استقر هناك. و في أحد الأيام من عام 1943 كان يطالع الصحف, فرأى خبراً في إحداها يتحدث عن غارة ناجحة قام بها سرب طائرات يعود للقوات الملكية الجوية البريطانية على حوض السفن في هامبورغ, فشعر برعشة تسري في أوصاله عند رؤيته للصور. كانت مشاهد الدمار مطابقة تماما لتلك التي رآها هو و برانديت خلال زيارتهما لحوض السفن في ربيع 1932.
لم يكن هناك إلا اختلاف واحد فقط وهو أن هوتون و برانديت شهدا الحادث قبل وقوعه بإحدى عشرة عاما.
البيت الأبيض
وصلت سيارة الفورد بيك أب التي كانت تقل كارل و مايك و غوردون الى مرعى للماشية بالقرب من مدينة بونكان في ولاية أوكلاهوما في أوائل خريف 1971 و توقفت أمام البوابة, كان الرجال الثلاثة يعملون لدى شركة تختص بتوزيع علف الماشية قامت بإرسالهم إلى تلك المنطقة النائية لجلب حاوية أعلاف من هناك. لكن ما رأوه هناك جعلهم يلتزمون الصمت لمدة 41 عاما
كانت البوابة عبارة عن أسلاك شائكة فقط دون أقفال, فتحوها ثم دخلوا إلى الملكية الخاصة التي كانت مغطاة بالأعشاب النامية بفعل الإهمال وتقادم الزمن بحيث أنها كانت تصل إلى غطاء الشاحنة و تتجاوزه, و رغم ذلك قاد الرجال شاحنتهم خلال تلك الأعشاب الطويلة إلى أن وصلوا إلى خزانٍ موضوع بالقرب من حظيرة مطلية باللون الأحمر و ترجلوا من الشاحنة ليقوموا بحمل الخزان. لكن لم يتمكنوا من حمله إلى الشاحنة لأنه كان نصف ممتلئ فقرروا أن يغادروا المكان و يعلموا رئيسهم بذلك.
عندما قادوا شاحنتهم ليخرجوا من المكان, استداروا من حول الحظيرة فوجدوا على التل أمامهم منزلاً أبيضاً كبيراً مكوناً من طابقين, و لم تكن أنواره مضاءة.
عاد الثلاثة إلى شركة الأعلاف و أخبروا رئيسهم عدم تمكنهم من حمل الخزان, ثم أخبرهم رئيسهم لاحقاً في تلك الليلة انه قام بإفراغ الخزان وأنهم يمكنهم العودة لإحضاره في الغد. بالفعل عادوا إلى ذلك المكان في الليلة التالية, و يقول كارل" أننا قررنا أن نحضر بنادقنا و أن نتحقق من المنزل الأبيض القديم عندما نصل إلى هناك"
قادوا خلال الملكية الخاصة متخذين ذات الطريق الذي سلكوه بالأمس, و من ثم قاموا بتحميل الخزان, بعد ان انتهوا من ذلك قادوا شاحنتهم ملتفين حول الحظيرة . لكن ما شاهدوه انطبع في ذاكرتهم سنين طويلة.
يقول كارل" صعدنا التل, لكن لم يكن ذلك المنزل الذي رأيناه في الليلة الفائتة هناك, ليس هناك أية علامات على هدمه و لا يوجد اثر لقواعده, لا يوجد شيء على الإطلاق, ما شهدنا ووجوده جميعا الليلة الماضية لم يعد موجوداً, لقد تحدثنا مع بعضنا على مر السنوات, لكن لم يتمكن أحد منا ان يقدم تفسيراً لما رأيناه).
أربع سنوات إلى المستقبل
كان الشاب جيك خارج منزل والديه الواقع في بحيرة أوزاركس في ولاية ميزوري عند العاشرة مساءً, يقف متكئا على شاحنته, و ينظر الى أضواء الشفق القطبي التي تلون السماء في الثامن والعشرين من شهر مايو عام 2004, و هو لا يعلم أن حياته على وشك أن تتغير الى الأبد.
سطع نور ابيض في السماء امتلأ به كامل الأفق الشمالي , لم يكن ابداً مثل الأنوار الحمراء و الخضراء للشفق القطبي التي كان جيك يطالعها, ولم يتشكل مثلما تفعل. كان ذلك النور يتحرك مثل ضوء آلة النسخ, إذ مر شريط من البريق الساطع من فوق رأس جيك متجهاً من الغرب إلى الشرق ثم اختفى. عندما رأى جيك ذلك اعتقد أنه يجب ان يدخل الى المنزل ليكون آمناً, و لكن عندما هم بذلك أدرك أنه لا يستطيع, فقد نما خدر في ذراعيه وساقيه, و أغمي عليه بعد ذلك.
ظل مغمى عليه ما يقارب الساعة وعندما أفاق من إغماءته شعر انه مشوش الذهن ومخدرا تقريبا, و كان عاجزاً عن إدراك الوقت. دخل جيك الى المنزل و استغرقه الأمر معظم الليل ليخبر والديَه بما حدث. و كان مقتنعا أن هناك خطأ بالتقويم و ظل طوال الوقت يقنعهما بذلك و يصر على أن السنة لابد أن تكون بعد العام 2008.
يقول جيك "وحتى يومنا هذا، تذكر والدتي أجزاء من هذه الحادثة، ويرجع ذلك أساسا في وجهة نظرها الى نقطة واحدة و هي انني تساءلت:" هل الرئيس رجل أسود؟ ".
الرجل الغريب
خرج كيل من متجر تابع لإحدى محطات الوقود و لما هم بفتح باب سيارته الشيفرولي من طراز1999 و التي أوقفها بجانب المتجر, فإذا برجل ضخم جداً رأسه بحجم ثمرة البطيخ يخاطبه فجأة, صاح بكيل متسائلا "أي عام هذا؟". كان الرجل يقف في بقعة مر بها كيل قبل ثواني معدودة من مغادرته للمتجر, لكنه لم يلحظ انه كان موجوداً هناك, كان يرتدي بذلة رجل أعمال سوداء مصنوعة من نسيج ألياف خام و يقول كيل إنها من طراز الأقمشة التي كان تيدي روزفلت يلبسها. فصاح الرجل مرة أخرى " أي عام هذا؟", كان الرجل في الثلاثين أو الأربعين من عمره , طويلاً أبيضا حليق الذقن, بدا طبيعيا لكنه كان يسأل سؤالاً غريباً, فأجابه كيل إننا في العام 2003, لكن وجهه التوى في غضب, وصرخ بحدة: أي عام هذا؟, فأجابه كيل (مرة أخرى, انه العام 2003), لكنه أعاد السؤال مرة أخرى, فأجابه كيل : لقد أخبرتك انه العام 2003. أشاح كيل بنظره عن الرجل بينما كان يركب سيارته, و عندما أصبح بالداخل نظر الى الرجل ليتفحصه مرة أخرى لكنه قد اختفى.
لقد اختفى الرجل من امام محطة الوقود خلال ثانيتين استغرقتا كيل ليصعد الى سيارته, نظر كيل الى داخل المتجر وهو المكان الوحيد الذي ربما يكون الرجل قد ذهب اليه في هذه الثواني المعدودة لكنه لم يكن هناك. لقد اختفى ببساطة.
يتبع
يقول علما الفيزياء مثل البرت آينستاين, و ستيفن هوكينغ ان السفر عبر الزمن أمر ممكن و قابل للحدوث, لكن المشكلة هي أن العلم لم يتمكن من تحقيقه. لكن هل ستستطيع الطبيعة ذلك؟
في الطريق إلى الماضي
أنهى السيد إلسي وشريكه رجل الأعمال تشارلي غدائهما في مطعم يقع في بلدة صغيرة من آبفيل جنوب غرب لويزيانا, ثم انطلقا بالسيارة عند الساعة الواحدة و النصف متجهين شمالاً على طول الطريق السريع 167 الى مدينة لافاييت التي تبعد حوالي 15 ميلا حيث مركز النفط, بينما ظلا منهمكين في مناقشة أمور العمل.
كان ذلك في العشرين من أكتوبر عام 1969. كانت السماء زرقاء صافية, و الجو بارداً بشكل لطيف, و بالطبع مْثًل ذلك للرجلين كل الشروط المناسبة ليقوما بإنزال نوافذ السيارة أثناء القيادة لوجهتهما المنشودة. انطلقت السيارة على الطريق السريع من دون أية عراقيل لخلوه تماماً من الحركة المرورية, حتى لاحظا على مسافة قريبة الى حد ما سيارة قديمة من نوع (فولكس فاجن) تسير إمامهما ببطء. و عندما اقتربا أكثر من هذه السيارة تحول حديثهما من مجال العمل إلى تلك السيارة القديمة التي لاحظا أنها على الرغم من كونها قديمة جداً إلا انها كانت في حالة جيدة, بطريقة أثارت إعجاب كلا الرجلين.
قررا ان يتجاوزا السيارة لأنها كانت بطيئة, ولكن عند الاقتراب أكثر رأى تشارلي ان يخفف السرعة ليتأملا السيارة و حالتها الممتازة, فشاهدا لوحة السيارة ذات اللون الذهبي المشرق مطبوع عليها بشكل واضح العام 1940. كان ذلك أمر مثير للاستغراب, بالإضافة الى انه يعتبر أمرا خارقا للقانون, إلا في حالة أن صاحب السيارة قد استصدر ترخيصا يمنحه صلاحية التجول بلوحة قديمة من أجل المسيرات الاحتفالية و الاستعراضات الوطنية.
قام تشارلي بتجاوز السيارة لتصبح على اليمين من سيارتهما, فلاحظ السيد إلسي الذي كان يجلس في مقعد الراكب ان امرأة شابة تقود تلك السيارة القديمة وكانت ترتدي ما بدا له انه ملابس قديمة من طراز الأربعينات, فقد كانت تلبس معطفا من الفرو و تعتمر قبعة ذات ريشة طويلة ملونة, وهذا لباس لم يكن الناس عام 1969 معتادين رؤيته على النساء.
على المقعد المجاور لها كان يجلس صبي صغير، أو ربما فتاة صغيرة, فقد كان جنس الطفل صعب التحديد لأنه كان يرتدى معطفا ثقيلا جدا وقبعة. كانت نوافذ سيارتها مغلقة, و هذا ما حير إلسي, بالرغم من أن درجة الحرارة كانت منخفضة و الجو كان بارداً , لكنه كان لطيفاً و كنزه خفيفة ستكون كافية.
تحول انتباه الرجلين إلى تعابير الخوف والهلع التي كانت ترتسم على وجهها, و سمح خلو الطريق من أي حركة للمرور في كلا الاتجاهين لتشارلي ان يقترب ببطء ليصبحا بمحاذاتها, فتمكنا من رؤيتها و هي تنظر برعب جيئةً و ذهابا كما لو كانت تائهة أو في حاجة للمساعدة بشكل عاجل و بدا أنها على وشك البكاء و الدموع ستطفر من عينيها في أية لحظة.
سألها إلسي الذي كان أقرب إليها و هو يصرخ بصوت عالٍ ما اذا كانت في حاجة للمساعدة, فأومأت له بنعم, وهي تنظر بحيرة الى سيارتهما و كأنها تراها لأول مرة. فأشار لها بأن تتوقف على جانب الطريق, و أضطر الى إعادة ذلك عدة مرات و هو يشير بيديه و يحاول ان يتكلم بالكلمات على شفتيه لان نوافذ سيارتها كانت مغلقة مما جعل من الصعب عليها ان تسمعه. ثم شاهداها وهي تقوم بإيقاف سيارتها على جانب الطريق فتجاوزاها لكي يوقفا سيارتهما أمامها بشكل آمن.
وصلا إلى رأس الطريق و أوقفا سيارتهما, و عندما التفتا إلى الخلف, لم تكن السيارة القديمة هناك فأثار ذلك دهشة كلا الرجلين لأنهما شاهدا المرأة تقف بسيارتها أمامهما, ثم إنهم كانوا جميعاً على طريق سريع حيث لا طرق جانبية و لا مكان على طول الطريق يمكن به إخفاء سيارة. لقد اختفت السيارة براكبيها بكل بساطة.
عاد تشارلي و إلسي إلى سيارتهما و هما ينظران إلى الطريق الخالية في حيرة من أمرهما, و كان من الجلي بالنسبة لهما أن البحث عن هذه السيارة ليس امرأ ممكنا. خلال ذلك توقف رجل كان يقود سيارته خلف المرأة, فركض صوبهما و سأل مستغرباً ما الذي حدث للسيارة التي كانت تسير أمامه. و أخبرهما أنه كان يقود سيارته متجهاً شمالاً على الطريق 167 عندما رأى على مسافة معينة سيارة جديدة تتجاوز ببطء سيارة قديمة, ثم رأى السيارة الجديدة تتوقف على رأس الطريق و كذلك توقفت السيارة القديمة, و للحظات حجبت الرؤية عن السيارة الجديدة ثم اختفت فجأة فلم يعد هناك الا السيارة الجديدة التي كانت السيارة القديمة تحجب الرؤية عنها.
كان الرجل يائساً ليجد تفسيراً منطقياً لما رآه, فأفترض ان هناك حادثاً وقع للمرأة. بعد ان تناقش الرجال الثلاثة حول ما رآه كل منهم, مشط الرجال المنطقة لمدة ساعة, ثم أصر الرجل الثالث و الذي كان من خارج الولاية ان يتم إبلاغ الشرطة بما حدث, قائلاً بأنه يشعر بأن هذه قضية شخص مفقود كانوا هم شهوداً عليها, فرفض تشارلي و إلسي ذلك لأنه ليس لديهم أية فكرة إلى أين ذهبت المرأة و الطفل الذي كان معها.
قرر الرجل أخيراً انه من دون مساعدتهما لن يقوم لوحده بإبلاغ الشرطة عما رآه, خوفاً ان يتم التشكيك بصحته العقلية. و تبادل مع تشارلي و إلسي أرقام هواتفهم و عناوينهم, و ظل على اتصال معهم لمدة طويلة, و يتحدثون خلال اتصالاتهم عن تلك الحادثة, و هو يؤكد لهم أنه واثق مما رآه.
ماذا لو كانت تلك المرأة من الماضي و جاءت للحاضر, و هي الآن سيدة مسنة؟ و ماذا لو انه في ذلك اليوم كانت هي من تقود سيارتها بدلا من تشارلي و إلسي خلف السيارة القديمة, فهل كانت هذه السيدة المسنة ستقابل نفسها؟. ماذا لو أنها جاءت من الماضي إلى المستقبل و لم ترجع إلى ماضيها. سوف تحتار صحف ذلك الزمان حول امرأة اختفت مع طفلها في يوم بارد من شهر أكتوبر؟ و يستمر البحث عنها بينما هي و طفلها يسافران عبر الزمن جيئة وذهابا إلى الأبد.
شاهدا غارة جوية من المستقبل
في عام 1932, تم تكليف الصحافي بيرنارد هوتون و المصور جوكيم برانديت للقيام بتحقيق صحفي عن بناء السفن و تصليحها في مدينة هامبورغ في ألمانيا. ذهبا بالسيارة الى هناك, و قاما بإجراء مقابلات مع بعض المدراء التنفيذيين و بعض العمال, ثم انهيا مهمتهما في وقت متأخر من ظهيرة ذلك اليوم.
بعد لحظات قصيرة تلت ذلك، تحولت المنطقة الى جحيم يستعر حينما كانت خزانات الوقود تتعرض للقصف. وكانت مستودعات منطقة الأحواض تنهار بفعل تعرضها لمواد شديدة الانفجار, و رافعات أحواض السفن تتحول إلى قطع من الخردة.
أدرك هوتون وبرانديت أن ذلك لم يكن تدريبا عسكرياً. فأسرعا إلى السيارة بينما كانت المدفعيات تقصف الطائرات المعادية التي كانت ترسل القنابل من السماء. أثناء خروجهما من البوابة, سأل هوتون الحارس إذا كان هناك شيء يمكنهما القيام به من اجل المساعدة, لكنه طلب منهما ان يغادرا المنطقة حالاً.
قام برانديت بالتقاط الصور خلال كامل الغارة الجوية, و بعد أن قام بإظهارها, لم يكن فيها شيئاً غير عادي. أظهرت الصور أحواض السفن كما هي عندما وصلا هناك صباحا, لم يكن فيها أية أدلة على حدوث أمطار من القنابل المتفجرة قامت أية طائرات معادية بإلقائها لتدمر المنطقة, كما شهدا ذلك.
قام المحرر في الصحيفة بدراسة الصور التي التقطها برانديت لكنه كان متعجباً من إصراره هو وهوتون أنهما شهدا غارة جوية والتقطا لها الصور, رفض قبول قصتهما و شك بأنهما قبل عودتهما الى المكتب توقفا في إحدى الحانات وتناولا مشروباً, مما جعلهما يتخيلان الغارة.
غادر هوتون إلى لندن قبيل بداية الحرب العالمية الثانية و استقر هناك. و في أحد الأيام من عام 1943 كان يطالع الصحف, فرأى خبراً في إحداها يتحدث عن غارة ناجحة قام بها سرب طائرات يعود للقوات الملكية الجوية البريطانية على حوض السفن في هامبورغ, فشعر برعشة تسري في أوصاله عند رؤيته للصور. كانت مشاهد الدمار مطابقة تماما لتلك التي رآها هو و برانديت خلال زيارتهما لحوض السفن في ربيع 1932.
لم يكن هناك إلا اختلاف واحد فقط وهو أن هوتون و برانديت شهدا الحادث قبل وقوعه بإحدى عشرة عاما.
البيت الأبيض
وصلت سيارة الفورد بيك أب التي كانت تقل كارل و مايك و غوردون الى مرعى للماشية بالقرب من مدينة بونكان في ولاية أوكلاهوما في أوائل خريف 1971 و توقفت أمام البوابة, كان الرجال الثلاثة يعملون لدى شركة تختص بتوزيع علف الماشية قامت بإرسالهم إلى تلك المنطقة النائية لجلب حاوية أعلاف من هناك. لكن ما رأوه هناك جعلهم يلتزمون الصمت لمدة 41 عاما
كانت البوابة عبارة عن أسلاك شائكة فقط دون أقفال, فتحوها ثم دخلوا إلى الملكية الخاصة التي كانت مغطاة بالأعشاب النامية بفعل الإهمال وتقادم الزمن بحيث أنها كانت تصل إلى غطاء الشاحنة و تتجاوزه, و رغم ذلك قاد الرجال شاحنتهم خلال تلك الأعشاب الطويلة إلى أن وصلوا إلى خزانٍ موضوع بالقرب من حظيرة مطلية باللون الأحمر و ترجلوا من الشاحنة ليقوموا بحمل الخزان. لكن لم يتمكنوا من حمله إلى الشاحنة لأنه كان نصف ممتلئ فقرروا أن يغادروا المكان و يعلموا رئيسهم بذلك.
عاد الثلاثة إلى شركة الأعلاف و أخبروا رئيسهم عدم تمكنهم من حمل الخزان, ثم أخبرهم رئيسهم لاحقاً في تلك الليلة انه قام بإفراغ الخزان وأنهم يمكنهم العودة لإحضاره في الغد. بالفعل عادوا إلى ذلك المكان في الليلة التالية, و يقول كارل" أننا قررنا أن نحضر بنادقنا و أن نتحقق من المنزل الأبيض القديم عندما نصل إلى هناك"
قادوا خلال الملكية الخاصة متخذين ذات الطريق الذي سلكوه بالأمس, و من ثم قاموا بتحميل الخزان, بعد ان انتهوا من ذلك قادوا شاحنتهم ملتفين حول الحظيرة . لكن ما شاهدوه انطبع في ذاكرتهم سنين طويلة.
يقول كارل" صعدنا التل, لكن لم يكن ذلك المنزل الذي رأيناه في الليلة الفائتة هناك, ليس هناك أية علامات على هدمه و لا يوجد اثر لقواعده, لا يوجد شيء على الإطلاق, ما شهدنا ووجوده جميعا الليلة الماضية لم يعد موجوداً, لقد تحدثنا مع بعضنا على مر السنوات, لكن لم يتمكن أحد منا ان يقدم تفسيراً لما رأيناه).
أربع سنوات إلى المستقبل
كان الشاب جيك خارج منزل والديه الواقع في بحيرة أوزاركس في ولاية ميزوري عند العاشرة مساءً, يقف متكئا على شاحنته, و ينظر الى أضواء الشفق القطبي التي تلون السماء في الثامن والعشرين من شهر مايو عام 2004, و هو لا يعلم أن حياته على وشك أن تتغير الى الأبد.
سطع نور ابيض في السماء امتلأ به كامل الأفق الشمالي , لم يكن ابداً مثل الأنوار الحمراء و الخضراء للشفق القطبي التي كان جيك يطالعها, ولم يتشكل مثلما تفعل. كان ذلك النور يتحرك مثل ضوء آلة النسخ, إذ مر شريط من البريق الساطع من فوق رأس جيك متجهاً من الغرب إلى الشرق ثم اختفى. عندما رأى جيك ذلك اعتقد أنه يجب ان يدخل الى المنزل ليكون آمناً, و لكن عندما هم بذلك أدرك أنه لا يستطيع, فقد نما خدر في ذراعيه وساقيه, و أغمي عليه بعد ذلك.
ظل مغمى عليه ما يقارب الساعة وعندما أفاق من إغماءته شعر انه مشوش الذهن ومخدرا تقريبا, و كان عاجزاً عن إدراك الوقت. دخل جيك الى المنزل و استغرقه الأمر معظم الليل ليخبر والديَه بما حدث. و كان مقتنعا أن هناك خطأ بالتقويم و ظل طوال الوقت يقنعهما بذلك و يصر على أن السنة لابد أن تكون بعد العام 2008.
يقول جيك "وحتى يومنا هذا، تذكر والدتي أجزاء من هذه الحادثة، ويرجع ذلك أساسا في وجهة نظرها الى نقطة واحدة و هي انني تساءلت:" هل الرئيس رجل أسود؟ ".
الرجل الغريب
خرج كيل من متجر تابع لإحدى محطات الوقود و لما هم بفتح باب سيارته الشيفرولي من طراز1999 و التي أوقفها بجانب المتجر, فإذا برجل ضخم جداً رأسه بحجم ثمرة البطيخ يخاطبه فجأة, صاح بكيل متسائلا "أي عام هذا؟". كان الرجل يقف في بقعة مر بها كيل قبل ثواني معدودة من مغادرته للمتجر, لكنه لم يلحظ انه كان موجوداً هناك, كان يرتدي بذلة رجل أعمال سوداء مصنوعة من نسيج ألياف خام و يقول كيل إنها من طراز الأقمشة التي كان تيدي روزفلت يلبسها. فصاح الرجل مرة أخرى " أي عام هذا؟", كان الرجل في الثلاثين أو الأربعين من عمره , طويلاً أبيضا حليق الذقن, بدا طبيعيا لكنه كان يسأل سؤالاً غريباً, فأجابه كيل إننا في العام 2003, لكن وجهه التوى في غضب, وصرخ بحدة: أي عام هذا؟, فأجابه كيل (مرة أخرى, انه العام 2003), لكنه أعاد السؤال مرة أخرى, فأجابه كيل : لقد أخبرتك انه العام 2003. أشاح كيل بنظره عن الرجل بينما كان يركب سيارته, و عندما أصبح بالداخل نظر الى الرجل ليتفحصه مرة أخرى لكنه قد اختفى.
لقد اختفى الرجل من امام محطة الوقود خلال ثانيتين استغرقتا كيل ليصعد الى سيارته, نظر كيل الى داخل المتجر وهو المكان الوحيد الذي ربما يكون الرجل قد ذهب اليه في هذه الثواني المعدودة لكنه لم يكن هناك. لقد اختفى ببساطة.
يتبع
تعليق