الماتريكس الحقيقي
لقد أدركت لوقت طويل أن عالمنا “الحقيقي” هو في الحقيقة مجرد وهم تخلقه عقولنا، ولكن منذ شهر يناير 2003 والأشهر التي تلته بدأت “أرى” ذلك بنفسي بطريقة علمتني الكثير عن “الماتريكس” الذي عن طريقه تحتجز العائلة الإنسانية في عبودية أو عبوديات “منفصلة”.
كنت قد دعيت إلى الحديث في تجمع للناس في مكان يقع في غابات الأمازون على بعد ساعة بالسيارة من مدينة ماناوس شمال البرازيل. كان المؤتمر وعلى مدى عشرة أيام، يمنح المشاركين الفرصة لتجربة الآثار النفسية psychoactive لنبات يسمى الآياهوسكا، يستخدم من قبل الكهنة الشامانات في جنوب أمريكا ومنذ مئات السنين (على الأقل) لنقل الناس إلى حالات من الوعي هي ما وراء نطاق الحواس الخمس.
الآياهوسكا معروف “بالنبات المعلـِّم” لأنه يتيح للناس أن يجربوا تلك العوالم غير المرئية حيث يمكن للمرء أن يتعلم الكثير عن الذات، وعن الحياة، وعن الحقيقة. ويلقب كذلك “بنبات الآلهة”، لأنه يتيح لك بدون شك أن ترى تلك الأبعاد التي تسكن فيها “آلهة” الأساطير. وفي الحقيقة، فإن ما دعا المنظمين إلى دعوتي كان عدد المرات التي شاهد فيها مشاركون في مؤتمرات من هذا النوع “كيانات وصورا تتعلق بالزواحف” reptilian entities and imagery في حالات الوعي الفريدة تلك.
الآياهوسكا يستخدم عادة في المراسم والطقوس الدينية في أجزاء من البرازيل واستخدامه قانوني في تلك الحالات. أما في “العالم الغربي” فتعاطيه أو اقتناؤه محظور بشدة، كما هو الحال بشكل عام مع أي جرعات من مواد يمكن أن تنقل إدراكنا الواعي إلى ما وراء الحواس الخمس. ولا أعرف لماذا ؟؟!! وقد قمت على الفور باقتناص فرصة قبول ذلك العرض في الأمازون، رغم أنه كانت لدي بعض التحفظات عندما عرفت بشأن الآثار الجانبية المحتملة من تقيؤ وتغوط بشدة.
وما إن أكدوا لي بأن المشاركين سيكونون على علم بشأن تلك الآثار المحتملة قبل أن يباشروا التجربة فإنني قبلت أن أكون هناك. كنت أعلم أن ذلك كان “بوابة الأبعاد” التي كنت ابحث عنها لآخذ الخطوة التالية في رحلتي. وكنت قد وصلت إلى سن الخمسين دون أن أستهلك في حياتي أي مخدر مصنف على أنه نفساني التأثير، أو حتى فطر سحري، أو أي شيء من هذا القبيل. ولكنه لم يكن بإمكاني أن أذهب إلى فهم أبعد دون أن أنتقل بوعيي إلى تلك الأماكن التي تقع ما وراء الحجب.
وقد علمت أيضا أن حتى أولئك الذين كانوا يستخدمون الفطر السحري وغيره من مبدلات الحقيقة بشكل معتاد كانوا يعلمون أن الآياهوسكا هائل القوة. وقد سئلت : “لم تتعاط شيئا في حياتك وتبدأ بهذا؟!”. فالآياهوسكا يحتوي العديد من الخصائص القوية التي تسبب الهلوسة بما في ذلك ثنائي ميثل تريبتامين DMT ، وهو يتشكل طبيعيا في عمليات الاستقلاب في الثدييات والنباتات. ويعرف ثنائي ميثل التريبتامين من قبل البعض “بجزيء الروح”.
وفي يناير 2003 وصلت إلى الأمازون برفقة زوجتي باميلا. وكنت طوال الأسبوعين السابقين لذلك –حيث كنا مسافرين في مناطق الأمريكيين الأصليين في شمال أريزونا- أسمع “صوتا” واضحا (نوع من تناقل الأفكار أو التخاطر) في اللحظات الهادئة كان ينقل إلي بعض المعلومات التي تبين لي لاحقا أنها دقيقة جدا. بعض تلك الرسائل المفصلة التي أعطيت لي كانت في حالة تعارض صارخ مع ما بدا أنه سيحدث من أمور، ولكن الظروف تبدلت ليتبين لي بأن “الصوت” كان كلامه صحيحا بشكل مؤكد.
وسرعان ما أدركت لماذا كان علي أن أقوم بالجلسة الأولى منفردا (وكان الصوت قد قال ذلك في وقت بدا ذلك فيه مستبعدا) حيث أنني بدأت أتكلم بصوت مرتفع وذلك ليس ممكنا في وجود الآخرين معي في نفس الحجرة وكل واحد منهم يخوض تجربته الخاصة. وأتذكر معظم الكلمات وكل المواضيع بوضوح. فعندما استلقيت على ظهري ناظرا إلى العتمة الشديدة، تمدد ذراعاي، بنفس القدر الذي تمددا به في وضع الوقوف عندما كنت على التلة في البيرو(يتعلق ذلك بتجربة أخرى خاضها آيك). وخرجت من فمي، وبصوت يختلف كثيرا عن صوتي المعتاد، هذه الكلمات ببطء وقوة: “أنا محبة”.
بدأت أردد بعد ذلك “أنا كل شيء، وكل شيء أنا، إنا إمكانية لا متناهية”. وهنا شعرت بطاقة رهيبة تتدفق من شكرة قلبي وتملأ الحجرة. وبدأ شريط من الضوء على سقف الحجرة يلمع وينطفئ. وبعد بضع دقائق، سطعت ثلاثة من أضواء الشريط عن آخرها. فنظرت إلى جانبي وفكرت “لماذا قام صديقي زوي (المنظم) بتشغيل الأضواء؟” لكنه لم يكن قد فعل ذلك. كانت الأضواء كلها غير مشغلة ولكنها أضاءت من دون كهرباء. وبعد ذلك انطفأت المعدات التي تشغل الموسيقى وعادت إلى العمل مجددا بعد عشر ثوان تقريبا.
الوضع كان غريبا ظاهريا، ولكنني أدركت لماذا كان بإمكان طاقة القوة التي كنت أخوضها أن تؤثر على التيار الكهربائي. أحسست بوضوح بالطاقة تخرج من شكرة قلبي وتمتد منها إلى رأسي. الكلمات التي كنت أتفوه بها صدرت من هناك. حتى أنني ناديت على زوي لأسأله إذا كان ذلك ما يحصل عادة، فأجابني بأن كل شخص يختلف عن الآخر.
بدأت أتكلم بطلاقة وأنا في تلك الحالة الاستثنائية. ولم يكن الأمر وكأنني كنت أفكر بالأفكار ثم أنطق بها، بل كانت الكلمات تخرج من فمي بشكل تلقائي فأتعرف عليها وأنا أقولها. وسأقوم بتلخيص مضمون تلك الكلمات، وكذلك ما جاءني بدرجة أقوى وبشكل مغاير في الليلة التي تلتها. وفي القسمين التاليين سوف أقوم بتفصيل بعض من البراهين الكثيرة من قبل العلماء المنفتحين تدعم ما قيل لي.ولكن بعض المعلومات على كل حال لا يمكن التحقق منها “علميا” بعد، وسيكون عليكم أن تستخدموا حدسكم الخاص لتقرروا ماذا يمكن أن تفهموا منها، ولكن كثيرا من المعلومات يمكن التحقق منها علميا.
لقد قيل لي وأنا في تلك الحالة أن كل ما له وجود هو وعي واحد لانهائي، أشير إليه “باللانهائي”، و”الوحدة”، و”الواحد”. وفي حقيقتنا المضللة المتلاعب بها تم فصلنا عن ذلك الواحد (في عقولنا، وليس في الواقع) وبالتالي نرى كل شيء من حيث هو منفصل أو منقسم أو مزدوج عوضا عن أن نرى أن كل شيء مترابط. كل شيء هو نفس الواحد اللانهائي. وذلك الإحساس المضلل بالانفصال داخل سجن العقل أسميه بالماتريكس.
إن كلماتي في جلسة الآياهوسكا الأولى قالت أن “عالم” الحواس الخمس الذي نخوضه يوميا هو “حلقة زمنية” تدور وتدور لتعيد بشكل أساسي نفس السلسلة، في الموضوع إن لم يكن في التفاصيل. وما نسميه “المستقبل” يصبح بالمحصلة “الماضي” ويدور ليعيد “الحاضر” مرارا وتكرارا. وتلك الأغنية القديمة لجيمي روفين “لقد عبرت هذا الطريق من قبل” “I ve Passed This Way Before” يجب أن تكون نشيد هذا الكوكب كما يبدو. تقول كلمات النشيد:
تهدينا الحياة صفعة قوية
وينفطر قلب ما، من جديد
وعندما يعيد التاريخ نفسه
تـُتلى بحزن هذه الكلمات القليلة
لقد عبرت هذا الطريق من قبل
وشعرت بهذا الألم من قبل
جرح تطلب وقتا طويلا لينتهي
قد وجد قلبي المسكين من جديد
وهذا بشكل أساسي ما يحدث في الحلقة الزمنية؛ نفس التجارب تظل تتكرر.
صورة الغلاف لهذا الكتاب أنتجها فنان صديق هو نيل هيج، من خلال تصميم ومعلومات قمت بإعطائها له لترمز لما تعلمته في جلسات الآياهوسكا.
ولا بد أن أؤكد أن الصورة رمزية فقط لأنه قد قيل لي أن الماتريكس هو بمثابة الدوامة في النهر، حيث تقع الحلقة الزمنية – الواقع الذي تخلقه الحواس الخمس – في الجزء الأكثر كثافة من لولب الدوامة. فكروا في الماتريكس على أنه الدوامة وفكروا في “اللانهائي” على أنه النهر.
الماتريكس لا يزال هو “النهر”، اللانهائي، ولكنه مثل الدوامة أو التيار، يعمل ضمن عالمه الصغير الخاص ولأجندته الخاصة. والذي حدث، كما قيل لي في حالة الوعي المختلف altered state التي خضتها، أن “الماتريكس” قد نسي أنه اللانهائي، أو الدوامة قد نسيت أنها النهر. والدوامات يمكنها أن تكون مستقرة بشكل ملحوظ لو أن الظروف لا تتغير جذريا.
راقب دوامة في نهر ولاحظ أنه طالما ظل تدفق المياه في اتجاه محدد وبسرعة محددة فإن الدوامة ستستمر إلى أجل غير مسمى. وبنفس الطريقة فإن الماتريكس-الحلقة الزمنية يدور ويدور في مسار حلزوني أو دائري دائم حتى أصبح سجنا للوعي المحبوس داخل أهوائه وأوهامه.
إن الوعي المحبوس أيضا قد نسي أنه وحدة لا-نهائية.
في الليلة الأولى نطقت الكلمات بصوت مرتفع وفي الليلة الثانية سمعت صوتا أنثويا قويا وشديد الوضوح أضاف الكثير من التفاصيل. وهذا ما قيل لي في هاتين الليلتين خلال حالات الوعي المختلف altered state التي دامت ما مجموعه ست إلى سبع ساعات. وسأشير إلى ذلك الناقل للمعلومات “بالصوت”.
إن الحلقة الزمنية مغطاة ضمن ماتريكس من “المستويات غير الفيزيائية” والتي فقدت بدورها الاتصال “بالوحدة اللانهائية”. تلك الأبعاد “اللافيزيائية” للماتريكس رمز إليها في صورة الغلاف (الرابط في الأعلى) بتلك الكرة من الشباك التي تحيط بالحلقة الزمنية. المستويات “اللافيزيائية” هي الأبعاد التي يعود إليها معظم الوعي “الإنساني” بعد “حياة” في عالم الحواس الخمس عند اللحظة التي نسميها “الموت”. فهي حرة من الجسم الفيزيائي، لكنها أيضا محتبسة داخل الماتريكس. وسأعود إلى ذلك لاحقا. وحقيقة أننا نؤمن بالزمن هي تأكيد على الوهم الذي نعتقد أنه “حقيقة”؛ فالوقت لا وجود له، إلا داخل عقولنا.
إن ما نسميه “الزمن” هو وهم المرور عبر شيء ما.
*ولكن إذا كنا نحن بالأساس كل شيء، فكيف نمر أو نسافر خلال أنفسنا؟
* وكيف يمكن أن يكون هناك “زمن”؟
* وإذا تصورنا جسم الإنسان على أنه اللانهائي، فكيف يمكن لجسمك أن يسافر خلال جسمك؟
* هل الأمر يتعلق بداية بالجسم كاملا وكيف يمكن له السفر عبر نفسه؟
عندما يكون كل شيء واحدا، لا يمكن أن يكون هناك “زمن”، فقط كل الأشياء توجد وتتحقق في اللانهائي “”الآن”". أما “الماضي” و”المستقبل” فهما وهمان مصممان لحبسنا في “حالة الانفصال”. هما حقائق مختلفة تحدث في نفس اللحظة، في نفس اللانهاية “الآن”. والتسلسل الظاهري عن فترة تعقب الأخرى في الزمن الجاري، هو وهم من الحلقة الزمنية.
العقل الباطن أو اللاواعي أصبح مسجونا من قبل “الخوف” كما قال الصوت، وذلك قد سبب وهم الانفصال عن اللانهائي، أو المحبة اللانهائية؛ الوجود الوحيد الذي نحن كلنا هو. وقد وصل ذلك إلى نسب طورت معها تلك المستويات الدنيا من العقل اللاواعي خوفا عميقا ومعمقا من المجهول الذي يقع وراء وعيه “المنفصل”. لقد نسي العقل اللاواعي أنه محبة لانهائية وأن ذلك الذي يقع خارج حدوده الظاهرية هو أيضا محبة لا نهائية. وقد قام العقل اللاواعي، لتخفيف خوفه من المجهول، بخلق إسقاط فكري جماعي – مثل فيلم ثلاثي الأبعاد- هو ما أدعوه “بالماتريكس”.
كيفية عمل ذلك، جمعيا وفرديا، سأتطرق إليها عندما أصل إلى البحث العلمي عن طبيعة الحقيقة وكيف نخلقها. إن “الماتريكس” هو نظام محتوى في ذاته قد فقد الاتصال باللانهائي الذي يوجد خلف حقيقته الوهمية. وفي الحقيقة، فالماتريكس هو اللانهائي؛ كل شيء هو كذلك ولا يمكنه أن يكون إلا كذلك. ولكنه ببساطة قد نسي ذلك.
قال الصوت أن المستوى الأهم في الماتريكس هو إعادة الحلقة الزمنية التي نعرفها كعالم الحواس الخمس. تلك هي “محطة الطاقة” التي تزود النظام بالكامل. الحلقة تم عملها لخلق الألفة التي سهلت الخوف من المجهول وكانت في البداية تجربة أكثر متعة وبكثير مما هي عليه في واقعنا. وتابع الصوت القول بأن الناس عندما يكونون خائفين فإنهم يجدون الراحة في المألوف والمتوقع، وقد حدث ذلك على مستوى جماعي من العقل اللاواعي. لقد كانت تلك طريقة للوعي ليصفر في الظلام، معطيا نفسه الراحة في ما هو مألوف.
ما هو الخوف الأكبر عند الإنسان في تجربتنا اليومية؟ إنه الخوف من المجهول. لقد خلق العقل اللاواعي عالما من الحلم الذي يتحول إلى كابوس. وبعد سبعة أشهر من هذه التجربة في البرازيل، تعرفت على أسطورة هندوسية قديمة تقول بأن الوعي الإنساني كان قد بدأ كموجة قررت أن تترك محيط الوعي “اللازماني، اللامكاني، والسرمدي”، وعندما استفاقت إلى نفسها في هذه “الحالة المنفصلة” نسيت أنها كانت جزءا من المحيط اللانهائي وشعرت بأنها منعزلة ومفصولة. وذلك في جوهره ما قال لي الصوت أنه حدث!
“ويلسون برايان كي” أجاد في وصف النزعة الإنسانية نحو المجهول في كتابه “عصر التلاعب” The Age Of Manipulation حيث قال:
” البشر يمقتون عدم التيقن، حالات اللاتيقن تنتج المخاوف. ولتقليل المخاوف، في حال لم تتوفر بُنية واقعية، سيقوم البشر ببساطة باختراع واحدة أو بقبول بنية إعلامية للحقيقة جاهزة للارتداء. وهذه التصورات بطبيعة الحال هي بُنى خيالية”.
وقد قال الصوت أيضا بأن هذه الحالة الشعورية قد أدت بشكل جمعي إلى اختراع الوهم –الماتريكس- الذي يؤمن البشر أنه حقيقي.
حتى هذه النقطة كان الماتريكس وحلقته الزمنية ذات الحواس الخمس مجرد إسقاط عقلي جمعي من النوع الذي يجري تعريفه الآن بالتعابير الأكثر تنورا في العلم. وذلك الإسقاط يعتمد لبقائه على استمرار العقل اللاواعي في الاحتفاظ بذلك الواقع المزيف، مثلما يشع “بروجكتر” الأفلام على الشاشة. فما إن يتم إطفاء البروجكتر (في هذه الحالة يتغير الإحساس بالحقيقة) حتى يختفي الفيلم أيضا، ويتم اختراع غيره ليعكس الإحساس الجديد بما هو حقيقي. وكيفية حدوث ذلك يمكن شرحها ببساطة وهو ما سأقوم به في الفصل التالي لهذا الفصل.
ومع ذلك، فإن الإسقاط الفكري في حد ذاته قد اتخذ “حياة” خاصة به عندما اكتسب الإذن لدخول مصدر للطاقة ، حياة لا تعتمد على مصدر ذلك الإسقاط. ومصدر الطاقة هذا كما يقول الصوت هو الخوف. فالماتريكس –الذي هو الحقيقة المسقطة من العقل اللاواعي- قد امتص طاقة الخوف التي تنتج تحديدا ضمن “حلقة الحواس الخمس الزمنية” واتخذ حياة وأجندة خاصة به.
تلك الأجندة هي إنتاج أكبر قدر ممكن من الخوف ليقوي الماتريكس نفسه أكثر وأكثر. لقد أصبح الماتريكس فرانكشتاين. فحقل الفكرة المختلقة أو المسقطة قد دخل إلى مصدر طاقة ليصبح خالقا ومسقطا بنفسه لحقيقته التخيلية. وأثناء سماعي لتلك الكلمات كانت تعرض لي مشاهد فيلم ديزني “الساحر المبتدئ” The Sorcerer s Apprentice، الذي يقوم فيه الساحر بخلق كينونة تقوم نيابة عنه بكل الأعمال التي يريد أن يعملها بنفسه، لكن ذلك الكيان يسيطر على الأحداث ويتحكم في الساحر.
العقل اللاواعي قام بخلق الماتريكس-الحلقة الزمنية لتكون “عالما” مألوفا وقابلا للتنبؤ، لكنه فقد السيطرة. والللاوعي وعقل الحواس الخمس الواعي كلاهما تعرضا للتلاعب من قبل هذا الكيان “الواعي لنفسه” الذي تحول إليه الماتريكس.
قال الصوت “الإنسانية محكومة بالخداع؟ .. لا.. الإنسانية محكومة بخداع ذات”
العقل اللاواعي قام بخلق السجن عبر خداع الذات في حالته “المنفصلة” والآن يجلس ومعه العقل الواعي في خلية من صنعهما، حيث تقوم الخلية بإملاء الأحداث.
والسبب في أن إسقاط الماتريكس يحتاج إلى طاقة من الخوف ليقوي نفسه هو أنه في حد ذاته خوف، أو “خوف واع لنفسه” كما قال الصوت. لقد تم خلقه في الأساس من قبل الخوف في العقل اللاواعي، وباعتباره خوفا مسقطا، فهذا هو المصدر الوحيد للطاقة الذي يمكن للماتريكس أن يدخله ويمتصه.
وكلما أنتجت تلاعبات الماتريكس المزيد من الخوف عن طريق الحروب والصراعات والتوتر والشعور بالذنب والعدوان، زادت قوته على زيادة هذه الدائرة من إنتاج الخوف.
يتبع
لقد أدركت لوقت طويل أن عالمنا “الحقيقي” هو في الحقيقة مجرد وهم تخلقه عقولنا، ولكن منذ شهر يناير 2003 والأشهر التي تلته بدأت “أرى” ذلك بنفسي بطريقة علمتني الكثير عن “الماتريكس” الذي عن طريقه تحتجز العائلة الإنسانية في عبودية أو عبوديات “منفصلة”.
كنت قد دعيت إلى الحديث في تجمع للناس في مكان يقع في غابات الأمازون على بعد ساعة بالسيارة من مدينة ماناوس شمال البرازيل. كان المؤتمر وعلى مدى عشرة أيام، يمنح المشاركين الفرصة لتجربة الآثار النفسية psychoactive لنبات يسمى الآياهوسكا، يستخدم من قبل الكهنة الشامانات في جنوب أمريكا ومنذ مئات السنين (على الأقل) لنقل الناس إلى حالات من الوعي هي ما وراء نطاق الحواس الخمس.
الآياهوسكا معروف “بالنبات المعلـِّم” لأنه يتيح للناس أن يجربوا تلك العوالم غير المرئية حيث يمكن للمرء أن يتعلم الكثير عن الذات، وعن الحياة، وعن الحقيقة. ويلقب كذلك “بنبات الآلهة”، لأنه يتيح لك بدون شك أن ترى تلك الأبعاد التي تسكن فيها “آلهة” الأساطير. وفي الحقيقة، فإن ما دعا المنظمين إلى دعوتي كان عدد المرات التي شاهد فيها مشاركون في مؤتمرات من هذا النوع “كيانات وصورا تتعلق بالزواحف” reptilian entities and imagery في حالات الوعي الفريدة تلك.
الآياهوسكا يستخدم عادة في المراسم والطقوس الدينية في أجزاء من البرازيل واستخدامه قانوني في تلك الحالات. أما في “العالم الغربي” فتعاطيه أو اقتناؤه محظور بشدة، كما هو الحال بشكل عام مع أي جرعات من مواد يمكن أن تنقل إدراكنا الواعي إلى ما وراء الحواس الخمس. ولا أعرف لماذا ؟؟!! وقد قمت على الفور باقتناص فرصة قبول ذلك العرض في الأمازون، رغم أنه كانت لدي بعض التحفظات عندما عرفت بشأن الآثار الجانبية المحتملة من تقيؤ وتغوط بشدة.
وما إن أكدوا لي بأن المشاركين سيكونون على علم بشأن تلك الآثار المحتملة قبل أن يباشروا التجربة فإنني قبلت أن أكون هناك. كنت أعلم أن ذلك كان “بوابة الأبعاد” التي كنت ابحث عنها لآخذ الخطوة التالية في رحلتي. وكنت قد وصلت إلى سن الخمسين دون أن أستهلك في حياتي أي مخدر مصنف على أنه نفساني التأثير، أو حتى فطر سحري، أو أي شيء من هذا القبيل. ولكنه لم يكن بإمكاني أن أذهب إلى فهم أبعد دون أن أنتقل بوعيي إلى تلك الأماكن التي تقع ما وراء الحجب.
وقد علمت أيضا أن حتى أولئك الذين كانوا يستخدمون الفطر السحري وغيره من مبدلات الحقيقة بشكل معتاد كانوا يعلمون أن الآياهوسكا هائل القوة. وقد سئلت : “لم تتعاط شيئا في حياتك وتبدأ بهذا؟!”. فالآياهوسكا يحتوي العديد من الخصائص القوية التي تسبب الهلوسة بما في ذلك ثنائي ميثل تريبتامين DMT ، وهو يتشكل طبيعيا في عمليات الاستقلاب في الثدييات والنباتات. ويعرف ثنائي ميثل التريبتامين من قبل البعض “بجزيء الروح”.
وفي يناير 2003 وصلت إلى الأمازون برفقة زوجتي باميلا. وكنت طوال الأسبوعين السابقين لذلك –حيث كنا مسافرين في مناطق الأمريكيين الأصليين في شمال أريزونا- أسمع “صوتا” واضحا (نوع من تناقل الأفكار أو التخاطر) في اللحظات الهادئة كان ينقل إلي بعض المعلومات التي تبين لي لاحقا أنها دقيقة جدا. بعض تلك الرسائل المفصلة التي أعطيت لي كانت في حالة تعارض صارخ مع ما بدا أنه سيحدث من أمور، ولكن الظروف تبدلت ليتبين لي بأن “الصوت” كان كلامه صحيحا بشكل مؤكد.
وسرعان ما أدركت لماذا كان علي أن أقوم بالجلسة الأولى منفردا (وكان الصوت قد قال ذلك في وقت بدا ذلك فيه مستبعدا) حيث أنني بدأت أتكلم بصوت مرتفع وذلك ليس ممكنا في وجود الآخرين معي في نفس الحجرة وكل واحد منهم يخوض تجربته الخاصة. وأتذكر معظم الكلمات وكل المواضيع بوضوح. فعندما استلقيت على ظهري ناظرا إلى العتمة الشديدة، تمدد ذراعاي، بنفس القدر الذي تمددا به في وضع الوقوف عندما كنت على التلة في البيرو(يتعلق ذلك بتجربة أخرى خاضها آيك). وخرجت من فمي، وبصوت يختلف كثيرا عن صوتي المعتاد، هذه الكلمات ببطء وقوة: “أنا محبة”.
بدأت أردد بعد ذلك “أنا كل شيء، وكل شيء أنا، إنا إمكانية لا متناهية”. وهنا شعرت بطاقة رهيبة تتدفق من شكرة قلبي وتملأ الحجرة. وبدأ شريط من الضوء على سقف الحجرة يلمع وينطفئ. وبعد بضع دقائق، سطعت ثلاثة من أضواء الشريط عن آخرها. فنظرت إلى جانبي وفكرت “لماذا قام صديقي زوي (المنظم) بتشغيل الأضواء؟” لكنه لم يكن قد فعل ذلك. كانت الأضواء كلها غير مشغلة ولكنها أضاءت من دون كهرباء. وبعد ذلك انطفأت المعدات التي تشغل الموسيقى وعادت إلى العمل مجددا بعد عشر ثوان تقريبا.
الوضع كان غريبا ظاهريا، ولكنني أدركت لماذا كان بإمكان طاقة القوة التي كنت أخوضها أن تؤثر على التيار الكهربائي. أحسست بوضوح بالطاقة تخرج من شكرة قلبي وتمتد منها إلى رأسي. الكلمات التي كنت أتفوه بها صدرت من هناك. حتى أنني ناديت على زوي لأسأله إذا كان ذلك ما يحصل عادة، فأجابني بأن كل شخص يختلف عن الآخر.
بدأت أتكلم بطلاقة وأنا في تلك الحالة الاستثنائية. ولم يكن الأمر وكأنني كنت أفكر بالأفكار ثم أنطق بها، بل كانت الكلمات تخرج من فمي بشكل تلقائي فأتعرف عليها وأنا أقولها. وسأقوم بتلخيص مضمون تلك الكلمات، وكذلك ما جاءني بدرجة أقوى وبشكل مغاير في الليلة التي تلتها. وفي القسمين التاليين سوف أقوم بتفصيل بعض من البراهين الكثيرة من قبل العلماء المنفتحين تدعم ما قيل لي.ولكن بعض المعلومات على كل حال لا يمكن التحقق منها “علميا” بعد، وسيكون عليكم أن تستخدموا حدسكم الخاص لتقرروا ماذا يمكن أن تفهموا منها، ولكن كثيرا من المعلومات يمكن التحقق منها علميا.
لقد قيل لي وأنا في تلك الحالة أن كل ما له وجود هو وعي واحد لانهائي، أشير إليه “باللانهائي”، و”الوحدة”، و”الواحد”. وفي حقيقتنا المضللة المتلاعب بها تم فصلنا عن ذلك الواحد (في عقولنا، وليس في الواقع) وبالتالي نرى كل شيء من حيث هو منفصل أو منقسم أو مزدوج عوضا عن أن نرى أن كل شيء مترابط. كل شيء هو نفس الواحد اللانهائي. وذلك الإحساس المضلل بالانفصال داخل سجن العقل أسميه بالماتريكس.
إن كلماتي في جلسة الآياهوسكا الأولى قالت أن “عالم” الحواس الخمس الذي نخوضه يوميا هو “حلقة زمنية” تدور وتدور لتعيد بشكل أساسي نفس السلسلة، في الموضوع إن لم يكن في التفاصيل. وما نسميه “المستقبل” يصبح بالمحصلة “الماضي” ويدور ليعيد “الحاضر” مرارا وتكرارا. وتلك الأغنية القديمة لجيمي روفين “لقد عبرت هذا الطريق من قبل” “I ve Passed This Way Before” يجب أن تكون نشيد هذا الكوكب كما يبدو. تقول كلمات النشيد:
تهدينا الحياة صفعة قوية
وينفطر قلب ما، من جديد
وعندما يعيد التاريخ نفسه
تـُتلى بحزن هذه الكلمات القليلة
لقد عبرت هذا الطريق من قبل
وشعرت بهذا الألم من قبل
جرح تطلب وقتا طويلا لينتهي
قد وجد قلبي المسكين من جديد
وهذا بشكل أساسي ما يحدث في الحلقة الزمنية؛ نفس التجارب تظل تتكرر.
صورة الغلاف لهذا الكتاب أنتجها فنان صديق هو نيل هيج، من خلال تصميم ومعلومات قمت بإعطائها له لترمز لما تعلمته في جلسات الآياهوسكا.
ولا بد أن أؤكد أن الصورة رمزية فقط لأنه قد قيل لي أن الماتريكس هو بمثابة الدوامة في النهر، حيث تقع الحلقة الزمنية – الواقع الذي تخلقه الحواس الخمس – في الجزء الأكثر كثافة من لولب الدوامة. فكروا في الماتريكس على أنه الدوامة وفكروا في “اللانهائي” على أنه النهر.
الماتريكس لا يزال هو “النهر”، اللانهائي، ولكنه مثل الدوامة أو التيار، يعمل ضمن عالمه الصغير الخاص ولأجندته الخاصة. والذي حدث، كما قيل لي في حالة الوعي المختلف altered state التي خضتها، أن “الماتريكس” قد نسي أنه اللانهائي، أو الدوامة قد نسيت أنها النهر. والدوامات يمكنها أن تكون مستقرة بشكل ملحوظ لو أن الظروف لا تتغير جذريا.
راقب دوامة في نهر ولاحظ أنه طالما ظل تدفق المياه في اتجاه محدد وبسرعة محددة فإن الدوامة ستستمر إلى أجل غير مسمى. وبنفس الطريقة فإن الماتريكس-الحلقة الزمنية يدور ويدور في مسار حلزوني أو دائري دائم حتى أصبح سجنا للوعي المحبوس داخل أهوائه وأوهامه.
إن الوعي المحبوس أيضا قد نسي أنه وحدة لا-نهائية.
في الليلة الأولى نطقت الكلمات بصوت مرتفع وفي الليلة الثانية سمعت صوتا أنثويا قويا وشديد الوضوح أضاف الكثير من التفاصيل. وهذا ما قيل لي في هاتين الليلتين خلال حالات الوعي المختلف altered state التي دامت ما مجموعه ست إلى سبع ساعات. وسأشير إلى ذلك الناقل للمعلومات “بالصوت”.
إن الحلقة الزمنية مغطاة ضمن ماتريكس من “المستويات غير الفيزيائية” والتي فقدت بدورها الاتصال “بالوحدة اللانهائية”. تلك الأبعاد “اللافيزيائية” للماتريكس رمز إليها في صورة الغلاف (الرابط في الأعلى) بتلك الكرة من الشباك التي تحيط بالحلقة الزمنية. المستويات “اللافيزيائية” هي الأبعاد التي يعود إليها معظم الوعي “الإنساني” بعد “حياة” في عالم الحواس الخمس عند اللحظة التي نسميها “الموت”. فهي حرة من الجسم الفيزيائي، لكنها أيضا محتبسة داخل الماتريكس. وسأعود إلى ذلك لاحقا. وحقيقة أننا نؤمن بالزمن هي تأكيد على الوهم الذي نعتقد أنه “حقيقة”؛ فالوقت لا وجود له، إلا داخل عقولنا.
إن ما نسميه “الزمن” هو وهم المرور عبر شيء ما.
*ولكن إذا كنا نحن بالأساس كل شيء، فكيف نمر أو نسافر خلال أنفسنا؟
* وكيف يمكن أن يكون هناك “زمن”؟
* وإذا تصورنا جسم الإنسان على أنه اللانهائي، فكيف يمكن لجسمك أن يسافر خلال جسمك؟
* هل الأمر يتعلق بداية بالجسم كاملا وكيف يمكن له السفر عبر نفسه؟
عندما يكون كل شيء واحدا، لا يمكن أن يكون هناك “زمن”، فقط كل الأشياء توجد وتتحقق في اللانهائي “”الآن”". أما “الماضي” و”المستقبل” فهما وهمان مصممان لحبسنا في “حالة الانفصال”. هما حقائق مختلفة تحدث في نفس اللحظة، في نفس اللانهاية “الآن”. والتسلسل الظاهري عن فترة تعقب الأخرى في الزمن الجاري، هو وهم من الحلقة الزمنية.
العقل الباطن أو اللاواعي أصبح مسجونا من قبل “الخوف” كما قال الصوت، وذلك قد سبب وهم الانفصال عن اللانهائي، أو المحبة اللانهائية؛ الوجود الوحيد الذي نحن كلنا هو. وقد وصل ذلك إلى نسب طورت معها تلك المستويات الدنيا من العقل اللاواعي خوفا عميقا ومعمقا من المجهول الذي يقع وراء وعيه “المنفصل”. لقد نسي العقل اللاواعي أنه محبة لانهائية وأن ذلك الذي يقع خارج حدوده الظاهرية هو أيضا محبة لا نهائية. وقد قام العقل اللاواعي، لتخفيف خوفه من المجهول، بخلق إسقاط فكري جماعي – مثل فيلم ثلاثي الأبعاد- هو ما أدعوه “بالماتريكس”.
كيفية عمل ذلك، جمعيا وفرديا، سأتطرق إليها عندما أصل إلى البحث العلمي عن طبيعة الحقيقة وكيف نخلقها. إن “الماتريكس” هو نظام محتوى في ذاته قد فقد الاتصال باللانهائي الذي يوجد خلف حقيقته الوهمية. وفي الحقيقة، فالماتريكس هو اللانهائي؛ كل شيء هو كذلك ولا يمكنه أن يكون إلا كذلك. ولكنه ببساطة قد نسي ذلك.
قال الصوت أن المستوى الأهم في الماتريكس هو إعادة الحلقة الزمنية التي نعرفها كعالم الحواس الخمس. تلك هي “محطة الطاقة” التي تزود النظام بالكامل. الحلقة تم عملها لخلق الألفة التي سهلت الخوف من المجهول وكانت في البداية تجربة أكثر متعة وبكثير مما هي عليه في واقعنا. وتابع الصوت القول بأن الناس عندما يكونون خائفين فإنهم يجدون الراحة في المألوف والمتوقع، وقد حدث ذلك على مستوى جماعي من العقل اللاواعي. لقد كانت تلك طريقة للوعي ليصفر في الظلام، معطيا نفسه الراحة في ما هو مألوف.
ما هو الخوف الأكبر عند الإنسان في تجربتنا اليومية؟ إنه الخوف من المجهول. لقد خلق العقل اللاواعي عالما من الحلم الذي يتحول إلى كابوس. وبعد سبعة أشهر من هذه التجربة في البرازيل، تعرفت على أسطورة هندوسية قديمة تقول بأن الوعي الإنساني كان قد بدأ كموجة قررت أن تترك محيط الوعي “اللازماني، اللامكاني، والسرمدي”، وعندما استفاقت إلى نفسها في هذه “الحالة المنفصلة” نسيت أنها كانت جزءا من المحيط اللانهائي وشعرت بأنها منعزلة ومفصولة. وذلك في جوهره ما قال لي الصوت أنه حدث!
“ويلسون برايان كي” أجاد في وصف النزعة الإنسانية نحو المجهول في كتابه “عصر التلاعب” The Age Of Manipulation حيث قال:
” البشر يمقتون عدم التيقن، حالات اللاتيقن تنتج المخاوف. ولتقليل المخاوف، في حال لم تتوفر بُنية واقعية، سيقوم البشر ببساطة باختراع واحدة أو بقبول بنية إعلامية للحقيقة جاهزة للارتداء. وهذه التصورات بطبيعة الحال هي بُنى خيالية”.
وقد قال الصوت أيضا بأن هذه الحالة الشعورية قد أدت بشكل جمعي إلى اختراع الوهم –الماتريكس- الذي يؤمن البشر أنه حقيقي.
حتى هذه النقطة كان الماتريكس وحلقته الزمنية ذات الحواس الخمس مجرد إسقاط عقلي جمعي من النوع الذي يجري تعريفه الآن بالتعابير الأكثر تنورا في العلم. وذلك الإسقاط يعتمد لبقائه على استمرار العقل اللاواعي في الاحتفاظ بذلك الواقع المزيف، مثلما يشع “بروجكتر” الأفلام على الشاشة. فما إن يتم إطفاء البروجكتر (في هذه الحالة يتغير الإحساس بالحقيقة) حتى يختفي الفيلم أيضا، ويتم اختراع غيره ليعكس الإحساس الجديد بما هو حقيقي. وكيفية حدوث ذلك يمكن شرحها ببساطة وهو ما سأقوم به في الفصل التالي لهذا الفصل.
ومع ذلك، فإن الإسقاط الفكري في حد ذاته قد اتخذ “حياة” خاصة به عندما اكتسب الإذن لدخول مصدر للطاقة ، حياة لا تعتمد على مصدر ذلك الإسقاط. ومصدر الطاقة هذا كما يقول الصوت هو الخوف. فالماتريكس –الذي هو الحقيقة المسقطة من العقل اللاواعي- قد امتص طاقة الخوف التي تنتج تحديدا ضمن “حلقة الحواس الخمس الزمنية” واتخذ حياة وأجندة خاصة به.
تلك الأجندة هي إنتاج أكبر قدر ممكن من الخوف ليقوي الماتريكس نفسه أكثر وأكثر. لقد أصبح الماتريكس فرانكشتاين. فحقل الفكرة المختلقة أو المسقطة قد دخل إلى مصدر طاقة ليصبح خالقا ومسقطا بنفسه لحقيقته التخيلية. وأثناء سماعي لتلك الكلمات كانت تعرض لي مشاهد فيلم ديزني “الساحر المبتدئ” The Sorcerer s Apprentice، الذي يقوم فيه الساحر بخلق كينونة تقوم نيابة عنه بكل الأعمال التي يريد أن يعملها بنفسه، لكن ذلك الكيان يسيطر على الأحداث ويتحكم في الساحر.
العقل اللاواعي قام بخلق الماتريكس-الحلقة الزمنية لتكون “عالما” مألوفا وقابلا للتنبؤ، لكنه فقد السيطرة. والللاوعي وعقل الحواس الخمس الواعي كلاهما تعرضا للتلاعب من قبل هذا الكيان “الواعي لنفسه” الذي تحول إليه الماتريكس.
قال الصوت “الإنسانية محكومة بالخداع؟ .. لا.. الإنسانية محكومة بخداع ذات”
العقل اللاواعي قام بخلق السجن عبر خداع الذات في حالته “المنفصلة” والآن يجلس ومعه العقل الواعي في خلية من صنعهما، حيث تقوم الخلية بإملاء الأحداث.
والسبب في أن إسقاط الماتريكس يحتاج إلى طاقة من الخوف ليقوي نفسه هو أنه في حد ذاته خوف، أو “خوف واع لنفسه” كما قال الصوت. لقد تم خلقه في الأساس من قبل الخوف في العقل اللاواعي، وباعتباره خوفا مسقطا، فهذا هو المصدر الوحيد للطاقة الذي يمكن للماتريكس أن يدخله ويمتصه.
وكلما أنتجت تلاعبات الماتريكس المزيد من الخوف عن طريق الحروب والصراعات والتوتر والشعور بالذنب والعدوان، زادت قوته على زيادة هذه الدائرة من إنتاج الخوف.
يتبع
تعليق