إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بنو موسى بن شاكر وعلم الحيل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بنو موسى بن شاكر وعلم الحيل

    أوقدت النشأة في بيت الحكمة – إذًا – شعلة العلم في عقول وقلوب الإخوة الثلاثة؛ فتعاونوا فيما بينهم في البحوث والدراسات؛ حتى نبغوا في الهندسة والرياضيات والفلك، وعلم الحيل (الميكانيكا)بنو موسى بن شاكر:
    وهم الإخوة الثلاثة: محمد (كبيرهم ت 259ه/ 873م)، وَأحمد، والحسن (ت 261ه/ 874م)، أبناء موسى بن شاكر، وقد عاشوا في القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي)، ولمعوا في علوم الرياضيات والفلك والعلوم التطبيقيَّة والتقنيَّة، واشتهروا بكتابهم القيم المعروف باسم (حيل بني موسى)، ويحكي عنه ابن خلِّكان فيقول: "ولهم في الحيل كتاب عجيب نادر يشتمل على كل غريبة، ولقد وقفتُ عليه فوجدتُه من أحسن الكتب وأمتعها"


    وإذا كنا سنتوقف الآن أمام ظاهرة (بني موسى بن شاكر) التي لمعت في سماء الحضارة الإسلامية خلال القرن الثالث الهجري، وشكَّلت سبقًا للمسلمين في ميادين البحث العلمي الجماعي بكل ما يميزه من سمات وما ينتج عنه من ثمار.. إذا كنا سنتوقف أمام هذه الجماعة العلميَّة الفذَّة فإننا سنحاول النظر إليها من ثلاث زوايا: ملامح العمل الجماعي وإنجازاته، إلى جانب رصد ذلك السخاء المادي الفريد في الإنفاق على العلم ورعاية الباحثين، وأخيرًا تبنِّي الطاقات العلمية الناشئة كدليل على التجرُّد للعلم.. وكنوع من ردِّ الجميل للأمة التي أخرجتهم وللمجتمع الذي تعهَّدهم.

    أما عن الغاية والهدف من علم الحيل، فقد أرادوا من خلال علم الحيل تحقيق منفعة الإنسان، واستعمال الحيلة مكان القوَّة، والعقل مكان العضلات، والآلة بدل البدن، والاستغناء عن سُخرة العبيد ومجهودهم الجسماني، وخاصَّةً أن الإسلام منع نظام السخرة في قضاء الأمور المعيشيَّة التي تحتاج لمجهود جسماني كبير، كما حرَّم إرهاق الخدم والعبيد، وحرم المشقَّة على الحيوان، وذلك بعدم تحميلهم فوق ما لا يُطِيقُونه؛ ومن ثَمَّ كان اتجاه المسلمين إلى تطوير الآلات لتقوم عوضًا عنهم بهذه الأعمال الشاقَّة، وهي نزعة حضاريَّة تتَّسم بها الأمم التي قطعت أشواطًا في مجالات العلم والحضارة، كما أنها المحور الذي تدور حوله فلسفة أيِّ اختراع تفرزه عقول العلماء يوميًّا؛ سعيًا وراء تحسين حياة الإنسان، ورفع المشقَّة عنه قدر الإمكان.....


    ويمثِّل (علم الحِيَلِ النافعة) الجانب التقني المتقدِّم في علوم الحضارة الإسلاميَّة؛ حيث كان المهندسون والتقنيون يقومون بتطبيق معارفهم النظرية للإفادة منها في كل ما يخدم الدين، ويحقِّق مظاهر المدنية والإعمار.


    وبعد أن كانت غاية السابقين من (علم الحيل) لا تتعدَّى استعماله في التأثير الديني والرُّوحي على أتباع مذاهبهم، مثل استعمال التماثيل المتحرِّكة أو الناطقة بواسطة الكهَّان، واستعمال الأرْغَن الموسيقي وغيره من الآلات المصوّتة في المعابد، فقد جاء الإسلام وجعل الصلة بين العبد وربِّه بغير حاجة إلى وسائل وسيطة أو خداع بصري، وأصبح التأثير على الإنسان باستعمال آلات متحرِّكة (ميكانيكيَّة) هو الهدف الجديد لتقنية (الحيل النافعة)، وهي عبارة عن آلات وتجهيزات يعتمد البحث فيها على حركة الهواء (الإيروديناميكا)، أو حركة السوائل واتزانها (الهيدروديناميكا) و(الهيدروستاتيكا)، والصمامات الآليَّة ذات التشغيل المتباطئ، والأنظمة التي تعمل عن بُعْدٍ بطريقة التحكُّم الآلي، والأجهزة والأدوات العلميَّة، والجسور والقناطر المائيَّة، والهندسات والزخارف المعماريَّة، وغيرها .......

  • #2

    وكتاب حيل بني موسى يحتوي على مائة تركيب ميكانيكي مع شروح تفصيليَّة ورسوم توضيحيَّة لطرائق التركيب والتشغيل، وكان استخدام بني موسى للامت التي تعمل تلقائيًّا، وللأنظمة التي تعمل بعد زمن معين، وغير ذلك من مبادئ وأفكار التحكُّم الآلي، وهي من أهم الإنجازات في تاريخ العلم والتقنية بشكل عامٍّ. كما كان استخدامهم للامت المخروطيَّة، ولأعمدة المرافق التي تعمل بصورة آليَّة، استخدامًا غير مسبوق، وقد سبقوا به أوَّل وصف لآليَّة عمود المرافق الحديث في أوربا بخمسمائة عام!

    ومن أمثلة تركيبات بني موسى الميكانيكية: "عمل سراج إذا وُضِعَ في الريح العاصف لا ينطفئ، وعمل سراج يُخْرِج الفتيلة لنفسه ويَصُبُّ الزيت لنفسه، وكل مَنْ يراهُ يظنُّ أن النار لا تأكل من الزيت ولا من الفتيلة شيئًا البتة، وعمل نافورة يفور منها الماء مدَّة من الزمان كهيئة التُّرْس، ومدَّة متماثلة كهيئة القناة، وكذلك لا تزال دهرها تتبدَّل". ومن بين أجهزتهم الميكانيكيَّة التي وصفها المؤرِّخون بكثير من الإعجاب - آلة رصد فلكي ضخمة تعمل في مرصدهم، وتُدَار بقوَّة دفع مائيَّة، وهي تُبَيِّن كل النجوم في السماء وتعكسها على مرآة كبيرة، وإذا ظهر نجم رُصِدَ في الآلة، وإذا اختفى نجم أو شهاب رُصِدَ في الحال وسُجِّلَ .

    وقد استحدثوا كذلك آلات لخدمة الزراعة والفلاحة، مثل المعالف الخاصَّة لحيوانات ذات أحجام معيَّنة تتمكَّن أن تصيب مأكلها ومشربها فلا تنازِعُها غيرها الطعام والشراب، وعمل خزَّانات للحمَّات، وآلات لتعيين كثافة السوائل، وآلات تُثَبَّت في الحقول لكيلا تضيع كميات الماء هدرًا، ويمكن بواسطتها السيطرة على عملية ريِّ المزروعات، وكان لكل هذه الأفكار الإبداعيَّة أثر كبير في دفع مسيرة تقنية (الحيل النافعة) أو الهندسة الميكانيكيَّة قُدُمًا؛ حيث تميَّزت تصاميمها بالخيال الخصب والتوصيف الدقيق والمنهجيَّة التجريبيَّة الرائدة ......منقول

    تعليق

    يعمل...
    X