بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الأخوة الأحبة أعضاء منتدى قدماء
أحييكم بتحية الإسلام وأقول لكم السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته طاب يومكم وجعل الله السعادة في قلوبكم ودامت الابتسامة على وجوهكم ..
يدرك صاحب كل عقلٍ رشيد أهمية الإيمان بالغيبيات، ومنها الإيمان بعالم الجن والشياطين فهو عالم غير عالم الإنس والملائكة، وبين الجن والإنس قدر مشترك من حيث الاتصاف بصفة العقل والإدراك، ومن حيث القدرة على اختيار الخير والشر، ويخالفون الإنس في عدة أمور من أهمها: الاختلاف في أصل الخِلقة، وبهذا يُشكِّل الإيمان بعالم الجن والشياطين أحد روافد العقيدة الإسلامية التي يترتب على إنكاره الكفر بالله تعالى.
ومن هذا المنطلق سأجعل الكلام حول هذا الموضوع في نقاطٍ يسيرة ليسهل الوصول للمعلومة، وتضبط الفائدة ثم ينتفع بها بإذن الله تعالى سائلاً الله تعالى أن يغفر لي ما حصل فيها من الزلل والخطأ، واستغفر الله تعالى وأتوب إليه، والله أعلى وأعلم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؛ فأقول وبالله التوفيق ومنه استمد العون .
فإني كنت وددت الكتابة في هذا الشأن قديماً لكن الهمة لم تنعقد له الا بعد ان تطرق له بعض الاخوة ، وهذه مباحث مختصرة جمعتها من عدة مصادر وليس لي فيها إلا الإنتقاء والإختصار والترتيب .
هذا الأمر إختلف فيه العلماء وقد وذكر الخلاف فيه الألوسي وسيأتي كلامه ومذهب المحققين من أهل العلم في ذلك هو الحق وهو أن الصواب في ذلك أن زواج الجن من الإنس لا يصح لا في القرآن ولا في السنة وهو قولٌ مستنكر شرعاً وعقلاً وان أجازه البعض فهو باطل من طريق السمع والعقل لأمور هي: (هذه الأمور خلاصة ما حققه الألباني رحمه الله ونقله عن بعض العلماء في الباب )
الأول: إستحالة ذلك وعدم إمكان حصوله شرعا وعقلاً أما شرعا فذلك ( لأن من شروط النكاح في شرع الله كما هو معلوم الكفاءة في الدين على الأقل أي ان يكون دين الرجل والتي يريد الزواج بها الإسلام . فلا يجوز تزويج مسلمة بكافر ، بل ولا بفاسق ، فمن أين لوليها وللشهود أيضاً أن يعلموا أن هذا الجني كفؤ لها في كونه مسلم مثلها ، وهم لا يعرفونه ؟ ! فإنه قد ظهر لهم بصورة رجل خاطب وجميل! ولا يمكن رؤيته على حقيقته كونه يتشكل بهيئة الآدميين بنص القرآن فالجن من عالم الغيب ، لا يمكن للإنس أن يعرفوا مؤمنهم من كافرهم ، والصادق من الكاذب منهم مع التنكير أن الجني قد يكذب ، فالجن فيهم كذب كثير او كما قال صل الله عليه وسلم .
وقد يتمثل بصورة أخرى إنسانية أو حيوانية ، وحينئذٍ كيف يمكن تطبيق الأحكام الشرعية المعروفة في الزوجين كالطلاق والظهار والنفقة وغيرها مع اختلاف طبيعة خَلْقِهِما ؟
! تالله ! إنها من أغرب الغرائب أن يخفى مثل هذا البُطل بل السُّخف على بعض من زعمله!. )
ما بين قوسين من كلاك الألباني نقلته بتصرف وجمع بين كلامه الذي قاله في هذه المسئلة وترتيب وزيادة كلمات موضحة وسيأتي كلامه.
أما عقلاً فالشرع لا يأتي بما يناقض العقل كما قرر العلماء ومن زعم انه قد جاء بذلك فيلزمه أن يقول أن الشرع قد جاء بما يناقض العقل! فعدم إمكان حصول ذلك من جهة العقل هو لاختلاف طبيعة خلق الإنس عن طبيعة خلق الجن لأن الإنس جسم كثيف والجن روح لطيف ، ولن يعلق الجسم الكثيف الروح اللطيف ( فهو قولٌ مستنكر من العقول ؛ لتباين الجنسين واختلاف الطبعين ، وتفارق الحِسِّيْن؛ لأن الآدمي كما هو معلوم جسماني والجن روحاني ، وخلق الله الآدمي من صلصال كالفخار وخلق الجان من مارج من نار ويمتنع الامتزاج مع هذا التباين ويستحيل التناسل مع هذا الاختلاف ).
( ما بين قوسين من كلام الماوردي نقلته بتصرف قليل وسيأتي ذكره. )
الثاني: أنكره شديد الإنكار عدد من المحققين من العلماء كالعلامة العز بن عبدالسلام فقد اتهم ابن عربي الصوفي القائل بذلك بالكذب والعلامة الذهبي وصف ابن عربي هذا بالجنون وقال ابو حيان: ( وأن ما ذكر من الحكايات أشبه شيء بالخرافات ) ثم ذكر أن ذلك حماقة واستنكره الماوردي من جهة العقل وسيأتي كلامه ووصفه العلامة الألباني بالخرافة وأنه مما هو معروف بين بعض النسوة الضعيفات الأحلام والعقول وضَعَّفَ كل ما ورد في ذلك وبين نكارة متون كل حديث في ذلك فرحمهم الله جميعا وسيأتي نقل كلامهم ولست هنا بصدد سرد جميع العلماء المنكرين.
الثالث: لا دليلَ بذلك في كتاب الله صريحٌ يصرح بذلك فغاية ما استدل به البعض قوله تعالى الذي ورد في هذا الحديث المنكر ( لم يطمثهن إنسٌ ولا جان ) فهو ليس بصريح البتة فالظاهر أن هذا من باب المبالغة في نفي حصول جماعهن من قبل وهذا مثل أن يسأل سائل فيقول من صنع بكتابي هذا فنقول لم يصنع ذلك لا إنسي ولا جني انا هنا دوما فهذا من باب المبالغة في النفي وهناك جوابٌ آخر وهو أن القرآن قد خاطب الله به الإنس والجن كما هو معلوم بنص اقرآن فبهذا يجوز أن يكون المراد بذاك لم يطمث نساء الجنة من الإنس إنسي ولم يطمث نساء الجنة من الجن جني وهذا ممكن لأن من الجن مؤمنين والقرآن خطاب لهم أيضاً والله أعلم .
الرابع: لا دليل صحيح صريح في السنة فغاية ما ورد أحاديث ضعيفة منكرة لضعف إسانيدها ونكارة متونها.
وهذا بيان ما سبق والله المستعان:
ذكر العلامة الألباني حديثاً في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (12/ 601 - 603 ح 5776) بلفظ: ( لاتقوم الساعة حتى تكثر فيكم أولاد الجن من نسائكم ، ويكثر نسبهم فيكم حتى يجادلوكم بالقرآن ؛ حتى يردوكم عن دينكم ) .
ثم قال الألباني: ( منكر جداً . أخرجه أبو بكر الكلاباذي في (( مفتاح المعاني )) ( ق 381 / 1 ) من طريق خلف بن سليمان النسفي أبي سعيد : ثنا محمد بن المصفى : ثنا بقية ابن الوليد : ثنا عمران أو ابن عمران : ثني كرز عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً .
وهذا إسناد ضعيف ، ومتن منكر ؛ عمران أو ابن عمران ؛ لم أعرفه ، فهو من مشايخ بقية المجهولين الذين من طريقهم كثرت المناكير في تحديث بقية عنهم بتدليسه إياهم ، أو بتصريحه بالتحديث عنهم ؛ كما مر هنا .
أقول هذا على افتراض أن هذا السند إليه صحيح ، وليس كذلك ؛ فإن خلف ابن سليمان النسفي ليس له ذكر في شيء من كتب التراجم التي عندي ، فهو الآفة إن سلم من شيخ بقية .
( فائدة ) : ذكر الذهبي في (( الميزان )) من رواية الإمام تقي الدين ابن دقيق العيد قال : سمعت شيخنا أبا محمد بن عبد السلام السلمي ( يعني : عز الدين ) يقول - وجرى ذكر ابن عربي الطائي - :
(( وهو شيخ سوء شيعي كذاب . فقلت له : وكذاب أيضاً ؟ قال : نعم ؛ تذاكرنا بدمشق التزويج بالجن ، فقال ابن العربي : هذا محال ؛ لأن الإنس جسم كثيف والجن روح لطيف ، ولن يعلق الجسم الكثيف الروح اللطيف . ثم بعد قليل رأيته وبه شجة ! فقال : تزوجت جنية فرزقت منها ثلاث أولاد ، فاتفق يوماً أني أغضبتها ، فضربتني بعظم حصلت منه هذه الشجة ، وانصرفت ، فلم أرها بعد )) .
وعلق الذهبي رحمه الله على تكذيب العز بن عبد السلام للشيخ ابن عربي بقوله : (( وما عندي من محيي الدين تعمد كذباً ؛ لكن أثرت فيه الخلوات والجوع فساداً وخيالاً وطرف جنون )) .
والغرض من ذكر هذه الفائدة إنما هو تذكير القراء بأن العلماء يستنكرون أشد الاستنكار إمكانية التزاوج بين الإنس والجن ؛ لاختلاف طبيعة خلقهما ، حتى اتهموا من ادعى ذلك بالكذب أو بنوع من الجنون ، وأحلاهما مر .
فما نسمعه في هذا الزمان من أن بعض النسوة يشعرن وهن في فراش الزوجية بالمجامعة ممن لا يرينه ، إن هو إلا من وسوسة الشيطان ، وتلاعبه ببني الإنسان ، ويستغل ذلك بعض أولئك الذين يتعاطون مهنة استخراج الجني من الإنسي ، ويرتكبون في أثناء ذلك أموراً - غير تلاوة القرآن والمعوذات - مما هو غير واردٍ في السنة ، مثل : مكالمة الجني وسؤاله عن بعض الأمور الخفية ، وعن دينهم ومذهبهم ! وتصديقهم في كل ما يخبرون به ! وهم من عالم الغيب ، لا يمكن للإنس أن يعرفوا مؤمنهم من كافرهم ، والصادق من الكاذب منهم ، وإذا كان النبي صل الله عليه وسلم قد حرم إتيان الكهان وتصديقهم ؛ لأنهم ممن يوالون الجن ، وهؤلاء كانوا يسترقون السمع ويلقون إلى أوليائهم من الإنس ما استرقوا ويخلطون معه أكثر من مئة كذبة ؛ كما في (( الصحيح )) .
إذا كان إتيان هؤلاء محرماً ؛ فبالأولى أن يكون محرماً إتيان أوليائهم من الإنس الذين يخاطبون الجن مباشرة ويستخدمونهم ، ويقضون لهم بعض مصالحهم ، ليضلوهم عن سبيل الله ؛ كما كان الأمر في الجاهلية ، وذلك قوله تعالى : { وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً } .
إنتهى
الأخوة الأحبة أعضاء منتدى قدماء
أحييكم بتحية الإسلام وأقول لكم السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته طاب يومكم وجعل الله السعادة في قلوبكم ودامت الابتسامة على وجوهكم ..
يدرك صاحب كل عقلٍ رشيد أهمية الإيمان بالغيبيات، ومنها الإيمان بعالم الجن والشياطين فهو عالم غير عالم الإنس والملائكة، وبين الجن والإنس قدر مشترك من حيث الاتصاف بصفة العقل والإدراك، ومن حيث القدرة على اختيار الخير والشر، ويخالفون الإنس في عدة أمور من أهمها: الاختلاف في أصل الخِلقة، وبهذا يُشكِّل الإيمان بعالم الجن والشياطين أحد روافد العقيدة الإسلامية التي يترتب على إنكاره الكفر بالله تعالى.
ومن هذا المنطلق سأجعل الكلام حول هذا الموضوع في نقاطٍ يسيرة ليسهل الوصول للمعلومة، وتضبط الفائدة ثم ينتفع بها بإذن الله تعالى سائلاً الله تعالى أن يغفر لي ما حصل فيها من الزلل والخطأ، واستغفر الله تعالى وأتوب إليه، والله أعلى وأعلم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؛ فأقول وبالله التوفيق ومنه استمد العون .
فإني كنت وددت الكتابة في هذا الشأن قديماً لكن الهمة لم تنعقد له الا بعد ان تطرق له بعض الاخوة ، وهذه مباحث مختصرة جمعتها من عدة مصادر وليس لي فيها إلا الإنتقاء والإختصار والترتيب .
هذا الأمر إختلف فيه العلماء وقد وذكر الخلاف فيه الألوسي وسيأتي كلامه ومذهب المحققين من أهل العلم في ذلك هو الحق وهو أن الصواب في ذلك أن زواج الجن من الإنس لا يصح لا في القرآن ولا في السنة وهو قولٌ مستنكر شرعاً وعقلاً وان أجازه البعض فهو باطل من طريق السمع والعقل لأمور هي: (هذه الأمور خلاصة ما حققه الألباني رحمه الله ونقله عن بعض العلماء في الباب )
الأول: إستحالة ذلك وعدم إمكان حصوله شرعا وعقلاً أما شرعا فذلك ( لأن من شروط النكاح في شرع الله كما هو معلوم الكفاءة في الدين على الأقل أي ان يكون دين الرجل والتي يريد الزواج بها الإسلام . فلا يجوز تزويج مسلمة بكافر ، بل ولا بفاسق ، فمن أين لوليها وللشهود أيضاً أن يعلموا أن هذا الجني كفؤ لها في كونه مسلم مثلها ، وهم لا يعرفونه ؟ ! فإنه قد ظهر لهم بصورة رجل خاطب وجميل! ولا يمكن رؤيته على حقيقته كونه يتشكل بهيئة الآدميين بنص القرآن فالجن من عالم الغيب ، لا يمكن للإنس أن يعرفوا مؤمنهم من كافرهم ، والصادق من الكاذب منهم مع التنكير أن الجني قد يكذب ، فالجن فيهم كذب كثير او كما قال صل الله عليه وسلم .
وقد يتمثل بصورة أخرى إنسانية أو حيوانية ، وحينئذٍ كيف يمكن تطبيق الأحكام الشرعية المعروفة في الزوجين كالطلاق والظهار والنفقة وغيرها مع اختلاف طبيعة خَلْقِهِما ؟
! تالله ! إنها من أغرب الغرائب أن يخفى مثل هذا البُطل بل السُّخف على بعض من زعمله!. )
ما بين قوسين من كلاك الألباني نقلته بتصرف وجمع بين كلامه الذي قاله في هذه المسئلة وترتيب وزيادة كلمات موضحة وسيأتي كلامه.
أما عقلاً فالشرع لا يأتي بما يناقض العقل كما قرر العلماء ومن زعم انه قد جاء بذلك فيلزمه أن يقول أن الشرع قد جاء بما يناقض العقل! فعدم إمكان حصول ذلك من جهة العقل هو لاختلاف طبيعة خلق الإنس عن طبيعة خلق الجن لأن الإنس جسم كثيف والجن روح لطيف ، ولن يعلق الجسم الكثيف الروح اللطيف ( فهو قولٌ مستنكر من العقول ؛ لتباين الجنسين واختلاف الطبعين ، وتفارق الحِسِّيْن؛ لأن الآدمي كما هو معلوم جسماني والجن روحاني ، وخلق الله الآدمي من صلصال كالفخار وخلق الجان من مارج من نار ويمتنع الامتزاج مع هذا التباين ويستحيل التناسل مع هذا الاختلاف ).
( ما بين قوسين من كلام الماوردي نقلته بتصرف قليل وسيأتي ذكره. )
الثاني: أنكره شديد الإنكار عدد من المحققين من العلماء كالعلامة العز بن عبدالسلام فقد اتهم ابن عربي الصوفي القائل بذلك بالكذب والعلامة الذهبي وصف ابن عربي هذا بالجنون وقال ابو حيان: ( وأن ما ذكر من الحكايات أشبه شيء بالخرافات ) ثم ذكر أن ذلك حماقة واستنكره الماوردي من جهة العقل وسيأتي كلامه ووصفه العلامة الألباني بالخرافة وأنه مما هو معروف بين بعض النسوة الضعيفات الأحلام والعقول وضَعَّفَ كل ما ورد في ذلك وبين نكارة متون كل حديث في ذلك فرحمهم الله جميعا وسيأتي نقل كلامهم ولست هنا بصدد سرد جميع العلماء المنكرين.
الثالث: لا دليلَ بذلك في كتاب الله صريحٌ يصرح بذلك فغاية ما استدل به البعض قوله تعالى الذي ورد في هذا الحديث المنكر ( لم يطمثهن إنسٌ ولا جان ) فهو ليس بصريح البتة فالظاهر أن هذا من باب المبالغة في نفي حصول جماعهن من قبل وهذا مثل أن يسأل سائل فيقول من صنع بكتابي هذا فنقول لم يصنع ذلك لا إنسي ولا جني انا هنا دوما فهذا من باب المبالغة في النفي وهناك جوابٌ آخر وهو أن القرآن قد خاطب الله به الإنس والجن كما هو معلوم بنص اقرآن فبهذا يجوز أن يكون المراد بذاك لم يطمث نساء الجنة من الإنس إنسي ولم يطمث نساء الجنة من الجن جني وهذا ممكن لأن من الجن مؤمنين والقرآن خطاب لهم أيضاً والله أعلم .
الرابع: لا دليل صحيح صريح في السنة فغاية ما ورد أحاديث ضعيفة منكرة لضعف إسانيدها ونكارة متونها.
وهذا بيان ما سبق والله المستعان:
ذكر العلامة الألباني حديثاً في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (12/ 601 - 603 ح 5776) بلفظ: ( لاتقوم الساعة حتى تكثر فيكم أولاد الجن من نسائكم ، ويكثر نسبهم فيكم حتى يجادلوكم بالقرآن ؛ حتى يردوكم عن دينكم ) .
ثم قال الألباني: ( منكر جداً . أخرجه أبو بكر الكلاباذي في (( مفتاح المعاني )) ( ق 381 / 1 ) من طريق خلف بن سليمان النسفي أبي سعيد : ثنا محمد بن المصفى : ثنا بقية ابن الوليد : ثنا عمران أو ابن عمران : ثني كرز عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً .
وهذا إسناد ضعيف ، ومتن منكر ؛ عمران أو ابن عمران ؛ لم أعرفه ، فهو من مشايخ بقية المجهولين الذين من طريقهم كثرت المناكير في تحديث بقية عنهم بتدليسه إياهم ، أو بتصريحه بالتحديث عنهم ؛ كما مر هنا .
أقول هذا على افتراض أن هذا السند إليه صحيح ، وليس كذلك ؛ فإن خلف ابن سليمان النسفي ليس له ذكر في شيء من كتب التراجم التي عندي ، فهو الآفة إن سلم من شيخ بقية .
( فائدة ) : ذكر الذهبي في (( الميزان )) من رواية الإمام تقي الدين ابن دقيق العيد قال : سمعت شيخنا أبا محمد بن عبد السلام السلمي ( يعني : عز الدين ) يقول - وجرى ذكر ابن عربي الطائي - :
(( وهو شيخ سوء شيعي كذاب . فقلت له : وكذاب أيضاً ؟ قال : نعم ؛ تذاكرنا بدمشق التزويج بالجن ، فقال ابن العربي : هذا محال ؛ لأن الإنس جسم كثيف والجن روح لطيف ، ولن يعلق الجسم الكثيف الروح اللطيف . ثم بعد قليل رأيته وبه شجة ! فقال : تزوجت جنية فرزقت منها ثلاث أولاد ، فاتفق يوماً أني أغضبتها ، فضربتني بعظم حصلت منه هذه الشجة ، وانصرفت ، فلم أرها بعد )) .
وعلق الذهبي رحمه الله على تكذيب العز بن عبد السلام للشيخ ابن عربي بقوله : (( وما عندي من محيي الدين تعمد كذباً ؛ لكن أثرت فيه الخلوات والجوع فساداً وخيالاً وطرف جنون )) .
والغرض من ذكر هذه الفائدة إنما هو تذكير القراء بأن العلماء يستنكرون أشد الاستنكار إمكانية التزاوج بين الإنس والجن ؛ لاختلاف طبيعة خلقهما ، حتى اتهموا من ادعى ذلك بالكذب أو بنوع من الجنون ، وأحلاهما مر .
فما نسمعه في هذا الزمان من أن بعض النسوة يشعرن وهن في فراش الزوجية بالمجامعة ممن لا يرينه ، إن هو إلا من وسوسة الشيطان ، وتلاعبه ببني الإنسان ، ويستغل ذلك بعض أولئك الذين يتعاطون مهنة استخراج الجني من الإنسي ، ويرتكبون في أثناء ذلك أموراً - غير تلاوة القرآن والمعوذات - مما هو غير واردٍ في السنة ، مثل : مكالمة الجني وسؤاله عن بعض الأمور الخفية ، وعن دينهم ومذهبهم ! وتصديقهم في كل ما يخبرون به ! وهم من عالم الغيب ، لا يمكن للإنس أن يعرفوا مؤمنهم من كافرهم ، والصادق من الكاذب منهم ، وإذا كان النبي صل الله عليه وسلم قد حرم إتيان الكهان وتصديقهم ؛ لأنهم ممن يوالون الجن ، وهؤلاء كانوا يسترقون السمع ويلقون إلى أوليائهم من الإنس ما استرقوا ويخلطون معه أكثر من مئة كذبة ؛ كما في (( الصحيح )) .
إذا كان إتيان هؤلاء محرماً ؛ فبالأولى أن يكون محرماً إتيان أوليائهم من الإنس الذين يخاطبون الجن مباشرة ويستخدمونهم ، ويقضون لهم بعض مصالحهم ، ليضلوهم عن سبيل الله ؛ كما كان الأمر في الجاهلية ، وذلك قوله تعالى : { وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً } .
إنتهى
تعليق