في أسرة هادئة سعيدة باجتماعها جلس الأب مع أولاده وأهله جلسة حب ومودة، غير أن ابنته ما استطاعت أن تشاركهم هذه الجلسة ومنعها من ذلك زيارة ابنة خالتها التي آثرت أن تكون في غرفة الابنة طوال النهار، غير أن البنت ذات الستة عشر ربيعا لم تضيع فرصة التقاء الأسرة فما تكاد تمر ساعة حتى تنزل إلى حيث تجتمع العائلة فتشاركهم دقائق ثم تعود إلى غرفتها حيث ابنة خالتها حتى حان موعد آذان المغرب والناس صائمون، فاجتمعت الأسرة للإفطار إلا ابنة الخالة التي أصرت على البقاء في الغرفة، فسأل الأب عن السبب فأخبرته الابنة بأنها غير صائمة وآثرت النوم، إلا أن الأب أصر أن تشاركهم الطعام، وإن لم تكن صائمة، وقام بنفسه إلى غرفة ابنته لإيقاظ ابنة الخالة، ففتح باب الغرفة ودنا من الجسد المغطى بحنان الأب وحاول كشف رأسها وهنا كانت المفاجأة.. إن النائم ليس ابنة الخالة كما زعمت البنت طوال النهار وليس رأساً لفتاة أصلاً وإنما هو رأس شاب..!
فزع الأب لهول ما رآه واستدعى الشرطة التي ألقت القبض عليه وحملته إلى التحقيق.. وهناك حاول الشاب أن يزعم بأن المسألة لم تتعد مجرد الحديث وعند تهديده بعرض الأمر على الطبيب الشرعي ضعف الشاب وانفرطت اعترافاته كحبات العقد، فاعترف بأنه عاشرها معاشرة الأزواج وبأنه... إلخ
وتابع الشاب بأن هذه ليست المرة الأولى له بل إنه فعل ذلك مع أربع فتيات أخريات وكانت هي الخامسة!! وهكذا نجد أن الله ستره في الأولى وما انتهى والثانية وما ارتدع ثم أبى الله إلا أن يكشف ستره ويفضحه.. وعندما علم الأب سقط من توه.
هذه مواقف تدمع لها العين وينفطر لها القلب وتقلق لها النفس، وتبين لنا جزاء السيئة..
ولنختم حديثنا بقصة تبين لنا جزاء الحسنة والفعل الصالح.
كان هناك شاب يبيع القماش ويضعه على ظهره ويطوف بالبيوت، وكان هذا الشاب جميل الهيئة من رآه أحبه لما حباه الله من جمال، وفي يوم من الأيام وهو يمر بين البيوت أبصرته امرأة فنادته وأمرته بالدخول وقالت له إنني لم أدعك لأشتري منك، ودعته إلى نفسها فذكرها بالله وأليم عقابه فما زادها إلا إصراراً.
وقالت له: إذا لم تفعل ما آمرك صحت في الناس وقلت لهم دخل داري ويريد أن ينال من عفتي.. فلما رأى إصرارها على الإثم والعدوان، سألها أن تسمح له بالدخول إلى الحمام أولاً، ففرحت لذلك فرحاً شديداً ودخل الحمام وجسده يرتعش من خوف الوقوع في المعصية وفجأة خطرت له فكرة فقام ولطخ جسده بالقاذورات والأوساخ وبكى ودعا الله قائلا: ربي وإلاهي وسيدي خوفك جعلني أعمل هذا العمل فاخلف علي بخير، ثم خرج إليها فلما رأته على هذه الحال صرخت في وجهه قائلة: اخرج من داري يا مجنون، فخرج خائفاً يترقب الناس وماذا سيقولون عنه حتى وصل إلى بيته وهناك خلع ثيابه واغتسل غسلاً حسناً ........ ثم ماذا؟...... هل يترك الله عبده ووليه هكذا؟......... لا أيها الأحباب.......... فعندما خرج من الحمام عوضه الله شيئاً عظيماً بقي في جسده حتى فارق الحياة، لقد أعطاه الله رائح عطرية تفوح منه لمسافات بعيدة ويشمها الناس حتى لقب ((بالمسكي)) ........ وعندما مات كتب على قبره: هذا قبر المسكي.
جزاء الخير خير مثله
في يوم عرفة حيث تتنزل الرحمات على الناس الذين توجهوا إلى الله بالدعوات.
قال لي صديق: التفت في هذا اليوم وإذا أنا برجل لم أسمع منه غير البكاء والتمتمات فحسدته على موقفه الخاشع ولم أشأ أن أقطع عليه خشوعه بكلام لا يفيد، وانتهى موسم الحج وعدنا إلى الكويت وبعد أيام فوجئت به في مكان عام ووجدت فرصة للتعرف عليه فقال لي في ثنايا حديثه إنه متزوج وله أولاد وإنه عزم في يوم عرفة على أن يؤثر أباه وأمه بالدعاء وكان مما قاله: (اللهم حرم جسد والدي على النار اللهم أدخلهما الجنة)
قال: (وبعدما عدت إلى الكويت وجلست مع أبنائي قالت لي الكبرى أظنك نسيتنا في الدعاء يا أبتاه غير أننا لم ننسك أبدا، فأنا قد دعيت لك يوم عرفة..... فسألتها متلهفاً وبماذا دعيت لي؟...... قالت كنت أقول: (اللهم حرم جسد والدي على النار اللهم أدخله الجنة) وهنا ارتمت الصغرى في أحضاني قائلة: أما أنا فكنت أقول اللهم لا تحرق والدي بالنار...... فسكت سكوت الخاشع وأدركت أن الجزاء يكون من جنس العمل.
المصدر: مجلة تحت العشرين العدد 113