بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و سلام على عباده الدين اصطفى و على آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا ، فالحمد لله الدي من علينا بنعمة العقل و فضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا .
أيها الاحبة ، مند مدة قرأت كتابا لصاحبه الشيخ العلامة الواعظ المتفنن ، صاحب التصانيف الكثيرة الشهيرة ، الامام الحافظ " ابن الجوزي " رحمه الله تعالى و أسكنه فسيح جناته ، و هو كتاب فيه من الاخبار و اللطف الشيء الكثير ، و مهما تحدثت عنه لن اوفيه حقه ، فارتأيت ان انقل اليكم بعض مما فيه عسى أن يجد الاستحسان و القبول منكم ، فان اعجبكم اتممنا ما فيه من غير من منا و لا تقصير ، وهو كتاب عنوانه يدل على فحواه و اسمه " أخبار الحمقى و المغفلين " من الفقهاء و المفسرين و الرواة و المحدثين و الشعراء و المتأدبين و الكتاب و المعلمين و التجار و المتسببين و طوائف تتصل للغفلة بسبب متين .
قال الشيخ الامام :
و بعد فانني لما شرعت في جمع (( أخبار الادكياء ))، و دكرت بعض المنقول عنهم ليكون مثالا يحتدى – لان ادكار الشجعان تعلم الشجاعة – آثرت ان اجمع أخبار الحمقى و المغفلين لثلاثة أشياء .
الأول : ان العاقل ادا سمع أخبارهم عرف قدر ماوهب له مما حرموه ، فحثه دلك على الشكر .
و الثاني : ان دكر المغفلين يحث المتيقظ على اتقاء أسباب الغفلة ادا كان دلك داخلا تحت الكسب و عامله فيه الرياضة ، و أما ادا كانت الغفلة مجبولة في الطباع ، فانها لا تكاد تقبل التغيير .
و الثالث : ان يروح الانسان قلبه بالنظر في سير هؤلاء المبخوسين حظوظا يوم القسمة ، فان النفس قد تمل من الدؤوب في الجد ، و تحتاج الى بعض المباح من اللهو ،....
قال علي بن أبي طالب : روحوا القلوب و اطلبوا لها طرف الحكمة فانها تمل كما تمل الابدان ....................
و عن الزهري قال : كان رجل يجالس اصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و يحدثهم ، فادا كثروا و ثقل الحديث قال : ان الادن مجاجة و ان القلوب حمضة فهاتوا أشعاركم و أحاديثكم .
و حتى لا اطيل عليكم احببت ان أختصر في الكتاب قدر الامكان مع انتقاء ما شدني و أعجبني من فوائد عظيمة فيه ، رغم ان الكتاب من أوله الى آخره لا يترك ولا يمل .
فقد بان مما دكرنا أن نفوس العلماء تسرح في مباح اللهو الدي يكسبها نشاطا للجد فكانها من الجد لم تزل قال ابو فارس :
اروع القلب ببعض الهزل تجاهلا مني ، بغير جهل
أمزح فيه ، مزح أهل الفضل والمزح ، أحيانا ، جلاء العقل
فصل
فان قال القائل : دكر حكايات الحمقى و المغفلين يوجب الضحك ، و قد رويتم ان النبي صلى الله عليه و سلم انه قال : (( ان الرجل ليتكلم بالكلمة يضحك بها جلساءه يهوي بها ابعد من الثريا ))
وعن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(( ان العبد ليقول الكلمة لا يقولها الا ليضحك بها الناس يهوي بها أبعد مما بين السماء و الارض . و انه ليزل عن لسانه أشد ما يزل عن قدمه )) رواه البيهقي في شعب الايمان .
فالجواب : انه محمول على انه يضحكهم بالكدب ، و قد روي هدا في الحديث مفسرا : (( ويل للدي يحدث الناس فيكدب ليضحك الناس ))
و انما يكره للرجل ان يجعل عادته اضحاك الناس لان الضحك لا يدم قليله ، فقد كان عليه الصلاة و السلام يضحك حتى تبدو نواجده ، و انه يكره كثيره لما روي عنه انه قال (( كثرة الضحك تميت القلب )) و الارتياح لمثل هده الاشياء في بعض الاوقات كالملح في القدر .
الباب الاول
في دكر الحماقة و معناها
قال ابن الاعرابي : الحماقة ماخودة من ( حمقت السوق) ادا كسدت ، فكانه كاسد العقل و الراي فلا يشاور و لا يلتفت اليه في امر حرب ، و قال ابو بكر المكارم ، انما سميت البقلة حمقاء ، لانها تنبت في سبيل الماء و طريق الابل ، قال ابن الاعرابي : و بها سمي الرجل أحمق لانه لا يميز كلامه من رعونته . و قد دكرنا ما يتعلق باللغة في هدا الاسم و لا يظهر المقصود الا بكشف المعنى فنقول :
معنى الحمق و التغفيل : هو الغلط في الوسيلة و الطريق الى المطلوب مع صحة المقصود ، بخلاف الجنون ، فانه عبارة عن الخلل في الوسيلة و المقصود جميعا ، فالاحمق مقصوده صحيح ، ولكن سلوكه الطريق فاسد و رويته في الطريق الوصال الى الغرض غير صحيحة ، و المجنون اصل اشارته فاسد، فهو يختار ما لا يختار ، و يبين هدا ما سندكره عن بعض المغفلين ، فمن دلك : ان طائرا طار من أمير فأمر ان يغلق باب المدينة ! فمقصود هدا الرجل حفظ الطائر .
يتبع....
الحمد لله و سلام على عباده الدين اصطفى و على آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا ، فالحمد لله الدي من علينا بنعمة العقل و فضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا .
أيها الاحبة ، مند مدة قرأت كتابا لصاحبه الشيخ العلامة الواعظ المتفنن ، صاحب التصانيف الكثيرة الشهيرة ، الامام الحافظ " ابن الجوزي " رحمه الله تعالى و أسكنه فسيح جناته ، و هو كتاب فيه من الاخبار و اللطف الشيء الكثير ، و مهما تحدثت عنه لن اوفيه حقه ، فارتأيت ان انقل اليكم بعض مما فيه عسى أن يجد الاستحسان و القبول منكم ، فان اعجبكم اتممنا ما فيه من غير من منا و لا تقصير ، وهو كتاب عنوانه يدل على فحواه و اسمه " أخبار الحمقى و المغفلين " من الفقهاء و المفسرين و الرواة و المحدثين و الشعراء و المتأدبين و الكتاب و المعلمين و التجار و المتسببين و طوائف تتصل للغفلة بسبب متين .
قال الشيخ الامام :
و بعد فانني لما شرعت في جمع (( أخبار الادكياء ))، و دكرت بعض المنقول عنهم ليكون مثالا يحتدى – لان ادكار الشجعان تعلم الشجاعة – آثرت ان اجمع أخبار الحمقى و المغفلين لثلاثة أشياء .
الأول : ان العاقل ادا سمع أخبارهم عرف قدر ماوهب له مما حرموه ، فحثه دلك على الشكر .
و الثاني : ان دكر المغفلين يحث المتيقظ على اتقاء أسباب الغفلة ادا كان دلك داخلا تحت الكسب و عامله فيه الرياضة ، و أما ادا كانت الغفلة مجبولة في الطباع ، فانها لا تكاد تقبل التغيير .
و الثالث : ان يروح الانسان قلبه بالنظر في سير هؤلاء المبخوسين حظوظا يوم القسمة ، فان النفس قد تمل من الدؤوب في الجد ، و تحتاج الى بعض المباح من اللهو ،....
قال علي بن أبي طالب : روحوا القلوب و اطلبوا لها طرف الحكمة فانها تمل كما تمل الابدان ....................
و عن الزهري قال : كان رجل يجالس اصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و يحدثهم ، فادا كثروا و ثقل الحديث قال : ان الادن مجاجة و ان القلوب حمضة فهاتوا أشعاركم و أحاديثكم .
و حتى لا اطيل عليكم احببت ان أختصر في الكتاب قدر الامكان مع انتقاء ما شدني و أعجبني من فوائد عظيمة فيه ، رغم ان الكتاب من أوله الى آخره لا يترك ولا يمل .
فصل
قال الشيخ الامام :فقد بان مما دكرنا أن نفوس العلماء تسرح في مباح اللهو الدي يكسبها نشاطا للجد فكانها من الجد لم تزل قال ابو فارس :
اروع القلب ببعض الهزل تجاهلا مني ، بغير جهل
أمزح فيه ، مزح أهل الفضل والمزح ، أحيانا ، جلاء العقل
فصل
فان قال القائل : دكر حكايات الحمقى و المغفلين يوجب الضحك ، و قد رويتم ان النبي صلى الله عليه و سلم انه قال : (( ان الرجل ليتكلم بالكلمة يضحك بها جلساءه يهوي بها ابعد من الثريا ))
وعن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(( ان العبد ليقول الكلمة لا يقولها الا ليضحك بها الناس يهوي بها أبعد مما بين السماء و الارض . و انه ليزل عن لسانه أشد ما يزل عن قدمه )) رواه البيهقي في شعب الايمان .
فالجواب : انه محمول على انه يضحكهم بالكدب ، و قد روي هدا في الحديث مفسرا : (( ويل للدي يحدث الناس فيكدب ليضحك الناس ))
و انما يكره للرجل ان يجعل عادته اضحاك الناس لان الضحك لا يدم قليله ، فقد كان عليه الصلاة و السلام يضحك حتى تبدو نواجده ، و انه يكره كثيره لما روي عنه انه قال (( كثرة الضحك تميت القلب )) و الارتياح لمثل هده الاشياء في بعض الاوقات كالملح في القدر .
الباب الاول
في دكر الحماقة و معناها
قال ابن الاعرابي : الحماقة ماخودة من ( حمقت السوق) ادا كسدت ، فكانه كاسد العقل و الراي فلا يشاور و لا يلتفت اليه في امر حرب ، و قال ابو بكر المكارم ، انما سميت البقلة حمقاء ، لانها تنبت في سبيل الماء و طريق الابل ، قال ابن الاعرابي : و بها سمي الرجل أحمق لانه لا يميز كلامه من رعونته . و قد دكرنا ما يتعلق باللغة في هدا الاسم و لا يظهر المقصود الا بكشف المعنى فنقول :
معنى الحمق و التغفيل : هو الغلط في الوسيلة و الطريق الى المطلوب مع صحة المقصود ، بخلاف الجنون ، فانه عبارة عن الخلل في الوسيلة و المقصود جميعا ، فالاحمق مقصوده صحيح ، ولكن سلوكه الطريق فاسد و رويته في الطريق الوصال الى الغرض غير صحيحة ، و المجنون اصل اشارته فاسد، فهو يختار ما لا يختار ، و يبين هدا ما سندكره عن بعض المغفلين ، فمن دلك : ان طائرا طار من أمير فأمر ان يغلق باب المدينة ! فمقصود هدا الرجل حفظ الطائر .
يتبع....
تعليق