منطقة قرب محافظة جدة تبعد عنها نحو سبعين أو ثمانين كيلو ..
قد يعاتبني البعض في ذكر الأسماء ولكن أقول هذا منهج السلف فلو قرأت للذهبي وقرأت لابن كثير وابن الأثير رأيتهم قد نصوا في الأثر بذكر القصص وتاريخها وأسمائها وبلدانها فلماذا نتركها الآن فلعلنا نموت في هذه اللحظة ويأتي من بعدنا فيروونها بإذن الله بأسناديها بدل أن يقول كما يقول الناس في القهاوي والمقاهي: سمعنا قصة ..
تُذكر الأسانيد كما قال سفيان : لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ..
هذا الهدف من الإسناد ..
بعد المحاضرة وفي الجمعية الخيرية وعجيبة هذه الجمعية – سبحان الله – يقول الشيخ ..
_ أخرج عن القصة قليلاً _ ..
الكهرباء من الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ..
ذهب له أحد الأخوة فقال : ياشيخ نحن في منطقة أم الجرم نحتاج إلى كهرباء في الجمعية الخيرية والتكلفة عشرة آلاف ريال ..
يقول : فقام الشيخ مباشرة فكتب ورقة إلى مدير الكهرباء في المنطقة وقال هذا المبلغ مؤمَّن عندي ..
وأما التكييف فكله – يقول الشيخ – على نفقة الشيخ عمر السبيل رحم الله تعالى الجميع ..
مناطق وقرى تجد أهل الإحسان خيرهم قد وصل إلى هناك ..
قد وصل خيرهم إلى هناك ..
فتح الشيخ الظرف ..
الظرف فيه أربعمئة ( 400 ) ريال ..
لا تحتقرها ..
يا أصحاب الألف ، ويا من رواتبهم ألفين وثلاثة ..
يا أصحاب الرواتب العشرة والعشرين ..
اسمعوا ..
اسمعي أمةَ الله ..
أيتها المعلمة ..
أيتها الموظفة ..
يا طالبة الكلية ..
أخاطبكم جميعاً ..
قال الشيخ : هذه المرأة لها نحو خمس سنوات وهي ترسل هذا الظرف لم تتخلف شهراً واحداً تكفل به أيتام ..
امرأة .. امرأة ..
ثم قال الشيخ : زوجها ليس موظف ..
يقول : عندي الوصولات موجودة لم تتخلف شهراً واحد ..
ثم يقول : وهي الآن تكفل بيتاً كاملاً ..
ثم ألقيت محاضرة بجدة وكان أولادها قد حضروا معنا هناك ..
وبعد المحاضرة ؛ وقد ذكرت القصة في المحاضرة ..
قلت لأحد أولادها ..وأولادها فضلاء وصالحون ..
يقول الشيخ : الصغير قبل الكبير لا يفرطون في الصلوات الخمس عموماً وصلاة الفجر خصوصاً ..
امرأة لا ترضى أحدٌ أن يغتاب في مجلسها أحد ..
امرأة هي الصالحة من خيرة النساء ..
قلت لولدها : أخي رعاك الله ..
أسألك بالله هل تعرف المرأة التي ذكرت قصتها في المحاضرة ؟!.
والله وبالله وتالله قال لي : لا أعرفها .. لا أعرفها ..
فقلت له : هذه أمك ..
هذه أمك ..
فتأثر قلبه ..
تأثر قلبه ، وسالت دمعته على خده وقال :
أمي من خمس سنوات تكفل أيتام !!..
لأنًَّ الشيخ قد قال لي أنَّ ولدها هذا فقط هو الذي يأتي بهذا الظرف ، ثم قال : إنني معلم لم أتوظف إلا من سنتين،وأخي ضابط لم يتوظف إلا نحو ذلك أيضاً ..
قبل أربع سنوات وخمس كانت حالتنا فقيرة جداً ليس عندنا شيء ..
قلت : أمك تفعل ذلك ..
ويقول مدير الدعوة والإرشاد بالقوعية الشيخ عبد الله السلطان ..
يقول جاءتني امرأة وقالت يا شيخ عبد الله – ورقة ملفوفة بخرقة – وقالت :
يا شيخ ما عندي في هذه الدنيا إلا هذا البيت ..
خذه يا شيخ عبد الله واجعله لتحفيظ القرآن ..
يقول الشيخ : والله ما عندها شيء ولا أحد ..
هي الآن تسكن عندنا في المنطقة في غرفة ..
الجيران هم الذين يأتون لها بالطعام والشراب ..
إنها امرأة فانظروا ماذا قدمت ..
فأين الذين ينفقون أموالهم !!..
أين أصحاب الرواتب !!..
لماذا لا نجد خيرات !!..
وورقة جئت بها بأصلها ..
انظروا إليها ..
عندما ألقيت المحاضرة هذه في إحدى المناطق كتب لي أحدهم يقول :
بسم الله الرحمن الرحيم ..
فضيلة الشيخ ..
إننا نحبك في الله – أحبك الله الذي أحببتنا من أجله وإن كنت غائباً - ..
اسمعوا ماذا يقول :
أنا أعرف أني مقصر في كل شيء ..
الحمد لله أصلي مع ابنائي جميع الفروض ..
أشارك في جميع الجمعيات الخيرية في المنطقة بمبلغ ثلاثمئة ريال شهرياً ، أكفل ستة أيتام في الخارج ويتيم في الداخل وأسرة ، وأُخرج الزكاة ، وأتصدق والحمد لله ، ثم يقول : هل أنا مقصّر ؟..
ما رأيكم ، هل هذا مقصّر ؟!..
يقول : هل أنا مقصّر ؟..
أثابك الله وجعله في موازين أعمالك ..
روى البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا - وأشار بالسبابة والوسطى وفرَّج بينهما _ ) رواه البخاري ..
وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وآله وسلم :
( كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة ) ..
أين هذه الأجور عنا ! ..
أين المتنافسون في الإنفاق والبذل لطاعة الله تعالى !..
نعم ..
أين أهل الإحسان !!..
أين أهل الخيرات !!..
أين أهل الفضائل والمكارم !!..
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في الصحيحين :
( الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله ) وأحسبه قال :
( وكالقائم الذي لا يفتر ..) ..
هل تستطيع القيام ولا تفتر !..
هل تستطيع أن تصلي الليل كله !..
هل تستطيعين أمةَ الله أن تصلي الليل كله !..
هل نستطيع كلنا أن نفعل ذلك !..
وهل تستطيعون أن تصوموا ولا تفطروا ..
( كالقائم الذي لا يفتر ،كالصائم الذي لا يفطر ) ..
وعن أنس قال :
( من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضم أصابعه ) رواه مسلم ..
الله أكبر ..
أين منا من يكفل الأيتام !.
أين منا من يقوم على الأرامل !.
هذه المدارس بالأيتام وأولاد الفقراء تعج ..
وهذه المستشفيات بأصوات المرضى تضج ..
وهذه البيوت بالعجائز والشيوخ والأرامل ترتج ..
وأنفس البائسين والمحتاجين عند الله تحتج ..
فيا أهل الدثور لا تفوتون الأجور ..
يا أصحاب البيت المعمور ، والحال المستور ..
أنفق ما في الجيب تُرزق بإذن الله ما في الغيب ..
تصدق بالميسور فالله يخلف عليك ما أنفقت ..
ويقبل منك ما تصدقت ..
ويثيبك على ذلك بالجنة والحور والأنهار والقصور ..
{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ ، فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ } ..
إنها الأجور المضاعفة ..
فالزم فعل الخير مكانك ..
وأطعم البرّ إمكانك ..
واقرض ربك فقد رَبك ..
وعامل مولاك بما أولاك ..
ولا تردنًَّ سائلاً بلا فإنه موت عنده بالبلى ..
ولا تكن من البخلاء وقال الله وإياك أدوى داء ..
قال صلى الله عليه وسلم :
( وأي داء أدوى من البخل ) ..
اسمع واسمعي ..
أشابيب الوحي ، ونور الخير التي تنطق من في الحبيب صلوا عليه يا أحبة ..
عندما تنطلق من نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما جاء في المسند :
( أيما مسلم كسا مسلماً ثوباً على عري كساه الله تعالى من خضر الجنة ،
وأيما مسلم أطعم مسلماً على جوع أطعمه الله تعالى يوم القيامة من ثمار الجنة ،
وأيما مسلم سقا مسلماً على ظمأ سقاه الله تعالى يوم القيامة من الرحيق المختوم).
كم يموت الناس جوعى !..
أين أولئك الأثرياء { لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ } ..
إنَّ الروح إذا بذلت لم تخشَ من ذي العرش إقلالاً ..
فعن نافع كان ابن عمر رضي الله عنهما ليفرق في المجلس الواحد ثلاثين ألفاً ، ثم يأتي عليه شهر ما يأكل مزعة لحم ، واشتهى في مرضه أن يأكل حوتاً ، ومرة أخرى اشتهى عنباً فلما جيء به إليه تصدَّق به في سبيل الله ..
تصدَّق به في سبيل الله ..
وما الجود من يعطي إذا ما سألته ولكن من يعطي بغير سؤال
أويس القرني ..
كان أويس القرني قد ذكر عنه بعض أهل السير أنه ذات مرة من المرات تصدق بثيابه حتى جلس وليس عنده ثوب يذهب به إلى الجمعة لأنه رأى رجلاً ليس عليه شيء ..
كان أحد السلف على المنبر يقول : إنني لأعرف رجلاً يُطعم كل يوم ستة وثلاثين ألفاً من الأعراب تمراً وسويقاً ..
فيا سبحان الله أي همم قد تحرَّكت ..
إنَّ البخل داء ..
إنَّ البخل داء دلَّاهم بغرور ثم أوردهم ..
إنَّ الخبيث لمن والاه غرَّار إنَّ { الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً }..
فأنفق رعاك الله ..
وأنفقي رعاك الله نؤجر بإذن الله ..
وهذه قصة في التميز أخرى ..
إنه رجل عندنا في المنطقة من التجَّار والأثرياء والبادرين والفاعلين ولكنه – سبحان الله – أراد استحضار الأجر ..
أراد استحضار الفقراء والمحتاجين ، ولكن لم ينسى شيء ..
لقد بنى مسجداً ؛ ولما بنى المسجد كل ليلة جمعة هو الذي يأتي مع أولاده وزوجته وينظفون المسجد ..
يغلقون الأبواب وهذا هو حالهم في كل أسبوع ..
والله لكأني بهذا الرجل وإنه ليستطيع أن يأتي بآلاف العمال لكي يخدمون بالمسجد ؛ ولكني كأني بهذا الرجل يتأمل حديث رواه الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم :
( عُرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد ، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أرَ ذنباً أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها ) ..
قال ابن رسلان : فيه ترغيب في تنظيف المساجد مما يحصل فيها من القمامات ..
إنها تُكتب في أجورهم وتُعرض على نبيهم ..
وأما صاحب القرآن فإنَّ المراد بذلك هو الذي ضيعه فلم يراجعه ولم يفعل ..
قد يعاتبني البعض في ذكر الأسماء ولكن أقول هذا منهج السلف فلو قرأت للذهبي وقرأت لابن كثير وابن الأثير رأيتهم قد نصوا في الأثر بذكر القصص وتاريخها وأسمائها وبلدانها فلماذا نتركها الآن فلعلنا نموت في هذه اللحظة ويأتي من بعدنا فيروونها بإذن الله بأسناديها بدل أن يقول كما يقول الناس في القهاوي والمقاهي: سمعنا قصة ..
تُذكر الأسانيد كما قال سفيان : لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ..
هذا الهدف من الإسناد ..
بعد المحاضرة وفي الجمعية الخيرية وعجيبة هذه الجمعية – سبحان الله – يقول الشيخ ..
_ أخرج عن القصة قليلاً _ ..
الكهرباء من الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ..
ذهب له أحد الأخوة فقال : ياشيخ نحن في منطقة أم الجرم نحتاج إلى كهرباء في الجمعية الخيرية والتكلفة عشرة آلاف ريال ..
يقول : فقام الشيخ مباشرة فكتب ورقة إلى مدير الكهرباء في المنطقة وقال هذا المبلغ مؤمَّن عندي ..
وأما التكييف فكله – يقول الشيخ – على نفقة الشيخ عمر السبيل رحم الله تعالى الجميع ..
مناطق وقرى تجد أهل الإحسان خيرهم قد وصل إلى هناك ..
قد وصل خيرهم إلى هناك ..
فتح الشيخ الظرف ..
الظرف فيه أربعمئة ( 400 ) ريال ..
لا تحتقرها ..
يا أصحاب الألف ، ويا من رواتبهم ألفين وثلاثة ..
يا أصحاب الرواتب العشرة والعشرين ..
اسمعوا ..
اسمعي أمةَ الله ..
أيتها المعلمة ..
أيتها الموظفة ..
يا طالبة الكلية ..
أخاطبكم جميعاً ..
قال الشيخ : هذه المرأة لها نحو خمس سنوات وهي ترسل هذا الظرف لم تتخلف شهراً واحداً تكفل به أيتام ..
امرأة .. امرأة ..
ثم قال الشيخ : زوجها ليس موظف ..
يقول : عندي الوصولات موجودة لم تتخلف شهراً واحد ..
ثم يقول : وهي الآن تكفل بيتاً كاملاً ..
ثم ألقيت محاضرة بجدة وكان أولادها قد حضروا معنا هناك ..
وبعد المحاضرة ؛ وقد ذكرت القصة في المحاضرة ..
قلت لأحد أولادها ..وأولادها فضلاء وصالحون ..
يقول الشيخ : الصغير قبل الكبير لا يفرطون في الصلوات الخمس عموماً وصلاة الفجر خصوصاً ..
امرأة لا ترضى أحدٌ أن يغتاب في مجلسها أحد ..
امرأة هي الصالحة من خيرة النساء ..
قلت لولدها : أخي رعاك الله ..
أسألك بالله هل تعرف المرأة التي ذكرت قصتها في المحاضرة ؟!.
والله وبالله وتالله قال لي : لا أعرفها .. لا أعرفها ..
فقلت له : هذه أمك ..
هذه أمك ..
فتأثر قلبه ..
تأثر قلبه ، وسالت دمعته على خده وقال :
أمي من خمس سنوات تكفل أيتام !!..
لأنًَّ الشيخ قد قال لي أنَّ ولدها هذا فقط هو الذي يأتي بهذا الظرف ، ثم قال : إنني معلم لم أتوظف إلا من سنتين،وأخي ضابط لم يتوظف إلا نحو ذلك أيضاً ..
قبل أربع سنوات وخمس كانت حالتنا فقيرة جداً ليس عندنا شيء ..
قلت : أمك تفعل ذلك ..
ويقول مدير الدعوة والإرشاد بالقوعية الشيخ عبد الله السلطان ..
يقول جاءتني امرأة وقالت يا شيخ عبد الله – ورقة ملفوفة بخرقة – وقالت :
يا شيخ ما عندي في هذه الدنيا إلا هذا البيت ..
خذه يا شيخ عبد الله واجعله لتحفيظ القرآن ..
يقول الشيخ : والله ما عندها شيء ولا أحد ..
هي الآن تسكن عندنا في المنطقة في غرفة ..
الجيران هم الذين يأتون لها بالطعام والشراب ..
إنها امرأة فانظروا ماذا قدمت ..
فأين الذين ينفقون أموالهم !!..
أين أصحاب الرواتب !!..
لماذا لا نجد خيرات !!..
وورقة جئت بها بأصلها ..
انظروا إليها ..
عندما ألقيت المحاضرة هذه في إحدى المناطق كتب لي أحدهم يقول :
بسم الله الرحمن الرحيم ..
فضيلة الشيخ ..
إننا نحبك في الله – أحبك الله الذي أحببتنا من أجله وإن كنت غائباً - ..
اسمعوا ماذا يقول :
أنا أعرف أني مقصر في كل شيء ..
الحمد لله أصلي مع ابنائي جميع الفروض ..
أشارك في جميع الجمعيات الخيرية في المنطقة بمبلغ ثلاثمئة ريال شهرياً ، أكفل ستة أيتام في الخارج ويتيم في الداخل وأسرة ، وأُخرج الزكاة ، وأتصدق والحمد لله ، ثم يقول : هل أنا مقصّر ؟..
ما رأيكم ، هل هذا مقصّر ؟!..
يقول : هل أنا مقصّر ؟..
أثابك الله وجعله في موازين أعمالك ..
روى البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا - وأشار بالسبابة والوسطى وفرَّج بينهما _ ) رواه البخاري ..
وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وآله وسلم :
( كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة ) ..
أين هذه الأجور عنا ! ..
أين المتنافسون في الإنفاق والبذل لطاعة الله تعالى !..
نعم ..
أين أهل الإحسان !!..
أين أهل الخيرات !!..
أين أهل الفضائل والمكارم !!..
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في الصحيحين :
( الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله ) وأحسبه قال :
( وكالقائم الذي لا يفتر ..) ..
هل تستطيع القيام ولا تفتر !..
هل تستطيع أن تصلي الليل كله !..
هل تستطيعين أمةَ الله أن تصلي الليل كله !..
هل نستطيع كلنا أن نفعل ذلك !..
وهل تستطيعون أن تصوموا ولا تفطروا ..
( كالقائم الذي لا يفتر ،كالصائم الذي لا يفطر ) ..
وعن أنس قال :
( من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضم أصابعه ) رواه مسلم ..
الله أكبر ..
أين منا من يكفل الأيتام !.
أين منا من يقوم على الأرامل !.
هذه المدارس بالأيتام وأولاد الفقراء تعج ..
وهذه المستشفيات بأصوات المرضى تضج ..
وهذه البيوت بالعجائز والشيوخ والأرامل ترتج ..
وأنفس البائسين والمحتاجين عند الله تحتج ..
فيا أهل الدثور لا تفوتون الأجور ..
يا أصحاب البيت المعمور ، والحال المستور ..
أنفق ما في الجيب تُرزق بإذن الله ما في الغيب ..
تصدق بالميسور فالله يخلف عليك ما أنفقت ..
ويقبل منك ما تصدقت ..
ويثيبك على ذلك بالجنة والحور والأنهار والقصور ..
{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ ، فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ } ..
إنها الأجور المضاعفة ..
فالزم فعل الخير مكانك ..
وأطعم البرّ إمكانك ..
واقرض ربك فقد رَبك ..
وعامل مولاك بما أولاك ..
ولا تردنًَّ سائلاً بلا فإنه موت عنده بالبلى ..
ولا تكن من البخلاء وقال الله وإياك أدوى داء ..
قال صلى الله عليه وسلم :
( وأي داء أدوى من البخل ) ..
اسمع واسمعي ..
أشابيب الوحي ، ونور الخير التي تنطق من في الحبيب صلوا عليه يا أحبة ..
عندما تنطلق من نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما جاء في المسند :
( أيما مسلم كسا مسلماً ثوباً على عري كساه الله تعالى من خضر الجنة ،
وأيما مسلم أطعم مسلماً على جوع أطعمه الله تعالى يوم القيامة من ثمار الجنة ،
وأيما مسلم سقا مسلماً على ظمأ سقاه الله تعالى يوم القيامة من الرحيق المختوم).
كم يموت الناس جوعى !..
أين أولئك الأثرياء { لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ } ..
إنَّ الروح إذا بذلت لم تخشَ من ذي العرش إقلالاً ..
فعن نافع كان ابن عمر رضي الله عنهما ليفرق في المجلس الواحد ثلاثين ألفاً ، ثم يأتي عليه شهر ما يأكل مزعة لحم ، واشتهى في مرضه أن يأكل حوتاً ، ومرة أخرى اشتهى عنباً فلما جيء به إليه تصدَّق به في سبيل الله ..
تصدَّق به في سبيل الله ..
وما الجود من يعطي إذا ما سألته ولكن من يعطي بغير سؤال
أويس القرني ..
كان أويس القرني قد ذكر عنه بعض أهل السير أنه ذات مرة من المرات تصدق بثيابه حتى جلس وليس عنده ثوب يذهب به إلى الجمعة لأنه رأى رجلاً ليس عليه شيء ..
كان أحد السلف على المنبر يقول : إنني لأعرف رجلاً يُطعم كل يوم ستة وثلاثين ألفاً من الأعراب تمراً وسويقاً ..
فيا سبحان الله أي همم قد تحرَّكت ..
إنَّ البخل داء ..
إنَّ البخل داء دلَّاهم بغرور ثم أوردهم ..
إنَّ الخبيث لمن والاه غرَّار إنَّ { الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً }..
فأنفق رعاك الله ..
وأنفقي رعاك الله نؤجر بإذن الله ..
وهذه قصة في التميز أخرى ..
إنه رجل عندنا في المنطقة من التجَّار والأثرياء والبادرين والفاعلين ولكنه – سبحان الله – أراد استحضار الأجر ..
أراد استحضار الفقراء والمحتاجين ، ولكن لم ينسى شيء ..
لقد بنى مسجداً ؛ ولما بنى المسجد كل ليلة جمعة هو الذي يأتي مع أولاده وزوجته وينظفون المسجد ..
يغلقون الأبواب وهذا هو حالهم في كل أسبوع ..
والله لكأني بهذا الرجل وإنه ليستطيع أن يأتي بآلاف العمال لكي يخدمون بالمسجد ؛ ولكني كأني بهذا الرجل يتأمل حديث رواه الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم :
( عُرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد ، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أرَ ذنباً أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها ) ..
قال ابن رسلان : فيه ترغيب في تنظيف المساجد مما يحصل فيها من القمامات ..
إنها تُكتب في أجورهم وتُعرض على نبيهم ..
وأما صاحب القرآن فإنَّ المراد بذلك هو الذي ضيعه فلم يراجعه ولم يفعل ..